101 ابن سعيد على ما هو الصحيح عند أهل الحديث انتهى
وقد اعترض عليه
بأمرين أحدهما أن الخليلى والحاكم
إنما ذكرا تفرد الثقة فلا يرد عليهما تفرد الحافظ لما بينهما من الفرقان والأمر الثانى أن حديث النية لم ينفرد عمر
به بل رواه أبو سعيد الخدرى وغيره عن النبى
صلى الله عليه وسلم فيما ذكره الدارقطنى وغيره انتهى ما اعترض به عليه والجواب عن الأول أن الحاكم ذكر تفرد مطلق
الثقة والخليلى إنما ذكر مطلق الراوى فيرد على إطلاقهما تفرد العدل الحافظ ولكن
الخليلى يجعل تفرد الراوى الثقة شاذا صحيحا وتفرد الراوى غير الثقة شاذا ضعيفا
والحاكم ذكر تفرد مطلق الثقة فيدخل فيه تفرد الثقة الحافظ فلذلك استشكله المصنف
وعن الثانى أنه لم يصح من حديث أبى سعيد ولا غيره سوى عمر وقد أشار المصنف إلى أنه
قد قيل ان له غير طريق عمر بقوله على ما هو الصحيح عند أهل الحديث فلم يبق
للاعتراض عليه وجه ثم ان حديث أبى سعيد الذى ذكره هذا المعترض صرحوا بتغليط ابن
أبى داود الذى رواه عن مالك وممن وهمه
فى ذلك الدارقطنى وغيره وإذ قد اعترض عليه فى حديث عمر هذا فهلا اعترض عليه فى
الحديث الذى بعده فقد ذكر المصنف أنه أوضح فى التفرد من حديث عمر وهو حديث عبد الله
بن دينار عن ابن عمر فى النهى عن بيع الولاء وعن هبته كما سيأتى ومما يستغرب حكايته فى حديث عمر أنى رأيت فى
المستخرج من أحاديث الناس لعبد الرحمن بن منده أن حديث الأعمال بالنيات رواه سبعة
عشر من الصحابة وأنه رواه عن عمر غير علقمة وعن علقمة غير محمد بن إبراهيم وعن
محمد بن إبراهيم غير يحيى
102 ابن سعيد وقد بلغنى أن الحافظ أبا الحجاج
المزى سئل عن كلام ابن منده هذا فأنكره واستبعده وقد تتبعت كلام ابن مندة المذكور
فوجدت أكثر الصحابة الذين ذكر حديثهم فى الباب انما لهم أحاديث أخرى فى مطلق النية
لحديث يبعثون على نياتهم ولحديث لبس له من غزاته الا ما نوى ونحو ذلك وهكذا يفعل
الترمذى فى الجامع حيث يقول وفى الباب عن فلان وفلان فانه لا يريد ذلك الحديث
المعين وانما يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب فى ذلك الباب وان كان حديثا آخر غير
الذى يرويه فى أول الباب وهو عمل صحيح إلا أن كثيرا من الناس يفهمون من ذلك أن من
سمى من الصحابة يروون ذلك الحديث بعينه الذى رواه فى أول الباب بعينه وليس الأمر
على ما فهموه بل قد يكون كذلك وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده فى ذلك الباب ثم إنى
تتبعت الأحاديث التى ذكرها ابن منده فلم أجد منها بلفظ حديث ابن عمر أو قريبا من
لفظه بمعناه الا
103 حديثا
لأبى سعيد الخدرى وحديثا لأبى هريرة وحديثا لأنس بن مالك وحديثا لعلى بن أبى طالب
وكلها ضعيفة ولذلك قال الحافظ أبو بكر البزار فى مسنده بعد تخريجه لا يصح عن
النبى صلى الله عليه وسلم الا من حديث عمر ولا عن عمر الا من حديث علقمة
ولا عن علقمة إلا من حديث محمد بن إبراهيم ولا عن محمد بن إبراهيم إلا من حديث
يحيى بن سعيد والله أعلم وذكره المصنف
بعد هذا فى النوع الحادى والثلاثين ونبسط الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى قوله وأوضح من ذلك فى ذلك حديث عبد الله بن
دينار عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته تفرد به عبد الله بن دينار وحديث مالك عن
الزهرى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه
المغفر تفرد به مالك عن الزهرى فكل هذه
مخرجة فى الصحيحين مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد انتهى وفيه أمران أحدهما أن الحديث
الأول وهو حديث النهى عن بيع الولاء وهبته قد روى من حديث عبد الله بن دينار رواه
الترمذى فى كتاب العلل المفرد قال حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب حدثنا
يحيى بن سليم عن
104 عبيد الله بن عمر عن نافع عن عمر فذكره ثم
قال والصحيح عن عبد الله بن دينار وعبد الله بن دينار قد تفرد بهذا الحديث عن ابن
عمر ويحيى بن سليم أخطأ فى حديثه وقال الترمذى أيضا فى الجامع أن يحيى بن سليم وهم
فى هذا الحديث قلت وقد ورد من غير رواية يحيى بن سليم عن نافع رواه ابن عدي فى
الكامل فقال حدثنا عصمة ابن بجماك البخارى حدثنا إبراهيم بن فهد حدثنا مسلم عن
محمد بن دينار عن يونس
105 يعنى ابن عبيد عن نافع عن ابن عمر فذكره
أورده فى ترجمه إبراهيم بن فهد ابن حكيم وقال لم أسمعه إلا من عصمة عنه ثم قال
وسائر أحاديث إبراهيم بن فهد مناكير وهو مظلم الأمر وحكى أيضا أن ابن صاعد كان إذا
حدثنا عنه يقول حدثنا إبراهيم بن حليم ينسبه إلى جده لضعفه انتهى والجواب عن المصنف أنه لا يصح أيضا إلا من
رواية عبد الله بن دينار كما تقدم فى حديث الأعمال بالنيات والله أعلم والأمر الثانى أن حديث المغفر قد ورد من
عدة طرق غير طريق مالك من رواية ابن أخى الزهرى وأبى أويس عبد الله بن عبد الله بن
أبى عامر ومعمر والأوزاعى كلهم عن الزهرى فأما رواية أخى الزهرى عنه فرواها أبو
بكر البزار فى مسنده وأما رواية أبى أويس فرواها ابن سعد فى الطبقات وابن عدى فى
الكامل فى ترجمة أبى أويس وأما رواية معمر فذكرها ابن عدى فى الكامل وأما رواية
الأوزاعى فذكرها المزى فى الأطراف وقد بينت ذلك فى شرح الترمذى وروى ابن مسدى فى معجم شيوخه أن أبا بكر بن
العربى قال لأبى جعفر بن المرخى حين ذكر أنه لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهرى
قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا له أفدنا هذه الفوائد فوعدهم
ولم يخرج لهم شيئا ثم تعقب ابن مسدى هذه الحكاية بأن شيخه فيها وهو أبو العباس
العشاب كان متعصبا على ابن العربى لكونه كان متعصبا على ابن حزم فالله أعلم
النوع الرابع عشر معرفة
المنكر
قوله المنكر ينقسم
قسمين على ما ذكرناه في الشاذ فانه بمعناه منال الأول وهو المنفرد المخالف لما
رواه الثقات رواية مالك عن الزهرى عن على بن حسين عن عمر
106 ابن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم فخالف مالك غيره من الثقات فى قوله عمر بن
عثمان بضم العين وذكر مسلم فى كتاب
التمييز أن كل من رواه من أصحاب الزهرى قال فيه عمرو ابن عثمان يعنى بفتح العين
إلى آخر كلامه حكم المصنف على حديث مالك هذا بأنه منكر ولم أجد من أطلق عليه اسم
النكارة ولا يلزم من تفرد مالك بقوله فى الإسناد عمر أن يكون المتن منكرا فالمتن
على كل حال صحيح لأن عمر وعمرا كلاهما ثقة وقد ذكر المصنف مثل ما أشرت إليه فى
النوع الثامن عشر أن من أمثلة ما وقفت العلة فى إسناده
107 من غير قدح فى المتن ما رواه الثقة يعلى بن
عبيد عن سفيان الثورى عن عمرو بن دينار عن أبى عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار الحديث قال فهذا إسناد متصل بنقل العدل عن
العدل وهو معلل غير صحيح قال والمتن
على كل حال صحيح والعلة فى قوله عن عمرو بن دينار إنما هو عن عبد الله بن دينار عن
ابن عمر هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان عنه فوهم يعلى ابن عبيد وعدل عن عبد الله
بن دينار إلى عمرو بن دينار وكلاهما ثقة انتهى كلامه فجعل الوهم فى الإسناد بذكر
ثقة آخر لا يخرج ذلك المتن عن صحيحا فهكذا يجب أن يكون الحكم هنا على أنه قد اختلف
على مالك رحمه الله فى قوله وعمر وعمرو فرواه النسائى فى سننه من رواية عبد الله بن
المبارك وزيد بن الحباب ومعاوية بن هشام ثلاثتهم عن مالك فقالوا فى روايتهم عمرو
بن عثمان كروايه بقية أصحاب الزهرى لكن قال النسائى بعده والصواب من حديث مالك عن
عمر بن عثمان قال ولا نعلم أحدا تابع مالكا على قوله عمر بن عثمان انتهى وقال ابن عبد البر فى التمهيد أن يحيى بن
بكير رواه عن مالك على الشك فقال فيه عن عمرو بن عثمان أو عمر بن عثمان قال
والثابت عن مالك عمر بن عثمان كما روى يحيى وتابعه القعنبى وأكثر الرواة انتهى
108 وقد خالف مالكا فى ذلك ابن جريج وسفيان
بن عيينة وهشيم بن كثير ويونس ابن يزيد ومعمر بن راشد وابن الهاد ومحمد بن أبى
حفصة وغيرهم فقالوا عمرو وهو الصواب والله أعلم وقد رواه سفيان الثورى وشعبة عن عبد الله
بن عيسى عن الزهرى فخالفا فيه الفريقين معا فأسقطا منه ذكر عمرو بن عثمان وجعلاه
من رواية على بن حسين عن أسامة والصواب رواية الجمهور والله أعلم وإذا كان هذا الحديث لا يصلح مثالا للمنكر
فلنذكر مثالا يصلح لذلك وهو ما رواه أصحاب السنن الأربعة من رواية همام بن يحيى عن
ابن جريج عن الزهرى عن أنس قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه قال أبو داود بعد تخريجه هذا حديث منكر قال وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد
عن الزهرى عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ خاتما من ورق ثم ألقاه وقال والوهم فيه من همام ولم يروه إلا همام
وقال النسائى أيضا بعد تخريجه هذا حديث غير محفوظ وأما قول الترمذى بعد تخريجه له
هذا حديث حسن صحيح غريب فإنه أحرى حكمه على ظاهر الإسناد وقول أبى داود والنسائى أولى بالصواب إلا
أنه قد ورد من غير رواية همام رواه
الحاكم فى المستدرك والبيهقى فى سننه من رواية يحيى بن المتوكل عن ابن جريج وصححه
الحاكم على شرط الشيخين وضعفه البيهقى فقال هذا شاهد ضعيف وكان البيهقى ظن أن يحيى
بن المتوكل هو أبو عقيل صاحب بهية وهو ضعيف عندهم وليس هو به وإنما هو باهلى يكنى
أبا بكر ذكره ابن حيان فى الثقات ولا يقدح فيه قول ابن معين لا أعرفه فقد عرفه
غيره وروى عنه نحو من عشرين نفسا إلا انه اشتهر تفرد همام به عن ابن جريج والله
أعلم قوله عقد ذكر أبى زكير يحيى بن
محمد بن قيس وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم فى كتابه غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل
تفرده انتهى
109 ولم يخرج له مسلم احتجاجا وإنما أخرج له فى
المتابعات وقد أطلق الأئمة عليه القول بالضعيف فقال يحيى بن معين فيما روى عنه
إسحق الكوسج ضعيف وقال أبو حاتم بن حبان لا يحتج به وقال العقيلى لا يتابع على
حديثه وأورد له ابن عدى أربعة أحاديث مناكير وأما قول المصنف إنه شيخ صالح فأخذه
من كلام أبى يعلى الخليلى فانه كذلك فى كتاب الإرشاد والله أعلم
النوع الخامس عشر معرفة
الاعتبار والمتابعات والشواهد
قوله مثال المتابع
والشاهد روينا من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن ديناد عن عطاء ابن أبى رباح عن
ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم
قال لو أخذوا فدبغوه فانتفعوا به ورواه ابن جريج عن عمر وعن عطاء ولم يذكر فيه
الدباغ انتهى ورواية ابن جريج ليست
كرواية ابن عيينة فإن ابن جريج جعله من مسند ميمونة من رواية ابن عباس عنها لا من
مسند ابن عباس وقد رواه مسلم على الوجهين معا من طريق ابن عيينة فجعله من مسند ابن
عباس ومن طريق ابن جريج فجعله من مسند ميمونة وكلام المصنف يوهم اتفاقهما فى السند
وأن الاختلاف الذى
110 بينهما فى ذكر الدباغ وإذ لم يتفق ابن عيينة
وابن جريج فى الإسناد فلنذكر مثالا اتفق الراويان له على إسناده وأختلفا فى ذكر
الدباغ وهو ما رواه البيهقى من رواية ابراهيم بن نافع الصايغ عن عمرو بن دينار عن
عطاء عن ابن عباس ولم يذكر الدباغ والله أعلم
111 النوع السادس عشر معرفة زيادات الثقات
قوله مثاله ما رواه
مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر
من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين فذكر أبو عيسى الترمذى أن مالكا تفرد من بين
الثقات بزيادة قوله من المسلمين وروى عبيد الله ابن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث
عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة انتهى
وكلام الترمذى هذا ذكره
فى العلل التى فى آخر الجامع ولم يصرح بتفرد مالك بها مطلقا فقال ورب حديث إنما
يستغرب لزيادة تكون فى الحديث وإنما يصح إذا كانت
112 الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك
بن أنس فذكر الحديث ثم قال وزاد مالك فى هذا الحديث من المسلمين وروى أيوب وعبيد
الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر ولم يذكروا فيه من
المسلمين وقد روى بعضهم عن نافع مثل
رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه انتهى كلام الترمذى فلم يذكر التفرد مطلقا عن
مالك وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك ثم صرح بأنه رواه غيره عن نافع ممن لم يعتمد
على حفظه فأسقط المصنف آخر كلامه وعلى كل تقدير فلم ينفرد مالك بهذه الزيادة بل
تابعه عليها جماعة من الثقات ابنه عمر بن نافع والضحاك ابن عثمان وكثير بن فرقد
ويونس بن يزيد والمعلى بن إسمعيل وعبد الله بن عمر العمرى واختلف فى زيادتها على
أخيه عبيد الله بن عمر العمرى وعلى أيوب أيضا
فأما رواية ابنه عمر بن نافع فأخرجها البخارى فى صحيحه من رواية إسمعيل بن
جعفر عن عمر بن نافع عن ابيه فقال فيه من المسلمين وأما رواية الضحاك بن عثمان
113 فأخرجها مسلم فى صحيحه من رواية ابن أبى فديك
أخبرنا الضحاك بن عثمان عن نافع فقال فيه أيضا من المسلمين وأما رواية كثير بن فرقد فأخرجها الدارقطنى
فى سننه والحاكم فى المستدرك من رواية الليث بن سعد عن كثير بن فرقد عن نافع فقال
فيها أيضا من المسلمين وقال الحاكم بعد تخريجه هذا حديث صحيح على شرطهما ولم
يخرجاه انتهى وكثير بن فرقد احتج به البخارى ووثقه ابن معين وأبو حاتم أما رواية يونس بن يزيد فأخرجها أبو جعفر
الطحاوى فى بيان المشكل من رواية يحيى بن أيوب عن يونس بن يزيد أن نافعا أخبره
فذكر فيه أيضا من المسلمين وأما رواية المعلى بن إسمعيل فأخرجها ابن حبان فى صحيحه
والدارقطنى فى سننه من رواية أرطاة بن المنذر عن المعلى بن إسمعيل عن نافع فقال
فيه عن كل مسلم وأرطاة وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما والمعلى بن إسمعيل
قال فيه أبو حاتم الرازى ليس بحديثه بأس صالح الحديث لم يرو عنه غير أرطاة وذكره
ابن حبان فى الثقات وأما رواية عبد
الله بن عمر فأخرجها الدارقطنى فى سننه من رواية روح وعبد الوهاب فرقهما كلاهما عن
عبد الله بن عمر عن نافع فقال فيه على كل مسلم وقد رواه أبو محمد بن الجارود فى
المنتقى فقرن بينه وبين مالك فرواه من طريق ابن وهب قال حدثنى عبد الله بن عمر
ومالك وقال فيه من المسلمين وأما الاختلاف فى زيادتها على عبيد الله بن عمر وأيوب
فقد ذكرته فى شرح الترمذى والله أعلم
114 قوله ومن أمثلة ذلك حديث جعلت لنا الأرض
مسجدا وجعل تربتها لنا طهورا فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعى
وساير الروايات لفظها وجعلت لنا الأرض مسجدا وطهورا انتهى وإنما تفرد أبو مالك الأشجعى بذكر تربة
الأرض فى حديث حذيفة كما رواه مسلم فى صحيحه من روايه أبى مالك الأشجعى عن ربعى عن
حذيفة وقد اعترض على المصنف بأنه يحتمل أن يريد بالتربة الأرض من حيث هى أرض لا
التراب فلا يبقى فيه زيادة ولا مخالفة لمن أطلق فى سائر الروايات والجواب أن فى بعض طرقه التصريح بالتراب كما
فى رواية البيهقى وجعل ترابها لنا طهورا ولم يتقدم من المصنف ذكر لحديث حذيفة
وإنما أطلق كون هذه اللفظة تفرد بها أبو مالك فلذلك أحببت أن أذكر أنها وردت من
رواية غيره من حديث على وذلك فيما رواه أحمد فى مسنده من رواية عبد الله بن محمد
بن عقيل عن محمد بن على الأكبر أنه سمع على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أعطيت ما لم يعطه أحد من الأنبياء فذكر الحديث وفيه وجعل التراب لى طهورا وهذا إسناد حسن وقد رواه البيهقى أيضا فى
سننه من هذا الوجه
115 النوع الثامن عشر معرفة الحديث المعلل
قوله ويسميه أهل الحديث
المعلول وذلك منهم ومن الفقهاء فى قولهم فى باب القياس العلة والمعلول مرذول عند
أهل العربية واللغة انتهى
116 وقد تبعه عليه الشيخ محيى الدين النووى
فقال فى مختصره إنه لحن واعترض عليه بأنه قد حكاه جماعة من أهل اللغة منهم قطرب
فيما حكاه اللبلى والجوهرى فى الصحاح والمطرزى فى المغرب انتهى والجواب عن المصنف
أنه لا شك فى أنه ضعيف وان حكاه بعض من صنف فى الأفعال كابن القوطية وقد أنكره غير
واحد من أهل اللغة كابن سيدة والحريرى وغيرهما فقال صاحب المحكم واستعمل أبو إسحق لفظه
المعلول فى المتقارب من العروض ثم قال والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول فى مثل
هذا كثيرا قال وبالجملة فلست منها على ثقة ولا ثلج لأن المعروف إنما هو أعله الله
فهو معل اللهم إلا أن يكون على ما ذهب سيبويه من قولهم مجنون ومسلول من أنهما جاءا
على جننته وسللته وإن لم يستعملا فى الكلام استغنى عنهما بأفعلت قالوا وإذ قالوا جن وسل فإنما يقولون جعل
فيه الجنون والسل كما قالوا وفسل انتهى كلامه وأنكره أيضا الحريرى فى درة الغواص
117 قلت والأحسن أن يقال فيه معل بلام واحدة
لا معلل فإن الذى بلامين يستعمله أهل اللغة بمعنى ألهاه بالشئ وشغله به من تعليل
الصبى بالطعام وأما بلام واحدة فهو الاكثر فى كلام أهل اللغة وفى عبارة أهل الحديث
أيضا لأن أكثر عبارات أهل الحديث فى الفعل أن يقولوا أعله فلان بكذا وقياسه معل
وتقدم قول صاحب المحكم أن المعروف إنما هو أعله الله فهو معل وقال الجوهرى لا أعلك
الله أى لا أصابك بعلة انتهى والتعبير
بالمعلول موجود فى كلام كثير من أهل الحديث فى كلام الترمذى فى
118 جامعه وفى كلام الدارقطنى وأبى أحمد بن عدى
وأبى عبد الله الحاكم وأبى يعلى الخليلى ورواه الحاكم فى التاريخ وفى علوم الحديث
أيضا عن البخارى فى قصة مسلم مع البخارى وسؤاله عن حديث ابن جريج عن موسى بن عقبة
عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة مرفوعا من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه
الحديث فقال البخارى هذا حديث مليح ولا أعلم فى الدنيا فى هذا الباب غير هذا
الحديث الواحد إلا أنه معلول حدثنا به موسى بن إسمعيل حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن
عون بن عبد الله قوله قال البخارى هذا أولى فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من
سهيل فقام إليه مسلم وقبيل يده قلت هكذا أعل الحاكم فى علومه هذا الحديث بهذه
الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها وأنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار راويها عن
مسلم فقد تكلم فيه وهذا الحديث قد صححه الترمذى وابن حبان والحاكم ويبعد أن
البخارى يقول إنه لا يعلم فى الدنيا فى هذا الباب غير هذا الحديث مع أنه قد ورد من
حديث جماعة من الصحابة غير أبى هريرة وهم أبو برزة الأسلمى ورافع بن خديج وجبير بن
مطعم والزبير بن العوام وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك
والسائب بن يزيد وعائشة وقد بينت هذه الطرق كلها فى تخريج أحاديث الإحياء للغزالى
والله أعلم قوله ومثال العلة فى المتن
ما انفرد مسلم بإخراجه من حديث أنس من اللفظ
119 المصرح بنفى قراءة بسم الله الرحمن
الرحيم فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه فكانوا
يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين من غير تعرض لذكر البسملة إلى آخر كلامه
وربما يعترض معترض على المصنف بأنك قدمت أن ما أخرجه أحد الشيخين البخارى أو مسلم
مقطوع بصحته فكيف يضعف هذا وهو فيما أودعه مسلم كتابه وأيضا فلم تعين من أعله حتى
ينظر محله من العلم وما حكيته عن قوم لم تسمهم أنهم أعلوه معارض بقول أبى الفرج بن
الجوزى فى التحقيق عقب حديث أنس هذا أن الأيمة أتفقوا على صحته والجواب عن ذلك أن
المصنف لما قدم إنما أخرجه أحد الشيخين مقطوع بصحته قال سوى أحرف يسيرة تكلم عليها
بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطنى وغيره انتهى كلام المصنف فقد استثنى أحرفا
يسيرة وهذا منها وقد اعله جماعة من الحفاظ الشافعى والدارقطنى وابن عبد البر رحمهم
الله ولنذكر كلامهم فى ذلك ليتضح ما أعلوه به فأما كلام الشافعى رحمه الله فقد
ذكره عنه البيهقى فى كتاب معرفة السنن والآثار وأنه قاله فى سنن حرملة جوابا لسؤال
أورده وصورة السؤال فإن قال قائل قد روى مالك عن حميد عن أنس قال صليت وراء أبى
بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال قال الشافعى قل له
خالفه سفيان بن عيينة والقفزارى والثقفى وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية مؤمنين
مخالفين له قال والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد ثم رجح روايتهم بما رواه عن
سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال كان
النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب
العالمين قال الشافعى يعنى يبدأون
بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ بعدها ولا يعنى أنهم يتركون بسم الله الرحمن
الرحيم وحكى الترمذى فى جامعه عن
الشافعى قال إنما معنى هذا الحديث أن النبى
صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب
العالمين معناه أنهم كانوا يبتدئون بقراءة فاتحة الكتاب قبل السورة وليس معناه
أنهم كانوا لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم انتهى وما أوله به الشافعى مصرح به فى رواية
الدارقطنى فكانوا يستفتحون بأم القرآن
120 فيما يجهر به قال الدارقطنى هذا صحيح وقال
الدارقطنى أيضا إن المحفوظ عن قتادة وغيره عن أنس أنهم كانوا يستفتحون بالحمد لله
رب العالمين ليس فيه تعرض لنفى البسملة وكذا قال البيهقى إن أكثر أصحاب قتادة رووه
عن قتادة كذلك قال وهكذا رواه اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة وثابت البنانى عن أنس
انتهى وأما تضعيف ابن عبد البر له
بالاضطراب فإنه قال فى كتاب الاستذكار اختلف عليهم فى لفظه اختلافا كثيرا مضطربا
متدافعا منهم من يقول صليت خلف رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر ومنهم من يذكر عثمان ومن لا يذكر فكانوا
لا يقرأون بسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن
الرحيم وقال كثير منهم كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين وقال بعضهم
فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وقال بعضهم كانوا يقرأون بسم الله الرحمن
الرحيم قال وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء الذين يقرأون بسم الله
الرحمن الرحيم والذين لا يقرأونها وقال ابن عبد البر أيضا فى كتاب الإنصاف فى
البسملة بعد أن رواه من رواية أيوب وشعبة وهشام الدستوائى وشيبان بن عبد الرحمن
وسعيد بن أبى عروبة وأبى عوانة فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة ليس فى روايتهم لهذا
الحديث ما يوجب سقوط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب أنتهى فهذا كلام أئمة الحديث فى تعليل هذا الحديث
فكيف يقول ابن الجوزى إن الأئمة اتفقوا على صحته أفلا يقدح كلام هؤلاء فى الاتفاق
الذى نقله وقد رأيت أن أبين علل الرواية التى فيها نفى البسملة من حيث صيغة الإسناد
فأقول قد ذكر ترك البسملة فى حديث أنس من ثلاثة طرق وهى رواية حميد عن أنس ورواية
قتادة عن أنس ورواية اسحق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس فأما رواية حميد فقد
تقدم أن مالكا رواها فى الموطأ عنه وأن الشافعى رضى الله عنه تكلم فيها لمخالفة
سبعة أو ثمانية من شيوخه فى ذلك وأيضا فقد ذكر ابن عبد البر فى كتاب الإنصاف ما
يقتضى انقطاعه بين حميد وأنس فقال ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس أنه سمعها من
قتادة عن أنس
121 وقد ورد التصريح بذكر قتادة بينهما فيما
رواه ابن أبى عدى عن حميد عن قتادة عن أنس فآلت رواية حميد إلى رواية قتادة وأما
رواية مسلم فى صحيحه من رواية الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعى عن قتادة أنه كتب
إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال صليت خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فكانوا
يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فى أول قراءة
ولا فى آخرها فقد بين الأوزاعى فى روايته أنه لم يسمعه من قتادة وإنما كتب إليه به
والخلاف فى صحة الرواية بالكتابة معروف وعلى تقدير صحتها فأصحاب قتادة الذين سمعوه
منهم أيوب وأبو عوانة وغيرهما لم يتعرضوا لنفى البسملة كما تقدم وأيضا ففى طريق
مسلم الوليد ابن مسلم وهو مدلس وإن كان قد صرح بسماعه من الأوزاعى فإنه يدلس تدليس
التسوية أى يسقط شيخ شيخه الضعيف كما تقدم نقله عنه نعم لمسلم من رواية شعبة عن
قتادة عن أنس فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولا يلزم من نفى
السماع عدم الوقوع بخلاف الرواية المتقدمة
وأما رواية إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة فهى عند مسلم أيضا ولم يسبق لفظها
وإنما ذكرها بعد رواية الأوزاعى عن قتادة عن انس فقال حدثنا محمد بن مهران حدثنا
الوليد بن مسلم عن الأوزاعى أخبرنى إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة أنه سمع أنس بن
مالك يذكر ذلك فاقتضى أيراد مسلم لهذه الرواية أن لفظها مثل الرواية التى قبلها
وليس كذلك فقد رواها ابن عبد البر فى كتاب الانصاف من رواية محمد بن كثير قال
حدثنا الأوزاعى فذكرها بلفظ كانوا يفتتحون القراءة بالحمد رب العالمين ليس فيها
تعرض لنفى البسملة موافقا لرواية الأكثرين وهذا موافق لما قدمنا نقله عن البيهقى
من أن رواية إسحق بن عبد الله عن أنس لهذا الحديث كرواية أكثر أصحاب قتادة أنه ليس
فيها تعرض لنفى البسملة فقد اتفق ابن عبد البر والبيهقى على مخالفة رواية اسحق
للرواية التى فيها نفي البسملة وعلى هذا فما فعله مسلم رحمه الله هنا ليس بجيد
لأنه أحال بحديث على آخر وهو مخالف له بلفظ فذكر ذلك لم يقل نحو ذلك ولا غيره فإن
كانت الرواية التى وقعت لمسلم لفظها كالتى قبلها التى احال عليها فترجح رواية بن
عبد البر عليها لأن رواية مسلم من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعى معنعنا ورواية
122 ابن عبد البر من طريق محمد بن كثير حدثنا
الأوزاعى وصرح بلفظ الرواية فهى أولى بالصحة ممن اتهم اللفظ وفى طريقه مدلس عنعنه
والله أعلم قوله وأنضم إلى ذلك أمور
منها أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
وقد اعترض ابن عبد البر فى الإنصاف على هذا الحديث بأن قال من حفظه عنه حجة
على من سأله فى حال نسيانه واعترض ابن الجوزى فى التحقيق على هذا الحديث بأنه ليس فى
الصحاح فلا يعارض ما فى الصحاح انتهى
والجواب عن الأول ما أجاب به أبو شامة فى تصنيفه فى البسملة بأنهما مسألتان
فسؤال قتادة عن الاستفتاح بأى سورة وفى صحيح مسلم أن قتادة قال نحن سألناه عنه قال
أبو شامة وسؤال أبى مسلمة لأنس وهو هذا السؤال الأخير عن البسملة وتركها
انتهى ولو تمسكنا بما اعترض به ابن عبد
البر من أن من حفظه عنه حجة على من سأله فى حالة نسيانه لقلنا قد حفظ عنه قتادة
وصفه لقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
البسملة كما رواه البخارى فى صحيحه من طريقين عن قتادة عن أنس قال سئل أنس
123 ابن مالك كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت مدا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم
يمد بسم الله ويمد الرحمن يمد
الرحيم وهذا إسناد لا شك فى صحته وقال الدارقطنى بعد تخريجه هذا حديث صحيح
وكلهم ثقات وقال الحازمى هذا حديث صحيح لا يعرف له علة وفيه دلالة على الجهر مطلقا
وإن لم يقيد بحالة الصلاة فيتناول الصلاة وغير الصلاة قال أبو شامة وتقرير هذا أن
يقال لو كانت قراءة رسول الله صلى الله
عليه وسلم تختلف فى الصلاة وخارج الصلاة
لقال أنس لمن سأله عن أى قراءتيه لسأل عن التى فى الصلاة أم التى خارج الصلاة فلما
أجاب مطلقا علم أن الحال لم يختلف فى ذلك وحيث أجاب بالبسملة دون غيرها من آيات
القرآن دل على أن النبى صلى الله عليه
وسلم كان يجهر بالبسملة فى قراءته ولولا
ذلك كان أنس أجاب الحمد لله رب العالمين أو غيرها من الآيات قال وهذا واضح قال ولنا أن نقول الظاهر أن السؤال لم يكن
إلا عن قراءته فى الصلاة فإن الراوى قتادة وهو راوى حديث أنس ذاك وقال فيه نحن
سألناه عنه انتهى ولم تختلف على قتادة
فى حديث البخارى هذا بخلاف حديث مسلم فاختلف فيه عليه كما بيناه وما لم يختلف فيه
أولى عند الترجيح بحصول الضبط فيه والله أعلم
والجواب عن الثانى وهو قول ابن الجوزى ليس فى الصحاح أنه إن كان المراد أنه
ليس فى واحد من الصحيحين فهو كما ذكر ليس فى واحد منهما ولكن لا يلزم من كونه ليس
فى واحد من الصحيحين أن لا يكون صحيحا لأنهما لم يستوعبا إخراج الصحيح فى كتابيهما
وإن أراد ليس فى كتاب التزم مخرجه الصحة فليس بجيد فقد أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه
من رواية أبى مسلمة سعيد بن يزيد قال سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب
العالمين أو بسم الله الرحمن الرحيم فقال إنك لتسألنى عن شيء ما أحفظه وما سألنى
عنه أحد قبلك وقال الدارقطنى بعد
تخريجه هذا إسناد صحيح قال البيهقى فى المعرفة فى هذا دلالة على أن مقصود أنس ما
ذكره الشافعى انتهى وإن أراد ابن
الجوزى بقوله إنه ليس فى الصحاح أى ليس فى أحد الصحيحين
124 فلا يكون فيه قوة المعارضة لما فى أحد
الصحيحين وإن كان أيضا صحيحا فى نفسه لأنه يرجح عند التعارض بالأصح منهما فيقدم ما
فى الصحيحين والجواب عن هذا إن كان
اراده من وجهين أحدهما أن هذا إذا اتضحت المعارضة ولم يمكن الجمع فاما مع إمكان
الجمع فلا يهمل واحد من الحديثين الصحيحين وقد تقدم حمل من حمله من الحفاظ على أن
المراد بحديث الصحيحين الابتداء بالفاتحة لا نفى البسملة وبه يصح الجمع والوجه
الثانى إنه إنما يرجح بما فى أحد الصحيحين على ما فى غيرهما من الصحيح حيث كان ذلك
الصحيح مما لم يضعفه الأئمة فأما ما ضعفوه كهذا الحديث فلا يقدم على غيره لخطإ وقع
من بعض والله أعلم قوله حكاية عن
بعضهم ومن أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول انتهى أبهم المصنف قائل ذلك وهو الحافظ أبو يعلى
الخليلى فقال فى كتاب الإرشاد إن الاحاديث على أقسام كثيرة صحيح متفق عليه وصحيح
معلول وصحيح مختلف فيه إلى آخر كلامه
النوع التاسع عشر معرفة
المضطرب
قوله ومن أمثلته ما
رويناه عن إسمعيل بن أمية عن أبى عمر بن محمد بن حريث
125 عن جده حريث عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المصلى إذا لم يجد عصا
ينصبها بين يديه فليخط خطا فرواه بشر بن
المفضل وروح بن القاسم بن إسمعيل هكذا ورواه سفيان الثورى عنه عن أبى عمرو بن حريث
من أبيه عن أبى هريرة ورواه حميد بن الأسود عن إسمعيل عن أبى عمرو بن محمد بن حريث
بن سليم عن أبيه عن أبى هريرة ورواه وهيب وعبد الوارث عن إسمعيل عن أبى عمرو بن
حريث عن جده حريث وقال عبد الرزاق عن
ابن جريج سمع إسمعيل عن حريث بن عمار عن أبى هريرة وفيه من الاضطراب أكثر مما
ذكرناه انتهى وفيه أمور أحدها أنه قد
اعترض عليه بأنه ذكر أولا أنه إنما يسمى مضطربا إذا تساوت الروايتان فأما إذا
ترجحت إحداهما فلا يسمى مضطربا وهذا قد رواه الثورى وهو أحفظ من ذكرهم فينبغى أن
ترجح روايته على غيرها ولا تسميه مضطربا وأيضا فإن الحاكم وغيره صحح الحديث المذكور والجواب أن الوجوه التى يرجح بها متعارضة فى
هذا الحديث فسفيان الثورى وان كان أحفظ من سماه المصنف فإنه انفرد بقوله أبى عمرو
بن حريث عن أبيه وأكثر الرواة يقولون عن جده وهم بشر بن المفضل وروح بن القاسم
ووهيب بن خالد وعبد الوارث
126 ابن سعيد وهؤلاء من ثقات البصريين وأثبتهم
ووافقهم على ذلك من حفاظ الكوفيين سفيان بن عيينة وقولهم أرجح لوجهين أحدهما
الكثرة والثانى أن إسمعيل بن أمية مكى وابن عيينة كان مقيما بمكة ومما يرجح به كون
الراوى عنه من أهل بلده وبكثرة الرواة أيضا وخالف الكل ابن جريج وهو مكى أيضا ومولى
آل خالد بن سعيد الأموى وإسمعيل بن أمية هو ابن عمرو بن سعيد الأموى المذكور
فيقتضى ذلك ترجيح روايته فتعارضت حينئذ الوجوه المقتضية للترجيح وانضم إلى ذلك
جهالة راوى الحديث وهو شيخ إسمعيل بن أمية فإنه لم يرو عنه فيما علمت غير إسمعيل
بن أمية مع هذا الاختلاف فى اسمه واسم أبيه وهل يرويه عن أبيه أو عن جده أو هو
نفسه عن أبى هريرة وقد حكى أبو داود فى سننه تضعيفه عن ابن عيينة فقال قال سفيان
لم نجد شيئا نشد به هذا الحديث ولم يجئ إلا من هذا الوجه وقد ضعفه أيضا الشافعى
والبيهقى وقول من ضعفه أولى بالحق من
تصحيح الحاكم له مع هذا الاضطراب والجهالة براويه والله أعلم وقد ذكره النووى فى الخلاصة فى فصل الضعيف
وقال قال الحفاظ هو ضعيف لاضطرابه
الأمر الثانى أن قول المصنف فى رواية حميد بن الأسود عن أبيه فيه نظر والذى
قاله حميد عن جده كما رواه ابن ماجه فى سننه قال حدثنا بكر بن خلف أبو بشر قال
حدثنا حميد بن الأسود وحدثنا عمار بن خالد حدثنا سفيان بن عيينة عن إسمعيل بن أمية
عن أبى عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم عن أبى هريرة فذكره ولكن
المصنف اعتمد على رواية البيهقى فإنه فيها من رواية حميد عن إسمعيل عن أبى عمرو بن
محمد بن حريث عن أبيه عن أبى هريرة فأما أن يكون قد اختلف فيه على حميد بن الأسود
فى قوله عن أبيه أو عن جده أو يكون ابن ماجه قد حمل رواية حميد ابن الأسود على
رواية سفيان بن عيينة ولم يبين الاختلاف الذى بينهما كما يقع فى الأسانيد علي أنه
قد اختلف فيه أيضا على ابن عيينة كما سيأتى فى الأمر الذى يليه
127 الأمر الثالث المصنف أشار إلى غير ذلك من
الاضطراب فرأيت أن اذكر ما رأيت فيه من الاختلاف مما لم يذكره المصنف وقد رواه
أيضا عن إسمعيل بن أمية سفيان بن عيينة وذواد بن علبة فأما سفيان بن عيينة فاختلف
عليه فيه فرواه محمد بن سلام البيكى عن سفيان بن عيينة كرواية بشر وروح المتقدمة
وهكذا رواه على بن المدينى عنه فيما رواه البخارى فى غير الصحيح عن ابن المدينى
واختلف فيه على بن المدينى كما سيأتى ورواه مسدد عن سفيان كرواية سفيان الثورى
المتقدمة ورواه الشافعى والحميدى عن ابن عيينة عن إسمعيل عن أبى محمد بن عمرو بن
حريث عن جده حريث العذرى ورواه عمار
بن خالد عن ابن عيينة فقال عن أبى عمرو محمد بن عمرو بن حريث عن جده حريث بن سليم
رواه ابن ماجه عن عمارة وقد نقدم وأما الاختلاف على ابن المدينى فيه فرواه البخارى
فى غير الصحيح عنه عن ابن عيينة كما تقدم ورواه أبو داود فى سننه عن محمد بن يحيى
بن فارس عن ابن المدينى عن ابن عيينة عن اسمعيل عن أبى محمد ابن عمرو بن حريث عن
جده حريث رجل من بنى عذرة وأما ذواد بن علبة فقال عن إسمعيل بن أمية عن أبى عمرو
بن محمد عن جده حريث بن سليمان وقال أبو زرعة الدمشقى لا نعلم أحدا بينه ونسبه غير
ذواد بن علبة انتهى قلت وقد نسبه ابن
عيينة أيضا فى رواية ابن ماجه إلا أنه قال ابن سليم كما تقدم والله أعلم
النوع العشرون معرفة
المدرج
قوله وهو أقسام منها ما
ادرج فى حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم من كلام بعض رواته بأن يذكر الصحابى أو من بعده عقيب ما يرويه من الحديث
كلاما من عند
128 نفسه إلى آخر كلامه
هكذا اقتصر المصنف فى
هذا فى هذا القسم من المدرج على كونه عقب الحديث وقد ذكر الخطيب فى بعض المدرجات
ما ذكر فى أول الحديث أو فى وسطه فمثال المدرج فى أوله ما رواه الخطيب باسناده من
رواية أبى قطن وشبابه فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم أسبغوا الوضوء ويل للاعقاب من النار قال الخطيب وهم أبو قطن عمرو بن هيثم
وشبابة بن سوار فى روايتهما هذا الحديث عن شعبة على ما سقناه وذلك أن قوله اسبغوا
الوضوء كلام أبى هريرة وقوله ويل للاعقاب من النار من كلام النبى صلى الله عليه وسلم قال وقد رواه أبو داود الطيالسى وذهب ابن
جرير وآدم بن أبى إياس وعاصم بن على وعلى بن الجعد وغندر وهشيم ويزيد بن زريع
والنضر بن شميل ووكيع وعيسى بن يونس ومعاذ بن معاذ كلهم عن شعبة وجعلوا الكلام
الأول من قول أبى هريرة والكلام الثانى مرفوعا قلت وهكذا رواه البخارى فى صحيحه عن
آدم بن أبى أياس عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة قال اسبغوا الوضوء فإن أبا
القاسم صلى الله عليه وسلم
130 قال ويل للاعقاب من النار ومثال المدرج فى
وسطه ما رواه الدارقطنى فى سننه من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن
أبيه عن بسرة بنت صفوان قالت سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من مس
ذكره أو انثييه أو رفعه فليتوضأ قال
الدارقطنى كذا رواه عبد الحميد عن هشام ووهما فى ذكر الأنثيين والرفع وإدراجه ذلك
فى حديث بسرة قال والمحفوظ أن ذلك من قول عروة غير مرفوع قال وكذلك رواه الثقات عن
هشام منهم أيوب السخستيانى وحماد بن زيد وغيرهما ثم رواه من رواية أيوب ففصل قول
عروة من المرفوع وقال الخطيب فى كتابه المذكور تفرد عبد الحميد بذكر الانثيين
والرفعين وليس من كلام رسول الله صلى الله
عليه وسلم وإنما هو من قول أبى عروة
فأدرجه الراوى فى متن الحديث وقد بين ذلك حماد وأيوب قلت ولم ينفرد به عبد الحميد
كما قال الخطيب فقد رواه الطبرانى فى المعجم الكبير من رواية يزيد بن زريع عن أيوب
عن هشام بلفظ إذا أمس أحدكم ذكره أو انثييه أو رفعه فيتوضأ وزاد الدارقطنى فيه
أيضا ذكر الأنثيين من رواية ابن جريج عن هشام عن أبيه عن مروان بن الحكم عن بسرة
وقد ضعف بن دقيق العيد فى الاقتراح الحكم بالادراج على ما وقع فى أثناء لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم معطوفا بواو العطف والله
أعلم
النوع الحادى والعشرون
معرفة الموضوع
قوله اعلم أن الحديث
الموضوع شر الأحاديث الضعيفة انتهى
131 وقد تقدم قول المصنف إن ما عدمت فيه صفات
القبول فهو أرذل الأقسام والصواب ما ذكره هنا أن الموضوع شرها وتقدم التنبيه على
ذلك قوله وإنما يعرف كون الحديث
موضوعا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة اقراره انتهى وقد استشكل الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد
الحكم على الحديث بالوضع بإقرار من ادعى أنه وضعه لأن فيه عملا فقوله بعد اعترافه
على نفسه بالوضع فقال فى الاقتراح هذا كاف فى رده لكن ليس بقاطع فى كونه موضوعا
لجواز أن يكذب فى هذا الاقرار بعينه انتهى
132 وقول الشيخ أو ما يتنزل منزله إقراره هو
كان يحدث بحديث عن شيخ ثم يسأل عن مولده فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله
ولا يوجد ذلك الحديث الا عنده فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل
منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عند ذلك الشيخ ولا يعرف إلا
برواية هذا الذى حدث به والله أعلم
قوله وربما غلط غالط فوقع فى شبه الوضع كما وقع لثابت بن موسى الزاهد فى
حديث من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار انتهى هذا الحديث أخرجه ابن ماجه فى سننه عن
إسمعيل بن محمد الطلحى عن ثابت ابن موسى الزاهد عن شريك عن الأعمش عن أبى سفيان عن
جابر مرفوعا من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار والغلط الذى أشار المصنف هو ما
ذكره الحاكم قال دخل ثابت بن موسى على شريك بن عبد الله القاضى والمستملى بين يديه
وشريك يقول حدثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فلما نظر
إلى ثابت بن موسى قال من كثرت صلاته
بالليل حسن وجهه بالنهار وإنما اراد
ثابتا لزهده وورعه فظن ثابت أنه روى هذا الحديث مرفوعا بهذا الإسناد فكان ثابت
يتحدث به عن شريك وقال أبو حاتم بن حبان فى تاريخ الضعفاء هذا قول شريك قاله عقيب
حديث الأعمش عن أبى سفيان عن جابر يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم
133 فأدرجه ثابت فى الخبر وسرقه منه جماعة ضعفاء
وحدثوا به عن شريك فجعله ابن حبان من نوع المدرج وقد اعترض بعض المتأخرين على
المصنف بأنه وجد الحديث من غير رواية ثابت ابن موسى فذكر من معجم ابن جميع قال
حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الرقي حدثنا أبو الحسن محمد بن هشام بن الوليد حدثنا
جبارة بن المغلس عن كثير بن سليم عن أنس بالحديث مرفوعا انتهى وهذا الاعتراض عجيب فإن المصنف لم يقل إنه
لم يرو إلا من طريق ثابت ومع ذلك فهذا الطريق التى اعترض بها هذا المعترض أضعف من
طريق ثابت بن موسى لضعف كل من كثير بن سليم وجبارة بن المغلس وبدء أمر هذا الحديث
قصة ثابت مع شريك وقد سرقه جماعة من الضعفاء فحدث به بعضهم عن شريط وبعضهم جعل له
إسنادا آخر كذا الحديث قال العقيلى فى الضعفاء فى ترجمة ثابت بن موسى حديث باطل لا
أصل له ولا يتابعه عليه ثقة وقال ابن عدى فى الكامل حديث منكر لا يعرف إلا
بثابت وسرقه منه من الضعفاء عبد
الحميد بن بحير وعبد الله بن شبرمه الشريكى وإسحق ابن بسر الكاهلى وموسى بن محمد
أبو الطاهر المقدسى قال وحدثنا بعض
الضعفاء عن رحمويه وكذب فإن رحمويه ثقة انتهى
ولو اعترض هذا المعترض بواحد من هؤلاء الذين تابعوا ثابت بن موسى عليه كان
أقل خطأ من اعتراضه بطريق جبارة والحديث له طرق كثير جمعها أبو الفرج بن الجوزى فى
كتاب العلل المتناهية وبين ضعفها والله أعلم
وقول المصنف فى هذا الحديث أنه شبه الوضع حسن إذ لم يضعه ثابت بن موسى وإن
كان ابن معين قد قال فيه أنه كذاب نعم بقية الطريق التى سرقها من سرقها موضوعة
ولذلك جزم أبو حاتم الرازى بأنه موضوع فيما حكاه ابنه أبو محمد فى العلل والله
أعلم
134 قوله وهكذا حال الحديث الطويل الذى يروى
عن أبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه
وسلم فى فضل القرآن سورة سورة بحث باحث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه
وجماعة وضعوه انتهى ابهم المصنف ذكر هذا الباحث الذى بحث عن هذا الحديث وهو مؤمل
بن إسمعيل فروينا عن مؤمل أنه قال حدثنى شيخ بهذا الحديث فقلت للشيخ من حدثك فقال
حدثنى رجل بالمداين وهو حى فسرت إليه فقلت من حدثك فقال حدثنى شيخ بواسط وهو حى
فصرت إليه فقال حدثنى شيخ بالبصرة فصرت إليه فقال حدثنى شيخ بعبادان فصرت إليه
فأخذ بيدى فأدخلنى بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثنى
فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثنى أحد ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن
فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن
136 النوع الثالث والعشرون فى معرفة صفة من تقبل
روايته ومن ترد روايته
قوله أجمع جماهير ائمة
الحديث والفقه على أنه يشترط فيمن يحتج بروايته أن يكون عدلا ضابطا لما يرويه
وتفصيله أن يكون مسلما بالغا عاقلا سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة إلى آخر
كلامه وقد اعترض عليه بأن المروءة لم يشترطها إلا الشافعى وأصحابه وليس على ما ذ
كره المعترض بل الذين لم يشترطوا على الإسلام مزيدا لم يشترطوا ثبوت العدالة ظاهرا
بل اكتفوا بعدم ثبوت ما ينافى العدالة فمن ظهر منه ما ينافى العدالة
137 لم يقبلوا شهادته ولا روايته وأما من اشترط
العدالة وهم أكثر العلماء فاشترطوا فى العدالة المروءة ولم يختلف قول مالك وأصحابه
فى اشتراط المروءة فى العدالة مطلقا وإنما تفترق العدالة فى الشهادة والعدالة فى
الرواية فى اشتراط الحرية فإنها ليست شرطا فى عدالة الرواية بلا خلاف بين أهل
العلم كما حكاه الخطيب فى الكفاية وهى شرط فى عدالة الشهادة عند أكثر أهل العلم
وقد ذكر القاضى أبو بكر الباقلانى أن هذا مما تفترق فيه الشهادة والرواية وتفترقان
أيضا على قول فى البلوغ فإن شهادة الصبى المميز غير مقبولة عند أصحاب الشافعى
والجمهور وأما خبره فاختلف تصحيح المتأخرين فى مواضع فحكى النووى فى شرح المهذب عن
الجمهور قبول أخبار الصبى المميز فيما طريقة المشاهدة بخلاف ما طريقه النقل
كالافتاء ورواية الأخبار ونحوه وقد سبقه إلى ذلك المتولى فتبعه عليه وحكى الرافعى فى استقبال القبلة عن الأكثرين
عدم القبول وجعل الخلاف أيضا فى المميز ولكنه قيد الخلاف فى التيمم بالمراهق وصحح
أيضا عدم القبول وتبعه عليه النووى والله تعالى أعلم
138 قوله وتوسع ابن عبد البر الحافظ فى هذا
فقال كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول فى أمره أبدا على العدالة حتى
يتبين جرحه لقوله صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله وفيما قاله اتساع غير مرض انتهى فقوله يحمل حكى فيه الرافع على الخبر
والجزم على إرادة لام الأمر وعلى تقدير كونه مرفوعا فهو خبر أريد به الأمر بدليل
ما رواه أبو محمد بن أبى حاتم فى مقدمة كتاب الجرح والتعديل فى بعض طرق هذا الحديث
ليحمل هذا العلم بلام الأمر على أنه ولو لم يرد ما يخلصه للأمر لما جاز حمله على
الخبر لوجود جماعة من أهل العلم غير ثقات ولا يجوز الحلف فى خبر الصادق فيعين حمله
على الأمر على تقدير صحه وهذا مما يوهن استدلال ابن عبد البر به لأنه إذا كان
الأمر فلا حجة فيه ومع هذا فالحديث
أيضا غير صحيح لأن أشهر طرق الحديث رواية معان بن رفاعة السلامى عن إبراهيم بن عبد
الرحمن عن النبى صلى الله عليه وسلم هكذا
رواه بن أبى حاتم فى مقدمة الجرح والتعديل وابن عدى فى مقدمة الكامل والعقيلى فى
تاريخ الضعفاء فى ترجمه معان بن رفاعة وقال إنه لا يعرف إلا به انتهى
139 وهذا اما مرسل أو معضل وإبراهيم هذا الذى
أرسله لا يعرف شئ من العلم غير هذا قاله أبو الحسن فى ابن القطان فى بيان الوهم
والايهام قال ابن عدى ورواه الثقات عن الوليد بن مسلم عن إبراهيم بن عبد الرحمن
العذرى قال حدثنا الثقة من أصحابنا أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال ذلك انتهى
ومعان أيضا ضعفه ابن معين وأبو حاتم الرازى والجوزجانى وابن حبان وابن عدى
نعم وثقه على بن المدينى وكذلك حكى عن أحمد توثيقه والحكم بصحة الحديث فيما ذكره
الخلال فى العلل أن أحمد سئل عن هذا الحديث فقيل له كأنه كلام موضوع فقال لا هو
صحيح فقيل له ممن سمعته قال من غير واحد قيل له من هم قال حدثنى به مسكين إلا أنه
يقول عن معان عن القاسم بن عبد الرحمن قال أحمد ومعان لا بأس به قال ابن القطان
وخفى على أحمد من امره ما علمه غيره ثم ذكر أقوال المضعفين له وقد روى هذا الحديث
متصلا من رواية جماعة من الصحابة على بن أبى طالب وابن عمر وأبى هريرة وعبد الله
بن عمرو وجابر بن سمرة وأبى أمامة وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء وليس فيها شئ يقوى
المرسل المذكور والله أعلم وممن تبع
ابن عبد البر على اختيار ذلك من المتأخرين أبو عبد الله أبو بكر بن المواق فقال فى
كتابه بغية النقاد أهل العلم محمولون على العدالة حتى يظهر منهم خلاف ذلك ومما
يستغرب فى ضبط هذا الحديث أن ابن الصلاح حكى فى فوائد الرحلة له أنه وجد بنيسابور
فى كتاب يشتمل على مناقب بن كرام جمع محمد بن الهيصم قال فيه سمعت الشيخ أبا جعفر
محمد بن أحمد بن جعفر يقول سمعت أبا عمر ومحمد بن أحمد التميمى يروى هذا الحديث
بإسناده فيضم الياء من قوله يحمل على أنه فعل لم يسم فاعله ويرفع الميم من العلم
ويقول من كل خلف عدولة مفتوح العين واللام وبالتاء ومعناه أن الخلف هو العدالة
بمعنى أنه عادل كما يقال شكور بمعنى شاكر ويكون الهاء للمبالغة كما يقال رجل صرورة
والمعنى أن العلم يحمل عن كل خلف كامل فى عدالته وأما أبو بكر المفيد فإنى قد حفظت
عنه يجعل مفتوح الفاء من كل خلف عدوله مضموم العين واللام مرفوعا هكذا نقلته من خط
ابن الصلاح فى رحلته
140 قوله وأما الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا مبين
السبب إلى آخر كلامه ثم قال وهذا ظاهر مقرر فى الفقه وأصوله انتهى وقد حكى القاضى أبو بكر عن الجمهور قبول جرح
أهل العلم بهذا الشأن من غير بيان واختاره إمام الحرمين وأبو بكر الخطيب والغزالى
وابن الخطيب كما سيأتى فى الجملة التى تلى هذه والله أعلم
141 قوله ولقائل أن يقول إنما يعتمد الناس فى
جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التى صنفها ائمة الحديث فى الجرح أو التعديل وقل
ما يتعرضون فيها لبيان السبب بل يقتصرون على مجرد قولهم فلان ضعيف وفلان ليس بشئ
ونحو ذلك إلى آخر السؤال والجواب الذى
أجاب به ومما يدفع هذا السؤال رأسا أو يكون جوابا عنه أن الجمهور إنما يوجبون
البيان فى جرح من ليس عالما بأسباب الجرح والتعديل وأما العالم بأسبابهما فيقبلون
جرحه من غير تفسير وبيان ذلك أن الخطيب حكى فى الكفاية عن القاضى أبى بكر
الباقلانى أنه حكى عن جمهور أهل العلم أنه إذا جرح من لا يعرف الجرح يجب الكشف عن
ذلك قال ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن قال القاضى أبو بكر والذى يقوى
عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما كما لا يجب استفسار المعدل عما به
صار المزكى عدلا إلى آخر كلامه وما حكيناه عن القاضى أبى بكر هو الصواب وقد اختلف كلام الغزالى فى نقله عن القاضى
فحكى عنه فى المنخول أنه يوجب بيان الجرح مطلقا وحكى عنه فى المستصفى ما نقدم نقله
عنه وهو الصواب فقد رواه الخطيب عنه بإسناده الصحيح إليه وحكاه أيضا عنه الإمام فخر
الدين الرازى والسيف الآمدى وقال أبو بكر الخطيب فى الكفاية بعد حكاية الخلاف على
أنا نقول أيضا إن كان الذى يرجع اليه فى الجرح عدلا مرضيا فى اعتقاده وأفعاله
عارفا بصفة العدالة والجرح وأسبابهما عالما باختلاف الفقهاء فى ذلك قبل قوله فيمن
جرحه مجملا ولا يسأل عن سببه وقال أمام
142 الحرمين فى البرهان الحق أنه إن كان المزكى
عالما بأسباب الجرح والتعديل أكتفينا بإطلاقه وإلا فلا وما ذهب إليه الإمام فى هذا
اختاره أيضا أبو حامد الغزالى وفخر الدين الرازى والله أعلم قوله اختلفوا فى أنه هل يثبت الجرح والتعديل
بقول واحد أو لابد من اثنين فمنهم من قالا لا يثبت ذلك إلا باثنين ذلك كما فى
الجرح والتعديل فى الشهادات ومنهم من قال وهو الصحيح الذى اختاره الحافظ أبو بكر
الخطيب وغيره أنه يثبت بواحد إلى آخر كلامه فيه أمران أحدهما أنه حكى عن الأكثرين
خلاف ما صححه المصنف واختلف كلام الناقلين لذلك عنهم فحكى الخطيب فى الكفاية أن
القاضى أبا بكر بن الباقلانى حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه لا
يقبل فى التزكية إلا اثنان سواء كانت التزكية للشهادة أو للرواية
143 وحكى السيف الآمدى وأبو عمرو بن الحاجب
عن الأكثرين التفرقة بين الشهادة والرواية ورجحه أيضا الإمام فخر الدين والآمدى
أيضا واختار القاضى أبو بكر بعد حكايته عن الاكثرين اشتراط اثنين فيهما أنه يكتفى
فيهما بواحد وأن هذا هو الذى يوجبه القياس وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف الأمر الثانى أنه يؤخذ من كلام المصنف من
قوله بواحد أنه يكفى كون المزكى امرأة أو عبدا أو استدل الخطيب فى الكفاية على
قبول تعديل المرأة بسؤال النبى صلى الله
عليه وسلم بريزة عن عائشة رضى الله عنها فى قصة الإفك فقد اختلف الأصوليون فى ذلك
فحزم صاحب المحصول بقول تزكية المرأة العدل والعبد العدل وحكى الخطيب فى الكفاية
عن القاضى أبى بكر أنه حكى عن أكثر الفقهاء من أهل المدينة وغيرهم أنه
144 لا يقبل فى التعديل النساء لا فى الرواية ولا
فى الشهادة ثم اختار القاضى أنه يقبل تزكية المرأة مطلقا فى الرواية والشهادة إلا
تزكيتها فى الحكم الذى لا تقبل شهادتها فيه
قال القاضى وأما العبد فيجب قبول تزكيته فى الخبر دون الشهادة لأن خبره
مقبول وشهادته مردودة ثم قال القاضى
والذى يوجبه القياس وجوب قبول تزكية كل عدل مرضى ذكر أو أنثى حر أو عبد لشاهد أو
مخبر انتهى قوله وهكذا نقول إن عمل
العالم أوفتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث انتهى وقد تعقبه بعض من اختصر كلامه وهو الحافظ
عماد الدين بن كثير فقال وفى هذا نظر إذا لم يكن فى الباب غير ذلك الحديث إذا تعرض
للاحتجاج به فى فتياه أو حكمه واستشهد به عند العمل بمقتضاه انتهى وفى هذا النظر نظر لأنه لا يلزم من كون ذلك
الباب ليس فيه غير هذا الحديث أن لا يكون ثم دليل آخر من قياس أو اجماع ولا يكرم
المفتى أو الحاكم أن يذكر جميع أدلته بل ولا بعضها ولعل له دليلا آخر واستأنس
بالحديث الوارد فى الباب وربما كان المفتى أو الحاكم يرى العمل بالحديث الضعيف
وتقديمه على القياس كما تقدم حكاية ذلك عن أبى داود أنه كان يرى الحديث الضعيف إذا
لم يرد فى الباب غيره أولى من رأى
145 الرجال وكما حكى عن الإمام أحمد من أنه يقدم
الحديث الضعيف على القياس وحل بعضهم هذا على أنه أريد بالضعيف هنا الحديث الحسن
والله أعلم قوله الثانى المجهول الذى
جهلت عدالته الباطنة وهو عدل فى الظاهر وهو المستور فقد قال بعض ائمتنا المستور من
يكون عدلا فى الظاهر ولا تعرف عدالة باطنة انتهى وهذا الذى أبهم المصنف بقوله بعض أئمتنا هو
أبو محمد البغوى صاحب التهذيب فهذا لفظه بحروفه فيه ويوافقه كلام الرافعى فى الصوم
فإنه قال فيه إن العدالة الباطنة هى التى يرجع فيها إلى أقوال المزكين وحكى فى
الصوم أيضا فى قبول رواية المستور وجهين من غير ترجيح وصحح النووى فى شرح المهذب
قبول روايته نعم عبارة الشافعى رحمه الله فى اختلاف الحديث تدل على أن التى يحكم
الحاكم بها هى العدالة الظاهرة فإنه قال فى جواب سؤال أورده فلا يجوز أن يترك
الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين فى الظاهر انتهى
146 فعلى هذا تكون العدالة الظاهرة هى التى
يحكم الحاكم بها وهى التى تستند إلى أقوال المزكين خلاف ما ذكره الرافعى فى الصوم
والله أعلم قوله ذكر أبو بكر الخطيب
البغدادى فى أجوبة مسائل سئل عنها أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفه
العلماء ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذى مر وحبار الطائى وسعيد
بن ذى حدان لم يرو عنهم غير أبى إسحق السبيعى ومثل الهزهاز ابن ميزن لا راوى عنه
غير الشعبى ومثل جرى بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة انتهى ثم تعقب المصنف كلام
الخطيب فإنه قد روى عن الهزهاز الثورى أيضا انتهى وفيه أمور أحدها أن الخطيب سمى والد هزهاز
ميزن بالياء المثناة وتبعه المصنف والذى ذكره ابن أبى حاتم فى كتاب الجرح والتعديل
أنه مازن بالألف وفى بعض النسخ بالياء ولعل بعضهم أماله فى اللفظ فكتب بالياء
والله أعلم الثانى أنه اعترض على
المصنف فى قوله إن الثورى روى عنه فإن الثورى لم يرو عن الشعبى نفسه فكيف يروى عن
شيوخه وقد يقال لا يلزم من عدم روايته عن الشعبى عدم روايته عن الهزهاز ولعل الهزهاز
تأخر بعد الشعبى ويقوى ذلك أن ابن أبى حاتم ذكر فى الجرح والتعديل أنه روى عن
الهزهاز هذا الجراح بن مليح والجراح اصغر من الثورى وتأخر بعده مدة سنين والله
أعلم
147 الأمر الثالث ان المصنف عزا ما ذكره عن
الخطيب إلى أجوبة سئل عنها والخطيب ذكر ذلك بجملته مع زيادة فيه فى كتاب الكفاية
والمصنف كثير النقل منه فأبعد النجعة فى عزوه ذلك إلى مسائل سئل عنها قال الخطيب فى الكفاية المجهول عند أصحاب
الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم فى نفسه ولا عرفه العلماء به ولم يعرف حديثه
إلا من جهة راو واحد مثل عمرو ذى مر وجبار الطائى وعبد الله بن أعز الهندانى
والهيثم بن حنيش ومالك بن أعز وسعيد ابن ذى حدان وقيس بن كركم وخمر بن مالك قال
وهؤلاء كلهم لم يرو عنهم غير أبى إسحق السبيعى ومثل سمعان بن مشنج والهزهاز بن
ميزن لا يعرف عنهما راو إلا الشعبى ومثل بكر بن قرواش وحلام بن جزل لم يرو عنهما
إلا أبو الطفيل عامر بن واثلة ومثل يزيد بن سحيم لم يرو عنه إلا خلاس بن عمرو ومثل
جرى بن كليب لم يرو عنه إلا قتادة بن دعامة ومثل عمير بن إسحاق لم يرو عنه سوى عبد
الله بن عون وغير من ذكرنا انتهى كلام الخطيب
وقد روى غير واحد من بعض من ذكر منهم خمر بن مالك روى عنه أيضا عبد الله بن
قيس وذكره ابن حبان فى الثقات الا أنه قال خمير مصغرا وقد ذكر الخلاف فيه فى
التصغير والتكبير ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل ومنهم الهيثم بن حنيش روى عنه
أيضا سلمة بن كهيل فيما ذكره أبو حاتم الرازى ومنهم بكر بن قرواش روى عنه أيضا
قتادة كما ذكره البخارى فى التاريخ الكبير وابن حبان فى الثقات وسمى ابن أبى حاتم
أباه قريشا وقد فرق الخطيب بين عبد الله بن أعز ومالك بن أعز كلاهما بالعين
المهملة والزاى وجعلهما ابن ماكولا فى الإكمال واحدا وأنه اختلف فى اسمه على أبى
إسحاق والله أعلم وأما حلام فهو بفتح
الحاء المهملة وتشديد اللام وآخره ميم كذا ذكره الخطيب تبعا لابن أبى حاتم وأما
البخارى فإنه ذكره فى التاريخ الكبير حلاب آخره باء موحدة ونسبه ابن أبى حاتم إلى
الخطأ فى كتاب جمع فيه أوهامه فى التاريخ وقال انما هو حلام أى بالميم وأما مشنج
والد سمعان فهو بضم الميم وفتح الشين المعجمة وفتح النون المشددة وآخره جيم
148 قوله قد خرج البخارى فى صحيحه حديث جماعة
ليس لهم غير راو واحد منهم مرداس الأسلمى لم يرو عنه غير قيس بن أبى حازم وكذلك
خرج مسلم حديث قوم لا راوى عنهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمى لم يرو عنه
غير أبى سلمة بن عبد الرحمن وذلك منهما مصير إلى أن الراوى قد يخرج عن كونه مجهولا
مردودا برواية واحد عنه إلى آخر كلامه وفيه أمور أحدها أنه قد اعترض عليه النووى
بأن مرداسا وربيعة صحابيان والصحابة كلهم عدول قلت لا شك أن الصحابة الذين ثبتت
صحبتهم كلهم عدول ولكن الشأن فى أنه هل تثبت الصحبة برواية واحد عنه أم لا تثبت
إلا برواية اثنين عنه هذا محل نظر واختلاف بين أهل العلم والحق أنه إن كان
معروفا قوله اختلفوا فى قبول رواية
المبتدع الذى لا يكفر فى بدعته إلى آخر كلامه وقد
149 قيد المصنف الخلاف بغير من يكفر ببدعته مع أن
الخلاف ثابت فيه أيضا قال صاحب المحصول الحق أنه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته
وإلا فلا وذهب القاضى أبو بكر إلى رد روايته مطلقا وحكاه الآمدى عن الأكثرين وبه
جزم ابن الحاجب قوله وعزا بعضهم هذا إلى الشافعى انتهى أراد المصنف ببعضهم الحافظ أبا بكر الخطيب
فإنه عزاه للشافعى فى كتاب الكفاية
قوله وحكى بعض أصحاب الشافعى رضى الله عنه خلافا بين أصحابه فى قبول رواية
المبتدع إذا لم يدع إلى بدعته وقال أما إذا كان داعية إلى بدعته فلا خلاف بينهم فى
عدم قبول روايته ثم حكى عن ابن حبان أنه لا يعلم خلافا فى أنه لا يجوز الاحتجاج
بالداعية انتهى
150 قلت وابن حبان الذى حكى المصنف كلامه قد
حكى أيضا الاتفاق على الاحتجاج بغير الداعية فعلى هذا لا يكون فى المسألة خلاف بين
أئمة الحديث فقال ابن حبان فى تاريخ الثقات فى ترجمة جعفر بن سليمان الضبعى ليس
بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتيقن إذا كان فيه بدعة ولم يكن يدعو
إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز فإذا دعى إلى بدعته سقط الاحتجاج بأخباره وفيما
حكاه ابن حبان من الاتفاق نظر فإنه يروى عن مالك رد روايتهم مطلقا كما قاله الخطيب
فى الكفاية قوله فإن كتبهم طافحة
بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة وفى الصحيحين كثير من أحاديثهم فى الشواهد
والأصول انتهى وقد اعترض عليه بأنهما
احتجا أيضا بالدعاة فاحتج البخارى بعمران بن حطان وهو من دعاة الشراة واحتج
الشيخان بعبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانى وكان داعية إلى الإرجاء كما قال أبو داود
انتهى قلت قال أبو داود ليس فى أهل
الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران ابن حطان وأبا حسان الأعرج ولم يحتج
مسلم بعبد الحميد الحمانى إنما أخرج له فى المقدمة وقد وثقه ابن معين قوله التائب من الكذب فى حديث الناس وغيره
من أسباب الفسق تقبل روايته إلا التائب من الكذب متعمدا فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال وأطلق
151 الإمام أبو بكر الصيرفى الشافعى فيما وجدت له
فى شرحه لرسالة الشافعى فقال كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم
نعد لقبوله بتوبة تظهر إلى آخر كلامه فذكر المصنف أن أبا بكر الصيرفى أطلق الكذب
أى فلم يخصه بالكذب فى الحديث والظاهر أن الصيرفى إنما أراد الكذب فى الحديث بدليل
قوله من أهل النقل وقد قيده بالمحدث فيما رأيته فى كتابه المسمى بالدلائل والاعلام
فقال وليس يطعن على المحدث إلا أن يقول تعمدت الكذب فهو كاذب فى الأول ولا يقبل
خبره بعد ذلك
152 قوله وبنوا عليه ردهم حديث سليمان بن
موسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم إذا نكحت
المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل
الحديث من أجل أن ابن جريج قال لقيت الزهرى فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه
انتهى وقد اعترض عليه بأن فى رواية
الترمذى فسألته عنه فأنكره والجواب عنه أن الترمذى لم يروه وإنما ذكره بغير إسناد
والمعروف فى الكتب المصنفة فى العلل فلم يعرفه كما ذكره المصنف ومع هذا فلا يصح
هذا عن ابن جريج لا بهذا اللفظ ولا بهذا اللفظ فبطل تعلق من تعلق بذلك فى رد
الحديث أما كون الترمذى لم يوصل إسناده
فإنه رواه متصلا عن ابن أبى عمر عن سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن سليمان بن موسى
ثم قال وقد تكلم بعض أهل الحديث فى حديث الزهرى عن عروة عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ابن جريج ثم لقيت
الزهرى فسألته فأنكره فضعفوا هذا الحديث من أجل هذا وأما كونه معروفا فى كتب العلل
باللفظ الذى ذكره المصنف فهكذا هو فى سؤالات عباس الدورى عن ابن معين وفى العلل
لأحمد وأما كونه لا يصح عن ابن جريج فروينا فى السنن الكبرى للبيهقى بالسند الصحيح
إلى ابى حاتم الرازى سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده أن ابن علية يذكر حديث ابن
جريج لا نكاح إلا بولى قال ابن جريج
153 فلقيت الزهرى فسألته عنه فلم يعرفه واثنى على
سليمان بن موسى فقال أحمد بن حنبل إن ابن جريج له كتب مدونة وليس هذا فى كتبه يعنى
حكاية ابن علية عن ابن جريج وروينا فى سنن البيهقى ايضا بإسناده الصحيح إلى عباس
الدورى سمعت يحيى بن معين يقول فى حديث لا نكاح إلا بولى الذى يرويه ابن جريج قلت
أن بن علية يقول قال ابن جريج فسألت عنه الزهرى فقال لست أحفظه فقال يحيى بن معين
ليس يقول هذا إلا ابن علية وإنما عرض ابن علية كتب ابن جريج على عبد المجيد بن عبد
العزيز ابن أبى رواد فأصلحها له أوروينا فى السنن للبيهقى أيضا بسنده الصحيح إلى
جعفر الطيالسى سمعت يحيى بن معين يقول رواية بن جريج عن الزهرى أنه أنكر معرفة
حديث سليمان ابن موسى فقال لم يذكره عن ابن جريج غير ابن علية إنما سمع بن علية من
ابن جريج سماعا ليس بذلك إنما صحح كتبه على كتب عبد المجيد بن عبد العزيز وضعف
يحيى ابن معين رواية إسمعيل عن ابن جريج جدا وقد ذكر الترمذى فى جامعه كلام يحيى
هذا الاخير غير موصل الإسناد فقال وذكر عن يحيى بن معين إلى آخره وهو متصل الإسناد
عند البيهقى وهذا يدلك على أن المراد بقوله فأنكره أى أنه قال ما أعرفه كما حكاه
المصنف فإنه قال فى هذه الرواية الأخيرة إنه أنكر معرفة حديث سليمان بن موسى فليس
بين العبارتين إذا إختلاف كما انكره من اعترض بذلك على المصنف والله أعلم قوله والصحيح ما عليه الجمهور لأن المروى
عنه بصدد السهو النسيان انتهى وقد
اعترض عليه بأن الراوى أيضا معرض للسهو والنسيان فينبغى أن يتهاترا وينظر فى ترجيح
أحدهما من خارج
154 والجواب أن الراوى مثبت جازم والمروى عنه
ليس بناف وقوعه بل غير ذاكر فقدم المثبت عليه والله أعلم قوله ولأجل أن الانسان معرض كره للنسيان
كره من كره من العلماء الراوية عن الأحياء منهم الشافعى قال لابن عبد الحكم إياك
والرواية عن الاحياء انتهى وقد اعترض
عليه بأن الشافعى إنما نهى عن الرواية عن الاحياء لاحتمال أن يتغير المروى عنه عن
الثقة والعدالة بطارئ يطرأ عليه يقتضى رد حديثه المتقدم كما تقدم فى ذكر من كذب فى
الحديث أنه يسقط حديثه المتقدم ويكون ذلك الراوى قد روى عنه فى تصنيف له فيتكون
روايته عن غير ثقة وإنما يؤمن ذلك بموته على ثقته وعدالته فلذلك كره الشافعى
الرواية عن الحى
155 والجواب أن هذا حدس وظن غير موافق كما
أراده الشافعى رضى الله عنه وقد بين الشافعى مراده بذلك كما رواه البيهقى فى
المدخل بإسناده إلى الشافعى أنه قال لا يحدث عن حى فإن الحى لا يؤمن عليه النسيان
قاله لابن عبد الحكم حين روى عن الشافعى حكاية فأنكرها ثم ذكرها وما قاله الشافعى
رحمه الله سيقه إليه الشعبى ومعمر فروى الخطيب فى الكفاية باسناده إلى الشعبى أنه
قال لابن عون لا تحدثنى عن الاحياء وبإسناده إلى معمر أنه قال لعبد الرزاق إن قدرت
أن لا تحدث عن رجل حى فأفعل وقد فهم الخطيب من ذلك ما فهم المصنف فقال فى الكفاية
ولأجل أن النسيان غير مأمون على الإنسان فيبادر إلى جحود ما روى عنه وتكذيب الراوى
له كره من كره من العلماء التحديث عن الاحياء ثم ذكر قول الشعبى ومعمر والشافعى
رضى الله عنهم قوله وورد عن ابن
المبارك وأحمد بن حنبل والحميدى وغيرهم أن من غلط فى حديث وبين له غلطة فلم يرجع
عنه وأصر على رواية ذلك الحديث سقطت رواياته ولم يكتب عنه قال الشيخ وفى هذا نظر
وهو غير مستنكر إذا ظهر أن ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك انتهى
156 وما ذكره المصنف بحثا قد نص عليه أبو حاتم
بن حبان فقال إن من بين له خطأه
157 وعلم فلم يرجع عنه وتمادى فى ذلك كان كذابا
بعلم صحيح فقيد ابن حبان ذلك بكونه علم خطأه وإنما يكون عنادا إذا علم الحق وخالفه
وقيد أيضا بعض المتأخرين ذلك بأن يكون الذى بين له غلطة عالما عند المبين له أما
إذا كان ليس بهذا المثابة عنده فلا حرج إذن
قوله أما ألفاظ التعديل فعلى مراتب الأولى قال ابن أبى حاتم إذا قيل للواحد
إنه ثقة أو متقن فهو ممن يحتج به انتهى
اقتصر المصنف تبعا لابن أبى حاتم على أن هذه الدرجة الأولى وكذا قال الحافظ
أبو بكر الخطيب فى الكفاية أرفع العبارات أن يقال حجة أو ثقة انتهى وقد زاد الحافظ أبو عبد الله الذهبى فى مقدمة
كتابه ميزان الاعتدال درجة قبل هذه هى أرفع منها وهى أن يكرر لفظ التوثيق المذكور
فى الدرجه الأولى إما باللفظ بعينه كقولهم ثقة ثقة أو مع مخالفة اللفظ الأول
كقولهم ثقة ثبت أو ثبت حجة أو نحو ذلك وهو كلام صحيح لأن التأكيد الحاصل بالتكرار
لابد أن يكون له مرية على الكلام الخالى عن التأكيد والله أعلم قوله قلت وكذا إذا قيل ثبت أو حجة
انتهى وقد اعترض عليه بأن قوله ثبت
ذكرها ابن أبى حاتم فلا زيادة عليه إذا انتهى
158 قلت وليس فى بعض النسخ الصحيحة من كتابه
إلا ما نقله المصنف عنه كما تقدم ليس فيه ذكر ثبت وفى بعض النسخ إذا قيل للواحد
أنه ثقة أو متقن ثبت فهو ممن يحتج بحديثه هكذا فى نسختى منه أو ميقن ثبت لم يقل
فيه أو ثبت والله أعلم قوله الثانية
قال ابن أبى حاتم إذا قيل إنه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو ممن يكتب حديثه
وينظر فيه انتهى سوى ابن أبى حاتم بين
قولهم صدوق وبين قولهم محله الصدق فجعلهما فى درجة وتبعه المصنف وجعل صاحب الميزان
قولهم محله الصدق فى الدرجة التى تلى قولهم صدوق والله أعلم قوله حكاية عن عبد الرحمن بن مهدى أنه قال
الثقة شعبة وسفيان انتهى وقد اعترض
عليه بأن الذى فى كتاب الخطيب وغيره الثقة شعبة ومسعر لم يذكر
159 والجواب أن المصنف لم يحك ذلك عن الخطيب وعلى
تقدير كونه فى كتاب الخطيب هكذا فيحتمل أنه من النساخ فليس غلط المصنف بأولى من
تغليطهم على أن المشهور المشهور عن ابن مهدى ما ذكره المصنف هكذا وحكاه عمرو بن
على القلاس وكذا رواه ابن أبى حاتم فى الجرح والتعديل وكذلك ذكره الحافظ أبو
الحجاج المزى فى تهذيب الكمال فى ترجمة أبى خلدة ونقل فى ترجمة مسعر من رواية
القلاس أيضا عن ابن مهدى الثقة شعبة ومسعر وعلى هذا فلعله سئل عنه مرتين فإن
المنقول فى هذ الرواية أن أحمد ابن حنبل سأله ولعله قال الثقة شعبة وسفيان ومسعر
فاقتصر الفلاس على التمثيل باثنين فمرة ذكر سفيان ومرة ذكر مسعرا والله أعلم
160 قوله ومما لم يشرحه ابن أبى حاتم وغيره من
الألفاظ المستعملة فى هذا الباب فقولهم فلان قد روى الناس عنه فلان وسط فلان مقارب
الحديث إلى آخر كلامه فيه
161 أمور أحدها أن المصنف ذكر هنا ألفاظا للتوثيق
وألفاظا للتجريح لم يميز بينها وقال إن ابن أبى حاتم وغيره لم يشرحوها واراد
بكونهم لم يشرحوها أنهم لم يبينوا ألفاظ التوثيق من أى رتبة هى من الثانية أو
الثالثة مثلا وكذلك ألفاظ التجريح لم يبينوا من أى منزلة هى وليس المراد أنهم لم
يبينوا هل هى من ألفاظ التوثيق أو التجريح فإن هذا أمر لا يخفى على أهل الحديث
وإذا كان كذلك فقد رأيت أن اذكر كل لفظ منها من أى رتبة هو لتعرف منزلة الراوى به
فأقول الالفاظ التى هى للتوثيق من هذه الالفاظ التى جمع بينها المصنف أربعة ألفاظ
وهى قولهم فلان روى عنه الناس وفلان وسط وفلان متقارب الحديث وفلان ما أعلم به
بأسا وهذه الألفاظ الأربعة من الرتبة الرابعة وهى الأخيرة من ألفاظ التوثيق وأما
بقية الألفاظ التى ذكرها هنا فإنها من ألفاظ الجرح وهى سبعة ألفاظ فمن الرتبة
الاولى وهى الين ألفاظ الجرح قولهم فلان ليس بذاك وفلان ليس بذاك القوى وفلان فيه
ضعف وفلان فى حديثه ضعف ومن الدرجة الثانية وهى أشد فى الجرح من التى قبلها قوله فلان لا يحتج به فلان مضطرب الحديث
ومن الدرجة الثالثة وهى أشد من اللتين قبلها
قوله فلان لا شئ فهذا ما ذكره المصنف هنا مهملا من مراتبه وذكر فيها أيضا
فلا مجهول وقد تقدم ذكر المجهول فى الموضع الذى ذكره المصنف وإنه على ثلاثة أقسام
فأغنى ذلك عن ذكره هنا
162 الامر الثانى أن قوله مقارب الحديث ضبط
فى الأصوله الصحيحة المسموعة على المصنف بكسر الراء كذا ضبطه الشيخ محيى الدين
النووى فى مختصره وقد اعترض بعض المتأخرين بأن ابن السيد حكى فيه الوجهين الكسر
والفتح وأن اللفظين حينئذ لا يستويان لأن كسر الراء من ألفاظ التعديل وفتحها من
الفاظ التجريح انتهى وهذا الاعتراض
والدعوى ليسا صحيحين بل الوجهان فتح الراء وكسرها معروفان وقد حكاهما ابن العربى
فى كتاب الأحوذى وهما على كل حال من ألفاظ التوثيق وقد ضبط أيضا فى النسخ الصحيحة
عن البخارى بالوجهين وممن ذكره من ألفاظ التوثيق الحافظ أبو عبد الله الذهبى فى
مقدمة الميزان وكأن المعترض فهم من فتح الراء أن الشئ المقارب هو الردئ وهذا فهم
عجيب فإن هذا ليس معروفا فى اللغة وإنما هو فى ألفاظ العوام وإنما هو على الوجهين
من قوله سددوا وقاربوا فمن كسر قال إن معناه أن حديثه مقارب لحديث غيره ومن فتح
قال إن معناه أن حديثه يقاربه حديث غيره ومادة فاعل تقتضى المشاركة إلا فى مواضع
قليلة والله أعلم واعلم أن ابن سيدة حكى فى الرجل المقارب الكسر
فقط فقال ورجل بالكسر مقارب ومتاع مقارب بالفتح ليس بنفيس وقال بعضهم دين مقارب
بالكسر ومتاع مقارب بالفتح هذه عبارته فى المحكم فلم يحك الفتح إلا فى المتاع فقط
وأما الجوهرى فجعل الكل بالكسر وقال ولا تقل مقارب أى بالفتح الأمر الثالث أن المصنف أهمل من ألفاظ
التوثيق والجرح اكثر مما زاده على ابن أبى حاتم فرأيت أن اذكر منها ما يحضرنى
لتعرف وتضبط فأما ألفاظ التوثيق فمن المرتبة الثانية على مقتضى عمل المصنف قولهم
فلان مأمون فلان خيار وهاتان من الرتبة الثالثة على مقتضى عمل الذهبى فى جعله أعلى
الدرجات تكرار التوثيق كما تقدم ومن الرتبة الرابعة أو الثالثة قولهم فلان إلى
الصدق ما هو فلان جيد الحديث فلان حسن الحديث وفلان صويلح وفلان صدوق إن شاء الله
وفلان أرجو أنه لا بأس به وأما ألفاظ التجريح فمن الرتبة الأولى وهى ألين ألفاظ التجريح
قولهم فلان فيه مقال وفلان ضعف وفلان تعرف وتنكر فلان ليس بالمتين أو ليس بحجة أو
ليس بعمدة أو ليس بالمرضى وفلان للضعف ما هو وسيئ الحفظ وفيه خلف وطعنوا فيه
وتكلموا فيه ومن
163 الرتبة الثانية وهى أشد من الأولى فلان واه
فلان ضعفوه فلان منكر الحديث ومن الرتبة الثالثة وهى أشد منهما قولهم فلان ضعيف
جدا فلان واه بمرة فلان لا يساوى شيئا فلان مطرح وطرحوا حديثه ورام به ورد حديثه
ومن الرتبة الرابعة فلان متهم بالكذب وهالك وليس بثقة ولا يعتبر به وفيه نظر
وسكتوا عنه وهاتان العبارتان يقولهما البخارى فيمن تركوا حديثه ومن الرتبة الخامسة
ولم يذكرها المصنف فلان وضاع فلان دجال ولهم ألفاظ أخر يستدل بهذه عليها والله
أعلم
165 النوع الرابع والعشرون معرفة كيفية سماع
الحديث
قوله وقد بلغنا عن
إبراهيم بن سعيد الجوهرى قال رأيت صبيا ابن أربع سنين وقد حمل إلى المأمون قد قرأ
القرآن ونظر فى الرأى غير انه إذا جاع يبكى انتهى احسن المصنف فى التعبير عن هذه الحكاية
بقوله بلغنا ولم يجزم بنقلها فقد رأيت بعض الأئمة من شيوخنا يستبعد صحتها ويقول
على تقدير وقوعها لم يكن ابن اربع سنين وإنما كان ضئيل الخلقة فيظن صغره والذى
يغلب على الظن عدم صحتها وقد رواها الخطيب بإسناده فى الكفاية وفى إسنادها أحمد بن
كامل القاضى قال فيه الدارقطنى كان متساهلا ربما حدث من حفظه بما ليس عنده فى
كتابه وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء أصلا وقال صاحب
الميزان كان يعتمد على حفظه فيهم
171 قوله إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد
غيره إلى أن قال وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه فرأى
بعض أئمة الأصول أن هذا سماع غير صحيح والمختار أن ذلك صحيح انتهى هذا الذى أبهم المصنف ذكره هو إمام الحرمين
فإنه اختار ذلك وحكى القاضى عياض أيضا أن القاضى أبا بكر الباقلانى تردد فيه قال
وأكثر ميله إلى المنع انتهى ووهن
السلفى هذا الاختلاف لاتفاق العلماء على العمل بخلافه فإنه ذكر ما حاصله أن الطالب
إذا أراد أن يقرأ على شيخ شيئا من سماعه هل يجب أن يريه سماعه فى ذلك الجزء أم
يكفى إعلام الطالب الثقة للشيخ أن هذا الجزء سماعه على فلان فقال السلفى هما سيان
على هذا عهدنا علماءنا عن آخرهم قال ولم تزل الحفاظ قديما وحديثا يخرجون للشيوخ من
الأصول فتصير تلك الفروع بعد المقابلة أصولا وهل كانت الأصول أولا إلا فروعا انتهى
172 قوله فإن شك فى شئ عنده أنه من قبيل حدثنا
أو أخبرنا أو من قبيل حدثنى أو أخبرنى لتردده فى أنه كان عند التحمل والسماع وحده
أو مع غيره فيحتمل أن نقول ليقل حدثنى أو أخبرنى لأن عدم غيره هو الأصل انتهى
173 سوى المصنف رحمه الله بين الشك فى أنه هل
سمع من لفظ الشيخ وحده أو كان معه غيره يسمع وبين مسألة ما إذا شك هل قرأ هو بنفسه
على الشيخ أو سمع عليه بقراءة غيره عليه وما قاله ظاهر فى المسألة الأولى وأما المسألة الثانية فإنه يتحقق فيها سماع
نفسه ويشك هل قرأ بنفسه أم لا والأصل أنه لم يقرأ هذا إذا مشينا على ما ذكره
المصنف تبعا للحاكم أن القارئ يقول أخبرنى سواء سمع بقراءته معه غيره أم لا أما
إذا قلنا بما جزم به ابن دقيق العيد فى الاقتراح من أن القارئ إذا كان معه غيره
يقول اخبرنا فيتجه حينئذ أن يقال الأصل عدم الزايد لكن الذى ذكره ابن الصلاح هو
الذى قاله عبد الله بن وهب وأبو عبد الله الحاكم وهو المشهور والله أعلم والأحسن فيما إذا شك هل قرأ بنفسه أو سمع
بقراءة غيره ما حكاه الخطيب فى الكفاية عن البرقانى أنه ربما يشك فى الحديث هل
قرأه هو أو قرئ وهو يسمع فيقول فيه قرأنا على فلان فإنه يسوغ إثباته بهذه الصيغة
فيما قرأه بنفسه وفيما سمعه بقراءة غيره
174 وقد سئل أحمد بن صالح المصرى عن الرجل يسمع
بقراءة غيره فأجاب بأنه لا بأس أن يقول قرأنا وقد قال النفيلى قرأنا على مالك
وإنما سمع بقراءة غيره والله أعلم قوله
ليس لك فيما تجده فى الكتب المؤلفة من روايات من تقدمك أن تبدل فى نفس الكتاب ما
قيل فيه أخبرنا بحدثنا ونحو ذلك وإن كان فى إقامة أحدهما مقام الآخر خلاف وتفصيل
سبق لاحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بينهما ولو وجدت
176 من ذلك إسنادا عرفت من مذهب رجاله التسوية
بينهما فإقامتك أحدهما مقام الآخر من باب تجويز الرواية بالمعنى وذلك وإن كان فيه
خلاف معروف فالذى نراه الامتناع من إجراء مثله فى إبدال ما وضع فى الكتب المصنفة
والمجاميع المجموعة على ما سنذكره إن شاء الله تعالى وما ذكره أبو بكر الخطيب فى كفايته من
اجراء ذلك الخلاف فى هذا فمحول عندنا على ما يسمعه الطالب من لفظ المحدث غير موضوع
فى كتاب مؤلف والله أعلم انتهى وفيه
أمران أحدهما أن ما أختاره المصنف قد ضعفه ابن دقيق العيد فى الاقتراح فقال ومما
وقع فى اصطلاح المتأخرين أنه إذا روى كتاب مصنف بيننا وبينه وسايط تصرفوا فى اسماء
الرواة وقلبوها على أنواع إلى أن يصلوا إلى المصنف فإذا وصلوا إليه تبعوا لفظه من
غير تغيير قال وهنا بحثان فذكر الأول ثم قال البحث الثانى الذى اصطلحوا عليه من
عدم التغيير للالفاظ بعد وصولهم إلى المصنف ينبغى أن ينظر فيه هل هو على سبيل
الوجوب أو هو اصطلاح على سبيل الأولى قال وفى كلام بعضهم ما يشير الى أنه ممتنع
لأنه وإن كان له الرواية بالمعنى فليس له تغيير التصنيف قال وهذا كلام له فيه ضعف
قال وأقل ما فيه إنه يقتضى تجويز هذا فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا
وتخاريجنا فإنه ليس فيه تغيير التصنيف المتقدم وليس هذا جاريا على الاصطلاح فإن
الاصطلاح على أن لا نغير الألفاظ بعد الانتهاء إلى الكتب المصنفة سواء رويناها
فيها أو نقلناها منها انتهى وما ذكره
من أنه يقتضى تجويزه فيما ينقل من المصنفات المتقدمة إلى أجزائنا وتخاريجنا ليس
بمسلم بل آخر كلام ابن الصلاح يشعر أنه إذا نقل حديث من كتاب وعزى إليه لا يجوز
فيه الإبدال سواء نقلناه فى تأليف لنا أو لفظا والله أعلم
177 الأمر الثانى إن تعليل المصنف المنع
باحتمال أن يكون من قال ذلك ممن لا يرى التسوية بين أخبرنا وحدثنا ليس بجيد من حيث
أن الحكم لا يختلف فى الجائز والممتنع بأن يكون الشيخ يرى الجائز ممتنعا أو الممتنع
جائزا وقد صرح أهل الحديث بذلك فى مواضع منها أن يكون الشيخ ممن يرى جواز إطلاق
حدثنا وأنبأنا فى الإجازة وأذن للطالب أن يقول ذلك إذا روى عنه بالإجازة فإنه لا
يجوز للطالب وإن أذن له الشيخ وقد صرح به المصنف كما سيأتى وكذلك أيضا لم يشترطوا فى جواز الرواية
بالمعنى أن لا يكون فى الإسناد من يمنع ذلك كابن سيرين بل جوزوا الرواية بالمعنى
بشروط ليس منها هذا قوله قلت قد كان
كثير من أكابر المحدثين يعظم الجمع فى مجالسهم جدا حتى ربما بلغ ألوافا مؤلفة
ويبلغهم عنهم المستملون فيكتبون عنهم بوساطة تبليغ المستملين وأجاز غير واحد لهم
رواية ذلك عن المملى ثم قال وأبى آخرون ذلك ثم قال قلت والأول تساهل بعيد انتهى
178 أطلق المصنف حكاية الخلاف من غير تقييد
بكون المملى يسمع لفظ المستملى الذى يملى أم لا والصواب التقييد بما ذكرناه فإن
كان الشيخ صحيح السمع بحيث يسمع لفظ المستملى الذى يملى عليه فالسماع صحيح ويجوز
له أن يرويه عن المملى دون ذكر الواسطة كما لو سمع على الشيخ بقراءة غيره فإن
القارئ والمستملى واحد وإن كان فى سمع الشيخ ثقل بحيث لا يسمع لفظ المستملى فإنه
لا يسوغ لمن لم يسمع لفظ الشيخ أن يرويه عنه إلا بواسطة المستملى أو المبلغ له عن
الشيخ أو المفهم للسامع ما لم يبلغه كما ثبت فى الصحيحين من رواية عبد الملك بن
عمير عن جابر بن سمرة قال سمعت النبى صلى
الله عليه وسلم يقول يكون اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها
فقال أبى إنه قال كلهم من قريش لفظ
البخارى وقال مسلم ثم تكلم بكلمة خفيت على فسألت أبى ماذا قال قال كلهم من قريش
فلم يرو جابر بن سمرة الكلمة التى خفيت عليه إلا بواسطة أبيه ويمكن أن يستدل
القائلون بالجواز بما رواه مسلم فى صحيحه من رواية عامر بن سعد ابن أبى وقاص قال
كتبت إلى جابر بن سمرة مع غلامى نافع أن أخبرنى بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكتب إلى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة عشية رحم الأسلمى قال لا يزال الدين
قائما حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش فلم يفصل جابر بن سمرة الكلمة التى لم يسمعها
من النبى صلى الله عليه وسلم وقد يجاب عنه
بأمور أحدها أنه يحتمل أن بعض الرواة أدرجه وفصلها الجمور وهم عبد الملك بن عمير
والشعبى وحصين وسماك بن حرب ووصله عامر
والثانى أنه قد اتفق الشيخان على رواية الفصل وانفرد مسلم برواية
الوصل والثالث أن رواية الجمهور سماع
لهم من جابر بن سمرة ورواية عامر بن سعد كتابة ليست متصلة بالسماع والرابع أن الإرسال جائز خصوصا إرسال
الصحابة عن بعضهم فإن الصحابة كلهم عدول ولهذا كانت مراسيلهم حجة خلافا للاستاذ
أبى إسحق الاسفرائينى لأن الصحابة قد يروون عن التابعين والله أعلم
182 النوع الثالث من أنواع الإجازة أن يجيز لغير
معين بوصف العموم قوله فإن كان ذلك
مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب انتهى.
تقدم أن المصنف اختار
عدم صحة إلاجازة العامة وقال فى هذه الصورة منها أنها أقرب إلى الجواز فلم يظهر من
كلامه فى هذه الصورة المنع أو الصحة والصحيح فى هذه الصورة الصحة فقد قال القاضى
عياض فى كتاب الإلماع ما أحسبهم اختلفوا فى جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت
منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان قوله قلت ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى
به أنه استعمل هذه الإجازة فروى بها ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها
والاجازة فى أصلها ضعف وتزداد بهذا التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغى احتماله
والله أعلم انتهى وفيه أمور أحدها أنه
اعترض على المصنف بأن الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا مقتضى صحتها
وأى فائدة لها غير الرواية بها انتهى
ولا يحسن هذا الاعتراض على المصنف فإنه إنما أنكر أن يكون رأى أو سمع عن
أحد أنه استعملها فروى بها ولا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها إما
لاستغنائهم عنها بالسماع أو احتياطا للخروج من خلاف من منع الرواية بها الأمر الثانى أن ما رجحه المصنف من عدم
صحتها خالفه فيه جمهور المتأخرين وصححه النووى فى الروضه من زياداته فقال الأصح
جوازها انتهى.
182 النوع الثالث من أنواع الإجازة أن يجيز لغير
معين بوصف العموم قوله فإن كان ذلك
مقيدا بوصف حاصر أو نحوه فهو إلى الجواز أقرب انتهى تقدم أن المصنف اختار عدم صحة إلاجازة
العامة وقال فى هذه الصورة منها أنها أقرب إلى الجواز فلم يظهر من كلامه فى هذه
الصورة المنع أو الصحة والصحيح فى هذه الصورة الصحة فقد قال القاضى عياض فى كتاب
الإلماع ما أحسبهم اختلفوا فى جوازه ممن تصح عنده الإجازة ولا رأيت منعه لأحد لأنه
محصور موصوف كقوله لأولاد فلان أو أخوة فلان
قوله قلت ولم نر ولم نسمع عن أحد ممن يقتدى به أنه استعمل هذه الإجازة فروى
بها ولا عن الشرذمة المستأخرة الذين سوغوها والاجازة فى أصلها ضعف وتزداد بهذا
التوسع والاسترسال ضعفا كثيرا لا ينبغى احتماله والله أعلم انتهى وفيه أمور أحدها أنه اعترض على المصنف بأن
الظاهر من كلام مصححها جواز الرواية بها وهذا مقتضى صحتها وأى فائدة لها غير
الرواية بها انتهى ولا يحسن هذا
الاعتراض على المصنف فإنه إنما أنكر أن يكون رأى أو سمع عن أحد أنه استعملها فروى
بها ولا يلزم من ترك استعمالهم للرواية بها عدم صحتها إما لاستغنائهم عنها بالسماع
أو احتياطا للخروج من خلاف من منع الرواية بها
الأمر الثانى أن ما رجحه المصنف من عدم صحتها خالفه فيه جمهور المتأخرين
وصححه النووى فى الروضه من زياداته فقال الأصح جوازها انتهى.
183 وممن أجازها أبو الفضح أحمد بن الحسين بن
خيرون البغدادى وأبو الوليد ابن رشد من أئمة المالكية وأبو طاهر السلفى وخلائق
كثيرون جمعهم الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن أبى البدر الكاتب البغدادى فى جزء
كبير رتب أسماءهم فيه على حروف المعجم لكثرتهم ورجحه أيضا أبو عمرو بن الحاجب من
أئمة المالكية الأصولين الأمر الثالث
أن المصنف ذكر أنه لم ير ولم يسمع أن أحدا ممن يقتدى به روى بها وقد أحسن من وقف
عندما انتهى إليه ومع هذا فقد روى بها بعض الأئمة المتقدمين على ابن الصلاح
كالحافظ أبى بكر محمد بن خير بن عمر الأموى بفتح الهمزة الأشبيلى خال أبى القاسم
السهيلى فروى فى برنامجه المشهور بالإجازة العامة وحدث بها من الحفاظ المتأخرين
الحافظ أبو محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطى بإجازته العامة من المؤيد الطوسى وسمع
بها الحفاظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزى وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن
عثمان الذهبى وأبو محمد القاسم بن محمد البرزالى على الركن الطاووسى بإجازته
العامة من أبى جعفر الصيدلانى وغيره وقرأ بها شيخنا الحافظ أبو سعيد العلائى على
أبى العباس أحمد ابن نعمة بإجازته العامة من داود بن معمر بن الفاخر وبالجملة ففى
النفس من الرواية بها شئ الاحتياط ترك الرواية بها والله أعلم
185 النوع الرابع من أنواع الإجازة للمجهول أو
بالمجهول قوله فإن أجاز لمن شاء
الرواية عنه فهذا أولى بالجواز من حيث أن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى
مشيئة المجاز له فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق تصريحا بما يقتضيه الإطلاق وحكاية
للحال لا تعليقا فى الحقيقة ولهذا أجاز بعض أئمة الشافعيين فى البيع بعتك هذا بكذا
إن شئت فيقول انتهى ولم يبين المصنف
أيضا تصحيحا فى هذه الصورة بل جعلها أولى بالجواز والصحيح فيها عدم الصحة وقياس
المصنف لهذه الصورة على تجويز بعض الأئمة قول القائل بعتك هذا بكذا إن شئت ليس
بجيد والفرق بين المسألتين أن المبتاع معين فى مسألة البيع والشخص المجاز مبهم فى
مسألة الإجازة وإنما وزان مسألة البيع أن يقول أجزت لك أن تروى عنى إن شئت الرواية
عنى فإن الأظهر الأقوى فى هذه الصورة الجواز كما ذكره المصنف بعد ذلك وفى مسألة
البيع التى قاس عليها المصنف مسألة الإجازة وجهان حكاهما الرافعى وقال أظهرهما أنه
ينعقد
192 القسم الرابع من أقسام طرق تحمل الحديث
وتلقيه المناولة قوله قال الحاكم
فى هذا العرض أى عرض المناولة أما فقهاء الاسلام الذين أفتوا فى الحلال والحرام
فإنهم لم يروه سماعا وبه قال الأوزاعى والشافعى والبويطى والمزنى وأبو حنيفة
وسفيان الثورى إلى آخر كلامه اعترض على المصنف بذكر أبى حنيفة مع المذكورين فإن من
عدا أبا حنيفة يرى صحة المناولة وانها دون السماع وأما أبو حنيفة فلا يرى صحتها
أصلا كما ذكره صاحب القنية فقال إذا أعطاه المحدث الكتاب وأجاز له ما فيه ولم يسمع
ذلك ولم يعرفه فعند أبى حنيفة ومحمد لا يجوز روايته وعند أبى يوسف يجوز انتهى قلت لم يكتف صاحب القنية فى نقله عن أبى
حنيفة لعدم الصحة بكونه لم ويسمعه فقط بل زاد على ذلك بقوله ولم يعرفه فإن كان
الضمير فى يعرفه عائدا على المجاز وهو الظاهر لتتفق الضمائر فمقتضاه أنه إذا عرف
المجاز ما أجيز له أنه يصح بخلاف ما ذكر المعترض
193 أنه لا يرى صحتها أصلا وإن كان الضمير يعود
على الشيخ المجيز فقد ذكر المصنف بعد هذا أن الشيخ إذا لم ينظر ويتحقق روايته
لجميعه لا يجوز ولا يصح ثم استثنى ما إذا كان الطالب موثوقا بخبره فإنه يجوز
الإعتماد عليه انتهى وهذه الصورة لا
يوافق على صحتها أبو حنيفة بل لابد أن يكون الشيخ حافظا لحديثه أو ممسكا لأصله وهو
الذى صححه إمام الحرمين كما تقدم بل أطلق الآمدى النقل عن أبى حنيفة وأبى يوسف أن
الإجازة غير صحيحة والله تعالى أعلم
ويجوز أن يكون أبو حنيفة وأبو يوسف إنما يمنعان صحة الإجازة الخالية عن
المناولة فقد حكى القاضى عياض فى كتاب الإلماع عن كافة أهل النقل والآراء والتحقيق
من أهل النظر القول بصحة المناولة المقروبة بالإجازة
200 القسم الثامن الوجادة قوله روينا عن المعافى بن عمران أن
المولدين فزعوا قولهم وجادة فيما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع ولا إجازة ولا
مناولة من تفريق العرب بين مصادر وجد للتمييز بين المعانى المختلفة يعنى قولهم وجد
ضالته وجدانا ومطلوبه وجودا وفى الغضب موجدة وفى الغنى وجدا وفى الحب وجدا
انتهى ذكر المصنف خمسة مصادر مسموعة
لوجد باختلاف معانيه وبقى عليه ثلاثة مصادر أحدها وجده فى الغضب وفى الغنى أيضا
وفى المطلوب أيضا والثانى إجدان بكسر الهمزة فى الضالة وفى المطلوب أيضا حكاها
صاحب المحكم فى الضالة فقط ووجد بكسر الواو فى الغنى واقتصر المصنف فى كل معنى من
المعانى المذكورة على مصدر واحد وقد تقدم أن للضالة مصدرا آخر وهو إجدان وللمطلوب
خمسة مصادر أخر وهى جدة كما تقدم ووجد بالفتح ووجد بالضم ووجدان وإجدان وللغضب
ثلاثة مصارد أخر وجد بالفتح ووجدة ووجدان كما تقدم وللغنى مصدران آخران وجد بالكسر
أيضا وجدة قوله مثال الوجادة أن يقف
على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم
201 يلقه أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذى وجده
بخطه ولا له منه إجازة ولا نحوها إلى آخر كلامه قلت اشتراط المصنف فى الوجادة أن
يكون ذلك الشيخ الذى وجد ذلك الموجود بخطه لا إجازة له منه ليس بجيد ولذلك لم
يذكره القاضى عياض فى حد الوجادة فى كتاب الإلماع وجرت عادة أهل الحديث باستعمال
الوجادة مع الإجازة فيقول أحدهم وجدت بخط فلان وإجازه لى وكأن المصنف إنما أراد
بيان الوجادة الخالية عن الإجازة هل هى مستند صحيح فى الرواية أو لا وحكى الخلاف
فيه والله أعلم
205 النوع الخامس والعشرون فى كتابة الحديث
قوله يستحب فى الألفاظ
المشكلة أن يكرر ضبطها بأن يضبطها فى متن الكتاب ثم يكتبها قبالة ذلك فى الحاشية
مفردة مضبوطة انتهى اقتصر المصنف على
ذكر كتابة اللفظة المشكلة فى الحاشية مفردة مضبوطة ولم يتعرض لتقطيع حروفها وهو
متداول بين أهل الضبط وفائدته ظهور شكل الحرف بكتابته مفردا كالنون والياء إذا
وقعت فى أول الكلمة أو فى وسطها ونقله ابن دقيق العيد فى الاقتراح عن أهل الاتقان
فقال ومن عادة المتقنين أن يبالغوا فى إيضاح المشكل فيفرقوا حروف الكلمة فى
الحاشية ويضبطوها حرفا حرفا
206 قوله وسبيل الناس فى ضبطها أى الحروف
المهملة مختلف فمنهم من يقلب النقط فيجعل النقط الذى فوق المعجمات تحت ما يشاكلها
من المهملات فينقط تحت الراء والصاد والطاء والعين ونحوها من المهملات انتهى أطلق المصنف فى هذه العلامة قلب النقط
العلوية فى المعجمات إلى أسفل المهملات وتبع فى ذلك القاضى عياضا ولابد من استثناء
الحاء المهملة لأنها لو نقطت من أسفل صارت جيما قوله وهناك من العلامات ما هو موجود فى كثير
من الكتب القديمة
207 ولا يفطن له كثيرون كعلامة من يجعل فوق الحرف
المهمل خطا صغيرا انتهى اقتصر المصنف
فى هذه العلامة على جعل خط صغير فوق الحرف المهمل وترك فيه زيادة ذكرها القاضى
عياض فى الإلماع فحكى عن بعض أهل المشرق أنه يعلم فوق الحرف المهمل بخط صغير يشبه
النبرة فحذف المصنف منه ذكر النبرة والمصنف إنما أخذ ضبط الحروف المهملة بهذه
العلامات من الإلماع للقاضى عياض وإذا كان كذلك فحذفه لقوله يشبه النبرة يخرج هذه
العلامة عن صفتها فإن النبرة هى الهمزة كما قال الجوهرى وصاحب المحكم ومقتضى كلام
المصنف أنها كالنصبة لا كالهمزة والله أعلم
قوله يكره له فى مثل عبد الله بن فلان بن فلان أن يكتب عبد فى آخر سطر
والباقى
208 فى أول السطر الآخر إلى آخر كلامه اقتصر
المصنف فى هذا على الكراهة والذى ذكره الخطيب فى كتاب الجامع امتناع ذلك فإنه روى
فيه عن أبى عبد الله بن بطة أنه قال هذا كله غلط قبيح فيجب على الكاتب أن يتوقاه
ويتأمله ويتحفظ منه قال الخطيب وهذا الذى ذكره أبو عبد الله صحيح فيجب اجتنابه
انتهى واقتصر ابن دقيق العيد فى
الاقتراح على جعل ذلك من الآداب لا من الواجبات والله أعلم
209 قوله وروينا عن الشافعى الإمام وعن يحيى بن
كثير قالا من كتب ولم يعارض كمن دخل الخلاء ولم يستنج انتهى
210 هكذا ذكره المصنف عن الشافعى وإنما هو معروف
عن الأوزاعى وعن يحيى بن أبى كثير وقد رواه عن الأوزاعى أبو عمر بن عبد البر فى
كتاب جامع بيان العلم من رواية بقية عن الأوزاعى ومن طريق ابن عبد البر رواه
القاضى عياض فى كتاب الإلماع بإسناده ومنه يأخذ المصنف كثيرا وكأنه سبق قلمه من
الأوزاعى إلى الشافعى وأما قول يحيى بن أبى كثير فرواه ابن عبد البر أيضا والخطيب
فى كتاب الكفاية وفى كتاب الجامع من رواية أبان بن يزيد عن يحيى بن أبى كثير ولم
أر لهذا ذكرا عن الشافعى فى شئ من الكتب المصنفة فى علوم الحديث ولا فى شئ من
مناقب الشافعى والله أعلم
214 قوله قلت ولأنها لما كانت على كلام فيه
خلل أشبهت الضبة التى تجعل على كسر أو خلل فاستعير لها اسمها ومثل ذلك غير مستنكر فى
باب الإستعارات انتهى قلت وفى هذا نظر
وبعد من حيث أن ضبة القدح وضعت جبرا للكسر والضبة على المكتوب ليست جابرة وإنما
جعلت علامة على المكان المغلق وجهه المستبهم أمره فهى بضبة الباب أشبه كما تقدم
نقل المصنف له عن أبى القاسم بن الاقليلى وقد حكاه أبو القاسم هذا عن شيوخه من أهل
الأدب كما وجدته فى كلامه وحكاه القاضى عياض فى الإلماع فقال من أهل المغرب بدل
قوله من أهل الأدب والمذكور فى كلام أبى القاسم ما ذكرته والله أعلم قوله ويسمى ذلك الشق أيضا انتهى
216 الشق بفتح الشين المعجمة وتشديد القاف
وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق ولم يذكره الخطيب فى الجامع ولا فى الكفاية وهو
اصطلاح لأهل المغرب وذكره القاضى عياض فى الإلماع ومنه أخذه المصنف وكأنه مأخوذ من
الشق وهو الصدع أو من شق العصا وهو التفريق فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وبين ما
قبلها وبعدها من الصحيح الثابت بالضرب عليها والله أعلم ويوجد فى بعض نسخ علوم الحديث النشق بزيادة
نون مفتوحة فى أوله وسكون الشين فإن لم يكن تصحيفا وتغييرا من النساخ فكأنه مأخوذ
من نشق الظبى فى حبالته إذا علق فيها فكأنه إبطال لحركة الكلمة وإهمالها بجعلها فى
صورة وثاق يمنعها من التصرف والله أعلم
222 النوع السادس والعشرون فى صفة رواية الحديث
وشرط أدائه وما يتعلق بذلك
قوله إذا سمع كتابا ثم
أراد روايته من نسخة ليس فيها سماعه ولا هى مقابلة بنسخة سماعه غير أنه سمع منها
على شيخه لم يجز له ذلك قطع به الإمام أبو نصر الصباغ الفقيه فيما بلغنا عنه إلى
آخر كلامه وقد اعترض عليه بأنه ذكر فى النوع الذى قبله أن الخطيب والاسفرائينى
جوزا الرواية من كتاب لم يقابل أصلا ولم ينكره الشيخ بل أقره انتهى قلت الصورة التى تقدمت هى فيما إذا نقل
كتابه من الأصل فإن الخطيب شرط فى ذلك أن يكون نسخته نقلت من الأصل وأن يبين عند
الرواية أنه لم يعارض وزاد ابن الصلاح على ذلك شرطا آخر وهو أن يكون ناقل النسخة
من الأصل غير سقيم النقل بل صحيح النقل قليل السقط وأما الصورة التى فى هذا النوع
فإن الراوى منها ليس على ثقة من موافقتها للأصل وقد أشار المصنف هنا إلى التعليل بذلك
فقال إذ لا يؤمن أن يكون فيها زوايد ليست فى نسخة سماعه والله أعلم
235 قوله جرت العادة بحذف قال ونحوه فيما بين
رجال الإسناد خطا ولابد من ذكره حال القراءة لفظا انتهى هكذا قال المصنف هنا إنه لابد من النطق بقال
لفظا ومقتضاه أنه لا يصح السماع بدونها وخالف المصنف ذلك فى الفتاوى فإنه سئل فيها
عن ترك القارى قال فقال هذا خطأ من فاعله والأظهر أنه لا يبطل السماع به لأن حذف
القول جائز اختصارا جاء به القرآن العظيم وكذا قال النووى في التقريب والتيسير
تركها خطأ والظاهر صحة السماع والله أعلم
239 قوله الظاهر أنه لا يجوز تغيير عن النبى
إلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا بالعكس وإن جازت الرواية بالمعنى فإن شرط
ذلك أن لا يختلف المعنى والمعنى فى هذا مختلف انتهى وفيه نظر من حيث أن المعنى لا يختلف فى نسبة
الحديث لقائله بأى وصف وصف من تعريفه بالنبى أو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك فإن اختلف مدلول
لفظ النبى والرسول فليس المقصود هنا بيان وصفه إنما المراد تعريف القائل بأى وصف
عرف به واشتهر وأما ما استدل به بعض من اختصر كتاب ابن الصلاح على منع ذلك
240 من حديث البراء بن عازب فى الصحيح حين علمه صلى الله عليه وسلم ما يدعو به عند النوم من قوله آمنت بكتابك الذى أنزلت ونبيك الذى
أرسلت فقال البراء يستذكرهن وبرسولك
الذى أرسلت فقال صلى الله عليه وسلم لا قل
ونبيك الذى أرسلت فليس فيه حجة على منع ذلك فى الرواية لأن ألفاظ الأذكار توقيفية
فى تعيين اللفظ وتقدير الثواب وربما كان اللفظ سر ليس فى لفظ آخر يرادفه ولعله
أراد الجمع بين وصفه بالنبوة والرسالة فى موضع واحد لا حرم أن النووى قال الصواب
جوازه لأنه لا يختلف به هنا معنى والله أعلم
241 قوله إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه من
شيخ آخر فخلطه ولم يميزه وعزى الحديث جملة إليهما مبينا أن عن أحدهما بعضه وعن
الآخر بعضه فذلك جايز كما فعل الزهرى فى حديث الإفك فذكره ثم قال وغير جائز لأحد
بعد اختلاط ذلك أن يسقط ذكر أحد
242 الراويين ويروى الحديث عن الآخر وحده إلى آخر
كلامه وقد اعترض عليه بأن البخارى أسقط ذكر أحد شيخيه أو شيوخه فى مثل هذه الصورة
واقتصر على ذكر شيخ واحد فقال فى كتاب الرقاق من صحيحه فى باب كيف كان عيش
النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم من الدنيا حدثنى أبو نعيم بنصف
من هذا الحديث حدثنا عمر بن ذر حدثنا مجاهد أن أبا هريرة كان يقول آلله الذى لا
إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدى على الأرض من الجوع الحديث انتهى والجواب أن الممتنع إنما هو إسقاط بعض
شيوخه وإيراد جميع الحديث عن بعضهم لأنه حينئذ يكون قد حدث عن المذكور ببعض ما لم
يسمعه منه فأما إذا بين أنه لم يسمع منه إلا بعض الحديث كما فعل البخارى هنا فليس
بممتنع وقد بين البخارى فى موضع آخر من صحيحه القدر الذى سمعه من أبى نعيم من هذا
الحديث أو بعض ما سمعه منه فقال فى كتاب الاستئذان حدثنا أبو نعيم حدثنا عمر بن ذر
ح وحدثنا محمد بن مقاتل أنبأنا عبد الله أنبأنا عمر بن ذر أنبأنا مجاهد عن أبى
هريرة رضى الله عنه قال دخلت مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبنا فى قدح
فقال أبا هر ألحق الصفة أهل فادعهم إلى قال فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا
فأذن لهم فدخلوا انتهى فهذا هو بعض حديث أبى نعيم الذى ذكره فى
الرقاق وأما بقية الحديث فيتحمل أن البخارى أخذه من كتاب أبى نعيم وجادة أو إجازة
له سمعه من شيخ آخر غير أبى نعيم أما محمد بن مقاتل الذى روى عنه فى الاستئذان
بعضه أو غيره ولم يبين ذلك بل اقتصر على اتصال بعض الحديث من غير بيان ولكن ما من
قطعة منه إلا وهى محتملة لأنها غير متصلة بالسماع إلا القطعة التى صرح البخارى فى
الاستيذان باتصالها والله أعلم
247 النوع السابع والعشرون معرفه آداب المحدث
قوله وأما من لم يسمع
إلا لفظ المستملى فليس يستفيد بذلك جواز روايته لذلك عن المملى مطلقا من غير بيان
الحال فيه وفى هذا كلام قد تقدم فى النوع الرابع والعشرين انتهى والذى قدمه هناك أنه حكى هناك قولين أحدهما
الجواز والثانى المنع وقال إن الأول بعيد فاقتضى كلامه هناك رجحان الامتناع
والصواب كما قدمته هناك أنه إن كان المملى
248 يسمع لفظ المستملى فحكم حكم القارئ وعلى
الشيخ فيجوز لسامع المستملى أن يرويه عن المملى لكن لا يجوز أن يقول سمعت ولا
أخبرنى فلان املاء إنما يجوز ذلك لمن سمع لفظ المملى ويجوز أن يقول أنبأنا فلان
ويطلق ذلك على الصحيح وهل يجوز أن يقيد ذلك بقوله قراءة عليه تحتمل أن يقال
بالجواز لأن المستملى كالقارئ على الشيخ ويحمل أن لا يجوز ذلك لأن موضوع المستملى
تبليغ ألفاظ الشيخ وليس قصده القراءة على الشيخ الأول أظهر كما تقدم هناك والله
أعلم قوله أو نسبة إلى أم عرف بها
كيعلى بن منية الصحابى وهو ابن أمية ومنية أمه وقيل جدته أم أبيه انتهى
249 رجح المصنف هنا أن منية أم يعلى واقتصر
فى النوع السابع والخمسين على كونها جدته وحكاه عن الزبير بن بكار وأنها جدته أم
أبيه وما قاله الزبير هو الذى حزم به أبو نصر بن ماكولا ولكن قال ابن عبد البر لم
يصب الزبير انتهى والذى ذكره الطبرى
ورجحه أبو الحجاج المزى أنها أم يعلى لا جدته فما رجحه المصنف وهو الراجح والله
أعلم قوله وإذا نجز الإملاء فلا غناء
عن مقابلته واتقانه انتهى
250 هكذا ذكره المصنف هنا أنه لاغناء عن
مقابلة الإملاء وتقدم فى كلامه فى النوع الخامس والعشرين الترخص فى الرواية من
نسخة غير قابلة بشروط ثلاثة فيحتمل أن يكون كلامه هنا محمولا على ما تقدم هناك
ويحتمل أن يفرق بين النسخ من أصل السماع والنسخ من إملاء الشيخ حفظا لأن الحفظ
يخون فربما تذكر الشيخ عند المعارضة ما لعله سبق إلى لفظه والله أعلم قوله نجز هو بكسر الجيم على المشور وبه جزم
الجوهرى فقال نجز الشئ بالكسر ينجز نجزا أى انقضى وفنى انتهى وهذا هو الذى قيد عن المصنف فى حاشية علوم
الحديث حين قرئ عليه والذى صدر به صاحب المحكم كلامه بالفتح فقال نجز الكلام
بالفتح انقطع ونجز الوعد ينجز نجزا حضر قال وقد يقال نجز قال ابن السكيت كأن نجز
فنى وكأن نجز قضى حاجته انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق