بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله تعالى نحمده و
نستغفره و نتوب اليه و نعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا و من سيئات اعمالنا
اما بعد فهذا كتاب جليل القدر
عظيم الفائدة و غزير العلم على اختصاره و هو ثمرة جهد شيخنا المحدث المجاهد الجليل
عبد الرزاق المهدي و هو صاعب صنعة في هذا الفن و باع طويل عرفناه من خلال ما
درسناه عنده منذ زمن و هو غني عن التعريف
عند طلاب العلم في المغرب العربي و المشرق
و معلوم ان علم الحديث علم
واسع مستقل به يعرف حال الراوي و المروي من حيث القبول و الرد و به يعرف الصحيح و
السقيم و المقبول والمردود من سنة الحبيب المصطفى. و طريقه طويل و الصبر عليه أطول
و لكنه طريق الفلاح و النجاح و الثبات,
نسأل الله ان يثبتنا على الحق
و هذا الكتاب قد جمع زبدة علم
مصطلح الحديث و هو بداية طيبة و شاملة لطالب هذا العلم فلا يستغني عنه المبتدئ و
تذكرة للمنتهي و المسند و أصحاب الصنعة.
و لا شك ان المصنف حفظه الله
قد ذهب مذهب الجمهور فيه من حيث الشرح و التأصيل و الاختصار أحيانا كثيرة
فقمت بعد اذن الشيخ حفظه الله
تعالى يتقديم متنه و مراجعته و ضبط الفاظه و تهذيب مفرداته , و كنت انوي ان اشرحه
لكن لم اجد وقتا واسعا لكثرة المشاغل و الله المستعان و لكن بأذن الله سيكون قريبا
نسأل الله تعالى النفع في
الدارين و جزى الله عنا الشيخ حفظه الله
تعالى كل خير.
كتبه اخوكم
رمزي بن بشير
العريبي التونسي
1436 ه
تعريف بالشيخ عبد الرزاق
المهدي
هذا التعريف من موقع الشيخ
يتحدث عن نفسه
بدأ في دراسة العلم الشرعي
عام 1977
و ذلك في معهد الفتح الإسلامي بدمشق علي يد
شيوخ كبار من أهل دمشق أشهرهم الشيخ عبد ا الرزاق الحلبي مفتي الحنفية وجامع
القراآت المتواترة وغير ذلك وقد قرأ عليه ختمة كاملة برواية حفص وله منه إجازة
متصلة بالنبي صل الله عليه
سلم والشيخ أديب الكلاس
وغيرهما كثير
حبب إلي الشيخ علم الحديث ومعرفة الصحيح من
الضعيف منذ أول طلب العلم فصار يقرأ و يطالع في كتب الحديث والمصطلح فقرأ في كتب
المتقدمين و المتأخرين والمعاصرين أبرز شيوخه الشيخ عبد القادر الأرنؤوط محدث
الديار الشامية فدرس عليه قواعد التحديث للقاسمي وكان يتردد علي الأرناؤوط ويجالسه
و يستفيد منه . وكان الشيخ الأرناؤط يثني عليه وأبناء الأرناؤط على علاقة مميزة
معه وينصحون الناس بالاستفادة منه
ولما تخرج الشيخ من المعهد الشرعي شرع في العمل
بتحقيق الكتب الدينية المتنوعة كما أنه عين إماما وخطيبا في عدة مساجد في دمشق
وريفها و أوقف عن الخطابة والتدريس أكثر من مرة من جهة الأمن تارة و الأوقاف تارة
بحجة أنه سلفي وتارة بسبب حضور السلفيين خطبه ودروسه ولذا أودع السجن أربعة أشهر
ونصف بتهمة أنه سلفي ويحضر خطبه سلفيون من الشام ومن الأجانب الذين يقيمون في
الشام خاصة الطلبة من بلاد الروس والجزائرو تونس و
الشيخ علي عقيدة السلف مع أنه درس في معهد يقوم علي المذهب الأشعري .حمل الشيخ
عقيدة السلف من كتب الحديث التي فيها الحث على الاستمساك بمسائل الإيمان والتوحيد
الذي كان عليه السلف الصالح .كما تأثر الشيخ بكتب الإمام الذهبي لأن كتب شيخ
الإسلام إبن تيمية ممنوعة في الشام لأنها تدعو إلى التوحيد والسنة ونبذ الشرك
والبدع .. ولما قام بتحقيق كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ازداد تمسكا أكثر
فأكثر بمنهج السلف وكذلك لما حقق كتاب الشريعة..للآجري.
والشيخ معتدل في منهجه وطريقته في تبليغ العلم
يتصف باللين واللطف حتى مع المخالفين إن كانت المخالفة يسيرة أما من ابتدع وأحدث
وغير وبدل في هذا الدين فهو شديد عليهم وينتقدهم تارة وينصح لهم تارة أخرى
نشط الشيخ بمجال تحقيق الكتب وكان عمله اهتمامه
غالبا في مجال الحديث :
-التخريج.
-التصحيح
-التضعيف
فقام بتخريج مجموعة من الكتب الشهيرة منها :
في كتب التفسير :
تفسير القرآن العظيم للحافظ إبن كثير في خمس
مجلدات ولقيت طبعته رواجا
تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن في عشرة
مجلدات
تفسير الشوكاني فتح القدير في خمس مجلدات
أحكام القرأن (لإبن العربي المالكي) في أربع
مجلدات
تفسير البغوي في خمس مجلدات
تفسير الكشاف للزمخشري في خمس مجلدات مع الملحق
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي في ثمانية
مجلدات
التسهيل لابن جزي الكلبي في جزأين
أضواء البيان للشنقيطي
فتح البيان لصديق حسن خان تلميذ الشوكاني
وفي الكتب العلمية :
التمهيد لمافي الموطأ من المعاني والأسانيد
لابن عبد البر
فتح القدير للكمال ابن الهمام في عشرة مجلدات
(فقه حنفي)
كتاب اللباب في ثلاثة أجزاء (فقه حنفي)
العدة شرح العمدة (فقه حنبلي ) وهو من أول
تحقيقاته وقد لقي عمله رواجا في السعودية وغيرها
الروض المربع شرح زاد المستقنع
بداية المجتهد لابن رشد
و الإعتصام للشاطبي
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
الشريعة للآجري
تاريخ المدينة لإبن النجار
زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم
تلبيس إبليس لإبن الجوزي يرد فيه على المبتدعة
والجهلة
مختصر زاد المعاد ومختصر السيرة وهما للشيخ
محمد بن عبد الوهاب
وكتب أخرى:
منها. كتاب الأذكار للنووي
الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي
الخاتم للبيهقي وهو يتعلق بخاتم النبي صلى الله
عليه وسلم وصنع الشيخ مقدمة للكتاب مفيدة في بيان حكم اتخاذ الخاتم بشكل عام وحكم
خاتم الخطوبة وأنه عادة كنسية
وأخيرا حقق الموطأ في أربع مجلدات تحقيقا وافيا
قابله على عدة مخطوطات وخرج أحاديثه تخريجا وافيا مطولا خاصة مايتعلق بالبلاغات
والمراسيل والموقوفات في حكم المرفوع مع تعليقات مفيدة ونافعة ، ولم يطبع بعد نسأل
الله أن يهيأ طبع
التذكرة
. في علم مصطلح الحديث
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين،
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.
وبعدُ؛ فإن الله قد بعث محمداً
صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا، وأنزل عليه الكتاب وعلمه الحكمة،
فقام بهذه الرسالة خير قيام, ففسر للصحابة الكرام كتاب ربنا جل ذكره, ووضحه
وبينه، وزاد في أحكام الحلال والحرام والعبادات وغير ذلك مما أوحى إليه ربه تبارك
وتعالى, فلما أكمل ما كلفه الله به, أتاه الأجل, فاستجاب لأمر الله تعالى, بعد أن
خيره الله تعالى ـ كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد ـ فاختار الآخرة الباقية على
الدنيا الفانية.
ثم قام الصحابة الكرام بحمل
راية الإسلام, فاجتهدوا بالدعوة إلى الله تعالى, بالحكمة والموعظة الحسنة تارة,
وبالسيف والقتال تارة أخرى, فانتشر الإسلام في
بقاع الأرض, وخلال سنين عديدة أصبحت راية التوحيد عالية خفاقة على عشرات البلاد
والأقاليم, في مشارق الأرض ومغاربها, فلله الحمد والمنة.
وقد
أمرنا الله تعالى باتباع النبي صلى الله عليه وسلم, فقال جل من قائل: { قل أطيعوا
الله وأطيعوا الرسول } النور:52 وقال أيضا:{ وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين }
الأنفال: 1 وقال أيضا: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} النساء: 79 . وقال عزّ وجلّ:
"(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم) "( آل عمران: 31) فجعل ربنا تبارك وتعالى
اتباع النبي صلى الله عليه وسلم برهانا وعلامة على محبته و
ترتب على ذلك محبةُ الله للعبد, ثم نتيجة وهي: غفران الذنوب, هو يعني دخول الجنة,
وهو ما يتمناه كل مسلم ومسلمة.
واتباع النبي صلى الله عليه و
سلم, إنما هو باتباع سنته. ولمكانة السنة أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تبليغها
للناس، ففي الصحيحين من حديث أبي بكرة الثقفي:" ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب
" قاله في حجة الوداع. وقد دعا صلى الله عليه
و سلم لحامل حديثه و ناشره بين الناس بالنضارة أي البهاء و الجمال, فقد أخرج
الشافعي و أحمد وأصحاب السنن من حيث ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم:" رحم
الله امرأ سمع منا مقالة فحفظها ووعاها وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من
سامع" حديث صحيح, له شواهد كثيرة, لذا أدرجه السيوطي في المتواتر.
واشترط النبي صلى الله عليه
وسلم من خلال هذا الحديث على المبلغ حفظ المقالة عنه.
أي الحديث وتأديتها على الوجه الصحيح، ولا يكون ذلك إلا من
خلال التثبت في رواية الحديث, ويتوقف ذلك على معرفة الصحيح من السقيم, فعلم الحديث
هو الميزان لسائر العلوم الشرعية, فالفقيه والأصولي والمفسر والداعية والواعظ
جميعا يحتاجون لعلم الحديث، ومن كان لا يميز بين الصحيح والسقيم, وقع له الخطأ
الكثير, فربما استدل أو احتج بأحاديث ضعيفة أو موضوعة, وربما رد أحاديث صحيحة!.
كما وقع للزمخشري مثلاً, مع أنه عالم كبير في العربية والفقه والأصول وغير ذلك.
فكم رد في كشافه من حديث
صحيح, واستدل في مقابل ذلك بأحاديث واهية أو موضوعة, ومثله كثير. وبما أن الأخبار
تحتمل الصدق وعدمه, فلأجل ذلك وضعت القواعد التي يعرف من خلالها المقبول والمردود.
السبب في جمع هذه الرسالة:
إن السبب الذي دعاني إلى جمع
هذه الرسالة, هو التسهيل والتيسير على الطلبة والطالبات في تناول هذا العلم؛ حيث
إن الكتب المتوفرة في هذا الفن, لا تخلو من التطويل تارة بذكر الأقوال المتعددة في
المسألة الواحدة, أو التوسع في بعض الأبحاث تارة أخرى, مع ما يصحب ذلك من غموض في
العبارة, أو تعقيد في الطرح؛ لذا رأيت أن أختصر ما استطعت, وذلك بذكر الأبحاث
الضرورية, وأقتصر فيها غالباً على القول الواحد في المسألة, يكون هو الراجح إن شاء
الله.
وقد جمعتها على عجالة, فلم
تنل العناية التامة, فمن وجد خللاً فليصلحه, فهو من باب النصيحة.
والله الجليل أسأل يفتح علينا
وعليكم بالعلم النافع مصحوباً بالخشية, والعمل الدائم الخالص لوجهه الكريم, وأن
يجعلنا وإياكم من ورثة جنة النعيم, إنه خير مسؤول, وهو حسبنا ونعم الوكيل.
نشأة علم مصطلح الحديث
يلحَظ المتأمل المتدبر؛ أن
القرآن الكريم حث على التثبت في نقل الأخبار في أكثر من آية ومن ذلك, قوله
تعالى"يا أيها اللذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا...." وفي قراءة:
فتثبتوا.
و كذلك السنة فقد أخرج مسلم
في مقدمة صحيحه عن المغيرة بن شعبة وسمرة بن جندب كلاهما، عن النبي صلى الله عليه
وسلم" من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد
الكاذبَين". وقوله " يُرى" أي يظن، و هذا دليل على أنه لا يجوز
للمسلم أن يروي حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يتثبت من صحته، و ذلك إما
بأخذه من كتاب معتمد يشتمل على الصحيح، أو يقف على كلام عالم
متخصص يبين الصحيح من الضعيف.
فالتثبت في نقل الحديث واجب
شرعي؛ ولا بد فيه من الإسناد, فقد أخرج مسلم في
المقدمة بسنده عن عبد الله بن المبارك قال: "الإسناد من الدين و لولا الإسناد
لقال من شاء ما شاء".
و لقد كان الصحابة يتثبتون في
قبول الأخبار و نقلها، حتى إن عمر كان يمنع صغار الصحابة من التحديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم بحضرة كبار الصحابة خشية أن يخطئوا.
ولما جاء التابعون، وهم من
أدرك الصحابة، وكان فيهم الصادق وغير الصادق شرع أهل السنة بأخذ الحديث عن العدول
الثقات والإعراض عن أهل الزيغ والضلال, وقعدوا القواعد والمصطلحات, ولكنها جاءت
على ألسنة العلماء متناثرة، وفي بطون الكتب متفرقة.
و أول من أفرد قواعد علم
الحديث بالتأليف هو الإمام أبو محمد الرامهرمزي المتوفى سنة360 هـ في
كتابه" المحدث الفاصل بين الراوي و الواعي " لكنه لم يستوعب, ففاته بعض
الأبحاث الهامة.
و تلاه أبو عبد الله الحاكم
المتوفى سنة 405 هـ في كتاب " معرفة
علوم الحديث" وجاء بعده الخطيب البغدادي وأبو عمر ابن عبد البر ثم القاضي
عياض السبتي وغيرهم كثير وصنفوا في علم الحديث وقواعده؛ إلى أن جاء الشيخ أبو عمرو
المعروف بابن الصلاح 643 هجري" فصنف كتابه المعروف بـ"المقدمة في علوم
الحديث"، وهو كتاب جامع للقواعد والمصطلحات الحديثية, اعتمد فيه كتابَ المعرفة
للحاكم وأضاف فوائد وفرائد من كتب الخطيب وابن عبد البر وعياض وغيرهم, وقد نال
القبول عند العلماء قاطبة, فعكفوا على كتابه ما بين مختصر له و شارح، وعامل عليه
نكتاً, ومعلق عليه وموضح لما خفي من فقراته, ومنتقد له, ومنتصر وموضح لأفكاره،
وناظم. فاختصره الامام النووي, المتوفى سنة 676هـ في الإرشاد ثم اختصره في التقريب
و الذي شرحه السيوطي 911 في كتابه"تدريب الراوي شرح تقريب النواوي" و
نظم الامام العراقي806 هـ مقدمة ابن الصلاح في ألف بيت تقريبا.
وقال في ذلك:
لخصت
فيها ابن الصلاح أجمعه وزدتها
علما تراه موضعه
ثم
شرحها الإمام السخاوي المتوفى سنة 906 هـ شرحا علميا وافيا.
و نظم السيوطي 911 أيضا ألفية
في مصطلح الحديث يقول في مطلعها:
" فائقة
ألفية العراقي في
الجمع والإيجاز واتّساق"
ثم جاء الشيخ
عمر بن محمد البيقوني المتوفى سنة 1080 فنظم
أبياتا بلغت أربع و ثلاثين بيتا فلقيت رواجا بسبب صغر حجمها، فشرحها جماعة من
العلماء منهم: محمد بن عبد الباقي الزُّرقاني المالكي المتوفى سنة 1166.
و منهم الشيخ ابن عثيمين, و
لكن شرحهما مختصر و في عباراتهما
غموض على المبتدئ, وكذلك شرحها الشيخ عبد الله سراج الدين الحلبي, لكنه أطال
أحيانا بذكر أكثر من قول في المسألة مع ذكره بعض الاحاديث الضعيفة؛ إلا أن شرحه
سهل مبسط مع ذكره الكثير من الأمثلة.
ونحن نستشهد ببعض الأبيات
منها, ولم نعتمدها كاملة للأسباب التالية:
1-عدم
ترتيب أبياتها بما يتوافق وفنونَ علم مصطلح الحديث.
2-اشتمالها
على تعريفات مرجوحة, وذلك كتعريف المرسل بقوله: ومرسل منه الصحابي سقط.
3-خُلُوُّها
عن بعض الأنواع الهامة في المصطلح, وذلك مثلُ: المعلق والناسخ والمنسوخ ومختلِف
الحديث ورواية المجهول وتعريف الصحابي، ونحوِ ذلك.
ومع ذلك, أنصح بحفظها, ففي
حفظها خير كثير لمن عجز عن حفظ المطولات كألفية العراقي أو السيوطي, والله ولي
التوفيق, وهو حسبنا ونعم الوكيل.
علم الحديث نوعان رواية
ودراية
فالرواية: هي أخذ الحديث عن
الشيوخ بواسطة السماع أو القراءة على الشيخ أو الإجازة, ونحو ذلك, وإسناد ذلك الى
قائله.
الدراية: هي علم بقواعد
الحديث و أحوال الرواة والعلل ومعرفة الصحيح من الضعيف وغير ذلك.
مفردات ذات معان خاصة:
السند: هو الطريق الموصلة الى
المتن, والسند والإسناد واحد عند الجمهور.
المتن: هو ما ينتهي اليه السند
من الكلام
مثال ذلك: مالك ، عن عبد الله
بن دينار، عن ابن عمر، مرفوعا " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"
رجال الحديث = السند
وقوله " البيعان..." = المتن.
المُخرج: و يجو ز تشديد
الراء، هو من جمع الأحاديث بأسانيدها في كتاب له, كالبخاري و مسلم.
المُسنِد: هو من يروي الحديث
بسنده إلى قائله سواء كان عالما بالدراية أم لا.
المحدث: هو من يشتغل بعلم
الحديث، و يتقن قواعده، و يكثر من حفظه وسرده في مجالسه، وذلك بذكر مخرّجه والصحابي
و المتن، و يختلف من محدث مبتدئ إلى محدث كبير ، و في أيامنا من حفظ بضعة ألاف
حديث بالصورة المتقدمة استحق أن يلقب بذلك، وهذا موجود الآن, يتصف به العشرات في
بلاد الإسلام.
الحافظ: هو أرفع من المحدث، و
قد حدده المُناوي1031هـ. وغيره بأنه من يحفظ مائة ألف حديث. وقد لقب به جماعة من
المتأخرين: كالمزي وابن تيمية و الذهبي
وابن القيم وابن كثير والعراقي
وابن حجر والسخاوي والسيوطي وأمثالهم، وما أظن أحدا اليوم يبلغ هذه الدرجة. وحفظ
المتقدمين فوق ذلك, لأنهم يحفظون الأحاديث بأسانيدها, بخلاف المتأخرين, فحفظهم
غالبا يقتصر على المتن.
أمير المؤمنين في الحديث: لقب
به جماعة منهم: مالك والثوري وشعبة بن الحجاج والبخاري.
الحديث: هو كل ما رفع إلى
النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو وصف أو تقرير.
أي: كل ما يتعلق بالنبي صلى
الله عليه و سلم, فهو مرفوع.
الخبر: هو مرادف للحديث عند
الجمهور، وكذلك السنة مرادفة لهما.
فائدة: قد يقول القائل: ما
الفرق بين السنة والسيرة؟
والجواب: السيرة أشمل من
السنة من حيث الفترة الزمنية, لأن السيرة تتناول أخباره صلى الله عليه وسلم من حين
ولد إلى ساعة وفاته عليه الصلاة والسلام, والسنة تتعلق به عليه السلام من حين بُعث.
كذلك السيرة تطلق غالبا على
أموره الدعوية والسياسة والعسكرية.
الأثر: يختص بالصحابة
والتابعين عند المتأخرين, أما المتقدمون فما كانوا يفرقون غالبا بين هذه الألفاظ.
الحديث القدسي: نسبة "
للقدس" بسكون الدال, ويجوز ضمها, مأخوذ من التقديس, وهو
التطهير والتنزيه, وهو الخبر الذي يرويه
النبي صلى الله عليه و سلم عن الله تبارك وتعالى.
قال ابن حجر الهيتمي ـ هو
بالتاء ويخطئ من يظنه بالثاء ـ المتوفى 1041: الكلام المضاف إلى
الله تعالى ثلاثة:*القران * الكتب السماوية
السابقة, الأحاديث القدسية.
أعظمها القران فقد خص بما يلي:
فهو المعجزة الباقية
محفوظ
من التغيير والتبديل
تخصيصُ
القراءة به في الصلاة
حرمة قراءته للجنب
مضاعفة أجر قارئه
منع تلاوته بالمعنى
الجملة
منه تسمى آية
كفر
من جحد منه شيئاً, ولو كلمة؛ بإجماع المسلمين؛ إلا الروافض.
الفرق بين القرآن والحديث
القدسي:
القران وحي قرأه جبريل بصوت
سمعه النبي صلى الله عليه وسلم في حال اليقظة وحفظه
القران متواتر كله بخلاف
الحديث القدسي, معظمه آحاد.
القران
معجز؛ تحدى الله العرب أن يأتوا بمثله أو بسورة أو بآية واحدة.
تنبيه: قد تجرأ روافض الفرس
فاخترعوا عشرات الآيات كما جاء في أصح كتبهم, وهو كتاب الكافي للكليني وغيره من
كتبهم الصحيحة؟!!!, لكن المتأمل يدرك سخافتهم وحماقتهم وجهلهم باللغة العربية.
أما الحديث القدسي فيكون
بواسطة جبريل وغيره, ولا يشترط فيه التواتر، ولفظه غير معجز.
*مسألة:
أجمع أهل العلم على أن الحديث القدسي معناه من عند الله؛
لكن اختلفوا في لفظه فأكثر المتأخرين على أن لفظه من عند النبي صلى الله عليه
وسلم. يعني: أن الله قاله, لكن النبي صلى الله عليه وسلم عبر عنه بصيغة قرّبها
للصحابة الكرام.
*لروايته
صيغتان: الأولى: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما يروي عن ربه.
مثاله: ما أخرجه مسلم 577 من
حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما روى عن ربه تبارك و تعالى أنه
قال:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته
بينكم محرما فلا تظالموا..."
*والثانية:"
هي: ما أخرجه البخاري 1904 و مسلم
1101 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"
قال الله تعالى:" كل عمل ابن آدم له إلا الصومَ
فإنه لي وأنا أجزي به..."
*عدد
الأحاديث القدسية: جمعها المُناوي في كتاب "الإتحافات السنية" فجاءت في
272 لكن فيها الصحيح والحسن وبعض الضعيف.
فوائــــــــــــــــــد
عــــــــــــــامة
أول من دون الحديث:
هو الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري المتوفى
سنة 124 هجري.
روى أبو نعيم، من طريق محمد
بن الحسن، عن مالك قال: أول من دون العلم ابن شهاب الزهري.
و كان بأمر من عمر بن عبد
العزيز أثناء فترة خلافته، كما جاء عند البخاري في كتاب العلم من صحيحه.
ثم جاء تلامذته من بعده
فجمعوا الحديث و الأثر على أبواب الفقه، و منهم: مالك بن أنس وعبد العزيز الماجشون
وابن أبي ذئب وابن جريح ومعمر والثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وهشيم بن
بشير والليث بن سعد وسفيان بن عيينة, وغيرهم كثير.
وفي ذلك يقول السيوطي في
ألفية الحديث:
أول جامع
الحديث ابن
شهاب آمر له عمر
و أول الجامع
للأبواب جماعة
في العصر ذو اقتراب
كابن جريح وهشيم
مالك ومعمر وولد
المبارك
ثم تلاهم الشافعي
والحميدي والطيالسي وعبد الرزاق, وبعدهم أبو بكر ابن أبي شيبة و أحمد و إسحاق بن راهويه.
وهؤلاء الائمة جمعوا في كتبهم الصحيح وغير الصحيح سوى مالك و الحميدي, فالضعيف
عندهما قليل.
تنبيه: أول من احتاط في
الراوية وقصد الصحيح من الحديث هو الإمام مالك لكنه روى بعض البلاغات
و المراسيل و الكثير من الآثار عن الصحابة و التابعين وكذلك جمع في كتابه الفقه،
لذا تأخر كتابه من حيث الترتيب عن الصحيحين.
و أول من اقتصر على جمع
الصحيح: هو الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري المتوفى سنة 256 فانتقى
كتابه من ستمائة ألف حديث, وهذا العدد يحمل على المكرر وعلى ما صح وما لا يصح
أصلا. وتبعه على ذلك الإمام مسلم بن الحجاج المتوفى سنة 261, فسار على طريقته.
فائدة: البخاري نسبة إلى
بخارى, وهي من دولة يقال لها اليوم: أوزبكستان. فهو من الأوزبك وليس فارسيا كما
يظن, وأما مسلم فهو من أصل عربي من قبيلة بني قشير, وإنما كان يسكن في فارس.
وفي
ذلك يقول السيوطي:
و أول الجامع باقتصار على
الصحيح فقط البخاري
ومسلم من بعده والأول على
الصواب في الصحيح أفضل
ومن يقدم مسلما فإنما ترتيبه ووضعه قد أحكما
فكتاب مسلم يجمع فيه طرق
الحديث و ألفاظه في موضع واحد و ذلك أسهل في التناول و الأخذ منه؛ بخلاف البخاري
فإنه يكرر الحديث في مواضع متعددة لأغراض وهي استنباط واستخراج الأحكام.
فائدة: إذا
قيل في حديث" رواه الشيخان" فالمراد البخاري و مسلم و كذا لو
قيل " متفق عليه" أي اتفقا على إخراجه,
وذلك بشرطين، الأول: أن يكون الصحابي واحدا عندهما، والشرط
الثاني: أن يتفقا على اللفظ أو المعنى. أي: ولو تغيرت بعض الكلمات لا يضر.
تنبيه: البخاري نسبة إلى
بخارى, وهي من دولة يقال لها اليوم: أوزبكستان. فهو من الأوزبك وليس فارسيا كما
يظن, وأما مسلم فهو من أصل عربي من قبيلة بني قشير, وإنما كان يسكن أرض فارس.
ثم جاء أصحاب السنن الأربعة: وهم
أبو داوود سليمان بن الأشعث السجستاني المتوفى سنة275, و الترمذي أبو عيسى محمد بن
عيسى المتوفى سنة279, والنسائي أبو عبد الرحمان أحمد بن شعيب المتوفى سنة 303، و
ابن ماجة محمد بن يزيد القزويني
المتوفى سنة 273 هجري.
تأخر ذكره بسبب تراجع سننه عن
السنن الثلاث, فقد تفرد بأحاديث منكرة أو ضعيفة جدا.
الكتب الستة: هي السنن
الأربعة مع الصحيحين.
الكتب التسعة: يضاف للستة: الموطأ
وسنن الدارمي و مسند أحمد.
الصحاح الثلاثة: هي صحيح ابن
خزيمة، صحيح ابن حبان، مستدرك الحاكم
ابن خزيمة هو أبو بكر محمد بن
إسحق نسب لجده, توفى سنة:311, وابن حبان اسمه محمد,
وكنيته أبو حاتم البُستي توفى
سنة: 354 , وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم صاحب المستدرك على الصحيحين
توفى سنة 405.
قال
السيوطي عن الصحاح الثلاثة:
وخذه حيث حافظ عليه
نص أو
من مصنف بجمعه يُخص
كابن خزيمة و يتلو مسلما وأوله
البستيَّ ثم
الحاكما
ما ساهل البستي في
كتابه فشرطه
خفّ وقد وفّى به
قوله" أوله" أي
اجعل كتاب ابن حبان الثاني بعد
ابن خزيمة, ثم كتابَ المستدرك.
وقوله"البستي" نسبة
إلى بلدة من سجستان, ويقال فيها: سيستان, وهو إقليم كبير يقع بين فارس وأفغانستان
وباكستان, لكن معظمه يقع في فارس, وبذلك يتبين لنا أن مفتي النجف السيستاني من تلك
البلاد, وهو لا يحسن النطق بالعربية.
والآن
نشرع في ذكر أنواع علوم الحديث
1ــ
الصحيح
قال البيقوني في الكلام على
أنواع علوم
الحديث :
أولها الصحيح وهو ما اتصل إسناده
ولم يَشُذّ أو يُعل
يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد
في ضبطه ونقله
تعريف: الحديث
الصحيح هو الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من دون شذوذ أو
علّة.
فأي حديث اجتمعت فيه هذه الشروط
الخمسة يكون صحيحا ، لا خلاف في صحته.
شرح
التعريف: الشرط الأول:
اتصال السند: هو
أن يكون كل واحد من الرواة قد سمعه من شيخه إلى آخر السند، وعكس الاتصال هو
الانقطاع، والانقطاع عبارة عن سقوط في السند, راو أو أكثر.
الشرط الثاني: العدالة:
وهي تقوى الله عزّ وجلّ ، والتقوى: فعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه,
والابتعاد عن خوارم المروءة, فالمروءة: تعاطي الإنسان ما يُستحسن, وخوارم المروءة,
أي: نواقضها: تعاطي الإنسان ما يستقبح ويُشينه بين الناس,
فمن الخوارم عند السلف: أخذ الأجرة على التحديث, والأكل في السوق, ومصاحبة الظلمة
أو الفساق.
وعكس التقوى الفسق, وهو ترك
بعض الواجبات, أو ارتكاب بعض المنهيات.
فالأول: كأن يصلي في اليوم
بعض الأوقات ويضيعَ بعض الأوقات، أو يصوم معظم رمضان لكن يفطر بعض الأيام من دون
عذر.
والثاني: كأن يرتكب كبيرة من
الكبائر, مثل: شرب الخمر و أكل الربا والكذب المفرط, وأكل أموال الناس بالباطل
وترك المرأة للخمار, ونحو ذلك.
فالعدالة شرط في رواية الحديث
، وفي الشهادات أيضاً في الحقوق وعقود البيع والزواج وغير ذلك، قال الله وقال
أيضاً: (وأشهدوا ذوي عدل منكم ) وقال أيضاً تعالى: (ممن ترضون من
الشهداء)
و العدل: هو المسلم البالغ
العاقل المتقي لله تعالى.
يشترط في
الراوي حتى يكون عدلا:
أولا:
الإسلام: فلا تقبل رواية الكافر، لأنه لا يخاف الله، فلا يمتنع عن الكذب، ولأنه
يعادينا في أصل ديننا، و كذلك المنافق. وكذلك لا تقبل رواية الفاسق لقوله تعالى:
(يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) الحجرات. أي تثبتوا من
ذلك. فخبر الفاسق موقوف حتّى يترجح صدقه بدليل آخر
الثاني: البلوغ، فلا تقبل
رواية الصغير، لأنه ليس له مانع تكليفي، فلا يبعد عليه الكذب، و لأنّ الصغير ربما
لا يدرك خطر الكذب.
الثالث: العقل، لأنّ غير
العاقل لا يدري ما يخرج على لسانه، وهو أحد الأسباب
الرئيسة في تحريم الخمر وسائر
المخدرات, لأنها تذهب بالعقل.
الرابع: العدالة وهي
نقيض الفسق، فلا تجتمعان في مسلم
أبداً، فإما أن يكون عدلا أو فاسقا, فكل عاص لله يكون فاسقاً, وكل مطيع لله عز وجل
في كل شيء, فهو عدل.
الشرط الثالث: الضبط،
وهو نوعان: ضبط صدر و ضبط كتاب، فالأول: هو أن يحفظ ما يحدث به من حين سمعه إلى
حين يؤديه لغيره بحيث يستحضره متى شاء.
والثاني: وهو ضبط الكتاب،
وذلك بأن يصون كتابه و يحافظ عليه, فلا يعيره لفاسق و لا لمبتدع، لأنهما قد يغيران
فيه.
كيف يعرف ضبط الراوي؟ الجواب:
من خلال موافقته للثقات فيما يروون من الأحاديث, بحيث يروي الأحاديث على الوجوه
الصحيحة المعروفة لدى الثقات, فإذا كثر منه الموافقة لهم علم أنه ثقة ضابط, ولا
تضر المخالفة النادرة.
الشرط الرابع: عدم الشذوذ، و
الشذوذ من الراوي أن يخالف في روايته من هو أرجح منه.
الشرط الخامس: عدم العلة,
والعلة لغة: الخلل والضعف, فأي خلل في السند أو المتن, فهو علة.
وفي اصطلاح المحدثين: هي خلل
خفي يؤدي إلى ضعف الحديث.
ويأتي
الكلام على الحديث الشاذ و المعلل في موضعه إن شاء الله تعالى.
الحديث الصحيح مراتب:
تختلف
مراتب الصحيح بسبب اختلاف أحوال الرواة وضبطهم، و قد قسّمها
العلماء إلى سبع مراتب, وهي:
مااتفق عليه الشيخان
ما أنفرد به البخاري
ما انفرد به مسلم
صحيح على شرطهما
صحيح على شرط البخاري
صحيح على شرط مسلم
صحيح على شرط غيرهما كأبن خزيمة
و ابن حبان
تنبيه : وهذه
قاعدة نسبية. أي: هذا يكون في غالب الأحيان، وإلا ففي بعض الأحيان يكون حديث يرويه
مسلم أصحَّ من حديث يرويه البخاري، و ذلك إذا كان حديث البخاري يروى من طريق واحد،
وحديث مسلم يروى من طرق, أو له شواهد عن صحابة آخرين, وكذلك بعض الأحاديث في مسند
أحمد أصح من بعض الأحاديث عند مسلم.
و
كتاباهما أصح كتب السنة قاطبة، فهما أصح شيء بعد كتاب الله تعالى.
قال
السيوطي في ذلك:
و
ليس في الكتب أصح منهما بعد
القران و لهذا قدّما
مرويّ ذين فالبخاري
فما لمسلم
فما حوى شرطهما
فشرط أول
فثان ثم ما كان
على شرط فتى غيرهما
السلاسل الذهبية: شاع
عند العلماء اختيار أصح الأسانيد، فاختلفوا في ذلك. وهذه السلاسل كثيرة من أشهرها:
مالك، عن نافع، عن ابن عمر .اختيار البخاري، و تعرف بسلسلة الذهب.
الزهري عن سالم بن عبد الله
بن عمر، عن أبيه. اختيار أحمد بن حنبل ت241
و إسحاق بن راهويه 238
محمد بن سيرين، عن عَبيدة
السَّلماني، عن علي رضي الله عنه ، اختيار علي المديني234.
الأعمش، عن إبراهيم النخعي،
عن علقمة، عن ابن مسعود. اختيار يحيى بن معين 233.
و هناك سلاسل كثيرة
استوفاها السيوطي في كتاب تدريب الراوي.
عدة الأحاديث فيهما: اختلف
أهل العلم في ذلك بسبب تكرر الأسانيد والمتون فيختلف ذلك من عالم إلى عالم آخر,
فصحيح البخاري بترقيم فؤاد عبد الباقي 7563 لكن مع المكرر, و بترقيم ابن الحجر
بدون المكرر 2602 هذا الموصول و يضاف المعلقات 109 فالمجموع 2711 و
هذا بدون الآثار, أي: أقوال الصحابة و التابعين، أمّا صحيح مسلم فجاء في ترقيم عبد
الباقي بدون المكرر3033 .
.
قال السيوطي:
و
عدة الأول بالتحرير ألفان
و الربع بلا تكرير
و
مسلم أربعة الآلاف و
فيهما التكرار جماّ وافي
و تعداد كل واحد من الصحيحين
مع المكرر و أقوال الصحابة و التابعين قريب من اثني عشر ألفا.
سؤال: هل جمع البخاري و مسلم
كلّ الصحيح؟
الجواب : لا، بل هناك آلاف
الأحاديث خارج الصحيحين، قال البخاري: ما أدخلت في كتابي إلا ما
صح، و تركت من الصحاح أكثر,
ورواية عنه: وتركت من الصحيح خشية الطول.
و قال مسلم: ليس كل شيء عندي
صحيح وضعته في كتابي، إنما وضعت فيه ما أجمعوا عليه.
سؤال: أين توجد بقية الأحاديث
الصحيحة؟
الجواب: توجد في السنن الأربع
و الصحاح الثلاثة ومسند أحمد و إسحاق
وغير ذلك من كتب السنة.
حكم الحديث الصحيح: هو
حجة في
مسائل الفقه والحلال و الحرام والفضائل و الترغيب و الترهيب و غير ذلك، و العمل به
واجب, لكن استثنى بعض أهل العلم خبر الواحد في مسائل التوحيد والاعتقاد.
قال
ابن حجر في نزهة النظر: إن العلماء متفقون على وجوب العمل بكل ما صح عن النبي صلى
الله عليه و سلم؛ ولو لم يخرجه البخاري ومسلم.
الصحيح نوعان:
1.الأول:
صحيح لذاته: وهو الذي استوفى شروط الصحة الخمسة, أي: هو صحيح بدون احتياج لشيء
يقويه.
مثاله: ما أخرجه البخاري و
مسلم من طريق أبي الزناد, واسمه: عبد الله بن ذكوان، عن الأعرج عبد الرحمن بن
هرمز، عن أبي هريرة , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
لو لا أن أشق على أمتي
لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة""
2.الثاني:
صحيح لغيره: وهو الحسن لذاته اذا ورد من وجه آخر حسن أو صحيح.
مثاله: ما أخرجه الترمذي من
طريق محمد بن عمرو المدني، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان، عن
أبي هريرة مرفوعا:" لو
لا أن أشق....."
فمحمد المدني هذا صدوق حسن
الحديث، فحديثه حسن لذاته، و لكن تقوّى بالطريق المتقدم، فارتقى إلى درجة الصحيح.لكنه
اكتسب الصحة من غيره، وإلا فهو حسن بمفرده.
2ــ الحديث الحسن
1.تعريفه:هو
ما رواه الصدوق عن مثله أو عن ثقة, واتصل سنده مع عدم الشذوذ و عدم
العلة.
الصدوق: هو
العدل الذي نقص ضبطه قليلا ، فشروط الحسن كشروط الصحيح الخمسة ، إلا شرطاً واحدا, وهو
أنه يشترط في راوي الصحيح الضبط التام. وراوي الحسن يشترط فيه أصل الضبط, أي: هو
حافظ, لكن خف ضبطه قليلا. وخير مثال له الحديث المتقدم الذي خرّجه الترمذي من
رواية محمد بن عمرو المدني.
مثال الحديث الحسن هذه
السلسلة: بهز بن حكيم عن أبيه، عن جده، وجده الصحابي معاوية بن حيدة القشيري.
كذلك: عمرو بن شعيب، عن أبيه
، عن جده، هو عبد الله بن عمرو بن العاص.
فإذا وجدنا هاتين السلسلتين
في أي كتاب نحكم على الإسناد بالحسن، لكن إن صح الطريق إليها.
و كذلك من رواة
الحديث الحسن: محمد بن عجلان المدني و عاصم بن أبي النَّجود القارئ.
.
والحسن نوعان:
حسن لذاته، وهو المتقدم،
و حسن لغيره, وهو الحديث الضعيف إذا ورد من طريق
آخر ضعيف، أو عن صحابي آخر, ولو بسند ضعيف، أو له شاهد مرسل، فهو يتقوى بذلك,
ويرقى من
الضعيف إلى الحسن، سواء كان الشاهد باللفظ أي حرفيا، أو بالمعنى أي تغيرت بعض
الكلمات.
* مثاله
حديث: "
لا ضرر و لا ضرار" أخرجه ابن ماجه من
حديث عبادة بن الصامت بسند منقطع، فهو ضعيف، لكن أخرجه الحاكم من حديث أبي سعيد،
وأخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة وكلاهما ضعيف، لكن يقوي بعضه بعضا.
حكم الحديث الحسن: هو كالصحيح
من حيث الاحتجاج والقبول عند فقد الصحيح, أمّا عند التعارض فيقدم الصحيح.
فائدة: وقولهم
حديث جيد- أو – حديث قوي.هما أعلى درجة من الحسن، و دون الصحيح، و اختلف في
قولهم" ثابت" فقيل يساوي "صحيح" و قيل: أنقص منه بقليل.
قال السيوطي:
وللقَبول يطلقون جيدا والثابت
الصالح والمجودا
وهذه بين
الصحيح والحسن وقربوا
مشبهات من حسن
وهل
يُخص بالصحيح الثابت أو
يشمل الحسن نزاع ثابت
تنبيه: قول الترمذي:"
حسن صحيح" اختلف أهل العلم في توجيه كلام الترمذي، و أقربها ما اختاره الحافظ
ابن حجر فقال ما معناه: ننظر في الحديث؛ فإن كان له طريق واحد، نحمل كلام الترمذي
على أن الاسناد فيه رجل اختلف فيه أئمة الجرح و التعديل، فبعضهم يقول: ثقة. وآخرون
يقولون: صدوق. فمقصد الترمذي, على هذا؛ أنه حسن على مذهب قوم, صحيح على مذهب قوم
آخرين. وعلى ذلك كان عليه أن يأتي بأو التي هي للشك, فيقول: حسن أو صحيح.
و أما إن كان له إسنادان،
فنحمل كلام الترمذي على أن الحديث روي بإسنادين أحدهما صحيح والآخر
حسن. وعلى ذلك فحقُّه أن يقول: حسن وصحيح. أي: حسن باعتبار إسناد, وصحيح باعتبار
إسناد آخر.
لكن في حقيقة الأمر, هناك
أحاديث لا تتنزل على الأول, ولا على
الثاني. لذلك ذهب الشيخ أحمد شاكر وطائفة, إلى أن حكم الترمذي على الحديث, بقوله:
حسن صحيح. غير دقيق, وانتصر له آخرون فقالوا: كلامُ الترمذي غاية في الدقة, وهو
تلميذ البخاري. وهذا فيه مبالغة أيضا.
وإذا قال الترمذي: هذا حديث
حسن. دون أن تكون مصحوبة بلفظ آخر, فإنما أراد
الحسن لغيره, وقد وضح ذلك في كتاب العلل في آخر سننه بقوله: كل حديث يُروى, لا
يكون في إسناده من يتهم بالكذب, ولا يكون شاذاّ, ويروى من غير وجه نحو ذلك, فهو
عندنا حديث حسن.
وإذا قال: حديث غريب. بدون
لفظ آخر, فيريد بذلك: حديث ضعيف. وتابعه في هذا الاصطلاح البغوي في التفسير وشرح
السنة, وكذلك تابعهما ابن كثير. فإذا وجدت أحد هؤلاء الثلاثة قد حكم على حديث بقوله:
غريب. أي: ضعيف. وإذا قال: غريب جدا. أي: ضعيف جدا.
وللزيلعي
صاحب كتاب نصب الراية والإسعاف بتخريج الكشاف ـ اصطلاح خاص: فإذا
قال عن الحديث: غريب. يريد: لا أصل له. ومعنى قولهم: لا أصل له. أي: لا إسناد له.
3ــ
الحديث الضعيف
وكلّ ما عن رتبة الحسن قصُر فهو
الضعيف وهو أقساما كَثُر
1.تعريف: الحديث
الضعيف هو ما فقد شرطا أو أكثر من شروط القبول, أي: شروط الصحة أو الحسن، وهي خمسة
كما تقدم.
2.أنواعه: يتنوع
الضعيف إلى أنواع كثيرة، منها ما يرجع إلى عدم الاتصال كالمرسل ونحوه، ومنها ما
يرجع إلى خلل في الراوي كسوء الحفظ، و كل ذلك سيأتي.
3.-حكم العمل بالحديث الضعيف: اختلف أهل العلم في الأخذ
بالحديث الضعيف، فمنهم من منع مطلقا، و منهم من جوز ذلك في الترغيب و الترهيب، ومن
هؤلاء عبد الله بن المبارك و عبد الرحمان بن مهدي و أحمد بن حنبل والمنذري وعزّ
الدين بن عبد السلام و النووي و غيرهم كثير.
شروط العمل بالحديث الضعيف: شَرَط
أهل العلم ممن جوز العمل بالحديث الضعيف شروطاً, وهي:
1ـ
أن يكون في المسائل العملية كفضائل الأعمال, والترغيب والترهيب, ونحو ذلك, لا
المسائلَ العقديةَ والحلالَ والحرام , ونحو ذلك.
2- أن
يكون الضعف غير شديد
3- أن يكون مندرجا تحت أصل عام .
4- أن
لا يعتقد ثبوته عند العمل به لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه و سلم ما ليس من
كلامه
توضيح للشرط الثالث: أي: بأن
يكون أصل هذا الحكم ثابتاً في الكتاب أو السنة , وذلك كقيام الليل ثبت الحث عليه
والترغيب فيه عبر القرآن الكريم والسنة المتواترة، أو فيه حث على الصدقة, فإن
الصدقة ندب إليها الكتاب ومتواتر السنة أيضاً. فلو جاء في الجملة حديث ضعيف فيه
الترغيب في قيام الليل أو الصدقة, كحديث: "داووا مرضاكم بالصدقة",
فالراجح في هذا الحديث الضعف, لكنه مقبول في هذا الباب, لأن الأصول تشهد لذلك, أما
لو جاء حديث ضعيف بأمر ليس له أصل في الكتاب أو السنة, فلا يقبل بل يرد حينئذ,
وذلك كأحاديثِ صلوات رجب وصيامِ رجب والتسبيح في رجب وإحياء ليلة النصف من شعبان
وإحياء ليلتي العيدين, وغير ذلك, فهو غير مقبول؛ لأن ذلك ليس له أصل في السنة, فهو
من باب الابتداع, إلا قياما كان يقومه, لا بخصوص ذلك اليوم أو تلك الليلة.
ولعل من منع من العمل بالحديث
الضعيف وبخاصة في هذه الأيام ولو في مجال الترغيب والترهيب أرجحُ, لأن جميع أبواب
البر جاء الترغيب فيها؛ في كتاب الله أو السنة الصحيحة وكذلك كل ما نهي عنه من
معصية فقد
ثبت أيضا النهي عنه عبر القرآن أو فيما صح على لسان النبي صلى الله عليه و سلم,
وفتح الباب في استعمال الضعيف جعل الكثير من الناس يحفظون الأحاديث الضعيفة و
يتركون الأحاديث الصحيحة سواء في خطب الجمعة أو الدروس أو غير ذلك .ففي الصحيح و
الحسن غنية و في استعمالهما خير كثير بخلاف الضعيف, فقد يكون موضوعا عند التحقيق,
وكم من شيوخ يحدثون بأحاديث موضوعة يظنونها ضعيفة!!؟.
5- كيفية
رواية الضعيف عند من يقبله : ينبغي على من يحدث بالضعيف أن
يبين بوضوح للناس فيقول مثلا : أخرج الحاكم بسند ضعيف، أو يقول: ورد حديث ضعيف في
هذه المسألة، ثم يذكره.
6-أمثله:
"اقرؤوا
سورة يـس على موتاكم"
" الشتاء
ربيع المؤمن ".
" اذا
رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان ".
نحن قوم لا نأكل حتى نجوع و
اذا أكلنا لا نشبع".
"استعينوا
على إنجاح حوائجكم بالكتمان".
"يوم
الفطر يوم الجائزة".
"ويل
واد في جهنم".
"أمرنا
ان ننزل الناس منازلهم".
فهذه أحاديث ضعيفة .
ونذكر أمثلة من الأحاديث
شديدة الضعف:
" لا
صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ".
" أنا
مدينة العلم و علي بابها"
"من
قرأ سورة الواقعة في ليلة لم تصبه فاقة"
" يس
لما قرئت له".
"أحبوا
العرب لثلاث، لأنّي عربي و القرآن عربي و كلام أهل الجنة عربي".
"من
حج و لم يزرني فقد جفاني".
"رجب
شهر الله وشعبان شهري و رمضان شهر أمتي".
فهذه الأحاديث لا يجوز ذكرها
إلا على سبيل التحذير.
4ــ
المرفـوع
وما أضيف للنبي المرفوع .................................
تعريف: كل
نص رُفع إلى النبي صلى الله
عليه وسلم سواء كان صحيحا أو غير صحيح، فهو مرفوع. وهو أنواع فمنها:
قولي: مثاله
قول عمر رضي الله عنه :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات
و إنما لكل امرئ ما نوى ......."(خ م)
فعلي:مثاله: قول
ابن عباس :"أكل النبي صلى الله عليه و سلم كتف شاة ،ثم صلى ولم يتوضأ."
(خ م)
وصفي: وهو
نوعان، و صف لهيئته و صورته صلى الله عليه و سلم ،مثاله :قول أنس :" لم يكن
رسول الله صلى الله عليه و سلم بالطويل البائن ولا بالقصير, وليس بالأبيض الأمهق
ولا بالآدم, ولا بالجعد ولا بالسَّبِط, وقبض
صلى الله عليه وسلم, وليس في لحيته ورأسه عشرون شعرة
بيضاء "(خ م )
و وصف لأخلاقه و آدابه صلى
الله عليه و سلم كما في صحيح البخاري قول أم المؤمنين الأولى خديجة " إنّك
لتصل الرحم, وتحمل الكًلّ, وتَُكسب المعدوم, وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق ".
إقراري: بأن
يفعل أحد الصحابة بحضرة رسول الله صلى الله عليه و
سلم فعلا أو يقولَ قولا، فلا يعترضُ عليه, بل يسكت على ذلك ،فسكوته إقرار بأن ما
قاله أو فعله ذاك الصحابي أمر مشروع.
مثال المرفوع التقريري
: قال ابن
عمر: قال النبي صلى الله عليه و سلم يوم الأحزاب-أي الخندق-"لا يصلين أحد
العصر إلا في بني قريظة "فأدركتهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصلي
حتى نأتيها، و
قال بعضهم بل نصلي لم يرد ّمنا النبي صلى الله
عليه و سلم إلا الإسراع فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فلم يعنف واحدا من
الفريقين. [خ م]
فائدة: يستفاد من هذا الحديث
أن كثيرا من المسائل تحتمل قولين؛ فالنبي صلى الله عليه و سلم لا يسكت عن
الخطأ، و مع ذلك سكت ههنا، ففي سكوته إقرار وتصويب لكلا الفعلين, ونحو ذلك ما
يتعلق بتحريك السبابة في التشهد وعدمه, أو النزول للسجود على الركبتين أو اليدين,
فالأمر واسع, وقد اختلف أهل العلم سلفا وخلفا في مثل هذه المسائل, وهي وصية شيخنا
الشيخ عبد القادر الارناؤط رحمه الله دوماً للشباب أن لا تختلفوا في مثل هذه
المسائل. فربما بعض الشباب يظنون أن كل
مسالة فيها قول صحيح, والآخر باطل؟!!.
المرفوع حكما :
ومن المرفوع قول الصحابي
:أمرنا بكذا ، و نهينا عن كذا, و من السنة كذا, فهذا مرفوع حكما ، يعني ليس تصريحا
، لأن الصحابي لم يذكر الفاعل الذي هو الآمر أو الناهي, و لا ريب أن ذلك ينصرف إلى
النبي
صلى
الله عليه و سلم.
أمثلة:
قالت أم عطية:" نهينا عن
اتباع الجنائز، و لم يُعزم علينا."(اي: لم يُحتَم ولم يوجب) (
خ م)
وقال أنس :" أمر بلال أن
يشفع الأذان، و يوتر الإقامة" زيد في رواية أيوب: إلا قد قامت الصلاة. أي:
تكرر مرتين. (خ م)
وقال ابن عمر:"أحلت لنا
ميتتان و دمان، فالميتتان السمك و الجراد, والدمان الكبد والطِّحال".
(حديث حسن) (د ه)
و قال سالم بن عبد الله بن
عمر للحجاج:" إن كنت تريد السنة فاقصُر ـ ويصح: فأقصِر ـ الخطبة وعجل الوقوف.
أي بعرفة. فنظر الحجاج إلى ابن عمر ،فقال ابن عمر: صدق.(خ م)
لا ريب أن الذي يحل و يحرم و
يأمر و ينهى هو النبي صلى الله عليه و سلم ، و المراد بالسنة سنته صلى الله عليه و
سلم.
و من المرفوع حكما ،أن يذكر
الصحابي خبرا فيه سبب نزول آية .كقول ابن عباس : كان أهل اليمن يحجون و لا يتزودون
و يقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله : و تزودوا
فإن خير الزاد التقوى . رواه البخاري.
مسألة: اختلف أهل العلم في
الصحابي إذا تكلم بأمر؛ لا
تعلق له بالرأي والاجتهاد كمسائل الفقه والحلال والحرام, فهذه تعلم بالاجتهاد
والرأي؛ لأن الصحابة يجتهدون ويستنبطون. أما إذا تكلم بأمر غيبي. وذلك مثلُ الكلام
عن بَدء الخلق والتكوين, أوعن الفتن وأشراط الساعة, ونحو ذلك. فذهب كثير من أهل
العلم إلى أنه في حكم المرفوع؛ لكن بشرط أن لا يكون هذا الصحابي ممن يأخذ عن أهل
الكتاب, أو عن كتبهم. فمثلاً: ابن عباس وابن عمرو وابن الزبير وأبو هريرة. أخذوا
عن كعب الأحبار وغيره, وربما عن كتبهم أيضاً, فما يذكرونه من أمور غيبية ؛ ليس له
حكم الرفع؛ عند الجماهير, والله أعلم.
5- الموقوف
البيقوني:
وما أضفته إلى الأصحاب من قول
وفعل فهو موقوف زُكن. ( أي:عُلم)
تعريفه: كل ما أضيف إلى
الصحابة من قول أو فعل ،سواء كان متصلا أو منقطعا فهو موقوف.
والصحابي كما قال العراقي:
رأى النبي مسلماً ذو صحبة وقيل
إن طالت ولم تُثبّت
تعريف الصحابي: هو من لقي
النبي صلى الله عليه و سلم مؤمنا به, ومات على الإسلام، و إن تخللته ردة على
الأصح, مثل : الأقرع بن حابس و طليحة الأسدي والأشعث بن قيس وعيينة بن حصن الفزاري.
مثال الموقوف: قال البخاري:
وقال عمر:" تفقهوا قبل أن تسودوا".
وقال البخاري : وقال علي
:" حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله".
وفي مقدمة مسلم عن ابن مسعود:
ما أنت بمحدث قوماً حديثا لا تبلغه عقولهم؛ إلا كان لبعضهم فتنة.
مثال الموقوف الفعلي : قال
البخاري :" وأمّ ابن عباس وهو متيمم".
حكم الموقوف: ليس بحجة عند
أكثر أهل العلم، بل يستأنس به فقط، و إنما يحتج بما أجمع عليه الصحابة أو جمهورهم,
ولا يجوز الخروج عما أجمعوا عليه.
فائدة: قد يسأل السائل: ما
حكم من لقي النبي صلى الله عليه وسلم, ولم يؤمن به, ثم آمن به بعد موته؟
الجواب: هو تابعي, لكن لو حدث
بشيء حصل له مع النبي صلى الله عليه وسلم, فحديثه موصول, وذلك كالتنوخي رسول هرقل.
6- المقطوع
و ما
اضيف للنبي )المرفوع( ...............و ما
لتابع هو )المقطوع(
تعريفه: المقطوع:
هو ما أضيف إلى التابعي أو تابع التابعي من قول أو فعل.
مثاله : قال البخاري: وقال
مجاهد :" لا ينال العلم مستحي ومستكبر ."
وأخرج مسلم في المقدمة عن
محمد بن سيرين قال: إنّ هذا العلم دين فانظروا عمن تاخذون دينكم.
مثال المقطوع من قول تابع
التابعي: ما أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن المبارك قال:
الإسناد من الدين ولولا
الإسناد لقال من شاء ما شاء.
تعريف التابعي : هو مسلم لقي
صحابيا أو أكثر و مات على الإسلام ، والتابعون صغار وكبار فالكبار هم من أدركوا
كبار الصحابة, مثل: قيس بن أبي حازم وسعيد بن المسيب وعلقمة و مسروق, والصغار من
أدرك الواحد والاثنين ممن تأخرت وفاته؛ كأنس وأبي أمامة وجابر, مثل: الزهري و
قتادة و يحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة الرأي.
و ما كان بين الطبقتين، فهو
من الوسطى مثل : نافع و سالم ومجاهد وعكرمة ومحمد بن سيرين وعطاء
بن يسار والأعرج وأبي صالح السمان.
ويمكن أن نقارب ذلك من حيث
السنين. فمن أدرك من قُبض من الصحابة قبل سنة: 25هـ فهو تابعي كبير, ومن أدرك من
توفوا مابين الأربعين والستين, فهو تابعي وسط, ومن أدرك من توفوا بعد ذلك, فهو
تابعي صغير, وبكل طبقة طبقة ملحقة بها.
تنبيه: المقطوع غير المنقطع,
فالمنقطع، يتعلق بالإسناد وهو سقوط رجل، و أما المقطوع فيتعلق بالنص الذي هو المتن.
7- المسند
تعريفه: هو
الذي اتصل إسناده إلى النبي صلى الله عليه و سلم، فهو يجمع بين أمرين ،هما: رفع
الحديث و اتصال السند. هذا اختيار الحاكم.
و لم يشترط الخطيب الرفع,
فعرفه بقوله: هو ما اتصل سنده إلى قائله.
ومذهب ثالث: وهو لابن عبد
البر, فإنه يطلق ذلك على المرفوع. أي: بدل أن يقول هذا حديث مرفوع. يقول: هذا حديث
مسند. والذي ذهب إليه الحاكم هو المختار عند الجماهير.
قال البيقوني:
والمسند المتّصل الإسناد من راويه
حتى المصطفى ولم يبن
)أي
لم ينقطع(
8- المتصل
المتصل: هو
الذي اتصل إسناده إلى قائله سواء كان مرفوعا أو موقوفا أو مقطوعا. هذا قول الجمهور.
مثال المتصل: البخاري عن
قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر ،عن النبي صلى الله عليه وسلم .
9- المسلسل
قال البيقوني:
مسلسل قل ما على وصف
أتى مثل
أما والله أنباني الفتى
كذاك قد حدثنيه
قائما او
بعد ان حدثني تبسما
تعريفه: التسلسل
لغة: اتصال الشيء بالشيء. لذا يقال: سلسلة حديدية, أو ذهبية, أو سلسلة جبلية. سميت
بذلك؛ لأن بعضها اتصل ببعض.
وفي الاصطلاح: هو ما تتابع رواته
واحدا فواحدا على حالة واحدة, أو صفة واحدة, سواء كان بالقول أو بالفعل أو غير
ذلك، فهو أنواع.
مثال: المسلسل
القولي: حديث معاذ, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا معاذ والله إني لأحبك,
فلا تدعن دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.[ د ه وهو
صحيح] فقد تسلسل بقول كل واحد من رواته لمن بعده: إني أحبك. لكن
التسلسل جاء خارج السنن في معرفة علوم الحديث للحاكم.
وكذلك حديث عبد الله بن سلام
قال: قعدنا نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي
الأعمال أحبَّ إلى الله تعالى لعملناه ، فانزل الله عز و جل "سبح لله ما في
السماوات و ما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين امنوا لم تقولون ما لا
تفعلون...." قال ابن سلام : فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخرجه
الدارمي قال :"حدثنا محمد بن كثير، فقرأها علينا, قال: حدثنا الأوزاعي فقرأها
علينا ،قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير فقرأها علينا، قال: حدثنا أبو سلمة, فقرأها
علينا قال: حدثنا عبد الله بن سلام فقرأها علينا. وأخرجه الترمذي والحاكم وغير
واحد مسلسلا.وهو أصح حديث مسلسل, كما قال ابن حجر وغيره.
وهناك المسسلسل بالفعل,
كالقيام والتبسم ،أو بالمكان كأن يحدث النبي صلى الله عليه و سلم بحديث عند
الكعبة، والصحابي كذلك فمن بعده .أو بالزمان كأن يحدث بحديث يوم النحر، ثم كل من
الرواة يحدث به
يوم النحر،بداية من النبي صلى الله عليه وسلم، و حتى إمام من الائمة كالبخاري. قال
العراقي: قلما تسلم المسلسلات من ضعف. أي: انقطاع أو خلل.
وقال السيوطي: وقلما يسلم في
التسلسل من
خلل وربما لم يوصل
و من المسلسل ما جاء بصيغة
الرواية: مثل سمعت- سمعت, حدثنا-
حدثنا, أخبرنا-
أخبرنا، يكون كل الإسناد على صيغة واحدة, فهذا يقال فيه: مسلسل بالسماع، أو
بالتحديث, أو بالإخبار.
10-ـ
المعنعن
معنعن كعن سعيد عن كرم ومبهم............................
تعريفه: هو الحديث الذي يروى
بصيغة: "عن فلان, عن فلان".
و مثله المؤنن، وهو ما روى بصيغة:
"أن فلانا قال"،" أن فلانا قال" .
11- المبهم
معنعن ........................ ومبهم ما فيه راو لم يسمّ
تعريفه :هو ما ذكر فيه راو
من دون تسمية أي: من دون ذكره باسمه العلم. بل قيل فيه: عن رجل, أو عن امرأة من
جهينة. ونحو ذلك.
وهو نوعان: الأول: أن
يقع الإبهام في الإسناد مثل حديث يرويه مالك ،عن رجل, عن أنس مرفوعا.
والثاني
الإبهام في المتن؛ بأن يقول الصحابي في حديث يرويه: أتت امرأة إلى النبي صلى الله
عليه وسلم, فسألت عن كذا مثال ذلك: حديث أبي هريرة" أن رجلا سأل النبي صلى
الله عليه و سلم عن الحج أفي كل عام". (خ م)
وهذا الرجل ذكر في حديث ابن
عباس في رواية ثانية ،أنّه الأقرع بن حابس. (خ)
حكم الحديث المبهم: ان كان في
الاسناد فالحديث ضعيف للجهل بحال الراوي المبهم, فمن شروط الصحيح عدالة الرواة
وضبطهم، وهذا لم نعرف اسمه فكيف نعرف حاله, وإن كان الإبهام في المتن فلا علاقة له
بصحة الحديث و ضعفه.
مسألة: جهالة الصحابي لا تضر.
لأن الصحابة كلهم عدول بإجماع أهل السنة, فكل من ثبتت صحبته فهو عدل ضابط لكل ما
يرويه ويحدث به؛ فالباب مغلق عند أهل
السنة بالنسبة للصحابة, خلافا للخوارج والروافض, أما الخوارج فقد طعنوا في الذين
اشتركوا في معركة الجمل وصفين فقط أي: في بضع عشرات. وأما الروافض , فقد طعنوا في
جميع الصحابة, إلا خمسةً أو سبعة؛ فقط هم الثقات عندهم, وهم: سلمان وعمار والمقداد
وأبو ذر وبلال وابن مسعود وحجر بن عدي.
. مثال
إبهام الصحابي: كأن يقول ابن المسيب: حدثني رجل من الصحابة. أو: حدثني من سمع, أو
أدرك, او لقي النبي صلى الله عليه وسلم, فالخبر محتج به, لو صح السند إليه.
12- العالي
والنازل
و كل ما قلّت
رجاله علا وضده
ذاك الذي قد نزلا
العالي:
هو ما رواه أحد الأئمة بعدد قليل بينه و بين النبي صلى الله عليه و سلم, وكل إمام
حَسَبَ الزمان الذي هو فيه.
النازل : هو خلاف العالي حيث
زيد في عدد رجاله. كأن يروي مالك حديثا عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
فهذا
عالي الإسناد, فهو ثنائي. وإذا روى مالك حديثا بواسطة أربعة أو خمسة,
فإنه يكون نازلا حيث زاد عدد
الرواة بينه و بين النبي صلى الله عليه و سلم
فالأسانيد الثنائية لمالك هي
عوالي, والرباعية والخماسية نازلة بالنسبة له, وأما الثلاثية فلا توصف بعلو أو
نزول.
وقد يكون العلو بالنسبة لغيره
من أقرانه, فلو روى الأوزاعي وهو قرين لمالك حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم
بسند فيه أربعة رجال, ورواه مالك بثلاثة؛ يكون لمالك عاليا بالنسبة للأوزاعي حيث
رواه بأربعة, ويكون للأوزاعي نازلا بالنسبة لمالك.
فائدة: والحديث
ينقسم عند المتأخرين من المحدثين إلى قسمين : آحاد و متواتر, فالآحاد كل ما سوى
المتواتر.
فالآحاد يشتمل على الغريب و
العزيز و المشهور و المستفيض, فهو أنواع, لا كما يُظن أنه الخبر الفرد الذي له
إسناد واحد, إلا أن بعض الأصوليين يعتبر المشهور من المتواتر, ونحن نذكر هذه
الأنواع مرتبة بعون الله.
13- الغريب
............... ......... و قل غريب ما روى راو فقط
الغريب لغة : المنفرد, أو
البعيد عن أهله وعشيرته..
اصطلاحا: هو الحديث الذي
انفرد بروايته واحد, سواء استمر ذلك التفرد في جميع السند, أو كان التفرد في طبقة
من الطبقات. و يطلق عليه الفرد أيضا. والطبقة هم الأقران, والجيل الواحد..
و خير مثال على ذلك الحديث
المروي في الكتب الستة والمسانيد, وهو حديث:
"إنما
الأعمال بالنيات ...", فقد تفرد بروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن
الخطاب, و تفرد عنه علقمة بن وقاص الليثي, و عنه محمد بن إبراهيم التيمي و عنه
يحيى بن سعيد الأنصاري, ثم تواتر عن الأنصاري هذا فرواه ما يزيد على مائة من
الرواة, فهو غريب في أصل سنده, وإن تواتر في فرعه..
ومثال الانفراد في طبقة من
الطبقات, لو روى الزهري وربيعة الرأي وزيد بن أسلم وقتادة حديثا, عن سعيد بن
المسيب, عن أبي هريرة و سعد بن أبي وقاص و أبي سعيد الخدري مرفوعا, فهو غريب لتفرد
سعيد عن أولئك الصحابة به, مع أنه رواه عن أكثر من واحد, ورواه عن سعيد أكثر من
واحد.
حكم الغريب : فيه الصحيح و
الحسن و الضعيف, ففي الصحيحين و غيرهما أحاديث كثيرة ليس لها إلا إسناد واحد, وقد
تفرد عدد من الثقات المشاهير بأحاديث, ومع ذلك قبلت منهم, كالزهري ومالك. مثال
للغريب الصحيح: ما رواه مالك عن الزهري عن أنس, أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل
مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر. [خ م ]. المغفر: زرد من حديد يلبس تحت القَُلنسوة
لوقاية الرأس من ضرب السيوف والرماح.
قال السيوطي:
يقول مسلم روى
الزهري تسعين
فردا كلها قوي
ذكر مسلم في صحيحه: أن الزهري
روى تسعين حديثا لم يشاركه فيها أحد, وهي جياد. أي: صحاح.
قاعدة : الغالب على الغرائب
الضعف إذا لم ترو في الكتب الستة والمسانيد والمصنفات المشهورة؛ لذا حذر الأئمة من
تتبع الغريب. فقال مالك: شر العلم الغريب, وخير
العلم الظاهر الذي رواه الناس. وقال أبو حنيفة: من
طلب الغرائب كذب. أي: وقع في الكذب لأن الكثير منها لا يصح. وقال أحمد: لا تكتبوا
هذه الأحاديث الغرائب, فإنها مناكير, وعامتها عن الضعفاء.
والعجب أن بعض الناس حبب
إليهم الاهتمام بالغريب والاكثار منه, بل وجعلوه أصلا يتميزون به عن الناس. وذلك
مثل الخبر الذي وضعه الروافض: أنا مدينة العلم وعلي بابها, فمن أراد العلم, فعليه
بالباب.
وحديث توسل آدم بالنبي صلى
الله عليه وسلم, وأنه رأى مكتوباً عند ساق العرش: محمد ـ فاطمة ـ علي ـ الحسن ـ
الحسين. ثم ذكر تتمة الأئمة الاثني عشر. فهذا دخل عبر الرافضة إلى مستدرك الحاكم
ونحوه ممن يروي الأحاديث الواهية, وقام بعض الرواة بحذف ذكر آل البيت, كي لا يتفطن
أهل السنة أنه من وضع الرافضة. وهذه الأحاديث مخرجة في كتاب الكافي للكليني وبحار
الأنوار للمجلسي وغيرهما من صحاح كتبهم المشحونة بالآلاف المؤلفة من الأحاديث التي
لا يشك عاقل أنها موضوعة.
.
14- العزيز
عزيز مروي اثنين أو ثلاثة مشهور
..........................
لغة : مأخوذ من عزّ يعَزّ إذا
قوي و تأيد, ومنه قوله تعالى:( إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث ).
أو مأخوذ من عزّ يعِزّ أي:
ندَر وقلّ..
اصطلاحا : العزيز هو ما انفرد
بروايته اثنان أو ثلاثة إلى نهايته, مع تعدد الصحابي. وهذا التعريف هو الذي اعتمده
ابن الصلاح والنووي وغيرهما. وعرفه ابن حجر بأنه رواية اثنين عن اثنين, وجعل
الثلاثة للمشهور.
مثاله حديث "لا يؤمن
أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده و ولده و الناس أجمعين." أخرجه البخاري من
حديث أبي هريرة, و أخرجه البخاري و مسلم من طريقين : عن قتادة و عن عبد العزيز بن
صهيب عن أنس مرفوعا. فهو عزيز لأنه رواه صحابيان..
15- المشهور
.....................
مشهور
مروي فوق ما ثلاثة
المشهور
اصطلاحا: هو ما رواه ثلاثة فأكثر إلى منتهاه.
مثال ذلك حديث "إن الله
لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد, ولكن يقبض العلم بقبض العلماء, حتى إذا
لم يُبق عالما, اتخذ الناس رؤوسا جُهالا, فسئلوا فأفتوا بغير علم , فضلوا واضلوا"
فهذا الحديث أخرجه البخاري و
مسلم من حديث عبد الله بن عمرو
و أخرجه أحمد من حديث زياد بن
لبيد
وأخرجه الطبراني من حديث أبي
هريرة
وأخرجه الخطيب من حديث عائشة.
فهذا له أربع طرق, عن أربع
صحابة, فهو مشهور, و هذا المشهور في اصطلاح المحدثين, وينبغي أن يكون المشهور
صحيحا بل في غاية الصحة؛ كما هو واضح عند كثير من علماء الأصول؛ حيث جعلوه حجة
كالمتواتر, مع أن متأخري المحدثين كابن الصلاح فمن بعده, لم يشترطوا فيه الصحة.
و هناك ما هو مشهور لغة, فلا
يشترط فيه تعدد الطرق و لا الصحة أيضا, أمثلة على ذلك :
- مشهور
على ألسنة جميع الناس : "أبغض الحلال عند الله الطلاق" و هو ضعيف مع
شهرته. أخرجه الحاكم.
- مشهور
بين علماء الأصول والفقهاء: "رُفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استُكرهوا
عليه", أخرجه ابن حبان و الحاكم, وهو مختلف في ضعفه وصحته, وهو
ضعيف عند المتقدمين, فقد ضعفه الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي ومحمد بن نصر المروزي
وغيرهم, وقد صححه كثير من المتأخرين كابن حجر وغيره, ومن المعاصرين أحمد شاكر
والألباني, والراجح ضعفه, ويدل على ذلك إعراض الأئمة عن تخريجه في كتبهم مع
احتياجهم له. فلم يرد في شيء من الكتب المعتبرة كالموطأ والكتب الخمسة؛ نعم ورد في
سنن ابن ماجة, ومعلوم أن ما ينفرد به ابن ماجة؛ دون سائر الأئمة يكون ضعيفا غالباً.
. - مشهور
عند العامة : "العجلة من الشيطان" خرجه الترمذي وهو ضعيف
- مشهور
عند الوعاظ : "اطلبوا العلم و لو بالصين", أخرجه الخطيب, وهو موضوع.
. - مشهور
عند الأطباء : "المعدة بيت الداء و الحمية رأس كل دواء "
هو من كلام طبيب العرب
المشهور الحارث بن كَلَدَة طبيب العرب المعروف, أومن كلام أكثم بن صيفي.
مشهور في الطب الحديث: "
احذروا الأبيضين: الملح والسكر" فهذه حكمة صينية يرددها أطباؤهم, ثم وفدت
علينا, فظنها بعض الناس حديثا نبويا؟!.
مشهور عند الشعوبيين:
"حب الوطن من الإيمان". ليس
له أصل.
مشهور عند كثير من الناس:
سلمان منا أهل البيت. خرجه الحاكم, وهو خبر ضعيف جدا.
16- المستفيض
هو كالمشهور عند عامة الفقهاء
والأصوليين و بعض المحدثين, وذهب بعض المتأخرين إلى التفريق بينهما , واختلفوا,
فجعل بعضهم المشهور فوق المستفيض وآخرون جعلوا المستفيض فوق المشهور,
وعلى هذا يمكن أن نجعل المشهور ما بين الثلاثة إلى ستة, و المستفيض ما بين السبعة
إلى تسعة و بعد ذلك يبدأ المتواتر على مذهب قوم من أهل العلم, ومنهم السيوطي.
17- المتواتر
قال السيوطي:
وما رواه عدد
جم يجب إحالة
اجتماعهم على الكذب
فالمتواتر و
قوم حددوا بعشرة وهو لدي أجود
والقول باثني عشر
أو عشرينا يحكى
وأربعين او سبعينا
لغة : التتابع، يقال: تواتر
المطر أي: تتابع نزوله, وتواتر مجيئ الناس إلى الاحتفال. أي: تبع بعضهم بعضا.
اصطلاحا: هو ما رواه جمع عن
جمع بحيث يبلغون عددا تحيل العادةُ اجتماعهم على الكذب, ويكون منتهى ذلك الحس,
الذي هو المشاهدة أو السماع. ومعنى تحيل: من المحال، أي يبعد و يستحيل أن يتفق
هؤلاء على الكذب..
تنبيه: هذا التعريف لو
اعتمدناه لما تواتر من السنة سوى أحاديثَ قليلةٍ, بل هذا هو تعريف الفلاسفة
اليونان, وسبب ذلك أن الإغريق اليونان مشركون فالعدالة غير متوفرة فيهم؛ لذلك احتاجوا
للتعويض عن العدالة والثقة بكثرة العدد. ثم أخذه عنهم المعتزلة , ثم أخذه عنهم
المتكلمون من أهل السنة, فدخل في كتب العقيدة
والفقه وأصوله, ثم دخل في كتب المصطلح! ولذا لم يفرده ابن الصلاح بمبحث خاص. وقد
نبه على ذلك, فقال في كتابه المقدمة:
ومن المشهور المتواتر؛ الذي
يذكره أهل الفقه وأصوله, وأهل الحديث لا يذكرونه باسمه الخاص.
يعني: أن تعريف المتواتر, لم
يرد عن السلف من أهل الحديث, بل وغيرهم. وقد ذهب السيوطي وطائفة إلى تحديد
المتواتر: بأنه ما رواه عشرة من الصحابة فأكثر, وهذا واضح في أبياته, وهو قول متجه
إن شاء الله, وعلى ذلك فإن هناك مئاتِ الأحاديث تبلغ حد التواتر.
قال السيوطي:
خمس وسبعون رووا من كذبا ومنهم العشرة ثم انتسبا
لها حديث الرفع لليدين والحوض
والمسح على الخفين
أمثلة للمتواتر: "من كذب
علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار", ورد هذا الحديث عن خمس و سبعين من
الصحابة. و كذلك أحاديث الصلوات والزكوات والصيام والحج والجهاد والحشر يوم
القيامة, و أحاديث الشفاعة, و أحاديث الصراط, و أحاديث الحوض, و أحاديث خروج أهل التوحيد
من النار, و أحاديث المسح على الخفين, و أحاديث رفع اليدين في الدعاء في مناسبات
متعددة, و أحاديث رؤية الله تعالى في الآخرة, وأحاديث خروج الدجال ونزول عيسى
وكثير من أشراط الساعة ونحو ذلك.
وكذلك أحاديث عذاب القبر
فإنها مروية عن أكثر من ثلاثين صحابيا, فليحذر الذين ينكرون ذلك وهم بعض المعتزلة
ووافقهم في ذلك بعض المفكرين المعاصرين! ويقولون: عذاب القبر خبر آحاد.
فقد نقل التواتر غير واحد
منهم: الذهبي وابن كثير, بل قال الإمام أحمد: لا ينكر عذاب القبر إلا جاهل أو أحمق.
حكم المتواتر : هو أنه يفيد
العلم اليقيني الضروري، أي بحيث يضطر الإنسان إلى التصديق به من دون تفكر أو تردد
أو نظر في أحوال الرجال والأسانيد؛ لأن الكثرة تغني عن ذلك, ولا يستطيع دفعه أو
رده, فهو كمن شاهد بعينه، أو سمع بأذنه، لا يحتاج إلى تفكير في إثبات ما شاهد أو
سمع.
أنواع الضعيف
والآن ننتقل إلى بيان أنواع الحديث
الضعيف ، والغالب في سبب الضعف, إما يرجع الى عدم اتصال السند ، وإما يرجع إلى حال
الراوي بأن يكون ضعيفا أو متروكا ، أو مجهولا ، وكل ذلك سيأتي. و نبدأ بأنواع
الانقطاع فمنها:
18ــ
المعلق
قال
السيوطي:
ما أول الإسناد منه يُطلق ولو إلى آخره معلق
و في الصحيح ذا كثير فالذي أُتي
به بصيغة الجزم خذي
صحته عن المضاف
عنه وعكسه
ضعف و لا تهنه
التعليق له عدة معاني منها :
ربط الشيء ووصله من الجهة العليا دون السفلى.
و يوضح ذلك حديث في فضل سلمان
الفارسي خرجه البخاري من حديث أبي هريرة " لو كان الإيمان معلقا بالثريا
لتناوله رجال من أبناء فارس" والثريا: النجوم. وهو واقعة حال لأن سلمان بذل
الكثير حتى وصل للدين الحق, وقصته معروفة مشهورة.
اصطلاحا: ما حذف من مبدأ سنده
راو فأكثر على التوالي و لو إلى آخر السند.
و مبدأ السند أوله, وهو شيخ
مخرج الحديث .
مثاله: قال البخاري: وقال
مالك، عن الزهري ، عن أبى سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى عليه :"لا تفاضلوا
بين الأنبياء " فهذا سقط منه رجل واحد فقط ، هو شيخ البخاري.
مثال آخر: قال البخاري : و
قال وفد عبد القيس للنبي صلى الله عليه و سلم :"مرنا بجمل من الأمر إن عملنا
بها دخلنا الجنة....." .
هذا سقط منه كامل السند ، و
هو عند البخاري من وجه آخر موصول من حديث ابن عباس.
حكم المعلق : هو من قسم
الضعيف للجهل بحال المحذوف.
حكم معلقات الصحيحين
و الموطأ:
إن كانت بصيغة الجزم والقطع
مثلَ : قال – ذكر – حكى
فلان. فهو حكم منه بثبوت ذلك عن قائله.
و إن كانت بصيغة التمريض
مثلَ: قيل –ذُكر- حكي – ونحو ذلك، ينظر فيه . و قد اعتنى الحافظ ابن حجر بمعلقات
البخاري, وصنف كتابا سماه "تغليق التعليق" أي وصل المعلق.
و خلاصة ذلك : أن ما كان
بصيغة الجزم فأكثره صحيح أو حسن . و ما كان بصيغة التمريض, ففيه الصحيح و الحسن و
الضعيف، لكن ليس في معلقات الصحيحين والموطأ خاصة ما يتعلق بالمرفوع؛" ـ ما
هو ضعيف جدا أو منكر،أو موضوع.
19ــ
المرسل
قال
السيوطي
المرسل المرفوع بالتابع أو ذي
كبر أو سقط راو قد حكوا
أشهرها الأول
ثم الحجة به رأى الأئمة الثلاثة
ورده
الأقوى وقول الأكثر كالشافعي وجُل أهل
الخبر
وهذا التعريف خير من قول
البيقوني :
ومرسل منه الصحابي سقط.
..................................
لأنه لو
كان الصحابي هو الذي سقط من السند لما حكمنا بضعف المرسل؛ لأن الصحابة عدول كلهم.
المرسل لغة: مأخوذ من أرسل
أي: أطلق، يقال : أرسل زيد زِمام الناقة أي: أطلقه من يده, أو من القيد.
اصطلاحا : هو ما رفعه تابعي
إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدون ذكر الواسطة ، سواء كان التابعي كبيرا أو صغيرا
على الصحيح. ومنهم من خصه برواية
التابعي الكبير. ومنهم من عبر عن المنقطع بالمرسل.
مثال المرسل :مالك ،عن زيد بن
أسلم، عن ابن المسيب, أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان.
أي: بأن يباع كبش حي, مقابل مذبوح أي: لحم مقطع. فهذا مما يدخله الربا, وهما من
جنس واحد. وهو قول مالك والشافعي والجمهور.
حكم المرسل فيه ثلاثة أقوال :
الأول :هو مقبول عند مالك و أبي حنيفة و رواية عن الإمام أحمد, إن كان من رواية
التابعين الثقات, والذين جل روايتهم عن الصحابة, او لا يروون إلا عن الثقات.
الثاني: ضعيف عند أهل الحديث.
الثالث: التفصيل فيه, وذلك
عند الشافعي وغيره وأنه يقبل إن جاء مرسلا عن تابعي آخر أو جاء موصولا من طريق
آخر, ولو بسند ضعيف. ويوافق الشافعيٍّ في ذلك عامةُ أهل العلم, لكن زاد الشافعي
أيضا: أنه يحتج به إن وافق قول صحابي ،
أو القياس.
وورد عن الشافعي: أقبل مرسلات
سعيد بن المسيب. لأنه تتبعها فوجدها موصولة.
تنبيه: مراسيل
الصحابة حكمها الاتصال لم يختلف العلماء في ذلك, وذلك بأن يروي هذا الصحابي واقعة
لم يدركها, كأن يروي ابن عباس أو أنس أو ابن
الزبير حادثة انشقاق القمر أو الإسراء والمعراج, فلا خلاف أنهم لم يدركوا ذلك, لكن
يحتج بها, فهم إما سمعوها منه صلى الله عليه وسلم, بأن أعاد ذكر تلك الواقعة, أو
أنهم سمعوها من كبار الصحابة ممن أدرك ذلك, وهذا الأرجح في غالب الأحيان, والله
أعلم.
20ــ
المعضل
والمعضل
الساقط منه اثنان .......................................
تعريف : هو ما سقط من إسناده
اثنان فصاعدا على التوالي, وخصه المتأخرون بأنه ما سقط منه اثنان على التوالي في
وسط السند. كي لا يتداخل مع المرسل أحيانا أو مع المعلق.
مثاله: ما أخرجه الحاكم في
"معرفة علوم الحديث بسنده عن القعنبي، عن مالك أنه بلغه عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال:"للمملوك طعامه و كسوته بالمعروف و لا يكلف من
العمل إلا ما يطيق"
قال الحاكم : هذا معضل ،أعضله
مالك في الموطأ.
ثمّ رواه الحاكم من طريق مالك
عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة.... الحديث.
قد يقال: لم أسقط مالك محمد
بن عجلان وأباه؟ والجواب: هو أنه لا يحتج بالرواية عنهما لأن ابن عجلان وقع له
الخطأ في بعض أحاديث وأبوه غير مشهور بالرواية, ومالك لا يروي إلا عن الثقات.
حكم المعضل : هو أنه من قسم
الضعيف, بل الواهي لسقوط رجلين.
21ــ
المنقطع
الانقطاع: ضد الاتصال, و سواء
حصل ذلك في أول السند أو وسطه أو آخره.
و هو في اصطلاح المتأخرين: سقوط
رجل من وسط السند, أو رجلين؛ لكن لا على التوالي.
عرفوه بذلك كي لا يتداخل مع
المعلق والمرسل.
مثاله : مالك ، عن الزهري, عن
أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه و سلم، فالزهري لم يدرك أبا هريرة إنّما
يروي عنه بواسطة ابن المسيب و الأعرج و غيرهما, فهو منقطع.
تنبيه:
ولو سقط اثنان من وسط السند لكن لا على التوالي, فهو منقطع أيضا, لكن يقال فيه:
منقطع في موضعين.
حكم المنقطع: هو من قسم
الضعيف.
22ــ المدلَّس و
المعضل
................................................. و
ما أتى مدلسا نوعان
الأول
الإسقاط للشيخ وأن ينقل
عمن فوقه بعن وأن
والثاني
لا يسقطه لكن يصف أوصافه
بما به لا ينعرف
التدليس لغة : مأخوذ من
الدّلس وهو ظلمة الليل و يطلق في البيع على كتمان عيب السلعة.
اصطلاحا : إخفاء عيب في
الإسناد.
و
التدليس ثلاثة أنواع:
الأول : تدليس الإسناد: وهو
أن يروي عن شيخه حديثاً لم يسمعه منه, بصيغة تحتمل السماع
وعدمَه, وذلك, كعن, وأن, وقال. وذلك؛ كأن
يروي بقية بن الوليد حديثا ، عن رجل ضعيف – عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس,
فبقية مدلس ، وقد سمع من الأوزاعي أحاديث كثيرة؛ لكن بعض الاحاديث لم يسمعها من
الاوزاعي رواها بواسطة رجل مجهول أو ضعيف أو مبتدع؛ ولذا يعمِد إلى إسقاطه, ويقول
: عن الأوزاعي. لكن لا يقول: حدثنا,
واخبرنا وسمعت, لأن من يثبت عنه ذلك في حديث لم يسمعه من ذاك الشيخ يدخل في جملة
الكذابين, ويترك أهل الحديث الرواية عنه بالكلية, سواء ما رواه سابقا, أو ما يرويه
لا حقا.
الثاني : تدليس التسوية : هو
أن يسقط شيخ الشيخ او من فوقه .و يقال له : التجويد، فالتسوية و التجويد معناهما
التحسين, وذلك لأن المدلس يعمد إلى إسقاط الرجل المجروح, فيصير الإسناد ظاهره
الجودة.
مثال : كأن يروي الاوزاعي ،
عن رجل ،عن عطاء عن ابن عباس حديثا. فيروي هذا الحديث الوليد بن مسلم عن الاوزاعي
عن عطاء عن ابن عباس فيسقط الرجل المجهول بين الاوزاعي و عطاء لأجل تحسين الاسناد.
الثالث : تدليس الشيوخ وهو أن
يصف شيخه بصفة او نسبة لا يعرف بها, وذلك مثل : محمد بن أحمد القيرواني, أصله
القديم من مصر فيقول المدلس: حدثنا محمد بن أحمد المصري و الناس يعرفونه القيرواني
فقط, فيظنونه غير الاول, وهو نفسه.
تنبيه: النوع الأول والثاني
فيهما إسقاط من السند بخلاف الثالث ما فيه إسقاط بل فيه عملية تعمية كي لا يُعرف
هذا الشيخ عند السامعين.
الأسباب الحاملة على التدليس
كثيرة منها:
ضعف الشيخ – جهالته - كونه
مبتدعا - كون الشيخ أصغر من
المدلس الراوي عنه ــ أو لإيهام الطلبة بكثرة شيوخه ــ أو لأجل علو الإسناد.
حكم حديث المدلِّس: ينظر في
حديثه, فإن رواه بصيغة توجب السماع, مثل:
حدثنا – سمعت- أخبرنا.
نحكم على حديثه على حسب حاله؛
إن ثقة - فحديثه صحيح ، وإن صدوق فحديثه حسن, وإن ضعيف فحديثه ضعيف, وأما إذا رواه
بصيغة : عن فلان - وقال فلان – وأن فلانا قال، فلا يقبل منه, بل نحكم بضعف حديثه.
تنبيه: يستثنى صحيحُ البخاري
وصحيحُ مسلم من ذلك, فلو وجدنا فيهما حديثا من رواية أحد المدلسين ولم يصرح
بالسماع, فهو محمول على السماع, لأن الشيخين لا يرويان عن المدلسين إلا ما سمعوا
من شيوخهم, يعني عند البخاري طرق أخرى للحديث فيها تصريح المدلس بالسماع من شيخه؛
لكن إما لعلو الإسناد أو شهرة هؤلاء الرجال أو غير ذلك اختار هذا الإسناد على غيره.
وقد قال السيوطي في ذلك:
وما
أتانا في الصحيحين بعن فحمله
على ثبوته قمَن. أي: جدير وخليق.
23ــ
الحديث الشاذ
و
ما يخالف ثقة فيه الملا فالشاذ.....................
الشذوذ لغة: الانفراد يقال :
شذ فلان عن الناس : انفرد, وشذت الشاة عن القطيع: انفردت .
اصطلاحا : هو ما رواه الثقة
مخالفا لما رواه من هو أرجح منه, سواء كان المخالَف واحدا أو أكثر، والغالب في
الشاذ, أن الواحد يخالف الجماعة, سواء كان الاختلاف في الرفع والوقف, أو الوصل
والإرسال.
وذلك كأن يروي مالك ومعمر
وابن جريح والاوزاعي وحماد بن زيد عن الزهري حديثا، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن
ابيه موقوفا من قوله, ويخالفهم فيه هشيم بن بشير,
فيرويه عن الزهري عن سالم عن ابن عمر مرفوعا. فنحكم على رواية الواحد وهو هشيم؛
بانها شاذة, وعلى رواية الجماعة بانها المحفوظة. يعني: هي الصحيحة.
مثال الشذوذ في المتن : ما
رواه أبو داود و الترمذي من طريق عبد الواحد بن زياد, عن الأعمش, عن أبي صالح, عن
أبي هريرة مرفوعا: "إذا صلى أحدكم الفجر فليضطجع عن يمينه" .
وعبد الواحد هذا ثقة, لكن
أخطأ في بعض أحاديث رواها عن الأعمش خاصة.
قال البيهقي : خالف عبدُ
الواحد العددَ الكثير في هذا, فإن الناس إنما رووه من فعل النبي صلى الله عليه و
سلم لا من قوله.
قلت : الفرق بينهما, أن القول
ههنا يدل ظاهره على الوجوب, أو على تأكيد السنية؛ بينما الفعل فقط يفيد
الندب, وكان صلى الله عليه وسلم يفعله لأجل الراحة بسبب طول القيام في آخر الليل.
مثال الشذوذ في السند: ما
رواه [ت ن ه] من طريق سفيان بن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن عوسجة, عن ابن عباس,
أن رجلا توفي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم, ولم يدع وارثاً, إلا مولىً هو
أعتقه". وتابع ابنَ عيينة على وصله ابنُ جريج وغيره, وخالفهم حماد بن زيد,
وهو ثقة, فرواه عن عمرو , عن عوسجة مرسلاً, دون ذكر ابن عباس. لذا رجح أبو حاتم
الرازي رواية الوصل؛ لأنهم أكثر عدداً.
وسنأتي على ذكر أمثلة أكثر في
بحث: زيادات الثقا
ــ المقلوب 24
وما يخالف
............ .... والمقلوب قسمان تلا
إبدال راوٍ ما براو
قسم و
قلب إسناد لمتن قسم
القلب نوعان : قلب في السند,
بأن يبدل رجل برجل آخر, كإبدال عمرو بن دينار
ــ بعبد
الله بن دينار.
أو يُقلبَ اسمُ رجل مثلُ: كعب
بن مرة إلى مرة بن كعب, وعمرو بن مرة إلى مرة بن عمرو. أو يحصُلَ تقديم
وتأخير بين الشيخ والتلميذ مثل: ابن وهب عن مالك عن نافع عن ابن عمر فيقلب إلى –
مالك عن ابن وهب عن نافع عن ابن عمر.
وقلبٌ في المتن: مثل حديث
السبعة الذين يظلهم الله في ظله, فقد خرجه البخاري والجماعة.
وفيه :" و رجل تصدق
بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شمالُه ما تنفق يمينه "
وجاء عند مسلم و الطبراني
"حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله" ومنهم من جعله مثالاً للشاذ.
و القلب سببه الوهم غالبا، و
قد يكون عمدا لامتحان الشيخ هل هو متثبت في الحفظ والضبط كي يؤخذ عنه الحديث, أم
لا؛ كما فعل أهل بغداد مع البخاري حيث قلبوا له مائة حديث, فردها على الوجه الصحيح
واحدا واحدا.
ــ25 الحديث المعلٍّ
و ما بعلة غموضٌ أو
خفا معلَّل
عندهم قد عرفا
العلة لغة: هي الخلل والضعف،
فأي خلل أو ضعف في السند أو في المتن فهو علة.
اصطلاحا: هي سبب خفي يقدح في
صحة الحديث مع أن ظاهره السلامةُ منها.
و لذا لا يكتشف العلل الخفية
الا كبارُ العلماء سلفا وخلفا، أما المبتدئ في علم الحديث أو من لم يتخصص بعلم
الحديث فإنها تخفى عليه, والسلف أعلم من الخلف بشكل عام وخاصة بالعلل, وكلامهم
غالبا هو المقدم عند التعارض.
طريق معرفة العلل: هو جمع طرق
الحديث و اختلافِ الفاظه واستقصاءُ ذلك من الجوامع والمسانيد والمصنفات, ثم النظر
في هذه الروايات مع التأمل الدقيق, فعند ذلك يوقف على الخطأ و الوهم و
نحوِ ذلك.
و غالب العلل تقع في السند.
مثال العلة في السند : حديث
"من دخل السوق فقال :لا إله إلا الله وحده..... كتب الله له ألف ألف حسنة,
ومحا عنه ألف ألف سيئة, ورفع له ألف ألف درجة"
فهذا حديث خرجه أحمد والترمذي
وابن ماجه من طريق عمرو بن دينار مولى آل الزبير عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر
مرفوعا. وعمرو هذا ضعيف منكر الحديث, وأعل حديثه هذا أبو حاتم الرازي والبخاري
وأبو داود والترمذي والنسائي وابن عدي كما نقل المزي عنهم في تهذيب الكمال 16/ 22.
ولذا أخرجه ابن الجوزي في
الموضوعات, وذكر له طرقا أخرى منكرة, وحكم ببطلانه فأصاب.
و قد روى حديثه هذا بعض
الضعفاء فاخطأ فيه حيث جعله عمرو بن دينار ذلك الثقة المشهور وهو من طبقة الرجل
الضعيف ومن بلده أيضا فكلاهما مكي. وبعض الضعفاء وسراق الحديث, استبد له فقال : عن
عبد الله بن دينار وهو الثقة المشهور ،وكل ذلك خطأ و الحديث فيه علة قادحة, فهو
واهي, ولا يصح .
العلة غير القادحة: ومن
العلل ما ليس بقادح؛ كإبدال ثقة بثقة آخر وذلك كحديث : البيعان بالخيار...."
يرويه مالك والثوري وغير واحد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر مرفوعاً. وقد
وهم يعلى بن عبيد وهو ثقة , فرواه عن الثوري, عن عمرو بن دينار. فأبدل عبد الله
بعمرو. لكن بقي الحديث صحيحا, لأنه سواء كان عن هذا أو هذا, فكلاهما من رجال
البخاري ومسلم.
ـ26 المضطرب
و ذو
اختلافٍ سندٍ أو متنِ مضطرِب
عند أهيل الفن
الاضطراب لغة: التزلزل و
التحرك يقال :اضطربت الارض اي تحركت و تزلزلت .
اصطلاحا : هو الحديث الذي روي
على اوجه مختلفة متعارضة مع تساوي هذه الطرق قوة و ضعفا من دون مرجح يرجح
إحدى الروايتين أو الروايات. اما لو ترجحت رواية؛ فإن الاضراب يزول.
مثال المضطرب : حديث ابن
عباس, أن أبا بكر الصديق قال للنبي صلى الله عليه و سلم : أراك شبت يا رسول الله؟
قال :" شيبتي هود و أخواتها..."
قال الدار قطني : هذا مضطرب
فإنه لم يرو إلا من طريق أبي إسحق السبيعي، و قد اختلف عليه فيه على نحو عشرة
أوجه، فمنهم من رواه عنه مرسلا و منهم من رواه عنه موصولا ومنهم من جعله من مسند
أبي بكر و منهم من جعله من مسند سعد بن أبي وقاص و منهم من جعله من مسند عائشة,
ومنهم من جعله من مسند ابن مسعود.
حكم المضطرب : هو ضعيف لأنه يشعر
بعدم ضبط راويه أو رواته.
27ــ
المدرج
و المدرجات في
الحديث ما أتت من
بعض ألفاظ الرواة اتصلت
تعريف: هو الحديث الذي وقع
فيه زيادة ليست منه من دون بيان أنها ليست منه, فلو بينت الزيادة بأنها من كلام
فلان فلا يعد الحديث مدرجا.
و غالب الإدراج يكون في المتن
لا في السند. وقد يقع الإدراج في أول المتن أو وسطه أو
آخره
مثال
مدرج أول المتن: حديث أبي هريرة :" أسبغوا الوضوء, ويل للأعقاب من النار".
فهذا جاء في روايات أخرى عند
مسلم و البخاري فيها الفصل و البيان بان الفقرة الاولى منه من كلام أبي هريرة فقد
جاء: أسبغوا الوضوء فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه و سلم يقول
" ويل للأعقاب من النار".
مثال المدرج في وسط المتن :
حديث عائشة في بَدء الوحي، وفيه: " وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتحنث
في غار حراء – وهو التعبد - الليالي ذواتي العدد....." (حَنِثَ بابه عَلِمَ)
والحنث يطلق على الخلف في اليمين. ويطلق على الإثم قال الله تعالى: ( وكانوا يصرون
على الحنث العظيم) وهنا جاء بمعنى التعبد.
فجملة :" وهو التعبد
" زادها الزهري على سبيل التفسير كما بينت في رواية
ثانية عند البخاري.
مثال المدرج آخر المتن : ما
أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة :" للعبد المملوك الصالح أجران, والذي نفسي
بيده لو لا الجهاد في سبيل الله و الحج و برّأمي لأحببت أن أموت و أنا مملوك".
فقوله " و الذي نفسي
..." مدرج من كلام أبي هريرة كما بينته رواية مسلم ففيها " و الذي نفسُ
أبي هريرة بيده ...." و يدل على ذلك قوله "و بر أمي " و معلوم أن
النبي صلى الله عليه و سلم توفيت أمه, وله ست سنين.
الإدراج في السند : مثاله؛ ما
أخرجه ابن ما جه 1222 من طريق ثابت بن موسى الزاهد, عن شريك, عن الأعمش, عن أبي
سفيان طلحة بن نافع, عن جابر, عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" من كثرت
صلاته بالليل حسن و جهه بالنهار" وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2 / 109
قال السيوطي : قال الحاكم دخل
ثابت على شريك بن عبد الله القاضي و هو يملي يقول : حدثنا الاعمش عن طلحة بن نافع,
عن جابر قال, قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم
سكت، ليكتب المستملي, فلما نظر إلى ثابت قال:" من كثرت صلاته........".
وقصد بذلك ثابتا لأنه كان يصلى من الليل، فظن ثابت أن ذلك من الحديث، فبعد زمن كان
يحدث بذلك على أنه حديث مرفوع.
وهذا الحديث جعله ابن حجر
مثالا للمدرج, وجعله ابن الصلاح مثالا للموضوع خطأ من دون قصد, ويصح أن يكون مثالا
للمقلوب أيضاً من باب قلب سند لمتن آخر.
28ــ المُصَحّف والمحرّف
تعريف: هو
ما كان فيه تغيير حرف أو أكثرَ في كلمة أو أكثر من كلمة, وسواءَ كان في المتن أو
السند, وذلك بسبب النَّقط أو الشكل الذي يرجع إلى أصل الكلمة, لا إلى آخر حرف
منها, فإن ذلك يعود إلى الناحية الإعرابية, ويعد من باب اللحن, وأكثر
المتقدمين يجعلون التصحيف والتحريف مترادفين, وبعضهم فرق بينهما, وهو الذي اختاره
الحافظ ابن حجر, فجعل ما يتعلق بتغيير الحروف بسبب النقط المصحف وما تغير بسبب
الشكل المحرف, والذي عليه عامة أهل الحديث أرجح. وأكثر ما يستعمل المحدثون عبارة
التصحيف, والظاهر لأن التحريف يكون عمدا غالبا, لذا ذم الله اليهود ووصفهم
بالتحريف بقوله: [" يحرفون الكلم عن مواضعه"]
ويكون في المتن وفي السند
أيضا.
مثال التصحيف بتغير النَّقط:
ما
وقع في المتن لأبي بكر الصّولي الأديب اللغوي المتوفى: 335هـ حيث
أملى حديث أبي أيوب الأنصاري فأخطا فيه, فقال:" من صام رمضان وأتبعه شيئا من
شوال" وإنما هو عند مسلم وأصحاب السنن" وأتبعه ستا"
ومثاله في السند: ما رواه
شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النَّهدي عن عثمان عن النبي صلى الله عليه
وسلم" لتؤدنّ
الحقوق إلى أهلها" صحف فيه ابن معين فقال : العوام
بن مزاحم؛ بدل مراجم, ذكر ذلك الدارقطني في العلل
2/24- 25
ومن التصحيف إبدال: - حيان –
إلى حبان – أو جبان - وأسفع - إلى أسقع ـ
وخياط ـ إلى ـ خباط ـ وحناط.
ومن التصحيف ما يعود إلى
الشكل, أي : بسبب ضبط حروف الكلمة.
فمنه ما يقع في السند: كأن
يقال في عبد الله بن سلاَم ـ وهو مخفف اللام : سلاّم, بتشديد اللام. وكذا: أُُسيد
بن حضير (بضم الهمزة)– إلى أََسيد (بفتح الهمزة)
ومنه ما يقع في المتن: كحديث
جابر قال: رمي أَُبيُُّ يوم الأحزاب على أكحَلِه ـ وهو عرق في اليد عند الرسغ ـ
فكواها النبي صلى الله عليه وسلم. صحفه غندر: أبي. أي: يعود على والد جابر, وهو
خطأ, فوالد جابر استشهد يوم أحد.
29ــ
المنكر
والمنكر
الفرد به راوٍ غدا تعديله
لا يحملُ التفردا
هو نوعان:
الأول: هو
الحديث الذي تفرد به راو ظهر فسقه أو فحش غلطه, أي: هو شديد الضعف.
والثاني: هو
ما رواه الضعيف مخالفا لما رواه الثقة او الصدوق وهذا الذي اعتمده ابن حجر في نزهة
النظر
والنوع الثاني: يتفق مع الشاذ
في مخالفة الراوي لمن هو أرجح منه, لكن الفرق بينهما أن الشاذ هو مخالفة المقبول
لمن هو أرجح منه, وأما المنكر فمخالفة الضعيف لمن هو أرجح منه.
مثال: لو
روى الليث بن سعد حديثا عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موقوفا.
وروى هذا الحديث عبد الله بن
لهيعة ـ أحد الضعفاء ـ عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا فنحكم على حديث ابن
لهيعة بأنه منكر لأنه ضعيف خالف الثقة.
حكمه: هو من قسم الضعيف جدا.
30ــ
الحديث الموضوع
والكذب المختلق
المصنوع على
النبي فذلك الموضوع
الموضوع: هو
ما اخترعه وافتراه أحد الكذابين ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم.
قيل: هو مأخوذ من الوضاعة,
سمي بذلك لأنه في أدنى المنازل, عكس المرفوع. وقيل: مأخوذ من الوضع الذي هو اللصق,
يعني حاول واضعه إلصاقه بالنبي صلى الله عليه وسلم, وهذا الأخير هو الذي رجحه ابن
حجر في كتاب "نزهة النظر".
ويقال
فيه: المصنوع, والمختلق, والمخترع, والمكذوب فهي مترادفات معناها واحد.
حكمه: أجمع
العلماء على انه لا يجوز روايته أبدا إلا على سبيل التحذير منه وبيان حاله.
وقد تواتر عن النبي صلى الله
عليه وسلم" من كذب عليّ متعمدا
فليتبوأ مقعده من النار"
يعرف الوضع: إما بإقرار
الواضع لو تاب مثلا, وإما بأن يحاكم فيقر بذلك, وإما بأن يكون الحديث ركيك ـ أي:
ضعيف التركيب ـ سواء في اللفظ أو المعنى, أو يكون مناقضا للقرآن أو لصحيح السنة
كأن يأتي حديث فيه تحريم مباح او إحلال محرم أو فيه ذم مثلا لأبي بكر أو عمر ونحو
ذلك.
الأسباب الحاملة على الوضع
متعددة منها:
1- التقرب
الى الله تعالى فيما يزعمون, كمن يضع أحاديث ترغب الناس في فعل الخيرات, وتخوف من
فعل المنكرات, أو ترغبهم في قراءة القرآن والإقبال عليه كما فعل نوح بن أبي مريم
أبو عصمة, فقد قيل له: من أين لك عن عكرمة, عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة
؟. فقال: رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن, واشتغلوا بفقه أبي حنيفة, ومغازي محمد
بن إسحق. فوضعتها حسبة. يعني: كي يعود الناس للعناية بالقرآن.
2- الانتصار
للمذهب كما فعل ويفعل الروافض كحديث" علي خير البشر, من شك فقد كفر"
وحديثا آخر ذكره نعمة الله الجزائري الرافضي في كتاب الأنوار النعمانية: "من
أحب الله وأبغض عليا أبغضه الله, ومن أحب عليا وأبغض الله أحبه الله. فانظر كيف
يصل الغلو ببعض أهل البدع إلى الخروج من الملة. وهذه حقيقة أنهم يقدسون الآل أكثر
من الله تعلى, معلوم أنهم أن تمكنوا من سني وجعلوا يضربونه, فإن استجار بالله
يزيدونه ضربا, وأن استجار بآل البيت خففوا عنه, وربما عفوا عنه!!!
3- وكذلك
حديث: "من لا تقية له لا دين له"
4- وحديث:"
أركان الإسلام خمسة: الصلاة والزكاة, والصوم, والحج, وولاية علي...." رواه
الكليني في الكافي. لذا قال علماؤنا: الروافض أكذب الأمم على وجه البسيطة؛ لأن
عامة الناس لو كذب الواحد منهم ربما يشعر بالإثم, أو بتأنيب الضمير إن لم يكن
مسلماً؛ إلا هم, فإنهم يعتقدون أنهم في أعظم قربة.
وكما وضع غلاة الصوفية
حديث" أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر" وهو حديث مطول نحو صحيفتين
فيما وقفت عليه, فيه من الألفاظ الركيكة والمعاني السخيفة الشيء الكثير التي تدل
على بطلانه, فقام مروجوه بحذف الزيادات, وأبقوا صدره فقط.
5- الطعن
في الإسلام كما فعل محمد بن سعيد المصلوب على الزندقة حيث عمد إلى حديث: "
انا خاتم النبيين لا نبيّ بعدي, فزاد فيه" إلا إن يشاء الله" أراد من
ذلك أن يفسح الطريق أمام مدعي النبوة, واستفاد من ذلك الزنديق الأفاك نبي الطائفة
الأحمدية القاديانية, وعندهم فضائية تبث, تدعمهم بريطانيا, والماسونية العالمية.
فهم ينتسبون لغلام أحمد القادياني, وهذا المذهب مصدره الفرس كما هو حال جميع مذاهب
الزندقة والإلحاد. فمن فارس خرج البابَكية والخُرَّمية والباطنية والقرامطة
والفاطمية والإسماعيلية والنصيرية العلوية والدرزية والبهائية وغير ذلك, وكذلك
الشيعة والروافض كله مصدره فارس, وإن ظهر بعضه في العراق وغيرها, فكل ذلك البلاء
مصدره الفرس.
ومن الأحاديث الموضوعة حديث
فضائل القرآن سورةً سورة, الذي ذكره الثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي وغيرهم
في تفاسيرهم.
ومن الموضوع خطأً:
- الإيمان
ما وقر في القلب وصدّقه العمل
- الايمان
إقرار باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان
- كما
تكونوا يولى عليكم
- اختلاف
أمتي رحمة
- أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم
- قصة
توسل آدم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- من
قلد عالما لقي الله سالماً
- علماء
أمتي كأنبياء بني إسرائيل
- مداد
العلماء أرجح من دم الشهداء
-
أشهر المصنفات فيه:
الموضوعات
الكبرى لابن الجوزي
اللآلئ
المصنوعة للسيوطي
تنزيه
الشريعة لابن عَرّاق الكناني واسمه: علي بن محمد
31ــ
مختلف الحديث
تعريف: هو
الحديث المقبول المعارض بمثله مع إمكان الجمع بينهما
مثاله: حديث أبي هريرة "
لا عدوى ولا طيرة" (خ م). وحديث أبي هريرة, قوله صلى
الله عليه وسلم : " لا يورد مُمرِض على مُصِح " (م) أي : لا يورد صاحب
الإبل المريضة على صاحب الإبل الصحيحة ؛ لئلا تنتقل العدوى .
مع حديث أبي هريرة " فرّ
من المجذوم فرارك من الأسد"(خ)
والجذام مرض يؤدي في أشد
أحواله إلى تساقط الأعضاء.
فالنفي في الحديث الاول كما
قال ابن الصلاح: يحمل على نفي ما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن ذلك يجري بطبعه
وتأثيره, والثاني أخبر أن الله تعالى جعله سببا لذلك عند المخالطة.
قلت: فالعدوى لا تؤثر بطبعها
بل بمشيئة الله وتقديره, فإذا شاء أثرت وإلا فلا, والدليل على ذلك ما هو مشاهد في
الأمراض المعدية من انتقال العدوى في البيت الواحد أحيانا من فرد إلى فرد آخر, مع
سلامة أفراد آخرين. وذلك كمرض الزكام. ففي كثير من الأحيان ينتقل إلى فرد ثان
وربما ثالث من الأسرة. ولكن ينجو أكثر من فرد ايضا من تلك العدوى, فكل ذلك دليل
على أن المؤثر الحقيقي هو الله.
قال السيوطي:
والمتن إن نافاه متن
آخر وأمكن
الجمع فلا تنافر
كمتن لا يورد مع لا عدوى فالنفي
للطبع وفرّ
عدوى
فائدة: فان لم يمكن الجمع بين
الحديثين نصير إلى الناسخ والمنسوخ.
فإن لم يمكن ذلك بسبب عدم
معرفة التاريخ وغير ذلك, نصير إلى الترجيح بينهما بوجه من وجوه الترجيح, وهي متعددة
فمن ذلك:
- الترجيح
من حيث القوة, كأن يتميز احد الإسنادين على الآخر.
ويعود إلى حال الرواة, فرواة
الصحيح ليسوا في مرتبة واحدة, فهشيم بن بشير ليس كمالك في الحفظ والإتقان؛ مع
أنهما من رجال الستة.
- وبكثرة
الطرق لأحد الحديثين, بأن يكون أحدهما له طريق واحد, والثاني مشهور.
- وبصيغة
الرواية والتحمل, فيرجح السماع على الإجازة و نحوها.
- والترجيح
للخاص على العام عند الجمهور.
فالعام كالنهي عن الصلاة بعد
الصبح وبعد العصر, والخاص جواز الصلاة السببية كدخول المسجد مثلاً هو سبب لصلاة
ركعتين لحديث جابر : (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين) [خ م]. وكذا
لو حضرت جنازة في وقت الكراهة, نصلي عليها ولا ندعها.
وكذلك لو جدد المسلم وضوءه,
فله أن يصلي ركعتين عند الشافعي وغيره.
- والترجيح
بالقرائن وذلك كأن يشهد ظاهرُ القرآن لأحد الحديثين أو فعلُ بعض الصحابة او القياس.
المصنفات فيه: أحسن
ما صنف في مختلف الحديث كتاب شرح مشكل الآثار للطحاوي, وهو موسوعة ضخمة في هدا
الباب.
فائدة: قال ابن خزيمة: لا
يوجد حديثان صحيحان متعارضان من كل وجه فمن وجد ذلك, فليأتني, أؤلف بينهما. أي:
أجمع بين الحديثين.
32ــ
الناسخ والمنسوخ
قال السيوطي:
النسخ رفع أو بيان والصواب في
الحد رفع حكم شرع بخطاب
النسخ لغة: الازالة, يقال:
نسخت الشمس الظل أي أزالته, وله معنى آخر, وهو النقل, يقال: نسخت الكتاب أي نقلت
ما فيه.
اصطلاحا: رفع حكم شرعي متقدم,
بحكم شرعي متأخر.
يعرف النسخ بأمور منها:
1- تصريح
النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وذلك كحديث بريدة عند الامام مسلم(946)قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"
- فهذا
نسخ صريح في نص واحد, وهو أيسر شيء.
2- تصريح
الصحابي بالنسخ:
مثاله: قول جابر: كان آخرَ
الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم تركُ الوضوء مما مست النار" (د ن
خز). وهو حديث صحيح وهو أيضا في نص واحد
3- معرفة
التاريخ: مثاله: حديث شداد بن أوس مرفوعا: "أفطر الحاجم والمحجوم"(د ت ن
ه)
له شواهد, وهو صحيح.
نسخه حديث ابن عباس: "أن
النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم" (خ)
فقد جاء في بعض طرق حديث شداد
أن ذلك كان يوم الفتح وحديث ابن عباس في حجة الوداع.
أفضل المصنفات فيه كتاب:
الإعتبار في الناسخ والمنسوخ لمحمد بن موسى الحازمي (584 هـ)
وشرح مشكل الآثار للطحاوي
أيضا.
33ــ
المتابعات والشواهد
المتابِع ـ بكسر الباء: هو
الذي يروي حديثا تابع فيه غيره على شيخه او شيخ شيخه فمن فوقه, بشرط ان يكون
الصحابي واحدا, وسواء كانت الرواية الثانية موافقة للأولى لفظا او معنى.
- والمتابعة
على الشيخ المباشر تسمى متابعة تامة
مثال: إذا روى يحيى الليثي
حديثا عن مالك, عن نافع عن ابن عمر, وروى هدا الحديث قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن
عمر. فهده متابعة تامة لان قتيبة تابع الليثي على مالك.
والأول أي: الليثي, يسمى
متابَعا بفتح الباء, والثاني متابعا بكسر الباء.
مثال المتابعة القاصرة: لو
روى الحديث المتقدم قتيبة, لكن حمله عن سفيان بن عيينة عن نافع عن ابن عمر فيكون
تابع الليثي على شيخ شيخه, وهو نافع.
فائدة: مهما كثرت الروايات عن
صحابي واحد في حديث من الأحاديث فهي طرق ومتابعات.
- فإن
تغير الصحابي فهو الشاهد, هذا هو الراجح في هذه المسألة.
فالشاهد: هو الحديث الدي رواه
راو يوافق حديث غيره باللفظ او بالمعنى لكن عن صحابي آخر كما هو الحال في الشهود
عند القاضي, لا بد من رجل آخر يشهد للأول.
مثاله: روى مالك عن عبد الله
بن دينار عن ابن عمر مرفوعا في الكلام على هلال رمضان " لا تصوموا حتى تروا
الهلال ولا تفطروا حتى تروا الهلال, فإن غم عليكم فاكملوا العدة ثلاثين"
أخرجه مالك والبخاري ومسلم
وروى
نحوه البخاري عن أبي هريرة مرفوعا: "........فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان
ثلاثين"
فحديث أبي هريرة شاهد لحديث
ابن عمر.
34ــ
أنواع نقل الحديث,
ويسميه العلماء: التحمل
يؤخذ الحديث عن الشيوخ بعدة
طرق ووسائل
ذكر ابن الصلاح وغيره أنها
ثمانية, وسنقتصر على أهمها وهي ثلاثة:
الأولى: السماع من لفظ الشيخ
وسواء كان من حفظه أو من كتاب وهو أعلى انواع التحمل.
صيغة الرواية بها: سمعت وهي
أرفع صيغ السماع ويجوز ان يستخدم سوى ذلك مثل: حدثني – أخبرني ونحو ذلك.
الثانية: القراءة على الشيخ,
ويقال لها: العرض. كما يعرض التلميذ القرآن على الشيخ, وسواء قرأت أنت أو قرأ غيرك
وأنت تسمع, وسواء قرأت من حفظك أو من كتاب.
صيغة الرواية بها: إن قرأت
أنت على الشيخ تقول: قرأت على فلان. وإن قرأ غيرك تقول: قرئ على فلان وأنا اسمع.
ويجوز أن تقول: حدثنا فلان
قراءة عليه, وكذلك: أخبرنا فلان قراءة عليه.
الثالثة: الاجازة وصورتها: أن
يلتقي الطالب بالشيخ فيقول له الطالب: أجزني في الموطأ أو الصحيحين أو الكتب الستة
أو مروياتك مثلا, وسواء قرأ التلميذ عليه بعضا من صحيح البخاري وسائر الكتب الستة
أم لم يقرأ فيقول الشيخ: أجزتك في مروياتي أو مؤلفاتي أو الكتب الستة, ونحوِ ذلك.
والإجازة أنواع أقواها ان
يجيز لمعين في معين.
مثل
أن يقول الشيخ : أجزت لك كتاب الموطأ, أو أجزت لك الكتب الستة, أو الكتب التسعة, و
نحوَ ذلك.
وغير المعين, لو قال الشيخ:
أجزت محمد بن أحمد التونسي, ويكون عنده عدد من الطلبة بهذا الاسم.
وفي غير المعين بأن يقول:
أجزتك بكتاب السنن, فلا ندري أي كتاب من السنن الأربع, أو سنن الدارمي أو سنن
الدارقطني أو سنن البيهقي.
و بعض المتأخرين توسع في
الإجازة, فكان يقول: أجزت أهل البلد الفلاني, أو أجزت المسلمين! فهذه إجازة على
العموم, وهي ضعيفة.
و من أنواع الإجازة: إجازةُ
المُجاز, مثلُ أن يقول الشيخ : أجزت لك مُجازاتي, أو أجزت لك ما أجيز لي.
و هذه يقال لها : الإجازة على
الإجازة, يعني: لم يسمع الشيخ هذه الأحاديث من شيخه, بل أخذ ذلك إجازة, كما هو
الواقع غالبا في هذه الأيام, الإجازة من غير سماع.
صيغة الرواية بالإجازة هي :
أجاز لي فلان, و جوز المتأخرون : أنبأنا. و أكثر من استخدامه الخطيب البغدادي وابو
نعيم والبيهقي وغيرهم كثير.
تنبيه : قد نجد في بعض الكتب
كلماتٍ مختصرةً, و كل لفظة لها معنى خاص, فمن ذلك:
قال السيوطي:
وكتبوا حدثنا ثنا ونا ودثنا] ثم [أنا
أخبرنا
وأرنا وأبنا وأخنا حدثني قسها على
حدثنا
وكتبوا
حا عند تحويل سند فقيل
مِن صح وقيل ما انفرد
وقال قا
فاً مع ثنا
أو تفرد وحذفها
في الخط أصلا أجود
و كذلك (ح) و هي لفظة
يستخدمها الإمام مسلم والنسائي وغيرهما كثيراً, والمراد بها التحول من
إسناد إلى إسناد, لكن كلا الإسنادين يلتقي في شيخ واحد غالبا, أو في صحابي واحد.
وينطق بها أثناء القراءة (حا).
كذلك لفظ" قال" هي
محذوفة خطا, لكنها مقدرة نطقاً, لذا يستحب لك إذا كنت تملي الحديث أن تنطق بها.
كحديث رواه مالك فقال فيه: حدثنا نافع, حدثنا ابن عمر, النبي صلى الله عليه
وسلم. فأنت تقول: قال مالك: حدثنا نافع, قال: حدثنا ابن عمر, قال: عن النبي صلى
الله عليه وسلم. وكذا في أخبرنا , وأنبأنا. تضيف لفظ: قال.
35ــ
رواية الأقران
و ما روى كل
قرين عن أخه مدبج
فاعرفه حقا و انتخه
مأخوذ من النخوة, أي: شمّر عن
ساعد الجد واجتهد في معرفة هذه الفنون.
تعريف : الأقران
هم الجيل الواحد الذي تقاربت ولاداتهم وتشاركوا في الأخذ عن شيوخ معينين, أو أخذوا
عن شيوخ من طبقة واحدة أيضا, وذلك كمالك والأوزاعي والثوري وشعبة وحماد بن زيد
وحماد بن سلمة.
فإن روى أحد القرينين عن
الآخر, ولم يرو عنه الآخر, فهو رواية الأقران.
مثاله في الصحابة: رواية أبي
هريرة, عن أسامة بن زيد.
مثاله في التابعين : الزهري,
عن عطاء بن أبي رباح.
مثاله في تابع التابعين :
الأوزاعي, عن مالك.
مثاله في
تابع تابع التابعين : أحمد بن حنبل, عن علي المديني.
فهذا يقال له: رواية الأقران,
أو القرين.
وهناك نوع آخر يقال له المدبج
: و هو أن يتبادل القرينان الرواية, بأن يروي كل واحد عن الآخر.
كالأمثلة السابقة, لكن بأن
يروى أبو هريرة عن أسامة بن زيد, وأسامة يروى عنه, أو يروى مالك, عن الأوزاعي,
والأوزاعي يروى عن مالك, و نحو ذلك.
36ــ
رواية الأكابر عن الأصاغر
الأصل في الرواية هي رواية
الصغير عن الكبير, وأحيانا يكون العكس, مثل رواية يحيى بن سعيد الأنصاري, عن
تلميذه مالك, ومثل رواية البخاري عن تلميذه أبي العباس السراج, أو عن ابن خزيمة.
37ــ
رواية الآباء عن الأبناء
مثاله: رواية العباس عم النبي
صلى الله عليه و سلم عن ابنه الفضل بن العباس, أن النبي صلى الله عليه و سلم جمع
بين الصلاتين بالمزدلفة. ذكر ذلك الخطيب البغدادي.
مثال آخر: ما أخرجه الترمذي
من رواية وائل بن داود, عن ابنه بكر بن وائل, عن الزهري , عن أنس, أن النبي صلى
الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر. والسويق: طعام يتخذ من مدقوق القمح
والشعير.
وفائدة هذه الأنواع الثلاثة
المتقدمة؛ أن لا يُظن أن ذلك خطأ من أحد الرواة, بل قد يقع ذلك, و يكون خلاف ما هو
الأصل في الرواية.
38ــ
المجاهيل من الرواة
قال العراقي
: واختلفوا هل يقبل
المجهول وهو
على ثلاثة مجعول
مجهول
عين من له راوٍ فقط وردَّه
الأكثر...
تعريف : المجهول من الرواة هو
من لم يوثقه أو يجرحه أحد من أئمة
الجرح والتعديل, ممن يحتج بكلامهم. فهذا له ثلاثة أحوال.
الأول : مجهول العين, وهو من
لم يرو عنه سوى راو واحد.
الثاني: مجهول الحال, و هو من
روى عنه اثنان, و هو عدل الظاهر خفي الباطن, لأن من روى عنه اثنان زالت جهالة
عينه. أي: صار معروفا من حيث الظاهر, لكنه مازال خفي الباطن. أي: في حقيقة الأمر.
ولا يزول هذا الخفاء إلا بنص إمام من أئمة هذا الشأن على عدالته.
فهذا والذي قبله من قسم
الضعيف.
و يطلق ابن حجر على القسم
الثاني : مجهول الحال, أو المستور أحياناً.
تنبيه: هناك خلاف في من روى
عنه جمع, أي ثلاثة فأكثر, فعند أكثر المتقدمين, أنه تبع للقسم الثاني المتقدم,
وأنه من المجهول وأنه غير حجة, ولا تزول جهالته إلا بتنصيص إمام على عدالته.
و قبل حديثه طائفة منهم: ابن
حبان و العجلي وابن شاهين والحاكم ومن بعدهم كالمنذري والهيثمي, وأكثر المعاصرين
كالشيخ أحمد شاكر و الألباني و شعيب الأرناؤوط و شيخنا الشيخ عبد القادر الأرناؤوط
و غيرهم.
فتلخص لنا من
ذلك: أن الراوي الذي لم يوثقه أحد من أئمة الجرح و التعديل المحتج بكلامهم, و لم
يجرحه أحد منهم, له ثلاثة أحوال: إن روى عنه واحد فقط فهو ضعيف, إن روى عنه اثنان
فهو عند الجمهور أيضا ضعيف, وإن روى عنه ثلاثة فأكثر, فهو مقبول عند بعض المتقدمين
وكثير من المتأخرين, وعامة المعاصرين.
39ــ رواية
المبتدع
الابتداع لغة : الإنشاء
والاختراع والإيجاد, قال الله تعالى: (بديع السماوات و الأرض) أي موجدهما و
خالقهما.
اصطلاحا : هو الإحداث في
الدين بعد أن تم و كمل, سواء في الاعتقاد أو العمل, و قد تم الدين بوفاته صلى الله
عليه و سلم, قال الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم...) و كانت هذه الآيات من
أواخر ما نزل, وغالباً تطلق البدعة على ما يخالف السنة.
و البدعة نوعان :
بدعة مفسقة: وهي
كل اعتقاد أو عمل لا يؤدي إلى كفر, و ذلك كالتشيع القديم والإرجاء والقول بالقدر
والوقف في القرآن, فلا يقول مخلوق و لا غير مخلوق, فهؤلاء من كان منهم ثقة أو
صدوقا قبلت روايته إلا إن روى حديثا يؤيد بدعته. مثلا : لو روى الشيعي حديثا في
فضل الآل أو فضل نكاح المتعة, ونحو ذلك, فلا يقبل حديثه, بل يرد.
و بدعة مكفرة : مثل من يعتقد
بتحريف القرآن أو نقص فيه أو زيادة أو يكفر الصحابة, أو يكفر أهل السنة, وكذلك
القول بوحدة الوجود, والاستعانة بأهل القبور و طلب
الغوث منهم و أنهم يضرون و ينفعون, وإذا ناقشه أحد جادل وأصر, أو القول بإنكار
جميع السنة أو معظمها, و يدخل في ذلك الرافضة الإمامية الاثنا عشرية, وما تولد عن
الإمامية: كالإسماعيلية والباطنية القرمطية والنصيرية العلوية والدرزية
والبهائية و القاديانية الأحمدية, فحكم الرواية عن هؤلاء وأمثالهم هو الرد, كذلك
لا تقبل شهاداتهم في الحقوق والأموال ونحوِ ذلك؛ لأنه يشترط في الشاهد أن يكون
مسلماً طائعاً يخاف الله, وهؤلاء ليسوا كذلك؛
فهم في الأصل كانوا ينتمون للإسلام, لكن خرجوا من الملة, وارتدوا على أدبارهم.
تنبيه : قد يسأل سائل : هل في
الصحيحين روايةٌ عن المبتدعة بدعاً غيرَ مكفرة؟.
الجواب : نعم, لكنها ليست
كثيرة, و قد انتقى البخاري و مسلم رواية الثقات الأتقياء منهم, و ما رويا لهؤلاء
في مسائل الاعتقاد, أو فيما يؤيد بدعتهم, بل جُل ذلك في الأخلاق والترغيب و
الترهيب و نحو ذلك, و الله أعلم.
40- تعارض
الوصل و الإرسال و الرفع و الوقف
تعريف: هو أن يزيد راوٍ أو
أكثرُ زيادةً في السند, وذلك كأن يزيد ذكرَ الصحابي في المرسل, فيصيرَ موصولا, أو
يزيد ذكر النبي صلى الله عليه و سلم, فيصير مرفوعا.
ويعد ذلك من باب الزيادة في
السند, لأن من وصل الحديث يكون قد زاد في السند ذكر الصحابي, كذلك من رفع الحديث
يكون قد زاد في السند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم هذه الزيادة: لا يوجد
قاعدة مطردة, بل تقبل أحيانا, وترد أحيانا, وذلك بحسب القرائن.
والأمثلة في ذلك كثيرة :
مثالُ تعارضِ الوصل والإرسال
مع ترجيح الوصل: حديث أبي موسى: "لا نكاح إلا بولي".
فهذا رواه إسرائيل بن يونس و
أبوه يونس و القاضي شريك وغيرهم, عن أبي إسحاق السبيعي, عن أبي بردة بن أبي موسى
الأشعري, عن أبيه مرفوعا.
خرجه أصحاب السنن والمسانيد
سوى الصحيحين والموطأ.
ورواه شعبة والثوري عن أبي
إسحاق, عن أبي بردة مرسلا, لكن اختلف على شعبة و الثوري أيضا, فبعض الرواة عنهما
رواه موصولا بذكر أبي موسى. والحديث رجح وصله و حكم بصحته البخاري كما نقل الخطيب,
وروى الحاكم تصحيحه عن علي المديني ومحمد بن يحيى الذهلي.
فههنا قبلت زيادة الثقة بل هم
أكثر من ثقة حقيقة, مع اختلاف فيه على الثوري وشعبة.
مثال تعارض الوقف والرفع, مع
ترجيح الوقف:
حديث أبي سعيد الخدري, عن
النبي صلى الله عليه وسلم " أنه نهى أن يُستأجر الأجير حتى يعلم أجره ".
قال ابن ابي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث, وقد رواه حماد بن سلمة, عن
حماد بن أبي سليمان, عن إبراهيم النخعي, عن أبي سعيد مرفوعا. ورواه الثوري, عن
حماد, عن إبراهيم, عن أبي سعيد موقوفاً؟. فقال أبو زرعة: الصحيح موقوف؛ لأن الثوري
أحفظ من حماد بن سلمة.
41- زيادة
الثقة في المتن و حكمها
تعريف : هي أن يروي الثقة
حديثا قد رواه غيره, فيزيدَ فيه زيادة سواءَ كانت الزيادةُ كلمة واحدة أو جملةً,
أو أكثر.
حكمها: قسم أبو عمرو بن
الصلاح هذه الزيادة إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن تقع مخالفة معارضة
لما رواه الثقات. فحكمها الرد, وهي من قبيل الشاذ, وتقدم بحث الشاذ.
القسم الثاني : أن تكون هذه
الزيادة غير مخالفة لما رواه غيره ممن هو أرجح منه, فهي مقبولة, لأنها في حكم
تفرده بحديث مستقل, و تحمل زيادته على أنه حفظ ما لم يحفظه غيره.
مثاله حديث :"إذا شرب
الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبع مرات"
هكذا رواه مالك عن أبي
الزناد, عن الأعرج, عن أبي هريرة مرفوعا, و خرجه الشيخان من طريق مالك.
وورد بلفظ "إذا ولغ
الكلب في إناء أحدكم فليرقه, ثم ليغسله سبع مرار" فلفظ "فليرقه"
زاده علي بن مُسهر أحد الثقات في طريق آخر, عن أبي هريرة, فزيادته هذه غير مخالفة
لما رواه مالك, بل رواية مالك تدل عليها, لأنه لما أمَر بغسله دل على تنجس ما فيه.
ثم إنه لا يمكن غسل الإناء إلا إذا أريق.
و كذا أخرجه مسلم من طريق
آخر, عن محمد بن سيرين, عن أبي هريرة مرفوعا, فزاد فيه :"أولاهن
بالتراب". فالزيادة في هذا الحالة من
الثقة مقبولة.
القسم الثالث : ما كان بين
المرتبتين, فهذا اختلف فيه أهل العلم, و ذلك بأن يقع في الزيادة تقييد مطلق مثل
حديث أخرجه البخاري و مسلم عن أنس قال :"أُمر بلال أن يشفع الأذان و أن يوتر
الإقامة"
زاد سِماك بن عطية, عن أيوب,
عن أبي قلابة, عن أنس "إلا الإقامة"
هذه الزيادة عند البخاري 602
و عند مسلم 378. قال الحاكم في علوم الحديث ص77 : رواه الناس عن أيوب, فلم يذكر
التثنية في الإقامة, إلا سماك, وهو ثقة.
قلت : معنى هذا الحديث أن
ألفاظ الأذان تكرر كل لفظة مرتين, إلا التكبير في أوله, فهو أربع مرات عند
الجمهور؛ إلا المالكية, و أما الإقامة فكل لفظة مرة واحدة؛ سوى لفظةِ "قد
قامت الصلاة" فإنها تكرر مرتين, لأجل زيادة سماك هذا.
و أخذ بهذه الزيادة الشافعي و
طائفة من العلماء, و لم يأخذ بها أبو حنيفة ومالك وطائفة.
و من هذا الباب ما جاء في
حديث حذيفة عند مسلم من طريق أبي مالك الأشجعي, عن رِبعي بن حِرَاش, عنه مرفوعا و
فيه "وجعلت لي الأرض مسجدا و تربتها طَهورا"
و الحديث في الصحيحين عن جابر
" أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي... وفيه "وجعلت لي الأرض مسجدا وطَهورا" .
أيضا أخذ بالزيادة الشافعي
وأحمد و أكثر أهل الحديث, فلا يصح عندهم التيمم إلا بالتراب أو شيء عليه غبار.
وأما أبو حنيفة ومالك, فلم يأخذا بهذا القيد, بل عندهما يجوز التيمم بكل شيء أصله
من الأرض, كالحجر والرخام ونحو ذلك, وإن لم يكن عليه غبار, لكن اشترط المالكية أن
لا تلحقه الصنعة.
42- غريب
ألفاظ الحديث
تعريف: هو ما يقع في متن
الحديث من ألفاظ غامضة تحتاج إلى شرح و بيان.
طرق بيان معاني الألفاظ
الغريبة, متعددة منها :
- 1-
أن يفسرها النبي صلى الله عليه و سلم, و ذلك
كحديث جبير بن مطعِم مرفوعاً:
- "إن
لي خمسةَ أسماء, أنا محمد, وأنا أحمد, و أنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر, و
أنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي, و أنا العاقب الذي ليس بعده أحد" (خ م) .
- وحديث
أبي هريرة : " من تبع الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط. قيل: وما القيراط؟
قال: مثل جبل أحد" (خ م)
- 2-
أن يكون تفسيره من أن أحد رواته كالصحابي فمن
دونه
.
وذلك مثل حديث أبي أمامة :
" اقرأوا سورة البقرة, فإن أخذها بركة, وتركها حسرة, ولا تستطيعها البطلة".
قال معاوية بن سلَّام أحد
رواته : بلغني أن البطلة السحرة. أخرجه مسلم.
وكذلك حديث أم المؤمنين عائشة
في بَدء الوحي: فكان يتحنث في غار حراء الليالي ذواتي العدد. قال الزهري: التحنث
التعبد.
- 3-
أن يكون تفسيره من قبل أحد شراح كتب
السنة كالخطابي والمنذري وعياض والنووي وابن حجر وغيرهم.
- 4-
الرجوع إلى كتب غريب الحديث.
- 5-الرجوع
إلى كتب اللغة.
أشهر المصنفات في الغريب :
- 1-غريب
الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام.
- 2-
الفائق للزمخشري.
- 3-النهاية
في غريب الحديث لابن الأثير المتوفى سنة606. وهو خير كتاب في هذا الباب؛ لذا
اعتمده الأئمة من بعده, بل إن ابن منظور الأفريقي صاحب كتاب لسان العرب أدرجه
كاملا في كتابه, لنفاسة شرحه.
43- المتفِق
والمفترِق
تعريف: أن تتفق أسماء الرواة
وأسماء آبائهم فصاعدا, خطا ولفظا وتختلف أشخاصهم. أمثلة:
من اتفقت أسماؤهم وأسماء
آبائهم :
الخليل بن أحمد , ستة أشخاص
اشتركوا في هذا الاسم أولهم شيخ سيبويه صاحب العَروض.
فائدة: قال أبو العباس المبرد:
فتش المفتشون فما وجدوا بعد نبينا صلى الله عليه وسلم من اسمه أحمد غيرَ أبي خليل.
من اتفقت أسماؤهم وأسماء
اّبائهم وأجدادهم : أحمد بن جعفر بن حمدان , أربعةٌ كانوا في عصر واحد .
من اتفقت كناهم ونسبتهم فقط
: أبو عمران الجَوني , اثنان, الأول تابعي وهو عبد الملك بن حبيب , والثاني متأخر
اسمه موسى بن سهل البصري .
44- المؤتلِف
والمختلِف
لغة: مأخوذ من الائتلاف , وهو
الاجتماع والتلاقي. ومن هذا المعنى قوله تعالى:( لإيلاف قريش ) في قول, وفي
قول آخر في تفسير الآية: أي: ما ألفوه واعتادوه.
اصطلاحا : أن تتفق الأسماء أو
الألقاب أو الكنى أو الأنساب خطا وتختلف لفظا .
أمثلة : سلّام وسلام , أكثره
بتشديد اللام إلا خمسةً بالتخفيف منهم: عبد الله بن سلام الصحابي .
- حِزام وحَرام
, الأول مستخدم في قريش والثاني في الأنصار .
- عِسْل-
بكسر العين , وسكون السين , وعَسَل , والكل من النوع الأول , إلا رجلا, وهو عَسَلُ
بن ذكوان البصري
فائدة: ضبط بعض ما تقدم في
الصحيحين والموطأ فقط, فمن ذلك:
بشار والد محمد شيخ البخاري,
وسائر ما في الكتابين يسار, وفيهما أيضا: سيار بن سلامة, وسيار بن أبي سيار, واسم
أبي سيار وردان .
جميع ما في الصحيحين والموطأ
جاء على صورة: بِشْر, سوى أربعة, فإنهم بالسين, وهم : عبد الله بن بُسر المازني
صحابي. وبُسر بن سعيد وبسر بن عبد الله الحضرمي وبُسر بن محجن الدَّيلي.
كل ما في هذه الكتب الثلاث:
حارثة, سوى اثنين وهما: جارية بن قدامة ويزيد بن جارية.
كل ما فيها: خِراش , سوى والد
ربعي, فهو: حِراش.
كل ما فيها: حازم أو
أبو حازم إلا محمدَ بن خازم أبا معاوية الضرير, فهو بالخاء.
ليس في الصحيحين إلا زُبيدُ
بن الحارث اليامي, وليس في الموطأ إلا
زُييد وهو ابن الصلت .
جميع ما فيها: الهمداني –
بالدال المهلة نسبة إلى همدان قبيلة يمنية, وأما الهمذاني, فنسبة
إلى بلدة في العراق, وهو في العلماء المتأخرين .
ومن أراد المزيد فليرجع إلى
مقدمة ابن الصلاح.
45- المتشابه
تعريف: أن تتفق أسماء الرواة
لفظا وخطا وتختلف أسماء الآباء لفظا, لا خطا, أو العكس بأن تتفق أسماء الآباء
وتختلف الأسماء.
أمثلة: محمد بن عُقيل- بضم
العين, ومحمد بن عقيل بفتحها .
شُريح بن النعمان, وسُريج بن
النعمان.
ومن المتشابه, ما اتَّفق في
الاسم, واختلف في اسم الأب بحرف أو حرفين , مثل: محمد بن حُنين , ومحمد بن جُبير .
ومنه التقديم والتأخير في
الأسماء, مثل: الأسود بن يزيد, ويزيد بن الأسود, عمرو بن مرة, مرة بن عمرو.
الكتب المصنفة في هذه الأبحاث
كثيرة أحسنها: الإكمال لأبي نصر علي هبة الله بن ماكولا, المتوفى
475هـ
.
46- طبقات
المدلسين
لقد قسّم العلماءُ المدلسين
إلى مراتب لئلا يُتوقفَ في أحاديثِ كل من نُسب إلى التدليس.
وأول من تكلم في تقسيم
المدلسين إلى مراتب هو الحاكم, ثم تبعه العلائي في كتابه المراسيل , ثم صنف ابن
حجر جزءاً مفرداً في أسماء المدلسين وجعلهم خمس مراتب, وهي:
المرتبة الأولى: من لم يدلس
إلا نادراً جداً, بحيث لا ينبغي أن يعد في المدلسين, كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام
بن عروة وموسى بن عقبة .
المرتبة الثانية : من كان
إماماً وكان قليل التدليس, أو لا يدلس إلا عن ثقة, فهذا احتمل الأئمة تدليسه
وخرّجوا له في الصحيح, وإن لم يصرح كابن عيينة.
المرتبة الثالثة : من أكثر من
التدليس, فهؤلاء لم يقبل بعض الأئمة من حديثهم إلا ما صرحوا, وبعضهم قبل حديثهم,
كأبي إسحق السبيعي وابن جريج وهشيم بن بشير.
المرتبة الرابعة: من اتفق
الأئمة على أنه لا يُحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لغلبة تدليسهم
وكثرته عن الضعفاء والمجهولين, كبقية بن الوليد الحمصي والوليد بن مسلم ومحمد بن
إسحاق صاحب المغازي.
المرتبة الخامسة : من ضُعّف
بأمر آخر سوى التدليس وزادهم التدليس ضعفاً فحديثهم مردود وإن صرحوا بالسماع ,
كابن لهيعة وإبراهيم بن محمد الأسلمي والحسن بن عمارة الكوفي.
47ــ
معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات
منهم: عطاء بن السائب، و قد
سمع منه الثوري وشعبة و حماد بن زيد قبل الاختلاط، و كذا حماد بن سلمة في قول بن
معين والطحاوي، و باقي الرواة سمعوا منه بعد الاختلاط
ومنهم أبو إسحاق السّبيعي,
وسماع شعبة والثوري منه قبل الاختلاط. ومنهم سعيد بن إياس الجُريري ، وكذلك سعيد
بن أبي عَروبة, والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ، وصالح بن نَبهان مولى
التوأمة . وعبد الرزاق بن همام ، ذكر أحمد بن حنبل أنّه عمي في آخر عمره ، فكان
يلقّن, وأنّه تغير عام مائتين و ما بعدها, وقد توفي: 211هـ لكن
كتابه المصنف ألفه قبل ذلك.
قال ابن الصلاح : وجدت فيما
روى الطبراني، عن إسحاق بن إبراهيم الدّبََري، عن عبد الرزاق، أحاديث استنكرتها
جدا، فأحلت أمرها إلى ذلك، فإنّ سماع الدبري منه متأخر جدا
، و قال إبراهيم الحربي : مات عبد الرزاق وللدبري ست أو سبع سنين .
47- معرفة
الصحابة
قال ابن حجر في نزهة النظر ص111:
الصحابي : هو 1ـ من لقي النبي صلى الله عليه وسلم. 2ـ مؤمنا به. 3ـ
ومات على الإسلام, وإن تخللت ردّة على الأصح.
قال: والتعبير باللقي أولى من
قولهم: هو من رأى. ففي تعريفهم يخرج العميان, ومنهم: عبد الله ابن أم مكتوم ، و
بقولنا : مؤمنا به : يخرج من لقيه كافرا ، كأبي جهل وأبي لهب، و بقولنا : ومات على
الإسلام ، يخرج من أسلم ثم ارتد, كعبيد الله بن جحش وعبد الله بن خطل، زاد السخاوي
: مِقيَسَ بن حُبابة ، وربيعة بن أميّة بن خلف ، أسلم يوم الفتح ، ثمّ ارتد في
خلافة عمر ولحق بالروم و تنصر. قال ابن حجر : وبقولنا : و لو تخللت ردة ، و ذلك
كقصة الأشعث بن قيس الكندي، ثمّ رجع، وزوجه أبو بكر أخته. قلت: والأقرع بن حابس
التميمي وطليحة الأسدي وعيينة بن بدر الفزاري.
وقال ابن صلاح ص 396: توسع
العلماء فأعطَوا كلّ من رآه رؤية اسم الصحبة ، وذلك لشرف منزلة النبي صلى الله
عليه وسلم .
قال العراقي:
رأى
النبي مسلماً ذو صحبة وقيل
إن طالت و لم تثبّت
وتعرف
الصحبة باشتهارٍ او تواتر
أو قول صاحب و لو
قد ادّعاها
وهو عدل قُبلا وهم
عدول
................
قال ابن الصلاح: للصحابة
بأسرهم خِصِيصة ، وهي أنّه لا يسأل عن عدالة أحد منهم ، لأنّهم معدّلون بنصوص
الكتاب والسنة و إجماع من يُعتدّ به. قال الله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت
للنّاس ) آل عمران 110.