557 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنهم ذبحوا شاة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «ما بقي منها؟» قالت: ما بقي منها إلا كتفها. قال: «بقي كلها غير كتفها». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث صحيح».
ومعناه: تصدقوا بها إلا كتفها. فقال: بقيت لنا في الآخرة إلا كتفها.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2470).
(1/188)
558 - وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا توكي فيوكى عليك (1)».
وفي رواية: «أنفقي أو انفحي، أو انضحي، ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك». متفق عليه. (2)
و «انفحي» بالحاء المهملة، وهو بمعنى «أنفقي» وكذلك «انضحي».
__________
(1) أي لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك. لسان العرب 15/ 390 (وكي).
(2) أخرجه: البخاري 2/ 140 (1433)، ومسلم 3/ 92 (1029) (88).
(1/188)
559 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جنتان (1) من حديد من ثديهما إلى تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت - أو وفرت - على جلده حتى تخفي بنانه، وتعفو أثره، وأما البخيل، فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع». متفق عليه. (2)
و «الجنة»: الدرع؛ ومعناه أن المنفق كلما أنفق سبغت، وطالت حتى تجر وراءه، وتخفي رجليه وأثر مشيه وخطواته.
__________
(1) في رواية البخاري: «جبتان». قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 386: «كذا في هذه الرواية بضم الجيم بعدها موحدة، ومن رواه فيها بالنون فقد صحف، والجنة في الأصل الحصن، وسميت بها الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه، والجبة بالموحدة ثوب مخصوص، ولا مانع من إطلاقه على الدرع».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 142 - 143 (1443)، ومسلم 3/ 88 (1021) (75).
(1/189)
560 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل». متفق عليه. (1)
«الفلو» بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، ويقال أيضا: بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو: وهو المهر.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 134 (1410)، ومسلم 3/ 85 (1014) (64).
(1/189)
561 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة، اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه، يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها، فقال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه». رواه مسلم. (1) [ص:190]
«الحرة» الأرض الملبسة حجارة سوداء. و «الشرجة» بفتح الشين المعجمة وإسكان الراء وبالجيم: هي مسيل الماء.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 222 (2984) (45).
(1/189)
61 - باب النهي عن البخل والشح
قال الله تعالى: {وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى} [الليل: 8 - 11]، وقال تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [التغابن: 16].
(1/190)
وأما الأحاديث فتقدمت جملة منها في الباب السابق.
562 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا الظلم؛
فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (203).
(1/190)
62 - باب الإيثار والمواساة
قال الله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9]، وقال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [الدهر: 8].
(1/190)
563 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني مجهود (1)، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من يضيف هذا الليلة؟» فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء وإذا أرادوا العشاء فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل. فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين، فلما أصبح غدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي وجد مشقة من الحاجة والجوع. النهاية 1/ 320.
(2) أخرجه: البخاري 5/ 42 - 43 (3798)، ومسلم 6/ 127 (2054) (172).
(1/190)
564 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية».
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 92 (5392)، ومسلم 6/ 132 (2058) (178) و (2059) (179).
(1/191)
565 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له»، فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 138 (1728) (18).
(1/191)
566 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن أمرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة، فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها! فقال: «نعم» فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه: فقال له القوم: ما أحسنت! لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل: فكانت كفنه. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 16 (6036).
(1/191)
567 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم». متفق عليه. (1)
«أرملوا»: فرغ زادهم أو قارب الفراغ.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 181 (2486)، ومسلم 7/ 171 (2500) (167).
(1/191)
63 - باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك به
قال الله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين: 26].
(1/191)
568 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟» فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا. فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. متفق عليه (1).
«تله» بالتاء المثناة فوق: أي وضعه. وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 144 (2351)، ومسلم 6/ 113 (2030) (127).
(1/192)
569 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أيوب - عليه السلام - يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه - عز وجل: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟! قال: بلى وعزتك ولكن لا غنى بي عن بركتك». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 78 (279).
(1/192)
64 - باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها
قال الله تعالى: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى} [الليل: 5 - 7]، وقال تعالى: {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى} [الليل: 17 - 21]، وقال تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} [البقرة: 271]، وقال تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} [آل عمران: 92] والآيات في فضل الإنفاق في الطاعات كثيرة معلومة.
(1/192)
570 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها». متفق عليه. (1) وتقدم شرحه قريبا.
__________
(1) انظر الحديث (543).
(1/192)
571 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار». متفق عليه. (1)
«الآناء»: الساعات.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 236 (5025)، ومسلم 2/ 201 (815) (266).
(1/192)
572 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: «وما ذاك؟» فقالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون وتكبرون وتحمدون، دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة» فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء». متفق عليه، وهذا لفظ رواية مسلم. (1)
«الدثور»: الأموال الكثيرة، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 213 - 214 (843)، ومسلم 2/ 97 (595) (142).
(1/193)
65 - باب ذكر الموت وقصر الأمل
قال الله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [آل عمران: 185]، وقال تعالى: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت} [لقمان: 34]، وقال تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [النحل: 61]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} [المنافقون: 9 - 11]، وقال تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي [ص:194] تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} إلى قوله تعالى: { ... كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسئل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 99 - 115]، وقال تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} [الحديد: 16]، والآيات في الباب كثيرة معلومة.
(1/193)
573 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».
وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (470).
(1/194)
574 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما حق امرئ مسلم، له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». متفق عليه، هذا لفظ البخاري. (1)
وفي رواية لمسلم: «يبيت ثلاث ليال» قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 2 (2738)، ومسلم 5/ 70 (1627) (1) و (4).
(1/194)
575 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطوطا، فقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاء الخط الأقرب». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 111 (6418).
(1/194)
576 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله محيطا به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا، نهشه هذا». رواه البخاري (1). وهذه صورته: [ص:195]
............ الأجل
... الأعراض
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 110 - 111 (6417).
(1/194)
577 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر؟!». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) انظر الحديث (93).
(1/195)
578 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» يعني: الموت. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (4258)، والترمذي (2307)، والنسائي 4/ 4 وفي «الكبرى»، له (1950)، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
ومعناه: تصدقوا بها إلا كتفها. فقال: بقيت لنا في الآخرة إلا كتفها.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2470).
(1/188)
558 - وعن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا توكي فيوكى عليك (1)».
وفي رواية: «أنفقي أو انفحي، أو انضحي، ولا تحصي فيحصي الله عليك، ولا توعي فيوعي الله عليك». متفق عليه. (2)
و «انفحي» بالحاء المهملة، وهو بمعنى «أنفقي» وكذلك «انضحي».
__________
(1) أي لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك. لسان العرب 15/ 390 (وكي).
(2) أخرجه: البخاري 2/ 140 (1433)، ومسلم 3/ 92 (1029) (88).
(1/188)
559 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل البخيل والمنفق، كمثل رجلين عليهما جنتان (1) من حديد من ثديهما إلى تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق إلا سبغت - أو وفرت - على جلده حتى تخفي بنانه، وتعفو أثره، وأما البخيل، فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها فلا تتسع». متفق عليه. (2)
و «الجنة»: الدرع؛ ومعناه أن المنفق كلما أنفق سبغت، وطالت حتى تجر وراءه، وتخفي رجليه وأثر مشيه وخطواته.
__________
(1) في رواية البخاري: «جبتان». قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 3/ 386: «كذا في هذه الرواية بضم الجيم بعدها موحدة، ومن رواه فيها بالنون فقد صحف، والجنة في الأصل الحصن، وسميت بها الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه، والجبة بالموحدة ثوب مخصوص، ولا مانع من إطلاقه على الدرع».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 142 - 143 (1443)، ومسلم 3/ 88 (1021) (75).
(1/189)
560 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل». متفق عليه. (1)
«الفلو» بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو، ويقال أيضا: بكسر الفاء وإسكان اللام وتخفيف الواو: وهو المهر.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 134 (1410)، ومسلم 3/ 85 (1014) (64).
(1/189)
561 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة، اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه، يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها، فقال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثه». رواه مسلم. (1) [ص:190]
«الحرة» الأرض الملبسة حجارة سوداء. و «الشرجة» بفتح الشين المعجمة وإسكان الراء وبالجيم: هي مسيل الماء.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 222 (2984) (45).
(1/189)
61 - باب النهي عن البخل والشح
قال الله تعالى: {وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى} [الليل: 8 - 11]، وقال تعالى: {ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [التغابن: 16].
(1/190)
وأما الأحاديث فتقدمت جملة منها في الباب السابق.
562 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا الظلم؛
فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (203).
(1/190)
62 - باب الإيثار والمواساة
قال الله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} [الحشر: 9]، وقال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [الدهر: 8].
(1/190)
563 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني مجهود (1)، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء، ثم أرسل إلى أخرى، فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من يضيف هذا الليلة؟» فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله، فقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية قال لامرأته: هل عندك شيء؟ فقالت: لا، إلا قوت صبياني. قال: فعلليهم بشيء وإذا أرادوا العشاء فنوميهم، وإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل. فقعدوا وأكل الضيف وباتا طاويين، فلما أصبح غدا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لقد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي وجد مشقة من الحاجة والجوع. النهاية 1/ 320.
(2) أخرجه: البخاري 5/ 42 - 43 (3798)، ومسلم 6/ 127 (2054) (172).
(1/190)
564 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية».
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 92 (5392)، ومسلم 6/ 132 (2058) (178) و (2059) (179).
(1/191)
565 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له»، فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 138 (1728) (18).
(1/191)
566 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن أمرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة، فقالت: نسجتها بيدي لأكسوكها، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها، فخرج إلينا وإنها إزاره، فقال فلان: اكسنيها ما أحسنها! فقال: «نعم» فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في المجلس، ثم رجع فطواها، ثم أرسل بها إليه: فقال له القوم: ما أحسنت! لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد سائلا، فقال: إني والله ما سألته لألبسها، إنما سألته لتكون كفني. قال سهل: فكانت كفنه. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 16 (6036).
(1/191)
567 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم». متفق عليه. (1)
«أرملوا»: فرغ زادهم أو قارب الفراغ.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 181 (2486)، ومسلم 7/ 171 (2500) (167).
(1/191)
63 - باب التنافس في أمور الآخرة والاستكثار مما يتبرك به
قال الله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} [المطففين: 26].
(1/191)
568 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟» فقال الغلام: لا والله يا رسول الله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا. فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. متفق عليه (1).
«تله» بالتاء المثناة فوق: أي وضعه. وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 144 (2351)، ومسلم 6/ 113 (2030) (127).
(1/192)
569 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا أيوب - عليه السلام - يغتسل عريانا، فخر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه - عز وجل: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟! قال: بلى وعزتك ولكن لا غنى بي عن بركتك». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 78 (279).
(1/192)
64 - باب فضل الغني الشاكر وهو من أخذ المال من وجهه وصرفه في وجوهه المأمور بها
قال الله تعالى: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى} [الليل: 5 - 7]، وقال تعالى: {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى} [الليل: 17 - 21]، وقال تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} [البقرة: 271]، وقال تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} [آل عمران: 92] والآيات في فضل الإنفاق في الطاعات كثيرة معلومة.
(1/192)
570 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها». متفق عليه. (1) وتقدم شرحه قريبا.
__________
(1) انظر الحديث (543).
(1/192)
571 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار». متفق عليه. (1)
«الآناء»: الساعات.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 236 (5025)، ومسلم 2/ 201 (815) (266).
(1/192)
572 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: «وما ذاك؟» فقالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون وتكبرون وتحمدون، دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة» فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء». متفق عليه، وهذا لفظ رواية مسلم. (1)
«الدثور»: الأموال الكثيرة، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 213 - 214 (843)، ومسلم 2/ 97 (595) (142).
(1/193)
65 - باب ذكر الموت وقصر الأمل
قال الله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} [آل عمران: 185]، وقال تعالى: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت} [لقمان: 34]، وقال تعالى: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} [النحل: 61]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون} [المنافقون: 9 - 11]، وقال تعالى: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي [ص:194] تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون} إلى قوله تعالى: { ... كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسئل العادين قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون} [المؤمنون: 99 - 115]، وقال تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} [الحديد: 16]، والآيات في الباب كثيرة معلومة.
(1/193)
573 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل».
وكان ابن عمر رضي الله عنهما، يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك. رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (470).
(1/194)
574 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما حق امرئ مسلم، له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده». متفق عليه، هذا لفظ البخاري. (1)
وفي رواية لمسلم: «يبيت ثلاث ليال» قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 2 (2738)، ومسلم 5/ 70 (1627) (1) و (4).
(1/194)
575 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطوطا، فقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاء الخط الأقرب». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 111 (6418).
(1/194)
576 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: خط النبي - صلى الله عليه وسلم - خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: «هذا الإنسان، وهذا أجله محيطا به - أو قد أحاط به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا، نهشه هذا». رواه البخاري (1). وهذه صورته: [ص:195]
............ الأجل
... الأعراض
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 110 - 111 (6417).
(1/194)
577 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا بالأعمال سبعا، هل تنتظرون إلا فقرا منسيا، أو غنى مطغيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مفندا، أو موتا مجهزا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر؟!». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) انظر الحديث (93).
(1/195)
578 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكثروا ذكر هاذم اللذات» يعني: الموت. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (4258)، والترمذي (2307)، والنسائي 4/ 4 وفي «الكبرى»، له (1950)، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/195)
579 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلث الليل قام، فقال: «يا أيها الناس، اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه» قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت» قلت: الربع، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالنصف؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2457).
(1/195)
66 - باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
580 - عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها». رواه مسلم. (1)
وفي رواية: «فمن أراد أن يزور القبور فليزر؛ فإنها تذكرنا الآخرة».
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 65 (977) (106).
(1/196)
581 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها. النهاية 1/ 146.
(2) أخرجه: مسلم 3/ 63 (974) (102).
(1/196)
582 - وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 64 (975) (104).
(1/196)
583 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور بالمدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1053) وقال: «حديث غريب»، وسنده ضعيف.
(1/196)
67 - باب كراهة تمني الموت بسبب ضر نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين
584 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمن (1) أحدكم الموت، إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب». متفق عليه، (2) وهذا لفظ البخاري. [ص:197]
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمن أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه؛ إنه إذا مات انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا».
__________
(1) انظر: فتح الباري 13/ 272 عقيب (7235).
(2) أخرجه: البخاري 9/ 104 (7235)، ومسلم 8/ 65 (2682) (13).
(1/196)
585 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (40).
(1/197)
586 - وعن قيس بن أبي حازم، قال: دخلنا على خباب بن الأرت - رضي الله عنه - نعوده وقد اكتوى سبع كيات، فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا، ولم تنقصهم الدنيا، وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب ولولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له، فقال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب. متفق عليه، وهذا لفظ رواية البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 156 (5672)، ومسلم 8/ 64 (2681) (12).
(1/197)
68 - باب الورع وترك الشبهات
قال الله تعالى: {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} [النور: 15]، وقال تعالى: {إن ربك لبالمرصاد} [الفجر: 14].
(1/197)
587 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». متفق عليه، (1) وروياه من طرق بألفاظ متقاربة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 20 (52)، ومسلم 5/ 50 (1599) (107).
(1/197)
588 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد تمرة في الطريق، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 71 (2055)، ومسلم 3/ 118 (1071) (165).
(1/197)
589 - وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البر: حسن الخلق، والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس». رواه مسلم. (1)
«حاك» بالحاء المهملة والكاف: أي تردد فيه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 7 (2553) (15).
(1/198)
590 - وعن وابصة بن معبد - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «جئت تسأل عن البر؟» قلت: نعم، فقال: «استفت قلبك، البر: ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم: ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك» حديث حسن، رواه أحمد والدارمي في مسنديهما. (1)
__________
(1) أخرجه: أحمد 4/ 228، والدارمي (2536).
(1/198)
591 - وعن أبي سروعة - بكسر السين المهملة وفتحها - عقبة بن الحارث - رضي الله عنه: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة، فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي قد تزوج بها. فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فسأله: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كيف وقد قيل؟» ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره. رواه البخاري. (1)
«إهاب» بكسر الهمزة و «عزيز» بفتح العين وبزاي مكررة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 33 (88).
(1/198)
592 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
معناه: اترك ما تشك فيه، وخذ ما لا تشك فيه.
__________
(1) انظر الحديث (55).
(1/198)
593 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت (1) لإنسان [ص:199] في الجاهلية وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني، فأعطاني لذلك، هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه. رواه البخاري. (2)
«الخراج»: شيء يجعله السيد على عبده يؤديه كل يوم، وباقي كسبه يكون للعبد.
__________
(1) الكاهن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار. النهاية 4/ 214.
(2) أخرجه: البخاري 5/ 53 (3842).
(1/198)
594 - وعن نافع: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة الآف وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمئة، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته؟ فقال: إنما هاجر به أبوه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 80 (3912).
(1/199)
595 - وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به، حذرا مما به بأس» رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (4215)، والترمذي (2451) وقال: «حديث حسن غريب»، على أن في إسناده عبد الله بن يزيد الدمشقي ضعيف.
(1/199)
69 - باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين ووقوع في حرام وشبهات ونحوها
قال الله تعالى: {ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين} [الذاريات: 50].
(1/199)
596 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي». رواه مسلم. (1)
والمراد بـ «الغني» غني النفس، كما سبق في الحديث الصحيح.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 214 (2965) (11).
(1/199)
597 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: «مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» قال: ثم من؟ قال: «ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه».
وفي رواية: «يتقي الله، ويدع الناس من شره». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 18 (2786)، ومسلم 6/ 39 (1888) (123).
(1/199)
598 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن». رواه البخاري. (1)
و «شعف الجبال»: أعلاها.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 11 (19).
(1/200)
599 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» فقال أصحابه: وأنت؟ قال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط (1) لأهل مكة». رواه البخاري. (2)
__________
(1) مفردها قيراط: وهو جزء من أجزاء الدينار. النهاية 4/ 42.
(2) أخرجه: البخاري 3/ 115 (2262).
(1/200)
600 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة، طار عليه يبتغي القتل، أو الموت مظانه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير». رواه مسلم. (1)
«يطير»: أي يسرع. و «متنه»: ظهره. و «الهيعة»: الصوت للحرب. و «الفزعة»: نحوه. و «مظان الشيء»: المواضع التي يظن وجوده فيها. و «الغنيمة» بضم الغين: تصغير الغنم. و «الشعفة» بفتح الشين والعين: هي أعلى الجبل.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 39 (1889) (125).
(1/200)
70 - باب فضل الاختلاط بالناس وحضور جمعهم وجماعاتهم، ومشاهد الخير، ومجالس الذكر معهم، وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم، ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم، وغير ذلك من
مصالحهم لمن قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر على الأذى
اعلم أن الاختلاط بالناس على الوجه الذي ذكرته هو المختار الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك الخلفاء الراشدون، [ص:201] ومن بعدهم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء المسلمين وأخيارهم، وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء (1) رضي الله عنهم أجمعين. قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 20] والآيات في معنى ما ذكرته كثيرة معلومة.
__________
(1) انظر: إحياء علوم الدين 2/ 359.
(1/200)
71 - باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين
قال الله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} [المائدة: 54]، وقال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 12]، وقال تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} [النجم: 32]، وقال تعالى: {ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} [الأعراف: 48 - 49].
(1/201)
601 - وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 160 (2865) (64).
(1/201)
602 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (555).
(1/201)
603 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنه مر على صبيان، فسلم عليهم، وقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6247)، ومسلم7/ 6 (2168) (15).
(1/201)
604 - وعنه، قال: إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري. (1)
__________
(1) رواه البخاري 8/ 24 (6072) معلقا.
(1/201)
605 - وعن الأسود بن يزيد، قال: سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - يعني: خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 172 (676).
(1/202)
606 - وعن أبي رفاعة تميم بن أسيد - رضي الله عنه - قال: انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ فأقبل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي، فقعد عليه، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 15 (876) (60).
(1/202)
607 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل طعاما، لعق أصابعه الثلاث. قال: وقال: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى، وليأكلها ولا يدعها للشيطان» وأمر أن تسلت القصعة (1)، قال: «فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم. (2)
__________
(1) تسلت القصعة: نتتبع ما بقي فيها من طعام، ونمسحها بالأصبع ونحوها. النهاية 2/ 387.
(2) أخرجه: مسلم 6/ 115 (2034) (136).
(1/202)
608 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» قال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (599).
(1/202)
609 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 201 (2568).
(1/202)
610 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كانت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العضباء لا تسبق، أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود له، فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: «حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 131 (6501).
(1/202)
72 - باب تحريم الكبر والإعجاب
قال الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83]، وقال تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا} [الإسراء: 37]، وقال تعالى: {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: 18].
ومعنى «تصعر خدك للناس»: أي تميله وتعرض به عن الناس تكبرا عليهم. و «المرح»: التبختر. وقال تعالى: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين} [القصص: 76]، إلى قوله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض} الآيات.
(1/203)
611 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر!» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة؟ قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس». رواه مسلم. (1)
«بطر الحق»: دفعه ورده على قائله، و «غمط الناس»: احتقارهم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 65 (91) (147).
(1/203)
612 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه: أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال: «كل بيمينك» قال: لا أستطيع! قال: «لا استطعت» ما منعه إلا الكبر. قال: فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (159).
(1/203)
613 - وعن حارثة بن وهب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل جواظ مستكبر». متفق عليه، (1) وتقدم شرحه في باب ضعفة المسلمين.
__________
(1) انظر الحديث (252).
(1/203)
614 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون. وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم، [ص:204] فقضى الله بينهما: إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما علي ملؤها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (254).
(1/203)
615 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5788)، ومسلم 6/ 148 (2087) (48).
(1/204)
616 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر». رواه مسلم. (1)
«العائل»: الفقير.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 72 (107) (172).
(1/204)
617 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قال الله - عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 35 (2620) (136).
(1/204)
618 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه، يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة». متفق عليه. (1)
«مرجل رأسه»: أي ممشطه، «يتجلجل» بالجيمين: أي يغوص وينزل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5789)، ومسلم 6/ 148 (2088) (49).
(1/204)
619 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين، فيصيبه ما أصابهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
«يذهب بنفسه» أي: يرتفع ويتكبر.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2000) وقال: «حديث حسن غريب» على أن في إسناده عمر بن راشد اليمامي ضعيف.
(1/204)
73 - باب حسن الخلق
قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} [ن: 4]، وقال تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} [آل عمران: 134] الآية.
(1/204)
620 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 55 (6203)، ومسلم 7/ 74 (2310) (55).
(1/205)
621 - وعنه، قال: ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3561)، ومسلم 7/ 81 (2329) (82).
(1/205)
622 - وعن الصعب بن جثامة - رضي الله عنه - قال: أهديت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا، فرده علي، فلما رأى ما في وجهي، قال: «إنا لم نرده عليك إلا لأنا حرم (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي محرمون للحج.
(2) أخرجه: البخاري 3/ 16 (1825)، ومسلم 4/ 13 (1193) (50).
(1/205)
623 - وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم، فقال: «البر: حسن الخلق، والإثم: ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (589).
(1/205)
624 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3559)، ومسلم 7/ 78 (2321) (68).
(1/205)
625 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» (1).
«البذي»: هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4799)، والترمذي (2002).
(1/205)
626 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: «تقوى الله وحسن الخلق»، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: «الفم والفرج». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (4246)، والترمذي (2004) وقال: «حديث صحيح غريب».
(1/205)
627 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) انظر الحديث (278).
(1/206)
628 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (1) رواه أبو داود. (2)
__________
(1) قال ابن قيم الجوزية: «من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد». عون المعبود 13/ 154.
(2) أخرجه: أبو داود (4798).
(1/206)
629 - وعن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة (1) لمن ترك المراء، وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه». حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح. (2)
«الزعيم»: الضامن.
__________
(1) ربض الجنة: ما حولها خارجا عنها. النهاية 2/ 185.
(2) أخرجه: أبو داود (4800).
(1/206)
630 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون» قالوا: يا رسول الله، قد علمنا «الثرثارون والمتشدقون»، فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبرون». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
«الثرثار»: هو كثير الكلام تكلفا. و «المتشدق»: المتطاول على الناس بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه، و «المتفيهق»: أصله من الفهق وهو الامتلاء، وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه، ويغرب به تكبرا وارتفاعا، وإظهارا للفضيلة على غيره. [ص:207]
وروى الترمذي (2) عن عبد الله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخلق، قال: «هو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2018) وقال: «حديث حسن غريب».
(2) في جامعه (2005)، وعند الترمذي: «بسط الوجه».
(1/206)
74 - باب الحلم والأناة والرفق
قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]، وقال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} [فصلت: 34 - 35]، وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}
[الشورى: 43].
(1/207)
631 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 36 (17) (25).
(1/207)
632 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 20 (6927)، ومسلم 7/ 4 (2165) (10).
(1/207)
633 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق، ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2593) (77).
(1/207)
634 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2594) (78).
(1/207)
635 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين». رواه البخاري. (1) [ص:208]
«السجل» بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وهي الدلو الممتلئة ماء، وكذلك الذنوب.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 65 (220).
(1/207)
636 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا». متفق عليه. (1)
579 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلث الليل قام، فقال: «يا أيها الناس، اذكروا الله، جاءت الراجفة، تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه» قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: «ما شئت» قلت: الربع، قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالنصف؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: فالثلثين؟ قال: «ما شئت، فإن زدت فهو خير لك» قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2457).
(1/195)
66 - باب استحباب زيارة القبور للرجال وما يقوله الزائر
580 - عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها». رواه مسلم. (1)
وفي رواية: «فمن أراد أن يزور القبور فليزر؛ فإنها تذكرنا الآخرة».
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 65 (977) (106).
(1/196)
581 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما كان ليلتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون، غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها. النهاية 1/ 146.
(2) أخرجه: مسلم 3/ 63 (974) (102).
(1/196)
582 - وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 64 (975) (104).
(1/196)
583 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور بالمدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1053) وقال: «حديث غريب»، وسنده ضعيف.
(1/196)
67 - باب كراهة تمني الموت بسبب ضر نزل به ولا بأس به لخوف الفتنة في الدين
584 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمن (1) أحدكم الموت، إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب». متفق عليه، (2) وهذا لفظ البخاري. [ص:197]
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتمن أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه؛ إنه إذا مات انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا».
__________
(1) انظر: فتح الباري 13/ 272 عقيب (7235).
(2) أخرجه: البخاري 9/ 104 (7235)، ومسلم 8/ 65 (2682) (13).
(1/196)
585 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (40).
(1/197)
586 - وعن قيس بن أبي حازم، قال: دخلنا على خباب بن الأرت - رضي الله عنه - نعوده وقد اكتوى سبع كيات، فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا، ولم تنقصهم الدنيا، وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب ولولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبني حائطا له، فقال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب. متفق عليه، وهذا لفظ رواية البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 156 (5672)، ومسلم 8/ 64 (2681) (12).
(1/197)
68 - باب الورع وترك الشبهات
قال الله تعالى: {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} [النور: 15]، وقال تعالى: {إن ربك لبالمرصاد} [الفجر: 14].
(1/197)
587 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب». متفق عليه، (1) وروياه من طرق بألفاظ متقاربة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 20 (52)، ومسلم 5/ 50 (1599) (107).
(1/197)
588 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد تمرة في الطريق، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 71 (2055)، ومسلم 3/ 118 (1071) (165).
(1/197)
589 - وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البر: حسن الخلق، والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس». رواه مسلم. (1)
«حاك» بالحاء المهملة والكاف: أي تردد فيه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 7 (2553) (15).
(1/198)
590 - وعن وابصة بن معبد - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «جئت تسأل عن البر؟» قلت: نعم، فقال: «استفت قلبك، البر: ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم: ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك» حديث حسن، رواه أحمد والدارمي في مسنديهما. (1)
__________
(1) أخرجه: أحمد 4/ 228، والدارمي (2536).
(1/198)
591 - وعن أبي سروعة - بكسر السين المهملة وفتحها - عقبة بن الحارث - رضي الله عنه: أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة، فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي قد تزوج بها. فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فسأله: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كيف وقد قيل؟» ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره. رواه البخاري. (1)
«إهاب» بكسر الهمزة و «عزيز» بفتح العين وبزاي مكررة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 33 (88).
(1/198)
592 - وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
معناه: اترك ما تشك فيه، وخذ ما لا تشك فيه.
__________
(1) انظر الحديث (55).
(1/198)
593 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - غلام يخرج له الخراج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه، فجاء يوما بشيء، فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت (1) لإنسان [ص:199] في الجاهلية وما أحسن الكهانة، إلا أني خدعته، فلقيني، فأعطاني لذلك، هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه. رواه البخاري. (2)
«الخراج»: شيء يجعله السيد على عبده يؤديه كل يوم، وباقي كسبه يكون للعبد.
__________
(1) الكاهن: الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار. النهاية 4/ 214.
(2) أخرجه: البخاري 5/ 53 (3842).
(1/198)
594 - وعن نافع: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة الآف وفرض لابنه ثلاثة آلاف وخمسمئة، فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته؟ فقال: إنما هاجر به أبوه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 80 (3912).
(1/199)
595 - وعن عطية بن عروة السعدي الصحابي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به، حذرا مما به بأس» رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (4215)، والترمذي (2451) وقال: «حديث حسن غريب»، على أن في إسناده عبد الله بن يزيد الدمشقي ضعيف.
(1/199)
69 - باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أو الخوف من فتنة في الدين ووقوع في حرام وشبهات ونحوها
قال الله تعالى: {ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين} [الذاريات: 50].
(1/199)
596 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي». رواه مسلم. (1)
والمراد بـ «الغني» غني النفس، كما سبق في الحديث الصحيح.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 214 (2965) (11).
(1/199)
597 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: «مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» قال: ثم من؟ قال: «ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه».
وفي رواية: «يتقي الله، ويدع الناس من شره». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 18 (2786)، ومسلم 6/ 39 (1888) (123).
(1/199)
598 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن». رواه البخاري. (1)
و «شعف الجبال»: أعلاها.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 11 (19).
(1/200)
599 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» فقال أصحابه: وأنت؟ قال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط (1) لأهل مكة». رواه البخاري. (2)
__________
(1) مفردها قيراط: وهو جزء من أجزاء الدينار. النهاية 4/ 42.
(2) أخرجه: البخاري 3/ 115 (2262).
(1/200)
600 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة، طار عليه يبتغي القتل، أو الموت مظانه، أو رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف، أو بطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير». رواه مسلم. (1)
«يطير»: أي يسرع. و «متنه»: ظهره. و «الهيعة»: الصوت للحرب. و «الفزعة»: نحوه. و «مظان الشيء»: المواضع التي يظن وجوده فيها. و «الغنيمة» بضم الغين: تصغير الغنم. و «الشعفة» بفتح الشين والعين: هي أعلى الجبل.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 39 (1889) (125).
(1/200)
70 - باب فضل الاختلاط بالناس وحضور جمعهم وجماعاتهم، ومشاهد الخير، ومجالس الذكر معهم، وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم، ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم، وغير ذلك من
مصالحهم لمن قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر على الأذى
اعلم أن الاختلاط بالناس على الوجه الذي ذكرته هو المختار الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك الخلفاء الراشدون، [ص:201] ومن بعدهم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء المسلمين وأخيارهم، وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء (1) رضي الله عنهم أجمعين. قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 20] والآيات في معنى ما ذكرته كثيرة معلومة.
__________
(1) انظر: إحياء علوم الدين 2/ 359.
(1/200)
71 - باب التواضع وخفض الجناح للمؤمنين
قال الله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} [المائدة: 54]، وقال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 12]، وقال تعالى: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} [النجم: 32]، وقال تعالى: {ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} [الأعراف: 48 - 49].
(1/201)
601 - وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 160 (2865) (64).
(1/201)
602 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (555).
(1/201)
603 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنه مر على صبيان، فسلم عليهم، وقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6247)، ومسلم7/ 6 (2168) (15).
(1/201)
604 - وعنه، قال: إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به حيث شاءت. رواه البخاري. (1)
__________
(1) رواه البخاري 8/ 24 (6072) معلقا.
(1/201)
605 - وعن الأسود بن يزيد، قال: سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - يعني: خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة، خرج إلى الصلاة. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 172 (676).
(1/202)
606 - وعن أبي رفاعة تميم بن أسيد - رضي الله عنه - قال: انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب، فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه؟ فأقبل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي، فقعد عليه، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 15 (876) (60).
(1/202)
607 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل طعاما، لعق أصابعه الثلاث. قال: وقال: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى، وليأكلها ولا يدعها للشيطان» وأمر أن تسلت القصعة (1)، قال: «فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم. (2)
__________
(1) تسلت القصعة: نتتبع ما بقي فيها من طعام، ونمسحها بالأصبع ونحوها. النهاية 2/ 387.
(2) أخرجه: مسلم 6/ 115 (2034) (136).
(1/202)
608 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم» قال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (599).
(1/202)
609 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 201 (2568).
(1/202)
610 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كانت ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العضباء لا تسبق، أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود له، فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال: «حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 131 (6501).
(1/202)
72 - باب تحريم الكبر والإعجاب
قال الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83]، وقال تعالى: {ولا تمش في الأرض مرحا} [الإسراء: 37]، وقال تعالى: {ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور} [لقمان: 18].
ومعنى «تصعر خدك للناس»: أي تميله وتعرض به عن الناس تكبرا عليهم. و «المرح»: التبختر. وقال تعالى: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين} [القصص: 76]، إلى قوله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض} الآيات.
(1/203)
611 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر!» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة؟ قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس». رواه مسلم. (1)
«بطر الحق»: دفعه ورده على قائله، و «غمط الناس»: احتقارهم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 65 (91) (147).
(1/203)
612 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه: أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال: «كل بيمينك» قال: لا أستطيع! قال: «لا استطعت» ما منعه إلا الكبر. قال: فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (159).
(1/203)
613 - وعن حارثة بن وهب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ألا أخبركم بأهل النار: كل عتل جواظ مستكبر». متفق عليه، (1) وتقدم شرحه في باب ضعفة المسلمين.
__________
(1) انظر الحديث (252).
(1/203)
614 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «احتجت الجنة والنار، فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون. وقالت الجنة: في ضعفاء الناس ومساكينهم، [ص:204] فقضى الله بينهما: إنك الجنة رحمتي أرحم بك من أشاء، وإنك النار عذابي أعذب بك من أشاء، ولكليكما علي ملؤها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (254).
(1/203)
615 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5788)، ومسلم 6/ 148 (2087) (48).
(1/204)
616 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر». رواه مسلم. (1)
«العائل»: الفقير.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 72 (107) (172).
(1/204)
617 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قال الله - عز وجل: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 35 (2620) (136).
(1/204)
618 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه، مرجل رأسه، يختال في مشيته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة». متفق عليه. (1)
«مرجل رأسه»: أي ممشطه، «يتجلجل» بالجيمين: أي يغوص وينزل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5789)، ومسلم 6/ 148 (2088) (49).
(1/204)
619 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في الجبارين، فيصيبه ما أصابهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
«يذهب بنفسه» أي: يرتفع ويتكبر.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2000) وقال: «حديث حسن غريب» على أن في إسناده عمر بن راشد اليمامي ضعيف.
(1/204)
73 - باب حسن الخلق
قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} [ن: 4]، وقال تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} [آل عمران: 134] الآية.
(1/204)
620 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 55 (6203)، ومسلم 7/ 74 (2310) (55).
(1/205)
621 - وعنه، قال: ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي قط: أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3561)، ومسلم 7/ 81 (2329) (82).
(1/205)
622 - وعن الصعب بن جثامة - رضي الله عنه - قال: أهديت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمارا وحشيا، فرده علي، فلما رأى ما في وجهي، قال: «إنا لم نرده عليك إلا لأنا حرم (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي محرمون للحج.
(2) أخرجه: البخاري 3/ 16 (1825)، ومسلم 4/ 13 (1193) (50).
(1/205)
623 - وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر والإثم، فقال: «البر: حسن الخلق، والإثم: ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (589).
(1/205)
624 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ولا متفحشا، وكان يقول: «إن من خياركم أحسنكم أخلاقا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3559)، ومسلم 7/ 78 (2321) (68).
(1/205)
625 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» (1).
«البذي»: هو الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4799)، والترمذي (2002).
(1/205)
626 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ قال: «تقوى الله وحسن الخلق»، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: «الفم والفرج». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (4246)، والترمذي (2004) وقال: «حديث صحيح غريب».
(1/205)
627 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) انظر الحديث (278).
(1/206)
628 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم» (1) رواه أبو داود. (2)
__________
(1) قال ابن قيم الجوزية: «من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد». عون المعبود 13/ 154.
(2) أخرجه: أبو داود (4798).
(1/206)
629 - وعن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم ببيت في ربض الجنة (1) لمن ترك المراء، وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه». حديث صحيح، رواه أبو داود بإسناد صحيح. (2)
«الزعيم»: الضامن.
__________
(1) ربض الجنة: ما حولها خارجا عنها. النهاية 2/ 185.
(2) أخرجه: أبو داود (4800).
(1/206)
630 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون» قالوا: يا رسول الله، قد علمنا «الثرثارون والمتشدقون»، فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبرون». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
«الثرثار»: هو كثير الكلام تكلفا. و «المتشدق»: المتطاول على الناس بكلامه، ويتكلم بملء فيه تفاصحا وتعظيما لكلامه، و «المتفيهق»: أصله من الفهق وهو الامتلاء، وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه، ويغرب به تكبرا وارتفاعا، وإظهارا للفضيلة على غيره. [ص:207]
وروى الترمذي (2) عن عبد الله بن المبارك رحمه الله في تفسير حسن الخلق، قال: «هو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2018) وقال: «حديث حسن غريب».
(2) في جامعه (2005)، وعند الترمذي: «بسط الوجه».
(1/206)
74 - باب الحلم والأناة والرفق
قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]، وقال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} [فصلت: 34 - 35]، وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}
[الشورى: 43].
(1/207)
631 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 36 (17) (25).
(1/207)
632 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 20 (6927)، ومسلم 7/ 4 (2165) (10).
(1/207)
633 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق، ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2593) (77).
(1/207)
634 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2594) (78).
(1/207)
635 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين». رواه البخاري. (1) [ص:208]
«السجل» بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وهي الدلو الممتلئة ماء، وكذلك الذنوب.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 65 (220).
(1/207)
636 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 27 (69)، ومسلم 5/ 141 (1734) (8).
(1/208)
637 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يحرم الرفق، يحرم الخير كله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2592) (75).
(1/208)
638 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال: «لا تغضب»، فردد مرارا، قال: «لا تغضب». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (48).
(1/208)
639 - وعن أبي يعلى شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 72 (1955) (57).
(1/208)
640 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما، كان أبعد الناس منه. وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء قط، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3560)، ومسلم 7/ 80 (2327) (77).
(1/208)
641 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب، هين، لين، سهل». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2488) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/208)
75 - باب العفو والإعراض عن الجاهلين
قال الله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]، وقال تعالى: {فاصفح الصفح الجميل} [الحجر: 85]، وقال تعالى: {وليعفوا وليصفحوا ألا [ص:209] تحبون أن يغفر الله لكم} [النور: 22]، وقال تعالى: {والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [الشورى: 43] والآيات في الباب كثيرة معلومة.
(1/208)
642 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب (1)، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل - عليه السلام - فناداني، فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين». فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا». متفق عليه. (2)
«الأخشبان»: الجبلان المحيطان بمكة. والأخشب: هو الجبل الغليظ.
__________
(1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 6/ 334: «قرن الثعالب: هو قرن المنازل وهو ميقات أهل نجد، على مرحلتين من مكة».
(2) أخرجه: البخاري 4/ 139 (3231)، ومسلم 5/ 181 (1795) (111).
(1/209)
643 - وعنها، قالت: ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 80 (2328) (79).
(1/209)
644 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 188 (5809)، ومسلم 3/ 103 (1057) (128).
(1/209)
645 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: «اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (36).
(1/210)
646 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (45).
(1/210)
76 - باب احتمال الأذى
قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [الشورى: 43] وفي الباب: الأحاديث السابقة في الباب قبله.
(1/210)
647 - وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رجلا، قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي! فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك». رواه مسلم. (1)
وقد سبق شرحه في باب صلة الأرحام.
__________
(1) انظر الحديث (318).
(1/210)
77 - باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله تعالى
قال الله تعالى: {ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} [الحج: 30]، وقال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد: 7].
وفي الباب حديث عائشة السابق في باب العفو (1).
__________
(1) انظر الحديث (643).
(1/210)
648 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا! فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ؛ فقال: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز؛ فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 180 (704)، ومسلم 2/ 42 (466) (182).
(1/211)
649 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هتكه وتلون وجهه، وقال: «يا عائشة، أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله!». متفق عليه. (1)
«السهوة»: كالصفة تكون بين يدي البيت. و «القرام» بكسر القاف: ستر رقيق، و «هتكه»: أفسد الصورة التي فيه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 215 (5954)، ومسلم 6/ 159 (2107) (92).
(1/211)
650 - وعنها: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟!» ثم قام فاختطب، ثم قال: «إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3475)، ومسلم 5/ 114 (1688) (8).
(1/211)
651 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه؛ فقام فحكه بيده، فقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه» ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: «أو يفعل هكذا». متفق عليه. (1)
والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد، فأما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 113 (417)، ومسلم 2/ 76 (551) (54).
(1/211)
78 - باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم
قال الله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215]، وقال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: 90].
(1/212)
652 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (283).
(1/212)
653 - وعن أبي يعلى معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة». متفق عليه. (1)
وفي رواية: «فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة».
وفي رواية لمسلم: «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح لهم، إلا لم يدخل معهم الجنة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 80 (7151)، ومسلم 1/ 87 (142) (227) و88 (142) (229).
(1/212)
654 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 7 (1828) (19).
(1/212)
655 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون بعدي خلفاء [ص:213] فيكثرون»، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: «أوفوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 206 (3455)، ومسلم 6/ 17 (1842) (44).
(1/212)
656 - وعن عائذ بن عمرو - رضي الله عنه: أنه دخل على عبيد الله بن زياد، فقال له: أي بني، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن شر الرعاء الحطمة»، فإياك أن تكون منهم. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (192) وهو عند مسلم فقط.
(1/213)
657 - وعن أبي مريم الأزدي - رضي الله عنه: أنه قال لمعاوية - رضي الله عنه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة» فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس. رواه أبو داود والترمذي. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2948)، والترمذي (1332).
(1/213)
79 - باب الوالي العادل
قال الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل: 90] الآية، وقال تعالى: {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} [الحجرات: 9].
(1/213)
658 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (376).
(1/213)
659 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 8 (1827) (18).
(1/213)
660 - وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم [ص:214] الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم!»، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة. لا، ما أقاموا فيكم الصلاة». رواه مسلم. (1)
قوله: «تصلون عليهم»: تدعون لهم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 24 (1855) (65).
(1/213)
661 - وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 159 (2865) (63).
(1/214)
80 - باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59].
(1/214)
662 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 78 (7144)، ومسلم 6/ 15 (1839) (38).
(1/214)
663 - وعنه، قال: كنا إذا بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، يقول لنا: «فيما استطعتم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 96 (7202)، ومسلم 6/ 29 (1867) (90).
(1/214)
664 - وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية». رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: «ومن مات وهو مفارق للجماعة، فإنه يموت ميتة جاهلية».
«الميتة» بكسر الميم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 22 (1851) (58) عن ابن عمر. والرواية الثانية 6/ 20 (1848) (53) عن أبي هريرة.
(1/214)
665 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 78 (7142).
(1/214)
666 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 14 (1836) (35).
(1/215)
667 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة (1). فاجتمعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة يرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر». رواه مسلم. (2)
قوله: «ينتضل» أي: يسابق بالرمي بالنبل والنشاب. و «الجشر»: بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء، وهي: الدواب التي ترعى وتبيت مكانها. وقوله: «يرقق بعضها بعضا» أي: يصير بعضها بعضا رقيقا: أي خفيفا لعظم ما بعده، فالثاني يرقق الأول. وقيل معناه يشوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها، وقيل: يشبه بعضها بعضا.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 6/ 399 عقيب (1844): «هو بنصب الصلاة على الإغراء، وجامعة على الحال».
(2) أخرجه: مسلم 6/ 18 (1844) (46).
(1/215)
668 - وعن أبي هنيدة وائل بن حجر - رضي الله عنه - قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 19 (1846) (49).
(1/215)
669 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أثرة (1) وأمور تنكرونها!» قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي استئثار الأمراء بأموال بيت المال. شرح صحيح مسلم للنووي 6/ 398.
(2) انظر الحديث (51).
(1/216)
670 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 77 (7137)، ومسلم 6/ 13 (1835) (32).
(1/216)
671 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 59 (7053)، ومسلم 6/ 21 (1849) (55).
(1/216)
672 - وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أهان السلطان أهانه الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح. وقد سبق بعضها في أبواب.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2224). وقال: «حديث حسن غريب» على أن الحديث ضعيف.
(1/216)
81 - باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين عليه أو تدع حاجة إليه
قال الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83].
(1/216)
673 - وعن أبي سعيد عبد الرحمان بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 79 (7146)، ومسلم 5/ 86 (1652) (19).
(1/216)
674 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي. لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم». رواه مسلم (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 7 (1826) (17).
(1/217)
675 - وعنه، قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 6 (1825) (16).
(1/217)
676 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 79 (7148).
(1/217)
82 - باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم
قال الله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67].
(1/217)
677 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 95 (7198).
(1/217)
678 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه». رواه أبو داود (1) بإسناد جيد على شرط مسلم.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2932)، والنسائي في «الكبرى» (8752).
(1/217)
83 - باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها أو حرص عليها فعرض بها
679 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله، أمرنا على بعض ما ولاك الله - عز وجل - وقال الآخر مثل ذلك، فقال: «إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله، أو أحدا حرص عليه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 80 (7149)، ومسلم 6/ 6 (1733) (14).
(1/218)
(1) - كتاب الأدب
84 - باب الحياء وفضله والحث على التخلق به
(1/208)
637 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يحرم الرفق، يحرم الخير كله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 22 (2592) (75).
(1/208)
638 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال: «لا تغضب»، فردد مرارا، قال: «لا تغضب». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (48).
(1/208)
639 - وعن أبي يعلى شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 72 (1955) (57).
(1/208)
640 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما خير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما، فإن كان إثما، كان أبعد الناس منه. وما انتقم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه في شيء قط، إلا أن تنتهك حرمة الله، فينتقم لله تعالى. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 230 (3560)، ومسلم 7/ 80 (2327) (77).
(1/208)
641 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بمن يحرم على النار؟ أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب، هين، لين، سهل». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2488) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/208)
75 - باب العفو والإعراض عن الجاهلين
قال الله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} [الأعراف: 199]، وقال تعالى: {فاصفح الصفح الجميل} [الحجر: 85]، وقال تعالى: {وليعفوا وليصفحوا ألا [ص:209] تحبون أن يغفر الله لكم} [النور: 22]، وقال تعالى: {والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [الشورى: 43] والآيات في الباب كثيرة معلومة.
(1/208)
642 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب (1)، فرفعت رأسي، وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل - عليه السلام - فناداني، فقال: إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين». فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا». متفق عليه. (2)
«الأخشبان»: الجبلان المحيطان بمكة. والأخشب: هو الجبل الغليظ.
__________
(1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 6/ 334: «قرن الثعالب: هو قرن المنازل وهو ميقات أهل نجد، على مرحلتين من مكة».
(2) أخرجه: البخاري 4/ 139 (3231)، ومسلم 5/ 181 (1795) (111).
(1/209)
643 - وعنها، قالت: ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 80 (2328) (79).
(1/209)
644 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه، فضحك ثم أمر له بعطاء. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 188 (5809)، ومسلم 3/ 103 (1057) (128).
(1/209)
645 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبيا من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: «اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (36).
(1/210)
646 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (45).
(1/210)
76 - باب احتمال الأذى
قال الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، وقال تعالى: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} [الشورى: 43] وفي الباب: الأحاديث السابقة في الباب قبله.
(1/210)
647 - وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رجلا، قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي! فقال: «لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك». رواه مسلم. (1)
وقد سبق شرحه في باب صلة الأرحام.
__________
(1) انظر الحديث (318).
(1/210)
77 - باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين الله تعالى
قال الله تعالى: {ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه} [الحج: 30]، وقال تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد: 7].
وفي الباب حديث عائشة السابق في باب العفو (1).
__________
(1) انظر الحديث (643).
(1/210)
648 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا! فما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ؛ فقال: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز؛ فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 180 (704)، ومسلم 2/ 42 (466) (182).
(1/211)
649 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هتكه وتلون وجهه، وقال: «يا عائشة، أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله!». متفق عليه. (1)
«السهوة»: كالصفة تكون بين يدي البيت. و «القرام» بكسر القاف: ستر رقيق، و «هتكه»: أفسد الصورة التي فيه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 215 (5954)، ومسلم 6/ 159 (2107) (92).
(1/211)
650 - وعنها: أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟!» ثم قام فاختطب، ثم قال: «إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 213 (3475)، ومسلم 5/ 114 (1688) (8).
(1/211)
651 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة، فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه؛ فقام فحكه بيده، فقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه» ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثم رد بعضه على بعض، فقال: «أو يفعل هكذا». متفق عليه. (1)
والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد، فأما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 113 (417)، ومسلم 2/ 76 (551) (54).
(1/211)
78 - باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم
قال الله تعالى: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215]، وقال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: 90].
(1/212)
652 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (283).
(1/212)
653 - وعن أبي يعلى معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة». متفق عليه. (1)
وفي رواية: «فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة».
وفي رواية لمسلم: «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجهد لهم وينصح لهم، إلا لم يدخل معهم الجنة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 80 (7151)، ومسلم 1/ 87 (142) (227) و88 (142) (229).
(1/212)
654 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم، فارفق به». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 7 (1828) (19).
(1/212)
655 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون بعدي خلفاء [ص:213] فيكثرون»، قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: «أوفوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، واسألوا الله الذي لكم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 206 (3455)، ومسلم 6/ 17 (1842) (44).
(1/212)
656 - وعن عائذ بن عمرو - رضي الله عنه: أنه دخل على عبيد الله بن زياد، فقال له: أي بني، إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن شر الرعاء الحطمة»، فإياك أن تكون منهم. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (192) وهو عند مسلم فقط.
(1/213)
657 - وعن أبي مريم الأزدي - رضي الله عنه: أنه قال لمعاوية - رضي الله عنه: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة» فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس. رواه أبو داود والترمذي. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2948)، والترمذي (1332).
(1/213)
79 - باب الوالي العادل
قال الله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} [النحل: 90] الآية، وقال تعالى: {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} [الحجرات: 9].
(1/213)
658 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (376).
(1/213)
659 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 8 (1827) (18).
(1/213)
660 - وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم [ص:214] الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم!»، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة. لا، ما أقاموا فيكم الصلاة». رواه مسلم. (1)
قوله: «تصلون عليهم»: تدعون لهم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 24 (1855) (65).
(1/213)
661 - وعن عياض بن حمار - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 159 (2865) (63).
(1/214)
80 - باب وجوب طاعة ولاة الأمر في غير معصية وتحريم طاعتهم في المعصية
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59].
(1/214)
662 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 78 (7144)، ومسلم 6/ 15 (1839) (38).
(1/214)
663 - وعنه، قال: كنا إذا بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، يقول لنا: «فيما استطعتم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 96 (7202)، ومسلم 6/ 29 (1867) (90).
(1/214)
664 - وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية». رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: «ومن مات وهو مفارق للجماعة، فإنه يموت ميتة جاهلية».
«الميتة» بكسر الميم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 22 (1851) (58) عن ابن عمر. والرواية الثانية 6/ 20 (1848) (53) عن أبي هريرة.
(1/214)
665 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 78 (7142).
(1/214)
666 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك، ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 14 (1836) (35).
(1/215)
667 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فنزلنا منزلا، فمنا من يصلح خباءه، ومنا من ينتضل، ومنا من هو في جشره، إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة (1). فاجتمعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتنة يرقق بعضها بعضا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر». رواه مسلم. (2)
قوله: «ينتضل» أي: يسابق بالرمي بالنبل والنشاب. و «الجشر»: بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء، وهي: الدواب التي ترعى وتبيت مكانها. وقوله: «يرقق بعضها بعضا» أي: يصير بعضها بعضا رقيقا: أي خفيفا لعظم ما بعده، فالثاني يرقق الأول. وقيل معناه يشوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها، وقيل: يشبه بعضها بعضا.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 6/ 399 عقيب (1844): «هو بنصب الصلاة على الإغراء، وجامعة على الحال».
(2) أخرجه: مسلم 6/ 18 (1844) (46).
(1/215)
668 - وعن أبي هنيدة وائل بن حجر - رضي الله عنه - قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألونا حقهم، ويمنعونا حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا، وعليكم ما حملتم». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 19 (1846) (49).
(1/215)
669 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أثرة (1) وأمور تنكرونها!» قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي استئثار الأمراء بأموال بيت المال. شرح صحيح مسلم للنووي 6/ 398.
(2) انظر الحديث (51).
(1/216)
670 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 77 (7137)، ومسلم 6/ 13 (1835) (32).
(1/216)
671 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 59 (7053)، ومسلم 6/ 21 (1849) (55).
(1/216)
672 - وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أهان السلطان أهانه الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وفي الباب أحاديث كثيرة في الصحيح. وقد سبق بعضها في أبواب.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2224). وقال: «حديث حسن غريب» على أن الحديث ضعيف.
(1/216)
81 - باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين عليه أو تدع حاجة إليه
قال الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} [القصص: 83].
(1/216)
673 - وعن أبي سعيد عبد الرحمان بن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 79 (7146)، ومسلم 5/ 86 (1652) (19).
(1/216)
674 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي. لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم». رواه مسلم (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 7 (1826) (17).
(1/217)
675 - وعنه، قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي، ثم قال: «يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 6 (1825) (16).
(1/217)
676 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 79 (7148).
(1/217)
82 - باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير صالح وتحذيرهم من قرناء السوء والقبول منهم
قال الله تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} [الزخرف: 67].
(1/217)
677 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله من نبي، ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 95 (7198).
(1/217)
678 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أراد الله بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه». رواه أبو داود (1) بإسناد جيد على شرط مسلم.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2932)، والنسائي في «الكبرى» (8752).
(1/217)
83 - باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها أو حرص عليها فعرض بها
679 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله، أمرنا على بعض ما ولاك الله - عز وجل - وقال الآخر مثل ذلك، فقال: «إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله، أو أحدا حرص عليه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 80 (7149)، ومسلم 6/ 6 (1733) (14).
(1/218)
(1) - كتاب الأدب
84 - باب الحياء وفضله والحث على التخلق به
680 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «دعه، فإن الحياء من الإيمان». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (24)، ومسلم 1/ 46 (36) (59).
(1/219)
681 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي إلا بخير». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «الحياء خير كله» أو قال: «الحياء كله خير».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6117)، ومسلم 1/ 46 (37) (60).
(1/219)
682 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة: فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان». متفق عليه. (1)
«البضع» بكسر الباء ويجوز فتحها: وهو من الثلاثة إلى العشرة.
و «الشعبة»: القطعة والخصلة. و «الإماطة»: الإزالة. و «الأذى»: ما يؤذي كحجر وشوك وطين ورماد وقذر ونحو ذلك.
__________
(1) انظر الحديث (125).
(1/219)
683 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. متفق عليه. (1) [ص:220]
قال العلماء: حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وروينا عن أبي القاسم الجنيد رحمه الله، قال: الحياء: رؤية الآلاء - أي النعم - ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى حياء (2). والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6119)، ومسلم 7/ 77 (2320) (67).
(2) انظر: شرح صحيح مسلم للمصنف 1/ 221، وتحفة الأحوذي 6/ 126.
(1/219)
85 - باب حفظ السر
قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} [الإسراء: 34].
684 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه، ثم ينشر سرها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 157 (1437) (123).
(1/220)
685 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر - رضي الله عنه - حين تأيمت بنته حفصة، قال: لقيت عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر؟ قال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. فلقيت أبا بكر - رضي الله عنه - فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر - رضي الله عنه - فلم يرجع إلي شيئا! فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي ثم خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنكحتها إياه. فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟ فقلت: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - لقبلتها. رواه البخاري. (1)
«تأيمت» أي: صارت بلا زوج، وكان زوجها توفي - رضي الله عنه. «وجدت»: غضبت.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 106 - 107 (4005).
(1/220)
686 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده، فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا، فلما رآها رحب بها، وقال: [ص:221] «مرحبا بابنتي»، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاء شديدا، فلما رأى جزعها، سارها الثانية فضحكت، فقلت لها: خصك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين نسائه بالسرار، ثم أنت تبكين! فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألتها: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق، لما حدثتني ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما الآن فنعم، أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين، وأنه عارضه الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لك، فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، فقال: «يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟» فضحكت ضحكي الذي رأيت. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 79 (6285) و (6586)، ومسلم 7/ 142 (2450) (98).
(1/220)
687 - وعن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال: أتى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة، فأبطأت على أمي. فلما جئت، قالت: ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تخبرن بسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا، قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت. رواه مسلم وروى البخاري بعضه مختصرا. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 80 (6289)، ومسلم 7/ 160 (2482) (145).
(1/221)
86 - باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد
قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} [الإسراء: 34]، وقال تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} [النحل: 91]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: 1]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف: 2 - 3].
(1/221)
688 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان». متفق عليه. (1)
زاد في رواية لمسلم: «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم».
__________
(1) انظر الحديث (199).
(1/221)
689 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 15 (34)، ومسلم 1/ 56 (58) (106).
(1/222)
690 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم: «لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا» فلم يجئ مال البحرين حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر - رضي الله عنه - فنادى: من كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدة أو دين فليأتنا، فأتيته وقلت له: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية فعددتها، فإذا هي خمسمئة، فقال لي: خذ مثليها. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 126 (2296)، ومسلم 7/ 75 (2314) (60).
(1/222)
87 - باب المحافظة على ما اعتاده من الخير
قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11]، وقال تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} [النحل: 92].
و «الأنكاث»: جمع نكث، وهو الغزل المنقوض.
وقال تعالى: {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم} [الحديد: 16]، وقال تعالى: {فما رعوها حق رعايتها} [الحديد: 27].
(1/222)
691 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (154).
(1/222)
88 - باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء
قال الله تعالى: {واخفض جناحك للمؤمنين} [الحجر: 88]، وقال تعالى: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159].
(1/222)
692 - وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (139).
(1/222)
693 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والكلمة الطيبة صدقة». متفق عليه، (1) وهو بعض حديث تقدم بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (122).
(1/223)
694 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». رواه مسلم (1).
__________
(1) انظر الحديث (121).
(1/223)
89 - باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك
695 - عن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 35 (95).
(1/223)
696 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4839).
(1/223)
90 - باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه
697 - عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: «استنصت الناس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 41 (121)، ومسلم 1/ 58 (65) (118).
(1/223)
91 - باب الوعظ والاقتصاد فيه
قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125].
(1/223)
698 - وعن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يذكرنا في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه. (1)
«يتخولنا»: يتعهدنا.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 27 (70)، ومسلم 8/ 142 (2821) (83).
(1/223)
699 - وعن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة». رواه مسلم. (1)
«مئنة» بميم مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة، أي: علامة دالة على فقهه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 12 (869) (47).
(1/224)
700 - وعن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم! فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني. قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن»، أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان؟ قال: «فلا تأتهم» قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: «ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم». رواه مسلم. (1)
«الثكل» بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. «ما كهرني» أي: ما نهرني.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 70 (537) (33).
(1/224)
701 - وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون ... وذكر الحديث وقد سبق بكماله في باب الأمر بالمحافظة على السنة، وذكرنا أن الترمذي، قال: «إنه حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) انظر الحديث (157).
(1/224)
92 - باب الوقار والسكينة
قال الله تعالى: {وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان: 63].
(1/224)
702 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا قط ضاحكا حتى ترى منه لهواته، إنما كان يتبسم. متفق عليه. (1)
«اللهوات» جمع لهاة: وهي اللحمة التي في أقصى سقف الفم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 167 (4828)، ومسلم 3/ 26 (899) (16).
(1/225)
93 - باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار
قال الله تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32].
(1/225)
703 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا». متفق عليه. (1)
زاد مسلم في رواية له: «فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 9 (908)، ومسلم 2/ 99 (602) (151) و (152).
(1/225)
704 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه دفع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: «يا أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1)
«البر»: الطاعة. و «الإيضاع» بضاد معجمة قبلها ياء وهمزة مكسورة، وهو: الإسراع.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 201 (1671)، ومسلم 4/ 70 (1282) (268).
(1/225)
94 - باب إكرام الضيف
قال الله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون} [الذاريات: 24 - 27]، وقال تعالى: {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد} [هود: 78].
(1/225)
705 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (314).
(1/226)
706 - وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته»
قالوا: وما جائزته؟ يا رسول الله، قال: «يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «لا يحل لمسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه» قالوا: يا رسول الله، وكيف يؤثمه؟ قال: «يقيم عنده ولا شيء له يقريه به».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 13 (6019)، ومسلم 5/ 138 (48) (14) و (15).
(1/226)
95 - باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير
قال الله تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} [الزمر: 17 - 18]، وقال تعالى: {يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم} [التوبة: 21]، وقال تعالى: {وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30]، وقال تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} [الصافات: 101]، وقال تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} [هود: 69]، وقال تعالى: {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} [هود: 71]، وقال تعالى: {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى} [آل عمران: 39]، وقال تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح} [آل عمران: 45] الآية، والآيات في الباب كثيرة معلومة.
(1/226)
وأما الأحاديث فكثيرة جدا وهي مشهورة في الصحيح، منها:
707 - عن أبي إبراهيم، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب. متفق عليه. (1) [ص:227]
«القصب»: هنا اللؤلؤ المجوف. و «الصخب»: الصياح واللغط.
و «النصب»: التعب.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 48 (3819)، ومسلم 7/ 133 (2433) (72).
(1/226)
708 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أنه توضأ في بيته، ثم خرج، فقال: لألزمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأكونن معه يومي هذا، فجاء المسجد، فسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا وجه هاهنا، قال: فخرجت على أثره أسأل عنه، حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب حتى قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته وتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه ثم انصرفت، فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم، فجاء أبو بكر - رضي الله عنه - فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك، ثم ذهبت، فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة» فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر حتى جلس عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - معه في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكشف عن ساقيه، ثم رجعت وجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان - يريد أخاه - خيرا يأت به. فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت: على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه وقلت: هذا عمر يستأذن؟ فقال: «ائذن له وبشره بالجنة» فجئت عمر، فقلت: أذن ويبشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا - يعني أخاه - يأت به، فجاء إنسان فحرك الباب. فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان. فقلت: على رسلك، وجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه» فجئت، فقلت: ادخل ويبشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة مع بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ، فجلس وجاههم من الشق الآخر. قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. متفق عليه. (1)
وزاد في رواية: وأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ الباب. وفيها: أن عثمان حين بشره حمد الله تعالى، ثم قال: الله المستعان. [ص:228]
وقوله: «وجه» بفتح الواو وتشديد الجيم. أي: توجه. وقوله: «بئر أريس» هو بفتح الهمزة وكسر الراء وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم سين مهملة وهو مصروف ومنهم من منع صرفه، و «القف» بضم القاف وتشديد الفاء: وهو المبني حول البئر. وقوله: «على رسلك» بكسر الراء على المشهور، وقيل: بفتحها، أي: ارفق.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 10 - 11 (3674)، ومسلم 7/ 118 - 119 (2403) (28) و (29).
(1/227)
709 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنا قعودا حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له بابا؟ فلم أجد! فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجه - والربيع: الجدول الصغير - فاحتفرت، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أبو هريرة؟» فقلت: نعم، يا رسول الله، قال: «ما شأنك؟» قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط، فاحتفرت كما يحتفر الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي. فقال: «يا أبا هريرة» وأعطاني نعليه، فقال: «اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه، فبشره بالجنة ... » وذكر الحديث بطوله، رواه مسلم. (1)
«الربيع»: النهر الصغير، وهو الجدول - بفتح الجيم - كما فسره في الحديث. وقوله: «احتفرت» روي بالراء وبالزاي، ومعناه بالزاي: تضاممت وتصاغرت حتى أمكنني الدخول.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 44 (31) (52).
(1/228)
710 - وعن ابن شماسة، قال: حضرنا عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وهو في سياقة الموت، فبكى طويلا، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه، يقول: يا أبتاه، أما بشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا؟ أما بشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا؟ فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، إني قد كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني، ولا أحب إلي من أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله [ص:229] الإسلام في قلبي أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضت يدي، فقال: «ما لك يا عمرو؟» قلت: أردت أن أشترط، قال: «تشترط ماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» وما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه؛ إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها؟ فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني، فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ما أراجع به رسل ربي. رواه مسلم. (1)
قوله: «شنوا» روي بالشين المعجمة والمهملة، أي: صبوه قليلا قليلا، والله سبحانه أعلم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 78 (121) (192).
(1/228)
96 - باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه للسفر وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه
قال الله تعالى: {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون} [البقرة: 132 - 133].
(1/229)
وأما الأحاديث فمنها:
711 - حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - الذي سبق في باب إكرام أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا خطيبا، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به»، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي». رواه مسلم، (1) وقد سبق بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (346).
(1/229)
712 - وعن أبي سليمان مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيما رفيقا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم». متفق عليه. (1)
زاد البخاري في رواية له: «وصلوا كما رأيتموني أصلي».
وقوله: «رحيما رفيقا» روي بفاء وقاف، وروي بقافين.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 162 (628) (631)، ومسلم 2/ 134 (674) (292).
(1/230)
713 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرة، فأذن، وقال: «لا تنسانا يا أخي من دعائك» فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
وفي رواية قال: «أشركنا يا أخي في دعائك». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) انظر الحديث (373).
(1/230)
714 - وعن سالم بن عبد الله بن عمر: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان يقول للرجل إذا أراد سفرا: ادن مني حتى أودعك كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يودعنا، فيقول: «أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3443)، والنسائي في «الكبرى» (8805) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/230)
715 - وعن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يودع الجيش، قال: «أستودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم» حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2601)، والنسائي في «الكبرى» (10341).
(1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (24)، ومسلم 1/ 46 (36) (59).
(1/219)
681 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الحياء لا يأتي إلا بخير». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «الحياء خير كله» أو قال: «الحياء كله خير».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6117)، ومسلم 1/ 46 (37) (60).
(1/219)
682 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة: فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان». متفق عليه. (1)
«البضع» بكسر الباء ويجوز فتحها: وهو من الثلاثة إلى العشرة.
و «الشعبة»: القطعة والخصلة. و «الإماطة»: الإزالة. و «الأذى»: ما يؤذي كحجر وشوك وطين ورماد وقذر ونحو ذلك.
__________
(1) انظر الحديث (125).
(1/219)
683 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. متفق عليه. (1) [ص:220]
قال العلماء: حقيقة الحياء خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق. وروينا عن أبي القاسم الجنيد رحمه الله، قال: الحياء: رؤية الآلاء - أي النعم - ورؤية التقصير، فيتولد بينهما حالة تسمى حياء (2). والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 35 (6119)، ومسلم 7/ 77 (2320) (67).
(2) انظر: شرح صحيح مسلم للمصنف 1/ 221، وتحفة الأحوذي 6/ 126.
(1/219)
85 - باب حفظ السر
قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} [الإسراء: 34].
684 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه، ثم ينشر سرها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 157 (1437) (123).
(1/220)
685 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر - رضي الله عنه - حين تأيمت بنته حفصة، قال: لقيت عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر؟ قال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي ثم لقيني، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. فلقيت أبا بكر - رضي الله عنه - فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر - رضي الله عنه - فلم يرجع إلي شيئا! فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبث ليالي ثم خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنكحتها إياه. فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟ فقلت: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - لقبلتها. رواه البخاري. (1)
«تأيمت» أي: صارت بلا زوج، وكان زوجها توفي - رضي الله عنه. «وجدت»: غضبت.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 106 - 107 (4005).
(1/220)
686 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده، فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا، فلما رآها رحب بها، وقال: [ص:221] «مرحبا بابنتي»، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاء شديدا، فلما رأى جزعها، سارها الثانية فضحكت، فقلت لها: خصك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين نسائه بالسرار، ثم أنت تبكين! فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألتها: ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سره، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق، لما حدثتني ما قال لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما الآن فنعم، أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين، وأنه عارضه الآن مرتين، وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب، فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لك، فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية، فقال: «يا فاطمة، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟» فضحكت ضحكي الذي رأيت. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 79 (6285) و (6586)، ومسلم 7/ 142 (2450) (98).
(1/220)
687 - وعن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال: أتى علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ألعب مع الغلمان، فسلم علينا، فبعثني إلى حاجة، فأبطأت على أمي. فلما جئت، قالت: ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر. قالت: لا تخبرن بسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا، قال أنس: والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت. رواه مسلم وروى البخاري بعضه مختصرا. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 80 (6289)، ومسلم 7/ 160 (2482) (145).
(1/221)
86 - باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد
قال الله تعالى: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} [الإسراء: 34]، وقال تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} [النحل: 91]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: 1]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} [الصف: 2 - 3].
(1/221)
688 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان». متفق عليه. (1)
زاد في رواية لمسلم: «وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم».
__________
(1) انظر الحديث (199).
(1/221)
689 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 15 (34)، ومسلم 1/ 56 (58) (106).
(1/222)
690 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم: «لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا» فلم يجئ مال البحرين حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر - رضي الله عنه - فنادى: من كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدة أو دين فليأتنا، فأتيته وقلت له: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية فعددتها، فإذا هي خمسمئة، فقال لي: خذ مثليها. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 126 (2296)، ومسلم 7/ 75 (2314) (60).
(1/222)
87 - باب المحافظة على ما اعتاده من الخير
قال الله تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11]، وقال تعالى: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا} [النحل: 92].
و «الأنكاث»: جمع نكث، وهو الغزل المنقوض.
وقال تعالى: {ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم} [الحديد: 16]، وقال تعالى: {فما رعوها حق رعايتها} [الحديد: 27].
(1/222)
691 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (154).
(1/222)
88 - باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء
قال الله تعالى: {واخفض جناحك للمؤمنين} [الحجر: 88]، وقال تعالى: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران: 159].
(1/222)
692 - وعن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (139).
(1/222)
693 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والكلمة الطيبة صدقة». متفق عليه، (1) وهو بعض حديث تقدم بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (122).
(1/223)
694 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». رواه مسلم (1).
__________
(1) انظر الحديث (121).
(1/223)
89 - باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم يفهم إلا بذلك
695 - عن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 35 (95).
(1/223)
696 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلاما فصلا يفهمه كل من يسمعه. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4839).
(1/223)
90 - باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ حاضري مجلسه
697 - عن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: «استنصت الناس» ثم قال: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 41 (121)، ومسلم 1/ 58 (65) (118).
(1/223)
91 - باب الوعظ والاقتصاد فيه
قال الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125].
(1/223)
698 - وعن أبي وائل شقيق بن سلمة، قال: كان ابن مسعود - رضي الله عنه - يذكرنا في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم، فقال: أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم، وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا. متفق عليه. (1)
«يتخولنا»: يتعهدنا.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 27 (70)، ومسلم 8/ 142 (2821) (83).
(1/223)
699 - وعن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة». رواه مسلم. (1)
«مئنة» بميم مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة، أي: علامة دالة على فقهه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 12 (869) (47).
(1/224)
700 - وعن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم! فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم! فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني. قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن»، أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم. قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان؟ قال: «فلا تأتهم» قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: «ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم». رواه مسلم. (1)
«الثكل» بضم الثاء المثلثة: المصيبة والفجيعة. «ما كهرني» أي: ما نهرني.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 70 (537) (33).
(1/224)
701 - وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون ... وذكر الحديث وقد سبق بكماله في باب الأمر بالمحافظة على السنة، وذكرنا أن الترمذي، قال: «إنه حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) انظر الحديث (157).
(1/224)
92 - باب الوقار والسكينة
قال الله تعالى: {وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} [الفرقان: 63].
(1/224)
702 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستجمعا قط ضاحكا حتى ترى منه لهواته، إنما كان يتبسم. متفق عليه. (1)
«اللهوات» جمع لهاة: وهي اللحمة التي في أقصى سقف الفم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 167 (4828)، ومسلم 3/ 26 (899) (16).
(1/225)
93 - باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار
قال الله تعالى: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: 32].
(1/225)
703 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا». متفق عليه. (1)
زاد مسلم في رواية له: «فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 9 (908)، ومسلم 2/ 99 (602) (151) و (152).
(1/225)
704 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه دفع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وراءه زجرا شديدا وضربا وصوتا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، وقال: «يا أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1)
«البر»: الطاعة. و «الإيضاع» بضاد معجمة قبلها ياء وهمزة مكسورة، وهو: الإسراع.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 201 (1671)، ومسلم 4/ 70 (1282) (268).
(1/225)
94 - باب إكرام الضيف
قال الله تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون} [الذاريات: 24 - 27]، وقال تعالى: {وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد} [هود: 78].
(1/225)
705 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (314).
(1/226)
706 - وعن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته»
قالوا: وما جائزته؟ يا رسول الله، قال: «يومه وليلته، والضيافة ثلاثة أيام، فما كان وراء ذلك فهو صدقة عليه». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «لا يحل لمسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه» قالوا: يا رسول الله، وكيف يؤثمه؟ قال: «يقيم عنده ولا شيء له يقريه به».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 13 (6019)، ومسلم 5/ 138 (48) (14) و (15).
(1/226)
95 - باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير
قال الله تعالى: {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} [الزمر: 17 - 18]، وقال تعالى: {يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم} [التوبة: 21]، وقال تعالى: {وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} [فصلت: 30]، وقال تعالى: {فبشرناه بغلام حليم} [الصافات: 101]، وقال تعالى: {ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} [هود: 69]، وقال تعالى: {وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} [هود: 71]، وقال تعالى: {فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى} [آل عمران: 39]، وقال تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح} [آل عمران: 45] الآية، والآيات في الباب كثيرة معلومة.
(1/226)
وأما الأحاديث فكثيرة جدا وهي مشهورة في الصحيح، منها:
707 - عن أبي إبراهيم، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر خديجة رضي الله عنها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب. متفق عليه. (1) [ص:227]
«القصب»: هنا اللؤلؤ المجوف. و «الصخب»: الصياح واللغط.
و «النصب»: التعب.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 48 (3819)، ومسلم 7/ 133 (2433) (72).
(1/226)
708 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أنه توضأ في بيته، ثم خرج، فقال: لألزمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأكونن معه يومي هذا، فجاء المسجد، فسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا وجه هاهنا، قال: فخرجت على أثره أسأل عنه، حتى دخل بئر أريس، فجلست عند الباب حتى قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته وتوضأ، فقمت إليه، فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسط قفها، وكشف عن ساقيه ودلاهما في البئر، فسلمت عليه ثم انصرفت، فجلست عند الباب، فقلت: لأكونن بواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليوم، فجاء أبو بكر - رضي الله عنه - فدفع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك، ثم ذهبت، فقلت: يا رسول الله، هذا أبو بكر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة» فأقبلت حتى قلت لأبي بكر: ادخل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبشرك بالجنة، فدخل أبو بكر حتى جلس عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - معه في القف، ودلى رجليه في البئر كما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكشف عن ساقيه، ثم رجعت وجلست، وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان - يريد أخاه - خيرا يأت به. فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت: على رسلك، ثم جئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلمت عليه وقلت: هذا عمر يستأذن؟ فقال: «ائذن له وبشره بالجنة» فجئت عمر، فقلت: أذن ويبشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، فدخل فجلس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القف عن يساره ودلى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا - يعني أخاه - يأت به، فجاء إنسان فحرك الباب. فقلت: من هذا؟ فقال: عثمان بن عفان. فقلت: على رسلك، وجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة مع بلوى تصيبه» فجئت، فقلت: ادخل ويبشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة مع بلوى تصيبك، فدخل فوجد القف قد ملئ، فجلس وجاههم من الشق الآخر. قال سعيد بن المسيب: فأولتها قبورهم. متفق عليه. (1)
وزاد في رواية: وأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ الباب. وفيها: أن عثمان حين بشره حمد الله تعالى، ثم قال: الله المستعان. [ص:228]
وقوله: «وجه» بفتح الواو وتشديد الجيم. أي: توجه. وقوله: «بئر أريس» هو بفتح الهمزة وكسر الراء وبعدها ياء مثناة من تحت ساكنة ثم سين مهملة وهو مصروف ومنهم من منع صرفه، و «القف» بضم القاف وتشديد الفاء: وهو المبني حول البئر. وقوله: «على رسلك» بكسر الراء على المشهور، وقيل: بفتحها، أي: ارفق.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 10 - 11 (3674)، ومسلم 7/ 118 - 119 (2403) (28) و (29).
(1/227)
709 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنا قعودا حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين أظهرنا فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا، فكنت أول من فزع، فخرجت أبتغي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار، فدرت به هل أجد له بابا؟ فلم أجد! فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجه - والربيع: الجدول الصغير - فاحتفرت، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أبو هريرة؟» فقلت: نعم، يا رسول الله، قال: «ما شأنك؟» قلت: كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا، فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا، فكنت أول من فزع، فأتيت هذا الحائط، فاحتفرت كما يحتفر الثعلب، وهؤلاء الناس ورائي. فقال: «يا أبا هريرة» وأعطاني نعليه، فقال: «اذهب بنعلي هاتين، فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه، فبشره بالجنة ... » وذكر الحديث بطوله، رواه مسلم. (1)
«الربيع»: النهر الصغير، وهو الجدول - بفتح الجيم - كما فسره في الحديث. وقوله: «احتفرت» روي بالراء وبالزاي، ومعناه بالزاي: تضاممت وتصاغرت حتى أمكنني الدخول.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 44 (31) (52).
(1/228)
710 - وعن ابن شماسة، قال: حضرنا عمرو بن العاص - رضي الله عنه - وهو في سياقة الموت، فبكى طويلا، وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه، يقول: يا أبتاه، أما بشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا؟ أما بشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا؟ فأقبل بوجهه، فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، إني قد كنت على أطباق ثلاث: لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني، ولا أحب إلي من أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار، فلما جعل الله [ص:229] الإسلام في قلبي أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه فقبضت يدي، فقال: «ما لك يا عمرو؟» قلت: أردت أن أشترط، قال: «تشترط ماذا؟» قلت: أن يغفر لي، قال: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟» وما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه؛ إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها؟ فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني، فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها، حتى أستأنس بكم، وأنظر ما أراجع به رسل ربي. رواه مسلم. (1)
قوله: «شنوا» روي بالشين المعجمة والمهملة، أي: صبوه قليلا قليلا، والله سبحانه أعلم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 78 (121) (192).
(1/228)
96 - باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه للسفر وغيره والدعاء له وطلب الدعاء منه
قال الله تعالى: {ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون} [البقرة: 132 - 133].
(1/229)
وأما الأحاديث فمنها:
711 - حديث زيد بن أرقم - رضي الله عنه - الذي سبق في باب إكرام أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا خطيبا، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به»، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي». رواه مسلم، (1) وقد سبق بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (346).
(1/229)
712 - وعن أبي سليمان مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيما رفيقا، فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم ومروهم، وصلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم». متفق عليه. (1)
زاد البخاري في رواية له: «وصلوا كما رأيتموني أصلي».
وقوله: «رحيما رفيقا» روي بفاء وقاف، وروي بقافين.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 162 (628) (631)، ومسلم 2/ 134 (674) (292).
(1/230)
713 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: استأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرة، فأذن، وقال: «لا تنسانا يا أخي من دعائك» فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا.
وفي رواية قال: «أشركنا يا أخي في دعائك». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) انظر الحديث (373).
(1/230)
714 - وعن سالم بن عبد الله بن عمر: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان يقول للرجل إذا أراد سفرا: ادن مني حتى أودعك كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يودعنا، فيقول: «أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3443)، والنسائي في «الكبرى» (8805) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/230)
715 - وعن عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يودع الجيش، قال: «أستودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم» حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2601)، والنسائي في «الكبرى» (10341).
(1/230)
716 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أريد سفرا، فزودني، فقال: «زودك الله التقوى» قال: زدني قال: «وغفر ذنبك» قال: زدني، قال: «ويسر لك الخير حيثما كنت». رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3444) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/230)
97 - باب الاستخارة والمشاورة
قال الله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 159]، وقال الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38] أي: يتشاورون بينهم فيه.
(1/231)
717 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري» أو قال: «عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري» أو قال: «عاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به» قال: «ويسمي حاجته». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 70 (1162).
(1/231)
98 - باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة
718 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري. (1)
قوله: «خالف الطريق» يعني: ذهب في طريق، ورجع في طريق آخر.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 29 (986).
(1/231)
719 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرس (1)، وإذا دخل مكة، دخل من الثنية (2) العليا، ويخرج من الثنية السفلى. متفق عليه. (3)
__________
(1) المعرس: مسجد ذي الحليفة على ستة أميال من المدينة. مراصد الاطلاع 3/ 1288، وانظر: فتح الباري عقيب (1533).
(2) الثنية في الأصل كل عقبة في جبل مسلوكة. مراصد الاطلاع 1/ 300.
(3) أخرجه: البخاري 2/ 166 - 167 (1533)، ومسلم 4/ 62 (1257) (223).
(1/231)
99 - باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم
كالوضوء والغسل والتيمم، ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، والأكل، والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، والخروج من الخلاء، والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب، والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك.
قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه} [الحاقة: 19] الآيات، وقال تعالى: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة} [الواقعة: 8 - 9].
(1/232)
720 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيمن في شأنه كله: في طهوره، وترجله، وتنعله. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 53 (168)، ومسلم 1/ 155 (268) (66).
(1/232)
721 - وعنها، قالت: كانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى. حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (33)، والبيهقي 1/ 113.
(1/232)
722 - وعن أم عطية رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهن في غسل ابنته زينب رضي الله عنها: «ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 53 (167)، ومسلم 3/ 48 (939) (42).
(1/232)
723 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا نزع فليبدأ بالشمال. لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 199 (5855)، ومسلم 6/ 153 (2097) (67).
(1/232)
724 - وعن حفصة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل يساره لما سوى ذلك. رواه أبو داود والترمذي وغيره. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (32)، والبيهقي 1/ 112 ولم يذكره الترمذي.
(1/233)
725 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لبستم، وإذا توضأتم، فابدأوا بأيامنكم» حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4141)، والترمذي (1766) الألفاظ مختلفة والمعنى واحد.
(1/233)
726 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: «خذ» وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس. متفق عليه. (1)
وفي رواية: لما رمى الجمرة، ونحر نسكه وحلق، ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري - رضي الله عنه - فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: «احلق»، فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسمه بين الناس».
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 82 (1305) (323) و (326). ولم يذكره البخاري.
(1/233)
(2) - كتاب أدب الطعام
100 - باب التسمية في أوله والحمد في آخره
727 - وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (299).
(1/235)
728 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3767)، وابن ماجه (3264)، والترمذي (1858).
(1/235)
729 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت؛ وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 108 (2018) (103).
(1/235)
730 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كنا إذا حضرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما، لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما، فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدها، [ص:236] ثم جاء أعرابي كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله تعالى عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده، إن يده في يدي مع يديهما» ثم ذكر اسم الله تعالى وأكل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 107 - 108 (2017) (102).
(1/235)
731 - وعن أمية بن مخشي الصحابي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا، ورجل يأكل، فلم يسم الله حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فيه، قال: بسم الله أوله وآخره، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه». رواه أبو داود والنسائي. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3768)، والنسائي في «الكبرى» (10113).
(1/236)
732 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل طعاما في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي، فأكله بلقمتين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أما إنه لو سمى لكفاكم». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3264)، والترمذي (1858 م).
(1/236)
733 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع مائدته، قال: «الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، غير مكفي، ولا مودع، ولا مستغنى عنه ربنا». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5458).
(1/236)
734 - وعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعاما، فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا، ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4023)، وابن ماجه (3285)، والترمذي (3458)، وقال: «حديث حسن غريب».
(1/236)
101 - باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه
735 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 96 (5409)، ومسلم 6/ 134 (2064) (187) و (188).
(1/236)
736 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أهله الأدم، فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به، فجعل يأكل، ويقول: «نعم الأدم الخل، نعم الأدم الخل». رواه مسلم (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 125 (2052) (166).
(1/237)
102 - باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر
737 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم». رواه مسلم. (1)
قال العلماء: معنى «فليصل»: فليدع، ومعنى «فليطعم»: فليأكل.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 153 (1431) (106).
(1/237)
103 - باب ما يقوله من دعي إلى طعام فتبعه غيره
738 - عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - قال: دعا رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعه له خامس خمسة، فتبعهم رجل، فلما بلغ الباب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «إن هذا تبعنا، فإن شئت أن تأذن له، وإن شئت رجع» قال: بل آذن له يا رسول الله. متفق عليه (1).
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 76 (2081)، ومسلم 6/ 115 (2036) (138).
(1/237)
104 - باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله
739 - عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما، قال: كنت غلاما في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا غلام، سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك». متفق عليه. (1)
قوله: «تطيش» بكسر الطاء وبعدها ياء مثناة من تحت، معناه: تتحرك وتمتد إلى نواحي الصحفة.
__________
(1) انظر الحديث (299).
(1/237)
740 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه: أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال: «كل بيمينك» قال: لا أستطيع. قال: «لا استطعت»! ما منعه إلا الكبر! فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (159).
(1/237)
105 - باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما إذا أكل جماعة إلا بإذن رفقته
741 - عن جبلة بن سحيم، قال: أصابنا عام سنة مع ابن الزبير؛ فرزقنا تمرا، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يمر بنا ونحن نأكل، فيقول: لا تقارنوا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القران، ثم يقول: إلا أن يستأذن الرجل أخاه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 104 (5446)، ومسلم 6/ 122 (2045) (150). قال ابن الأثير: «وهو أن يقرن بين التمرتين في الأكل، وإنما نهى عنه؛ لأن فيه شرها، وذلك يزري بصاحبه؛ أو لأن فيه غبنا برفيقه ... » النهاية 4/ 52.
(1/238)
106 - باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع
742 - عن وحشي بن حرب - رضي الله عنه: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع؟ قال: «فلعلكم تفترقون» قالوا: نعم. قال: «فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله، يبارك لكم فيه». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3764)، وابن ماجه (3286).
(1/238)
107 - باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها
فيه: قوله - صلى الله عليه وسلم: «وكل مما يليك» (1) متفق عليه كما سبق.
743 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البركة تنزل وسط الطعام؛ فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (2)
__________
(1) انظر الحديث (299).
(2) أخرجه: أبو داود (3772)، وابن ماجه (3277)، والترمذي (1805)، والنسائي في «الكبرى» (6762).
(1/238)
744 - وعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - قال: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قصعة يقال لها: الغراء يحملها أربعة رجال؛ فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة؛ يعني وقد ثرد [ص:239] فيها، فالتفوا عليها، فلما كثروا جثا رسول الله - صلى الله عليه وسلم. فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا»، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كلوا من حواليها، ودعوا ذروتها يبارك فيها». رواه أبو داود بإسناد جيد. (1)
«ذروتها»: أعلاها بكسر الذال وضمها.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3773)، وابن ماجه (3263).
(1/238)
108 - باب كراهية الأكل متكئا
745 - عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا آكل متكئا». رواه البخاري. (1)
قال الخطابي: المتكئ هاهنا: هو الجالس معتمدا على وطاء تحته، قال: وأراد أنه لا يقعد على الوطاء والوسائد كفعل من يريد الإكثار من الطعام، بل يقعد مستوفزا لا مستوطئا، ويأكل بلغة. هذا كلام الخطابي (2)، وأشار غيره إلى أن المتكئ هو المائل على جنبه، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 93 (5398).
(2) انظر: معالم السنن 4/ 225.
(1/239)
746 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا مقعيا يأكل تمرا. رواه مسلم. (1)
«المقعي»: هو الذي يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 122 (2044) (148).
(1/239)
109 - باب استحباب الأكل بثلاث أصابع، واستحباب لعق الأصابع، وكراهة مسحها قبل لعقها
واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة التي تسقط منه وأكلها، ومسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرها
747 - عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعاما، فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يلعقها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5456)، ومسلم 6/ 113 (2031) (129) و (130).
(1/239)
748 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2032) (132).
(1/240)
749 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: «إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (133).
(1/240)
750 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وقعت لقمة أحدكم، فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (134).
(1/240)
751 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (164).
(1/240)
752 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أكل طعاما، لعق أصابعه الثلاث، وقال: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، وليمط عنها الأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان» وأمرنا أن نسلت القصعة، وقال: «إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (607).
(1/240)
753 - وعن سعيد بن الحارث: أنه سأل جابرا - رضي الله عنه - عن الوضوء مما مست النار، فقال: لا، قد كنا زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نجد مثل ذلك الطعام إلا قليلا، فإذا نحن وجدناه، لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا، وسواعدنا، وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5457).
(1/240)
110 - باب تكثير الأيدي على الطعام
754 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة» متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (564).
(1/240)
755 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (564).
(1/241)
111 - باب أدب الشرب واستحباب التنفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في الإناء واستحباب إدارة الإناء على الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ
756 - عن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس في الشراب ثلاثا. متفق عليه. (1)
يعني: يتنفس خارج الإناء.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5631)، ومسلم 6/ 111 (2028) (123).
(1/241)
757 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1885) وقال: «حديث غريب»، وهو حديث ضعيف.
(1/241)
758 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الإناء. متفق عليه. (1)
يعني: يتنفس في نفس الإناء.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5630)، ومسلم 1/ 155 (267) (65).
(1/241)
759 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي، وعن يساره أبو بكر - رضي الله عنه - فشرب، ثم أعطى الأعرابي، وقال: «الأيمن فالأيمن» متفق عليه. (1)
قوله: «شيب» أي: خلط.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 144 (2352)، ومسلم 6/ 112 (2029) (124).
(1/241)
760 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟» فقال الغلام: لا والله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا. فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. متفق عليه. (1)
قوله: «تله» أي وضعه. وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما.
__________
(1) انظر الحديث (568).
(1/241)
112 - باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم
761 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اختناث الأسقية. يعني: أن تكسر أفواهها، ويشرب منها. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 145 (2625)، ومسلم 6/ 110 (2023) (111).
(1/242)
762 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشرب من في السقاء أو القربة. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 145 (5627).
(1/242)
763 - وعن أم ثابت كبشة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت رضي الله عنهما، قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشرب من في قربة معلقة قائما، فقمت إلى فيها فقطعته. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
وإنما قطعتها: لتحفظ موضع فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتتبرك به، وتصونه عن الابتذال. وهذا الحديث محمول على بيان الجواز، والحديثان السابقان لبيان الأفضل والأكمل، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3423)، والترمذي (1892) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/242)
113 - باب كراهة النفخ في الشراب
764 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل: القذاة (1) أراها في الإناء؟ فقال: «أهرقها». قال: إني لا أروى من نفس واحد؟ قال: «فأبن القدح إذا عن فيك». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أي: تراب أو تبن أو وسخ. النهاية 4/ 30.
(2) أخرجه: الترمذي (1887).
(1/242)
765 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3728)، وابن ماجه (3428) و (3429)، والترمذي (1888).
(1/242)
114 - باب بيان جواز الشرب قائما وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا
فيه حديث كبشة السابق (1).
766 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم، فشرب وهو قائم. متفق عليه (2).
__________
(1) انظر الحديث (763).
(2) أخرجه: البخاري 2/ 191 (1637)، ومسلم 6/ 111 (2027) (117).
(1/243)
767 - وعن النزال بن سبرة - رضي الله عنه - قال: أتى علي - رضي الله عنه - باب الرحبة، فشرب قائما، وقال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 143 (5615).
(1/243)
768 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نأكل ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام. رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3301)، والترمذي (1880). وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/243)
769 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائما وقاعدا. رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1883) وقال: «حديث حسن».
(1/243)
770 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يشرب الرجل قائما. قال قتادة: فقلنا لأنس: فالأكل؟ قال: ذلك أشر - أو أخبث. رواه مسلم. (1) وفي رواية له: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الشرب قائما.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 110 (2024) (112) و (113).
(1/243)
771 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقيء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 110 (2026) (116).
(1/243)
115 - باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شربا
772 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ساقي القوم آخرهم شربا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 140 (681) (311) مطولا، وابن ماجه (3434)، والترمذي (1894)، والنسائي في «الكبرى» (6867).
(1/244)
116 - باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز الكرع - وهو الشرب بالفم من النهر وغيره بغير إناء ولا يد - وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب والأكل والطهارة وسائر وجوه الاستعمال
773 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار إلى أهله، وبقي قوم، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمخضب من حجارة، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فتوضأ القوم كلهم. قالوا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة. متفق عليه، (1) هذه رواية البخاري.
وفي رواية له ولمسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بإناء من ماء، فأتي بقدح رحراح (2) فيه شيء من ماء، فوضع أصابعه فيه. قال أنس: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه، فحزرت من توضأ ما بين السبعين إلى الثمانين.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 60 (195) و61 (200)، ومسلم 7/ 59 (2279) (4).
(2) الرحراح: القريب القعر مع سعة فيه. النهاية 2/ 208.
(1/244)
774 - وعن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قال: أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ. رواه البخاري. (1)
«الصفر»: بضم الصاد، ويجوز كسرها، وهو النحاس، و «التور»: كالقدح، وهو بالتاء المثناة من فوق.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 60 (197).
(1/244)
775 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل من الأنصار، ومعه صاحب له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا (1)». رواه البخاري. (2)
«الشن»: القربة.
__________
(1) أي: تناول الماء بفيه من غير أن يشرب بكفه ولا بإناء. النهاية 4/ 164.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 142 (5613).
(1/245)
776 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن الحرير، والديباج، والشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: «هي لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 193 (5832)، ومسلم 6/ 136 (2067) (4).
(1/245)
777 - وعن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي يشرب في آنية الفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب».
وفي رواية له: «من شرب في إناء من ذهب أو فضة، فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم».
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5634)، ومسلم 6/ 134 (2065) (1) و (2).
(1/245)
(3) - كتاب اللباس
117 - باب استحباب الثوب الأبيض، وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود، وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إلا الحرير
قال الله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير} [الأعراف: 26]، وقال تعالى: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} [النحل: 81].
(1/247)
778 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3878)، والترمذي (994).
(1/247)
779 - وعن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «البسوا البياض؛ فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم». رواه النسائي والحاكم، (1) وقال: «حديث صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2810)، والنسائي في «الكبرى» (9642)، والحاكم1/ 354 - 355.
(1/247)
780 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مربوعا (1)، ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه. متفق عليه. (2)
__________
(1) مربوع: بين الطويل والقصير. النهاية 2/ 190.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 197 (5848)، ومسلم 7/ 83 (2337) (91).
(1/247)
781 - وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، فخرج بلال بوضوئه، فمن ناضح ونائل، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، فتوضأ وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم ركزت له عنزة، فتقدم فصلى يمر بين يديه الكلب والحمار لا يمنع. متفق عليه. (1)
«العنزة» بفتح النون: نحو العكازة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 163 (633)، ومسلم 2/ 56 (503) (249) لفظ البخاري مختصر.
(1/248)
782 - وعن أبي رمثة رفاعة التيمي - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوبان أخضران. رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4065)، والترمذي (2812) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/248)
783 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 112 (1358) (451).
(1/248)
784 - وعن أبي سعيد عمرو بن حريث - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيه. رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس، وعليه عمامة سوداء.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 112 (1359) (452) و (453).
(1/248)
785 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة. متفق عليه. (1)
«السحولية» بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثياب تنسب إلى سحول: قرية باليمن «والكرسف»: القطن.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 95 (1264)، ومسلم 3/ 49 (941) (45).
(1/248)
786 - وعنها، قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود. رواه مسلم. (1) [ص:249]
«المرط» بكسر الميم: وهو كساء و «المرحل» بالحاء المهملة: هو الذي فيه صورة رحال الإبل، وهي الأكوار.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 145 (2081) (36) و7/ 130 (2424) (61).
(1/248)
787 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في مسير، فقال لي: «أمعك ماء؟» قلت: نعم، فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه وعليه جبة من صوف، فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين» ومسح عليهما. متفق عليه. (1)
وفي رواية: وعليه جبة شامية ضيقة الكمين.
وفي رواية: أن هذه القضية كانت في غزوة تبوك.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 186 (5799)، ومسلم 1/ 158 (274) (79).
(1/249)
118 - باب استحباب القميص
788 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص. رواه أبو داود والترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4025)، والترمذي (1762).
(1/249)
119 - باب صفة طول القميص والكم (1) والإزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء
789 - عن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها، قالت: كان كم قميص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرسغ. رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) الكم: ردن القميص. النهاية 4/ 200.
(2) انظر الحديث (518).
(1/249)
790 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنك لست ممن يفعله خيلاء». رواه البخاري وروى مسلم بعضه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 7 (3665)، ومسلم 6/ 147 (2085) (44).
(1/249)
791 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (615).
(1/250)
792 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5787).
(1/250)
793 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم» قال: فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا! من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل (1)، والمنان (2)، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». رواه مسلم. (3)
وفي رواية له: «المسبل إزاره».
__________
(1) الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى، وإنما يفعل ذلك كبرا واختيالا. النهاية 2/ 339.
(2) المنان: الذي لا يعطي شيئا إلا منه، وهو مذموم. النهاية 4/ 366.
(3) أخرجه: مسلم 1/ 71 (106) (171).
(1/250)
794 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسبال في الإزار، والقميص، والعمامة، من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4094)، وابن ماجه (3576)، والنسائي 8/ 208 وفي «الكبرى»، له (9720).
(1/250)
795 - وعن أبي جري جابر بن سليم - رضي الله عنه - قال: رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم. قلت: عليك السلام يا رسول الله - مرتين - قال: «لا تقل: عليك السلام، عليك السلام تحية الموتى، قل: السلام عليك» قال: قلت: أنت رسول الله؟ قال: «أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك، وإذا أصابك عام سنة (1) فدعوته أنبتها لك، وإذا [ص:251] كنت بأرض قفر أو فلاة فضلت راحلتك، فدعوته ردها عليك» قال: قلت: اعهد إلي. قال: «لا تسبن أحدا» قال: فما سببت بعده حرا، ولا عبدا، ولا بعيرا، ولا شاة، «ولا تحقرن من المعروف شيئا، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة. وإن الله لا يحب المخيلة؛ وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه». رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح، (2) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) عام سنة: عام جدب. النهاية 2/ 414.
(2) أخرجه: أبو داود (4087)، والترمذي (2722).
(1/250)
796 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما رجل يصلي مسبل إزاره، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اذهب فتوضأ» فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال: «اذهب فتوضأ» فقال له رجل: يا رسول الله، ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال: «إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل». رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (638) على أن إسناده ضعيف لا كما قال النووي.
(1/251)
797 - وعن قيس بن بشر التغلبي، قال: أخبرني أبي - وكان جليسا لأبي الدرداء - قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له سهل بن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا قلما يجالس الناس، إنما هو صلاة، فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله، فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك. قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فقدمت، فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو، فحمل فلان وطعن، فقال: خذها مني، وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى في قوله؟ قال: ما أراه إلا قد بطل أجره. فسمع بذلك آخر، فقال: ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا حتى سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «سبحان الله؟ لا بأس أن يؤجر ويحمد» فرأيت أبا الدرداء سر بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه، ويقول: أأنت سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم، فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه، قال: فمر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال لنا رسول الله [ص:252] صلى الله عليه وسلم: «المنفق على الخيل، كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها»، ثم مر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل خريم الأسدي! لولا طول جمته وإسبال إزاره!» فبلغ ذلك خريما فعجل، فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه. ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش». رواه أبو داود بإسناد حسن، (1) إلا قيس بن بشر فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه (2)، وقد روى له مسلم (3).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4089)، وسنده ضعيف.
(2) قال البخاري: قيس بن بشر عن أبيه لا يعرفان، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسا، وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر: الجرح والتعديل 7/ 125، وميزان الاعتدال 3/ 392 (6906)، وتهذيب التهذيب 8/ 234.
(3) لم يذكر أحد أن مسلما روى له. ورمز له ابن حجر (د) فقط. انظر التقريب (5562).
(1/251)
798 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج - أو لا جناح - فيما بينه وبين الكعبين، فما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4093)، وابن ماجه (3573)، والنسائي في «الكبرى» (9714).
(1/252)
799 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: مررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إزاري استرخاء، فقال: «يا عبد الله، ارفع إزارك» فرفعته ثم قال: «زد» فزدت، فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: إلى أنصاف الساقين. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 148 (2086) (47).
(1/252)
800 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخين شبرا» قالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: «فيرخينه ذراعا لا يزدن». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4085) بشطره الأول، والترمذي (1731).
(1/252)
120 - باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا
قد سبق في باب فضل الجوع وخشونة العيش جمل تتعلق بهذا الباب.
801 - وعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك اللباس تواضعا لله، وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2481) قال: «ومعنى حلل الإيمان: يعني ما يعطى أهل الإيمان من حلل الجنة».
(1/253)
121 - باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به لغير حاجة ولا مقصود شرعي
802 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2819).
(1/253)
122 - باب تحريم لباس الحرير على الرجال، وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه وجواز لبسه للنساء
803 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا الحرير؛ فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 194 (5834)، ومسلم 6/ 139 (2069) (11).
(1/253)
804 - وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما يلبس الحرير من لا خلاق له». متفق عليه. (1)
وفي رواية للبخاري: «من لا خلاق له في الآخرة».
قوله: «من لا خلاق له» أي: لا نصيب له.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 20 (948) و7/ 194 (5835)، ومسلم 6/ 139 (2069) (10).
(1/253)
805 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 193 (5832)، ومسلم 6/ 142 (2073) (21).
(1/253)
806 - وعن علي - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرا، فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله، ثم قال: «إن هذين حرام على ذكور أمتي». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4057)، وابن ماجه (3595)، والنسائي 8/ 160 وفي «الكبرى»، له (9445) و (9446) و (9447).
(1/254)
807 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1720)، والنسائي 8/ 161 و190 وفي «الكبرى»، له (9449) و (9450).
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3444) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/230)
97 - باب الاستخارة والمشاورة
قال الله تعالى: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 159]، وقال الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم} [الشورى: 38] أي: يتشاورون بينهم فيه.
(1/231)
717 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: «إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري» أو قال: «عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري» أو قال: «عاجل أمري وآجله؛ فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به» قال: «ويسمي حاجته». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 70 (1162).
(1/231)
98 - باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها من طريق، والرجوع من طريق آخر لتكثير مواضع العبادة
718 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق. رواه البخاري. (1)
قوله: «خالف الطريق» يعني: ذهب في طريق، ورجع في طريق آخر.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 29 (986).
(1/231)
719 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرس (1)، وإذا دخل مكة، دخل من الثنية (2) العليا، ويخرج من الثنية السفلى. متفق عليه. (3)
__________
(1) المعرس: مسجد ذي الحليفة على ستة أميال من المدينة. مراصد الاطلاع 3/ 1288، وانظر: فتح الباري عقيب (1533).
(2) الثنية في الأصل كل عقبة في جبل مسلوكة. مراصد الاطلاع 1/ 300.
(3) أخرجه: البخاري 2/ 166 - 167 (1533)، ومسلم 4/ 62 (1257) (223).
(1/231)
99 - باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم
كالوضوء والغسل والتيمم، ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق الرأس، والسلام من الصلاة، والأكل، والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، والخروج من الخلاء، والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه. ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والبصاق عن اليسار، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب، والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك.
قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه} [الحاقة: 19] الآيات، وقال تعالى: {فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة} [الواقعة: 8 - 9].
(1/232)
720 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيمن في شأنه كله: في طهوره، وترجله، وتنعله. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 53 (168)، ومسلم 1/ 155 (268) (66).
(1/232)
721 - وعنها، قالت: كانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى. حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (33)، والبيهقي 1/ 113.
(1/232)
722 - وعن أم عطية رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهن في غسل ابنته زينب رضي الله عنها: «ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 53 (167)، ومسلم 3/ 48 (939) (42).
(1/232)
723 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا نزع فليبدأ بالشمال. لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 199 (5855)، ومسلم 6/ 153 (2097) (67).
(1/232)
724 - وعن حفصة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل يساره لما سوى ذلك. رواه أبو داود والترمذي وغيره. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (32)، والبيهقي 1/ 112 ولم يذكره الترمذي.
(1/233)
725 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لبستم، وإذا توضأتم، فابدأوا بأيامنكم» حديث صحيح، رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4141)، والترمذي (1766) الألفاظ مختلفة والمعنى واحد.
(1/233)
726 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى منى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: «خذ» وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس. متفق عليه. (1)
وفي رواية: لما رمى الجمرة، ونحر نسكه وحلق، ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري - رضي الله عنه - فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: «احلق»، فحلقه فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسمه بين الناس».
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 82 (1305) (323) و (326). ولم يذكره البخاري.
(1/233)
(2) - كتاب أدب الطعام
100 - باب التسمية في أوله والحمد في آخره
727 - وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (299).
(1/235)
728 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3767)، وابن ماجه (3264)، والترمذي (1858).
(1/235)
729 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله، وعند طعامه، قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت؛ وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 108 (2018) (103).
(1/235)
730 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كنا إذا حضرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما، لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما، فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدها، [ص:236] ثم جاء أعرابي كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله تعالى عليه، وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها، فأخذت بيدها، فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به، فأخذت بيده، والذي نفسي بيده، إن يده في يدي مع يديهما» ثم ذكر اسم الله تعالى وأكل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 107 - 108 (2017) (102).
(1/235)
731 - وعن أمية بن مخشي الصحابي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا، ورجل يأكل، فلم يسم الله حتى لم يبق من طعامه إلا لقمة، فلما رفعها إلى فيه، قال: بسم الله أوله وآخره، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «ما زال الشيطان يأكل معه، فلما ذكر اسم الله استقاء ما في بطنه». رواه أبو داود والنسائي. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3768)، والنسائي في «الكبرى» (10113).
(1/236)
732 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل طعاما في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي، فأكله بلقمتين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أما إنه لو سمى لكفاكم». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3264)، والترمذي (1858 م).
(1/236)
733 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رفع مائدته، قال: «الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، غير مكفي، ولا مودع، ولا مستغنى عنه ربنا». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5458).
(1/236)
734 - وعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من أكل طعاما، فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا، ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4023)، وابن ماجه (3285)، والترمذي (3458)، وقال: «حديث حسن غريب».
(1/236)
101 - باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه
735 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاما قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 96 (5409)، ومسلم 6/ 134 (2064) (187) و (188).
(1/236)
736 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أهله الأدم، فقالوا: ما عندنا إلا خل، فدعا به، فجعل يأكل، ويقول: «نعم الأدم الخل، نعم الأدم الخل». رواه مسلم (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 125 (2052) (166).
(1/237)
102 - باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر
737 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائما فليصل، وإن كان مفطرا فليطعم». رواه مسلم. (1)
قال العلماء: معنى «فليصل»: فليدع، ومعنى «فليطعم»: فليأكل.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 153 (1431) (106).
(1/237)
103 - باب ما يقوله من دعي إلى طعام فتبعه غيره
738 - عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - قال: دعا رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - لطعام صنعه له خامس خمسة، فتبعهم رجل، فلما بلغ الباب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «إن هذا تبعنا، فإن شئت أن تأذن له، وإن شئت رجع» قال: بل آذن له يا رسول الله. متفق عليه (1).
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 76 (2081)، ومسلم 6/ 115 (2036) (138).
(1/237)
104 - باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله
739 - عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما، قال: كنت غلاما في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا غلام، سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك». متفق عليه. (1)
قوله: «تطيش» بكسر الطاء وبعدها ياء مثناة من تحت، معناه: تتحرك وتمتد إلى نواحي الصحفة.
__________
(1) انظر الحديث (299).
(1/237)
740 - وعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه: أن رجلا أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال: «كل بيمينك» قال: لا أستطيع. قال: «لا استطعت»! ما منعه إلا الكبر! فما رفعها إلى فيه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (159).
(1/237)
105 - باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما إذا أكل جماعة إلا بإذن رفقته
741 - عن جبلة بن سحيم، قال: أصابنا عام سنة مع ابن الزبير؛ فرزقنا تمرا، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يمر بنا ونحن نأكل، فيقول: لا تقارنوا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القران، ثم يقول: إلا أن يستأذن الرجل أخاه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 104 (5446)، ومسلم 6/ 122 (2045) (150). قال ابن الأثير: «وهو أن يقرن بين التمرتين في الأكل، وإنما نهى عنه؛ لأن فيه شرها، وذلك يزري بصاحبه؛ أو لأن فيه غبنا برفيقه ... » النهاية 4/ 52.
(1/238)
106 - باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع
742 - عن وحشي بن حرب - رضي الله عنه: أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع؟ قال: «فلعلكم تفترقون» قالوا: نعم. قال: «فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله، يبارك لكم فيه». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3764)، وابن ماجه (3286).
(1/238)
107 - باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها
فيه: قوله - صلى الله عليه وسلم: «وكل مما يليك» (1) متفق عليه كما سبق.
743 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البركة تنزل وسط الطعام؛ فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (2)
__________
(1) انظر الحديث (299).
(2) أخرجه: أبو داود (3772)، وابن ماجه (3277)، والترمذي (1805)، والنسائي في «الكبرى» (6762).
(1/238)
744 - وعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - قال: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قصعة يقال لها: الغراء يحملها أربعة رجال؛ فلما أضحوا وسجدوا الضحى أتي بتلك القصعة؛ يعني وقد ثرد [ص:239] فيها، فالتفوا عليها، فلما كثروا جثا رسول الله - صلى الله عليه وسلم. فقال أعرابي: ما هذه الجلسة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله جعلني عبدا كريما، ولم يجعلني جبارا عنيدا»، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كلوا من حواليها، ودعوا ذروتها يبارك فيها». رواه أبو داود بإسناد جيد. (1)
«ذروتها»: أعلاها بكسر الذال وضمها.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3773)، وابن ماجه (3263).
(1/238)
108 - باب كراهية الأكل متكئا
745 - عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا آكل متكئا». رواه البخاري. (1)
قال الخطابي: المتكئ هاهنا: هو الجالس معتمدا على وطاء تحته، قال: وأراد أنه لا يقعد على الوطاء والوسائد كفعل من يريد الإكثار من الطعام، بل يقعد مستوفزا لا مستوطئا، ويأكل بلغة. هذا كلام الخطابي (2)، وأشار غيره إلى أن المتكئ هو المائل على جنبه، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 93 (5398).
(2) انظر: معالم السنن 4/ 225.
(1/239)
746 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا مقعيا يأكل تمرا. رواه مسلم. (1)
«المقعي»: هو الذي يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 122 (2044) (148).
(1/239)
109 - باب استحباب الأكل بثلاث أصابع، واستحباب لعق الأصابع، وكراهة مسحها قبل لعقها
واستحباب لعق القصعة وأخذ اللقمة التي تسقط منه وأكلها، ومسحها بعد اللعق بالساعد والقدم وغيرها
747 - عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أكل أحدكم طعاما، فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها أو يلعقها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5456)، ومسلم 6/ 113 (2031) (129) و (130).
(1/239)
748 - وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2032) (132).
(1/240)
749 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلعق الأصابع والصحفة، وقال: «إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (133).
(1/240)
750 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وقعت لقمة أحدكم، فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 114 (2033) (134).
(1/240)
751 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان، فإذا فرغ فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (164).
(1/240)
752 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أكل طعاما، لعق أصابعه الثلاث، وقال: «إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها، وليمط عنها الأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان» وأمرنا أن نسلت القصعة، وقال: «إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (607).
(1/240)
753 - وعن سعيد بن الحارث: أنه سأل جابرا - رضي الله عنه - عن الوضوء مما مست النار، فقال: لا، قد كنا زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نجد مثل ذلك الطعام إلا قليلا، فإذا نحن وجدناه، لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا، وسواعدنا، وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 106 (5457).
(1/240)
110 - باب تكثير الأيدي على الطعام
754 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «طعام الاثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربعة» متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (564).
(1/240)
755 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (564).
(1/241)
111 - باب أدب الشرب واستحباب التنفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في الإناء واستحباب إدارة الإناء على الأيمن فالأيمن بعد المبتدئ
756 - عن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس في الشراب ثلاثا. متفق عليه. (1)
يعني: يتنفس خارج الإناء.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5631)، ومسلم 6/ 111 (2028) (123).
(1/241)
757 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا واحدا كشرب البعير، ولكن اشربوا مثنى وثلاث، وسموا إذا أنتم شربتم، واحمدوا إذا أنتم رفعتم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1885) وقال: «حديث غريب»، وهو حديث ضعيف.
(1/241)
758 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الإناء. متفق عليه. (1)
يعني: يتنفس في نفس الإناء.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5630)، ومسلم 1/ 155 (267) (65).
(1/241)
759 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي، وعن يساره أبو بكر - رضي الله عنه - فشرب، ثم أعطى الأعرابي، وقال: «الأيمن فالأيمن» متفق عليه. (1)
قوله: «شيب» أي: خلط.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 144 (2352)، ومسلم 6/ 112 (2029) (124).
(1/241)
760 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بشراب، فشرب منه وعن يمينه غلام، وعن يساره أشياخ، فقال للغلام: «أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟» فقال الغلام: لا والله، لا أوثر بنصيبي منك أحدا. فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. متفق عليه. (1)
قوله: «تله» أي وضعه. وهذا الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما.
__________
(1) انظر الحديث (568).
(1/241)
112 - باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم
761 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اختناث الأسقية. يعني: أن تكسر أفواهها، ويشرب منها. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 145 (2625)، ومسلم 6/ 110 (2023) (111).
(1/242)
762 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشرب من في السقاء أو القربة. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 145 (5627).
(1/242)
763 - وعن أم ثابت كبشة بنت ثابت أخت حسان بن ثابت رضي الله عنهما، قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشرب من في قربة معلقة قائما، فقمت إلى فيها فقطعته. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
وإنما قطعتها: لتحفظ موضع فم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتتبرك به، وتصونه عن الابتذال. وهذا الحديث محمول على بيان الجواز، والحديثان السابقان لبيان الأفضل والأكمل، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3423)، والترمذي (1892) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/242)
113 - باب كراهة النفخ في الشراب
764 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النفخ في الشراب، فقال رجل: القذاة (1) أراها في الإناء؟ فقال: «أهرقها». قال: إني لا أروى من نفس واحد؟ قال: «فأبن القدح إذا عن فيك». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أي: تراب أو تبن أو وسخ. النهاية 4/ 30.
(2) أخرجه: الترمذي (1887).
(1/242)
765 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3728)، وابن ماجه (3428) و (3429)، والترمذي (1888).
(1/242)
114 - باب بيان جواز الشرب قائما وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا
فيه حديث كبشة السابق (1).
766 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم، فشرب وهو قائم. متفق عليه (2).
__________
(1) انظر الحديث (763).
(2) أخرجه: البخاري 2/ 191 (1637)، ومسلم 6/ 111 (2027) (117).
(1/243)
767 - وعن النزال بن سبرة - رضي الله عنه - قال: أتى علي - رضي الله عنه - باب الرحبة، فشرب قائما، وقال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل كما رأيتموني فعلت. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 143 (5615).
(1/243)
768 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نأكل ونحن نمشي، ونشرب ونحن قيام. رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3301)، والترمذي (1880). وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/243)
769 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرب قائما وقاعدا. رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح». (1)
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1883) وقال: «حديث حسن».
(1/243)
770 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يشرب الرجل قائما. قال قتادة: فقلنا لأنس: فالأكل؟ قال: ذلك أشر - أو أخبث. رواه مسلم. (1) وفي رواية له: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الشرب قائما.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 110 (2024) (112) و (113).
(1/243)
771 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقيء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 110 (2026) (116).
(1/243)
115 - باب استحباب كون ساقي القوم آخرهم شربا
772 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ساقي القوم آخرهم شربا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 140 (681) (311) مطولا، وابن ماجه (3434)، والترمذي (1894)، والنسائي في «الكبرى» (6867).
(1/244)
116 - باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز الكرع - وهو الشرب بالفم من النهر وغيره بغير إناء ولا يد - وتحريم استعمال إناء الذهب والفضة في الشرب والأكل والطهارة وسائر وجوه الاستعمال
773 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: حضرت الصلاة فقام من كان قريب الدار إلى أهله، وبقي قوم، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمخضب من حجارة، فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه، فتوضأ القوم كلهم. قالوا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة. متفق عليه، (1) هذه رواية البخاري.
وفي رواية له ولمسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بإناء من ماء، فأتي بقدح رحراح (2) فيه شيء من ماء، فوضع أصابعه فيه. قال أنس: فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه، فحزرت من توضأ ما بين السبعين إلى الثمانين.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 60 (195) و61 (200)، ومسلم 7/ 59 (2279) (4).
(2) الرحراح: القريب القعر مع سعة فيه. النهاية 2/ 208.
(1/244)
774 - وعن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - قال: أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ. رواه البخاري. (1)
«الصفر»: بضم الصاد، ويجوز كسرها، وهو النحاس، و «التور»: كالقدح، وهو بالتاء المثناة من فوق.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 60 (197).
(1/244)
775 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على رجل من الأنصار، ومعه صاحب له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شنة وإلا كرعنا (1)». رواه البخاري. (2)
«الشن»: القربة.
__________
(1) أي: تناول الماء بفيه من غير أن يشرب بكفه ولا بإناء. النهاية 4/ 164.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 142 (5613).
(1/245)
776 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن الحرير، والديباج، والشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: «هي لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 193 (5832)، ومسلم 6/ 136 (2067) (4).
(1/245)
777 - وعن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذي يشرب في آنية الفضة، إنما يجرجر في بطنه نار جهنم». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب».
وفي رواية له: «من شرب في إناء من ذهب أو فضة، فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم».
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 146 (5634)، ومسلم 6/ 134 (2065) (1) و (2).
(1/245)
(3) - كتاب اللباس
117 - باب استحباب الثوب الأبيض، وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود، وجوازه من قطن وكتان وشعر وصوف وغيرها إلا الحرير
قال الله تعالى: {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير} [الأعراف: 26]، وقال تعالى: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم} [النحل: 81].
(1/247)
778 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
«البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3878)، والترمذي (994).
(1/247)
779 - وعن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «البسوا البياض؛ فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم». رواه النسائي والحاكم، (1) وقال: «حديث صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2810)، والنسائي في «الكبرى» (9642)، والحاكم1/ 354 - 355.
(1/247)
780 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مربوعا (1)، ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه. متفق عليه. (2)
__________
(1) مربوع: بين الطويل والقصير. النهاية 2/ 190.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 197 (5848)، ومسلم 7/ 83 (2337) (91).
(1/247)
781 - وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم، فخرج بلال بوضوئه، فمن ناضح ونائل، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه حلة حمراء، كأني أنظر إلى بياض ساقيه، فتوضأ وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة، حي على الفلاح، ثم ركزت له عنزة، فتقدم فصلى يمر بين يديه الكلب والحمار لا يمنع. متفق عليه. (1)
«العنزة» بفتح النون: نحو العكازة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 163 (633)، ومسلم 2/ 56 (503) (249) لفظ البخاري مختصر.
(1/248)
782 - وعن أبي رمثة رفاعة التيمي - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوبان أخضران. رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4065)، والترمذي (2812) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/248)
783 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 112 (1358) (451).
(1/248)
784 - وعن أبي سعيد عمرو بن حريث - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه عمامة سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيه. رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس، وعليه عمامة سوداء.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 112 (1359) (452) و (453).
(1/248)
785 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة. متفق عليه. (1)
«السحولية» بفتح السين وضمها وضم الحاء المهملتين: ثياب تنسب إلى سحول: قرية باليمن «والكرسف»: القطن.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 95 (1264)، ومسلم 3/ 49 (941) (45).
(1/248)
786 - وعنها، قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة، وعليه مرط مرحل من شعر أسود. رواه مسلم. (1) [ص:249]
«المرط» بكسر الميم: وهو كساء و «المرحل» بالحاء المهملة: هو الذي فيه صورة رحال الإبل، وهي الأكوار.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 145 (2081) (36) و7/ 130 (2424) (61).
(1/248)
787 - وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - قال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في مسير، فقال لي: «أمعك ماء؟» قلت: نعم، فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه وعليه جبة من صوف، فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين» ومسح عليهما. متفق عليه. (1)
وفي رواية: وعليه جبة شامية ضيقة الكمين.
وفي رواية: أن هذه القضية كانت في غزوة تبوك.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 186 (5799)، ومسلم 1/ 158 (274) (79).
(1/249)
118 - باب استحباب القميص
788 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: كان أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص. رواه أبو داود والترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4025)، والترمذي (1762).
(1/249)
119 - باب صفة طول القميص والكم (1) والإزار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء من ذلك على سبيل الخيلاء وكراهته من غير خيلاء
789 - عن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنها، قالت: كان كم قميص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرسغ. رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) الكم: ردن القميص. النهاية 4/ 200.
(2) انظر الحديث (518).
(1/249)
790 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنك لست ممن يفعله خيلاء». رواه البخاري وروى مسلم بعضه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 7 (3665)، ومسلم 6/ 147 (2085) (44).
(1/249)
791 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (615).
(1/250)
792 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 183 (5787).
(1/250)
793 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم» قال: فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا! من هم يا رسول الله؟ قال: «المسبل (1)، والمنان (2)، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب». رواه مسلم. (3)
وفي رواية له: «المسبل إزاره».
__________
(1) الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى، وإنما يفعل ذلك كبرا واختيالا. النهاية 2/ 339.
(2) المنان: الذي لا يعطي شيئا إلا منه، وهو مذموم. النهاية 4/ 366.
(3) أخرجه: مسلم 1/ 71 (106) (171).
(1/250)
794 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسبال في الإزار، والقميص، والعمامة، من جر شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة». رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4094)، وابن ماجه (3576)، والنسائي 8/ 208 وفي «الكبرى»، له (9720).
(1/250)
795 - وعن أبي جري جابر بن سليم - رضي الله عنه - قال: رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم. قلت: عليك السلام يا رسول الله - مرتين - قال: «لا تقل: عليك السلام، عليك السلام تحية الموتى، قل: السلام عليك» قال: قلت: أنت رسول الله؟ قال: «أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك، وإذا أصابك عام سنة (1) فدعوته أنبتها لك، وإذا [ص:251] كنت بأرض قفر أو فلاة فضلت راحلتك، فدعوته ردها عليك» قال: قلت: اعهد إلي. قال: «لا تسبن أحدا» قال: فما سببت بعده حرا، ولا عبدا، ولا بعيرا، ولا شاة، «ولا تحقرن من المعروف شيئا، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك، إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار، فإنها من المخيلة. وإن الله لا يحب المخيلة؛ وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه». رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح، (2) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) عام سنة: عام جدب. النهاية 2/ 414.
(2) أخرجه: أبو داود (4087)، والترمذي (2722).
(1/250)
796 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما رجل يصلي مسبل إزاره، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «اذهب فتوضأ» فذهب فتوضأ، ثم جاء، فقال: «اذهب فتوضأ» فقال له رجل: يا رسول الله، ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال: «إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل». رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (638) على أن إسناده ضعيف لا كما قال النووي.
(1/251)
797 - وعن قيس بن بشر التغلبي، قال: أخبرني أبي - وكان جليسا لأبي الدرداء - قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له سهل بن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا قلما يجالس الناس، إنما هو صلاة، فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله، فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك. قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فقدمت، فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو، فحمل فلان وطعن، فقال: خذها مني، وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى في قوله؟ قال: ما أراه إلا قد بطل أجره. فسمع بذلك آخر، فقال: ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا حتى سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «سبحان الله؟ لا بأس أن يؤجر ويحمد» فرأيت أبا الدرداء سر بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه، ويقول: أأنت سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم، فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه، قال: فمر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال لنا رسول الله [ص:252] صلى الله عليه وسلم: «المنفق على الخيل، كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها»، ثم مر بنا يوما آخر، فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل خريم الأسدي! لولا طول جمته وإسبال إزاره!» فبلغ ذلك خريما فعجل، فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه. ثم مر بنا يوما آخر فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم، وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش». رواه أبو داود بإسناد حسن، (1) إلا قيس بن بشر فاختلفوا في توثيقه وتضعيفه (2)، وقد روى له مسلم (3).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4089)، وسنده ضعيف.
(2) قال البخاري: قيس بن بشر عن أبيه لا يعرفان، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأسا، وذكره ابن حبان في الثقات.
انظر: الجرح والتعديل 7/ 125، وميزان الاعتدال 3/ 392 (6906)، وتهذيب التهذيب 8/ 234.
(3) لم يذكر أحد أن مسلما روى له. ورمز له ابن حجر (د) فقط. انظر التقريب (5562).
(1/251)
798 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج - أو لا جناح - فيما بينه وبين الكعبين، فما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4093)، وابن ماجه (3573)، والنسائي في «الكبرى» (9714).
(1/252)
799 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: مررت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إزاري استرخاء، فقال: «يا عبد الله، ارفع إزارك» فرفعته ثم قال: «زد» فزدت، فما زلت أتحراها بعد. فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: إلى أنصاف الساقين. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 148 (2086) (47).
(1/252)
800 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: «يرخين شبرا» قالت: إذا تنكشف أقدامهن. قال: «فيرخينه ذراعا لا يزدن». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4085) بشطره الأول، والترمذي (1731).
(1/252)
120 - باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا
قد سبق في باب فضل الجوع وخشونة العيش جمل تتعلق بهذا الباب.
801 - وعن معاذ بن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك اللباس تواضعا لله، وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2481) قال: «ومعنى حلل الإيمان: يعني ما يعطى أهل الإيمان من حلل الجنة».
(1/253)
121 - باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به لغير حاجة ولا مقصود شرعي
802 - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2819).
(1/253)
122 - باب تحريم لباس الحرير على الرجال، وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه وجواز لبسه للنساء
803 - عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا الحرير؛ فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 194 (5834)، ومسلم 6/ 139 (2069) (11).
(1/253)
804 - وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما يلبس الحرير من لا خلاق له». متفق عليه. (1)
وفي رواية للبخاري: «من لا خلاق له في الآخرة».
قوله: «من لا خلاق له» أي: لا نصيب له.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 20 (948) و7/ 194 (5835)، ومسلم 6/ 139 (2069) (10).
(1/253)
805 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 193 (5832)، ومسلم 6/ 142 (2073) (21).
(1/253)
806 - وعن علي - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرا، فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله، ثم قال: «إن هذين حرام على ذكور أمتي». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4057)، وابن ماجه (3595)، والنسائي 8/ 160 وفي «الكبرى»، له (9445) و (9446) و (9447).
(1/254)
807 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي، وأحل لإناثهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1720)، والنسائي 8/ 161 و190 وفي «الكبرى»، له (9449) و (9450).
(1/254)
808 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 194 (5837).
(1/254)
123 - باب جواز لبس الحرير لمن به حكة
809 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير وعبد الرحمان بن عوف رضي الله عنهما في لبس الحرير لحكة كانت بهما. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 195 (5839)، ومسلم 6/ 143 (2076) (25).
(1/254)
124 - باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها
810 - عن معاوية - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تركبوا الخز (1) ولا النمار (2)» حديث حسن، رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن. (3)
__________
(1) الخز: ثياب تنسج من صوف وإبريسم، والنهي عنها لأجل التشبه بالعجم، وإن أريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام لأن جميعه معمول من الإبريسم. النهاية 2/ 28.
(2) النمار: جلود النمور. النهاية 5/ 117.
(3) أخرجه: أحمد 4/ 93، وأبو داود (4129)، والبيهقي 1/ 22.
(1/254)
811 - وعن أبي المليح، عن أبيه - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع. رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحاح. (1)
وفي رواية للترمذي: نهى عن جلود السباع أن تفترش.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4132)، والترمذي (1770 م 2 وم 3)، والنسائي 7/ 176 وفي «الكبرى»، له (4579).
(1/254)
125 - باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا أو نعلا أو نحوه
812 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه - عمامة، أو قميصا، أو رداء - يقول: «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4020)، والترمذي (1767).
(1/255)
126 - باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس
هذا الباب قد تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فيه (1).
__________
(1) انظر الأحاديث (720 - 726).
(1/255)
(4) - كتاب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤيا
127 - باب ما يقوله عند النوم
813 - عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن، ثم قال: «اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت». رواه البخاري (1) بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 85 (6315).
(1/257)
814 - وعنه، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل ... » وذكر نحوه، وفيه: «واجعلهن آخر ما تقول». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 71 (247)، ومسلم 8/ 77 (2710) (56).
(1/257)
815 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يجيء المؤذن فيؤذنه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 84 (6310)، ومسلم 2/ 165 (736) (121).
(1/257)
816 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده، ثم يقول: «اللهم باسمك أموت وأحيا» وإذا استيقظ قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 85 (6314).
(1/257)
817 - وعن يعيش بن طخفة الغفاري رضي الله عنهما، قال: قال أبي: بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا رجل يحركني برجله، فقال: «إن هذه ضجعة يبغضها الله»، قال: فنظرت، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5040).
(1/258)
818 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه، كانت عليه من الله تعالى ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه، كانت عليه من الله ترة». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
«الترة»: بكسر التاء المثناة من فوق، وهي: النقص، وقيل: التبعة.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4856)، والنسائي في «الكبرى» (10237).
(1/258)
128 - باب جواز الاستلقاء على القفا، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا لم يخف انكشاف العورة، وجواز القعود متربعا ومحتبيا
819 - عن عبد الله بن زيد رضي الله عنهما: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 128 (475)، ومسلم 6/ 154 (2100) (75).
(1/258)
820 - وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء. حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (670) (287)، وأبو داود (4850).
(1/258)
821 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء الكعبة محتبيا بيديه هكذا، ووصف بيديه الاحتباء، وهو القرفصاء (1). رواه البخاري. (2)
__________
(1) القرفصاء: هي جلسة المحتبي بيديه. النهاية 4/ 47.
(2) أخرجه: البخاري 8/ 76 (6272).
(1/258)
822 - وعن قيلة بنت مخرمة رضي الله عنها، قالت: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق (1). رواه أبو داود والترمذي. (2)
__________
(1) الفرق: الخوف والفزع. النهاية 3/ 438.
(2) أخرجه: أبو داود (4847)، والترمذي (2814).
(1/258)
823 - وعن الشريد بن سويد - رضي الله عنه - قال: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري، واتكأت على ألية يدي، فقال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟!». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4848).
(1/259)
129 - باب في آداب المجلس والجليس
824 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا» وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 75 (6270)، ومسلم 7/ 9 (2177) (27).
(1/259)
825 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم من مجلس، ثم رجع إليه، فهو أحق به». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 10 (2179) (31).
(1/259)
826 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قال: كنا إذا أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس أحدنا حيث ينتهي. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4825)، والترمذي (2725)، والنسائي في «الكبرى» (5899) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/259)
827 - وعن أبي عبد الله سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 4 (883).
(1/259)
828 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وفي رواية لأبي داود: «لا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4844) و (4845)، والترمذي (2752).
(1/259)
829 - وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من جلس وسط الحلقة. رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
وروى الترمذي عن أبي مجلز: أن رجلا قعد وسط حلقة، فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - أو لعن الله على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - من جلس وسط الحلقة. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4826)، والترمذي (2753) وقال: «أبو مجلز اسمه: لاحق بن حميد».
(1/260)
830 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خير المجالس أوسعها». رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4820).
(1/260)
831 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3433) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/260)
832 - وعن أبي برزة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك» فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى؟ قال: «ذلك كفارة لما يكون في المجلس». رواه أبو داود، ورواه الحاكم أبو عبد الله في «المستدرك» من رواية عائشة رضي الله عنها وقال: «صحيح الإسناد» (1).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4859) عن أبي برزة. وأخرجه: الحاكم 1/ 496 - 497 عن عائشة.
(1/260)
833 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا [ص:261] بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3502) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/260)
834 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4855).
(1/261)
835 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم فيه، إلا كان عليهم ترة؛ فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3380).
(1/261)
836 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة». رواه أبو داود. (1)
وقد سبق قريبا، وشرحنا «الترة» فيه.
__________
(1) انظر الحديث (818).
(1/261)
130 - باب الرؤيا وما يتعلق بها
قال الله تعالى: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار} [الروم: 23].
837 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات» قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة». رواه البخاري (1).
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 40 (6990).
(1/261)
838 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة». متفق عليه. (1)
وفي رواية: «أصدقكم رؤيا، أصدقكم حديثا».
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 47 (7017)، ومسلم 7/ 52 (2263) (6).
(1/261)
839 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة - أو كأنما رآني في اليقظة - لا يتمثل الشيطان بي (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 8/ 23 (2266): «معناه أن رؤياه صحيحة ليست بأضغاث، ولا من تشبيهات الشيطان».
(2) أخرجه: البخاري 9/ 42 (6993)، ومسلم 7/ 54 (2266) (11).
(1/262)
840 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله تعالى، فليحمد الله عليها، وليحدث بها - وفي رواية: فلا يحدث بها إلا من يحب - وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد؛ فإنها لا تضره». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 39 (6985) ولم يروه مسلم عن أبي سعيد الخدري.
(1/262)
841 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة - وفي رواية: الرؤيا الحسنة - من الله، والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا، وليتعوذ من الشيطان؛ فإنها لا تضره». متفق عليه. (1)
«النفث»: نفخ لطيف لا ريق معه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 192 (3292)، ومسلم 7/ 51 (2261) (2) و (3).
(1/262)
842 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 52 (2262) (5).
(1/262)
843 - وعن أبي الأسقع واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر (1)، أو يقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل». رواه البخاري. (2)
__________
(1) قال ابن حجر: «أي يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا ما رأتاه». فتح الباري 6/ 662 عقيب (3511).
(2) أخرجه: البخاري 4/ 219 (3509).
(1/262)
(5) - كتاب السلام
131 - باب فضل السلام والأمر بإفشائه
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور: 27]، وقال تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور: 61]، وقال تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} [النساء: 86]، وقال تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام} [الذاريات: 24 - 25].
(1/263)
844 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 10 (12)، ومسلم 1/ 47 (39) (63).
(1/263)
845 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما خلق الله آدم - صلى الله عليه وسلم - قال: اذهب فسلم على أولئك - نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يحيونك؛ فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 159 (3326)، ومسلم 8/ 149 (2841) (28).
(1/263)
846 - وعن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم. متفق عليه، (1) هذا لفظ إحدى روايات البخاري.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 64 (6235)، ومسلم 6/ 135 (2066) (3)، وانظر الحديث (239).
(1/263)
847 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 53 (54) (93).
(1/264)
848 - وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1334)، والترمذي (2485) وقال: «حديث صحيح».
(1/264)
849 - وعن الطفيل بن أبي بن كعب: أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط (1) ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول: اجلس بنا هاهنا نتحدث، فقال: يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه. رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح. (2)
__________
(1) السقاط: هو الذي يبيع سقط المتاع وهو رديئه وحقيره. النهاية 2/ 379.
(2) أخرجه: مالك في «الموطأ» (2763) برواية الليثي.
(1/264)
132 - باب كيفية السلام
يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيأت بضمير الجمع، وإن كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم.
(1/264)
850 - عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «عشر» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: «عشرون» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: «ثلاثون». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5195)، والترمذي (2689) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/264)
851 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل يقرأ عليك السلام» قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته. متفق عليه. (1)
وهكذا وقع في بعض روايات الصحيحين: «وبركاته» وفي بعضها بحذفها، وزيادة الثقة مقبولة (2).
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 136 (3217)، ومسلم 7/ 138 (2447) (90).
(2) هذا ليس على إطلاقه، وانظر بلا بد كتابي: أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 363 - 402.
(1/265)
852 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري. (1)
وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيرا.
__________
(1) انظر الحديث (695).
(1/265)
853 - وعن المقداد - رضي الله عنه - في حديثه الطويل، قال: كنا نرفع للنبي - صلى الله عليه وسلم - نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم كما كان يسلم. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 128 (2055) (174).
(1/265)
854 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وهذا محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود: فسلم علينا.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5204)، وابن ماجه (3701)، والترمذي (2697).
(1/265)
855 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام». رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي (1) بنحوه وقال: «حديث حسن». وقد ذكر بعده (2).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5197)، والترمذي (2694).
(2) انظر الحديث (858).
(1/265)
856 - وعن أبي جري الهجيمي - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله. قال: «لا تقل عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح»، وقد سبق بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (795).
(1/266)
133 - باب آداب السلام
857 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير». متفق عليه. (1)
وفي رواية للبخاري: «والصغير على الكبير».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 64 (6232)، ومسلم 7/ 2 (2160) (1).
(1/266)
858 - وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام». رواه أبو داود بإسناد جيد. (1)
ورواه الترمذي عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟، قال: «أولاهما بالله تعالى» قال الترمذي: «هذا حديث حسن».
__________
(1) انظر الحديث (855).
(1/266)
134 - باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل ثم خرج ثم دخل في الحال، أو حال بينهما شجرة ونحوهما
859 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث المسيء صلاته: أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى فعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 192 (757)، ومسلم 2/ 10 (397) (45).
(1/266)
860 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر، ثم لقيه، فليسلم عليه». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5200).
(1/266)
135 - باب استحباب السلام إذا دخل بيته
قال الله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور: 61].
(1/267)
861 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا بني، إذا دخلت على أهلك، فسلم، يكن بركة عليك، وعلى أهل بيتك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2698) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/267)
136 - باب السلام على الصبيان
862 - عن أنس - رضي الله عنه: أنه مر على صبيان، فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (603).
(1/267)
137 - باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه، وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط
863 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: كانت فينا امرأة - وفي رواية: كانت لنا عجوز - تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة، وانصرفنا، نسلم عليها، فتقدمه إلينا. رواه البخاري. (1)
قوله: «تكركر» أي: تطحن.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6248).
(1/267)
864 - وعن أم هانىء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وهو يغتسل، وفاطمة تستره بثوب، فسلمت ... وذكرت الحديث. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 100 (357)، ومسلم 2/ 158 (336) (82).
(1/267)
865 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، قالت: مر علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نسوة فسلم علينا. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، وهذا لفظ أبي داود.
ولفظ الترمذي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم.
__________
(1) انظر الحديث (854).
(1/267)
138 - باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار
866 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 7/ 327: «أي لا يترك للذمي صدر الطريق».
(2) أخرجه: مسلم 7/ 5 (2167) (13).
(1/268)
867 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 71 (6258)، ومسلم 7/ 3 (2163) (6).
(1/268)
868 - وعن أسامة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين - عبدة الأوثان - واليهود فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 153 (5663)، ومسلم 5/ 182 (1798) (116).
(1/268)
139 - باب استحباب السلام إذا قام من المجلس وفارق جلساءه أو جليسه
869 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5208)، والترمذي (2706)، والنسائي في «الكبرى» (10201).
(1/268)
140 - باب الاستئذان وآدابه
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور: 27]، وقال تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} [النور: 59].
(1/268)
870 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 67 (6245)، ومسلم 6/ 177 (2153) (34).
(1/268)
871 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الاستئذان من أجل البصر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 66 (6241)، ومسلم 6/ 180 (2156) (40).
(1/269)
872 - وعن ربعي بن حراش، قال: حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت، فقال: أألج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخادمه: «أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟» فسمعه الرجل، فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5177)، والنسائي في «الكبرى» (10148).
(1/269)
873 - عن كلدة بن الحنبل - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلت عليه ولم أسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «ارجع فقل: السلام عليكم، أأدخل؟». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5176)، والترمذي (2710)، والنسائي في «الكبرى» (6735).
(1/269)
141 - باب بيان أن السنة إذا قيل للمستأذن: من أنت؟ أن يقول: فلان، فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية وكراهة قوله: «أنا» ونحوها
874 - وعن أنس - رضي الله عنه - في حديثه المشهور في الإسراء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثم صعد بي جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، ثم صعد إلى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد والثالثة والرابعة وسائرهن ويقال في باب كل سماء: من هذا؟ فيقول: جبريل». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 133 (3207)، ومسلم 1/ 99 (162) (259).
(1/269)
875 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وحده، فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني، فقال: «من هذا؟» فقلت: أبو ذر. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 116 (6443)، ومسلم 3/ 76 (994) (33).
(1/269)
876 - وعن أم هانىء رضي الله عنها، قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل وفاطمة تستره، فقال: «من هذه؟» فقلت: أنا أم هانىء. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (864).
(1/270)
877 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فدققت الباب، فقال: «من هذا؟» فقلت: أنا، فقال: «أنا، أنا!» كأنه كرهها (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال العلماء: «إذا استأذن فقيل له: من أنت؟ أو من هذا؟ كره أن يقول: أنا؛ لهذا الحديث؛ ولأنه لم يحصل بقوله: «أنا» فائدة، ولا زيادة، بل الإبهام باق، بل ينبغي أن يقول: فلان، باسمه، أو أنا فلان، أو أنا أبو فلان، أو القاضي فلان، أو الشيخ فلان، إذا لم يحصل التعريف بالاسم لخفائه .. ». شرح صحيح مسلم 7/ 316.
(2) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6250)، ومسلم 6/ 180 (2155) (38).
(1/270)
142 - باب استحباب تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى وكراهة تشميته إذا لم يحمد الله تعالى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب
878 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6226).
(1/270)
879 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد
لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله. فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6224).
(1/270)
880 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه (1)، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه». رواه مسلم. (2)
__________
(1) التشميت: الدعاء بالخير والبركة. النهاية 2/ 499.
(2) أخرجه: مسلم 8/ 225 (2992) (54).
(1/270)
881 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: عطس رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست فلم تشمتني؟ فقال: «هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6225)، ومسلم 8/ 225 (2991) (53).
(1/271)
882 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض - أو غض - بها صوته. شك الراوي. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5029)، والترمذي (2745).
(1/271)
883 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: «يهديكم الله ويصلح بالكم». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5038)، والترمذي (2739)، والنسائي في «الكبرى» (10061).
(1/271)
884 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 226 (2995) (57).
(1/271)
143 - باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء
885 - عن أبي الخطاب قتادة، قال: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 73 (6263).
(1/271)
886 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لما جاء أهل اليمن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قد جاءكم أهل اليمن» وهم أول من جاء بالمصافحة (1). رواه أبو داود بإسناد صحيح. (2)
__________
(1) هذا قول أنس كما عند أحمد 3/ 251.
(2) أخرجه: أبو داود (5213).
(1/271)
887 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5212)، وابن ماجه (3703)، والترمذي (2727).
(1/272)
888 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه، أو صديقه، أينحني له؟ قال: «لا». قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: «لا» قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: «نعم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3702)، والترمذي (2728).
(1/272)
889 - وعن صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عن تسع آيات بينات ... فذكر الحديث إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة. (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3705)، والترمذي (2733)، والنسائي في «الكبرى» (3541)، وسند الحديث ضعيف.
(1/272)
890 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قصة، قال فيها: فدنونا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبلنا يده. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5223)، وابن ماجه (3704)، وسنده ضعيف.
(1/272)
891 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يجر ثوبه، فاعتنقه وقبله. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2732) وقال: «حديث حسن غريب»، وسنده ضعيف.
(1/272)
892 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي: «معناه سهل منبسط». شرح مسلم 8/ 349.
(2) انظر الحديث (121).
(1/272)
893 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي رضي الله عنهما، فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم!». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (225).
(1/272)
(6) - كتاب عيادة المريض وتشييع الميت والصلاة عليه وحضور دفنه والمكث عند قبره بعد دفنه
144 - باب عيادة المريض
894 - عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (239).
(1/273)
895 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (238).
(1/273)
896 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله - عز وجل - يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني! قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده! أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده! يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني! قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه! أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي! يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني! قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه! أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي!». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 13 (2569) (43).
(1/273)
897 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني». رواه البخاري. (1)
«العاني»: الأسير.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 150 (5649).
(1/274)
898 - وعن ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع» قيل: يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال: «جناها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 13 (2568) (42).
(1/274)
899 - وعن علي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة». رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».
«الخريف»: الثمر المخروف، أي: المجتنى.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3098)، وابن ماجه (1442)، والترمذي (969) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/274)
900 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: «أسلم» فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 118 (1356).
(1/274)
145 - باب ما يدعى به للمريض
901 - عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصبعه هكذا - ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبابته بالأرض ثم رفعها - وقال: «بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي 7/ 358 (2195): «معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع العليل أو الجريح قائلا الكلام».
(2) أخرجه: البخاري 7/ 172 (5745)، ومسلم 7/ 17 (2194) (54).
(1/274)
902 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى، ويقول: «اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 172 (5743)، ومسلم 7/ 15 (2191) (46).
(1/275)
903 - وعن أنس - رضي الله عنه - أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برقية رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: «اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 171 (5742).
(1/275)
904 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 71 (1628) (8).
(1/275)
905 - وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعا، يجده في جسده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 20 (2202) (67).
(1/275)
906 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عاد مريضا لم يحضره أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط البخاري».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3106)، والترمذي (2083)، والحاكم 1/ 342. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/275)
907 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده، قال: «لا بأس؛ طهور إن شاء الله». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 152 (5656).
(1/275)
908 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، اشتكيت؟ قال: «نعم» قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 13 (2186) (40).
(1/275)
909 - وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنهما شهدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله والله أكبر، صدقه ربه، فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر. وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال: يقول: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي. وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد. وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي» وكان يقول: «من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار». رواه الترمذي، (1)
وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3794)، والترمذي (3430).
(1/276)
146 - باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
910 - عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - خرج من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبح بحمد الله بارئا. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 14 - 15 (4447).
(1/276)
147 - باب ما يقوله من أيس من حياته
911 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مستند إلي، يقول: «اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 13 (4440)، ومسلم 7/ 137 (2444) (85).
(1/276)
912 - وعنها، قالت: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالموت، عنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: «اللهم أعني على غمرات الموت أو سكرات الموت». رواه الترمذي. (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1623)، والترمذي (978)، وهو حديث ضعيف.
(1/276)
148 - باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما
913 - عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما: أن أمرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله، أصبت حدا فأقمه علي، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليها، [ص:277] فقال: «أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها» ففعل، فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (22).
(1/276)
149 - باب جواز قول المريض: أنا وجع، أو شديد الوجع أو موعوك أو وارأساه ونحو ذلك. وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن على سبيل التسخط وإظهار الجزع
914 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، فمسسته، فقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا، فقال: «أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم». متفق عليه (1).
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 155 (5667)، ومسلم 8/ 14 (2571) (45).
(1/277)
915 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنتي .. وذكر الحديث. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (6).
(1/277)
916 - وعن القاسم بن محمد، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: وارأساه! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بل أنا، وارأساه!» ... وذكر الحديث. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 155 (5666).
(1/277)
150 - باب تلقين المحتضر: لا إله إلا الله
917 - عن معاذ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة». رواه أبو داود والحاكم، وقال: «صحيح الإسناد». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3118)، والحاكم 1/ 351.
(1/277)
918 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 37 (916) (1).
(1/277)
151 - باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق [ص:278] بصره، فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قبض، تبعه البصر» فضج ناس من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» ثم قال: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 38 (920) (7).
(1/277)
152 - باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات، قال: «قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة» فقلت، فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمدا - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم هكذا: «إذا حضرتم المريض، أو الميت»، على الشك، ورواه أبو داود وغيره: «الميت» بلا شك. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 38 (919) (6)، وأبو داود (3115)، وابن ماجه (1447)، والترمذي (977)، والنسائي 4/ 4 - 5.
(1/278)
921 - وعنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها» قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 37 (918) (4).
(1/278)
922 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات ولد العبد، قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1021) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/278)
923 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (32).
(1/278)
924 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: أرسلت إحدى بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها - أو ابنا - في الموت فقال للرسول: «ارجع إليها، فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها، فلتصبر ولتحتسب» ... وذكر تمام الحديث. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (29).
(1/279)
153 - باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة
أما النياحة فحرام، وسيأتي فيها باب في كتاب النهي، إن شاء الله تعالى. وأما البكاء فجاءت أحاديث بالنهي عنه، وأن الميت يعذب ببكاء أهله، وهي متأولة ومحمولة على من أوصى به، والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب، أو نياحة، والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة، منها:
925 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة، ومعه عبد الرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى القوم بكاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكوا، فقال: «ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم» وأشار إلى لسانه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 105 - 106 (1304)، ومسلم 3/ 40 (924) (12).
(1/279)
926 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: «هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (29).
(1/279)
927 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ابنه إبراهيم - رضي الله عنه - وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان. فقال له عبد الرحمان بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1) والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 105 (1303)، ومسلم 7/ 76 (2315) (62).
(1/279)
154 - باب الكف عن ما يرى من الميت من مكروه
928 - وعن أبي رافع أسلم مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غسل ميتا فكتم عليه، غفر الله له أربعين مرة». رواه الحاكم، (1) وقال: صحيح على شرط مسلم.
__________
(1) أخرجه: الطبراني في «الكبير» (929)، والحاكم 1/ 354، والبيهقي 3/ 395.
(1/280)
155 - باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه، وكراهة اتباع النساء الجنائز، وقد سبق فضل التشييع.
929 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن، فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 110 (1325)، ومسلم 3/ 51 (945) (52).
(1/280)
930 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 18 - 19 (47).
(1/280)
931 - وعن أم عطية رضي الله عنها، قالت: نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا. متفق عليه. (1)
ومعناه: ولم يشدد في النهي كما يشدد في المحرمات.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 99 (1278)، ومسلم 3/ 46 (938) (34).
(1/280)
156 - باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر
932 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 52 (947) (58).
(1/280)
933 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (430).
(1/280)
934 - وعن مرثد بن عبد الله اليزني، قال: كان مالك بن هبيرة - رضي الله عنه - إذا صلى على الجنازة، فتقال الناس عليها، جزأهم عليها ثلاثة أجزاء، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3166)، وابن ماجه (1490)، والترمذي (1028).
(1/281)
157 - باب ما يقرأ في صلاة الجنازة
يكبر أربع تكبيرات، يتعوذ بعد الأولى، ثم يقرأ فاتحة الكتاب، ثم يكبر الثانية، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد. والأفضل أن يتممه بقوله: كما صليت على إبراهيم - إلى قوله - إنك حميد مجيد.
ولا يقول ما يفعله كثير من العوام من قراءتهم: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} [الأحزاب: 56] الآية، فإنه لا تصح صلاته إذا اقتصر عليه، ثم يكبر الثالثة، ويدعو للميت وللمسلمين بما سنذكره من الأحاديث إن شاء الله تعالى، ثم يكبر الرابعة ويدعو. ومن أحسنه: «اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله».
والمختار أنه يطول الدعاء في الرابعة خلاف ما يعتاده أكثر الناس، لحديث ابن أبي أوفى الذي سنذكره إن شاء الله تعالى.
(1/281)
وأما الأدعية المأثورة بعد التكبيرة الثالثة، فمنها:
935 - عن أبي عبد الرحمان عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة، فحفظت من دعائه، وهو يقول: «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار» حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 59 (963) (85).
(1/281)
936 - وعن أبي هريرة وأبي قتادة وأبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه - وأبوه صحابي - رضي الله عنهم [ص:282] عن النبي - صلى الله عليه وسلم: أنه صلى على جنازة، فقال: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده». رواه الترمذي من رواية أبي هريرة والأشهلي. ورواه أبو داود من رواية أبي هريرة وأبي قتادة. قال الحاكم: «حديث أبي هريرة صحيح على شرط البخاري ومسلم»، قال الترمذي: «قال البخاري: أصح روايات هذا الحديث رواية الأشهلي، قال البخاري: وأصح شيء في هذا الباب حديث عوف ابن مالك». (1)
__________
(1) حديث أبي هريرة أخرجه: أبو داود (3201)، وابن ماجه (1498)، والترمذي عقب (1024)، والنسائي في «الكبرى» (10923)، والحاكم 1/ 358.
حديث أبي قتادة أخرجه: أحمد 5/ 299 و308.
حديث أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه أخرجه: الترمذي (1024)، والنسائي في «الكبرى» (2113).
(1/282)
937 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا صليتم على الميت، فأخلصوا له الدعاء». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3199)، وابن ماجه (1497).
(1/282)
938 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة على الجنازة: «اللهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، وقد جئناك شفعاء له، فاغفر له». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3200)، والنسائي في «الكبرى» (10917).
(1/282)
939 - وعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل من المسلمين، فسمعته يقول: «اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد؛ اللهم فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3202)، وابن ماجه (1499).
(1/282)
940 - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أنه كبر على جنازة ابنة له أربع تكبيرات، فقام بعد الرابعة كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو، ثم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هكذا.
وفي رواية: كبر أربعا فمكث ساعة حتى ظننت أنه سيكبر خمسا، ثم سلم عن يمينه وعن شماله. فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع، أو: هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه الحاكم، (1) وقال: «حديث صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1503)، والحاكم 1/ 360.
(1/282)
158 - باب الإسراع بالجنازة
941 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة، فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «فخير تقدمونها عليه».
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 108 (1315)، ومسلم 3/ 50 (944) (50).
(1/283)
942 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة، قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة، قالت لأهلها: يا ويلها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (444).
(1/283)
159 - باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن يموت فجأة فيترك حتى يتيقن موته
943 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (2413)، والترمذي (1078) و (1079).
(1/283)
944 - وعن حصين بن وحوح - رضي الله عنه: أن طلحة بن البراء بن عازب رضي الله عنهما مرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقال: «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به وعجلوا به، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3159)، وهو حديث ضعيف الإسناد.
(1/283)
160 - باب الموعظة عند القبر
945 - عن علي - رضي الله عنه - قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد، وقعدنا حوله ومعه مخصرة (1) فنكس وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: «ما منكم [ص:284] من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة» فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: «اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له ... » وذكر تمام الحديث. متفق عليه. (2)
__________
(1) المخصرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا، أو عكازة ... النهاية 2/ 36.
(2) أخرجه: البخاري 6/ 212 (4949)، ومسلم 8/ 47 (2647) (6).
(1/283)
161 - باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له والاستغفار والقراءة
946 - وعن أبي عمرو - وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو ليلى - عثمان بن عفان رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) - أخرجه: أبو داود (3221).
(1/284)
947 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: إذا دفنتموني، فأقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم، وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي. رواه مسلم. (1) وقد سبق بطوله.
قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن عنده كان حسنا (2).
__________
(1) انظر الحديث (710). [ص 220 من هذا الكتاب]
(2) هذا الكلام ليس للشافعي، بل لأصحابه. انظر: المجموع 5/ 185.
(1/284)
162 - باب الصدقة عن الميت والدعاء له
قال الله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر: 10].
(1/284)
948 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 127 (1388)، ومسلم 3/ 81 (1004) (51).
(1/284)
949 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 73 / (1631) (14).
(1/284)
163 - باب ثناء الناس على الميت
950 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: مروا بجنازة، فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «وجبت» ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «وجبت»، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: ما وجبت؟ فقال: «هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 121 (1367)، ومسلم 3/ 53 (949) (60).
(1/285)
951 - وعن أبي الأسود، قال: قدمت المدينة، فجلست إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فمرت بهم جنازة، فأثني على صاحبها خيرا، فقال عمر: وجبت، ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرا، فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة، فأثني على صاحبها شرا، فقال عمر: وجبت، قال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة» فقلنا: وثلاثة؟ قال: «وثلاثة» فقلنا: واثنان؟ قال: «واثنان» ثم لم نسأله عن الواحد. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 121 - 122 (1368).
(1/285)
164 - باب فضل من مات له أولاد صغار
952 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 125 (1381) ولم يخرجه مسلم عن أنس.
(1/285)
953 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد لا تمسه النار إلا تحلة القسم». متفق عليه. (1)
و «تحلة القسم» قول الله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} والورود: هو العبور على الصراط، وهو جسر منصوب على ظهر جهنم، عافانا الله منها.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 93 (1251)، ومسلم 8/ 39 (2632) (150).
(1/285)
954 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، قال: «اجتمعن يوم كذا وكذا» فاجتمعن، فأتاهن النبي - صلى الله عليه وسلم [ص:286] فعلمهن مما علمه الله، ثم قال: «ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار» فقالت امرأة: واثنين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «واثنين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 36 (101)، ومسلم 8/ 39 (2633) (152).
(1/285)
165 - باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى
والتحذير من الغفلة عن ذلك
955 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه - يعني لما وصلوا الحجر - ديار ثمود -: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم». متفق عليه. (1)
وفي رواية قال: لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر، قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين» ثم قنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 9 (4419) و (4420)، ومسلم 8/ 220 (2980) (38) و (39).
(1/286)
(7) - كتاب آداب السفر
166 - باب استحباب الخروج يوم الخميس، واستحبابه أول النهار
956 - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. متفق عليه. (1)
وفي رواية في الصحيحين: لقلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلا في يوم الخميس.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 59 (2949) و (2950)، ولم نجده عند مسلم وكذا لم يعزه لمسلم المزي في تحفة الأشراف 7/ 566 (11147).
(1/287)
957 - وعن صخر بن وداعة الغامدي الصحابي - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها (1)» وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار. وكان صخر تاجرا، وكان يبعث تجارته أول النهار، فأثرى وكثر ماله. رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) البكرة: الغدوة، والخروج في ذلك الوقت. اللسان 1/ 469.
(2) أخرجه: أبو داود (2606)، وابن ماجه (2236)، والترمذي (1212)، والنسائي في «الكبرى» (8833).
(1/287)
167 - باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه
958 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده!». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 70 (2998).
(1/287)
959 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب». رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة، وقال الترمذي: «حديث حسن» (1).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2607)، والترمذي (1674)، والنسائي في «الكبرى» (8849).
(1/288)
960 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2608).
(1/288)
961 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الصحابة (1) أربعة، وخير السرايا (2) أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة». رواه أبو داود والترمذي، (3) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) الصحابة: جمع صاحب، الأصحاب. النهاية 3/ 12.
(2) السرية: هي طائفة من الجيش. النهاية 2/ 363.
(3) أخرجه: أبو داود (2611)، والترمذي (1555) وقال: «حديث حسن غريب»، وهو حديث معلول بيانه في كتابي «الجامع في العلل».
(1/288)
168 - باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السرى والرفق بالدواب
ومراعاة مصلحتها وأمر من قصر في حقها بالقيام بحقها وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك
962 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا سافرتم في الخصب، فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في الجدب، فأسرعوا عليها السير، وبادروا بها نقيها، وإذا عرستم، فاجتنبوا الطريق؛ فإنها طرق الدواب، ومأوى الهوام بالليل». رواه مسلم. (1)
معنى «أعطوا الإبل حظها من الأرض» أي: ارفقوا بها في السير لترعى في حال سيرها، وقوله: «نقيها» هو بكسر النون وإسكان القاف وبالياء المثناة من تحت وهو: [ص:289] المخ، معناه: أسرعوا بها حتى تصلوا المقصد قبل أن يذهب مخها من ضنك السير. و «التعريس»: النزول في الليل.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 54 (1926) (178).
(1/288)
963 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر، فعرس بليل اضطجع على يمينه، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه. رواه مسلم. (1)
قال العلماء: إنما نصب ذراعه لئلا يستغرق في النوم، فتفوت صلاة الصبح عن وقتها أو عن أول وقتها.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 142 (683) (313).
(1/289)
964 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
«الدلجة»: السير في الليل.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2571).
(1/289)
965 - وعن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان!» فلم ينزلوا بعد ذلك منزلا إلا انضم بعضهم إلى بعض. رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2628)، والنسائي في «الكبرى» (8856).
(1/289)
966 - وعن سهل بن عمرو - وقيل: سهل بن الربيع بن عمرو الأنصاري المعروف بابن الحنظلية، وهو من أهل بيعة الرضوان - رضي الله عنه - قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2548).
(1/289)
967 - وعن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قال: أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه، وأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حائش نخل. يعني: حائط نخل. رواه مسلم هكذا مختصرا. (1) [ص:290]
وزاد فيه البرقاني بإسناد مسلم - بعد قوله: حائش نخل - فدخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرجر وذرفت عيناه، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح سراته - أي: سنامه - وذفراه فسكن، فقال: «من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصار، فقال: هذا لي يا رسول الله. قال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه يشكو إلي أنك تجيعه وتدئبه». رواه أبو داود كرواية البرقاني.
قوله «ذفراه»: هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء، وهو لفظ مفرد مؤنث. قال أهل اللغة: الذفرى: الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وقوله: «تدئبه» أي: تتعبه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 184 (342) (79)، وأبو داود (2549).
(1/289)
968 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنا إذا نزلنا منزلا، لا نسبح حتى نحل الرحال. رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. (1)
وقوله: «لا نسبح»: أي لا نصلي النافلة، ومعناه: أنا - مع حرصنا على الصلاة - لا نقدمها على حط الرحال وإراحة الدواب.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2551).
(1/290)
169 - باب إعانة الرفيق
في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث:
«والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (1). وحديث: «كل معروف صدقة» (2) وأشباههما.
__________
(1) انظر الحديث (245) عن أبي هريرة.
(2) انظر الحديث (134) عن جابر وحذيفة.
(1/290)
969 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له»، فذكر من أصناف المال ما ذكره، حتى رأينا، أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (565).
(1/290)
970 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أنه أراد أن يغزو، فقال: «يا معشر المهاجرين والأنصار، إن من إخوانكم قوما ليس لهم مال، ولا عشيرة، فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة، فما لأحدنا من ظهر يحمله إلا عقبة كعقبة» يعني أحدهم، قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة ما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2534).
(1/291)
971 - وعنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلف في المسير، فيزجي (1) الضعيف، ويردف ويدعو له. رواه أبو داود بإسناد حسن. (2)
__________
(1) قال الخطابي في معالم السنن 2/ 233: «قوله: يزجي، أي يسوق بهم، يقال: أزجيت المطية إذا حثثتها في السوق».
(2) أخرجه: أبو داود (2639).
(1/291)
170 - باب ما يقول إذا ركب دابة للسفر
قال الله تعالى: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} [الزخرف: 12 - 13].
(1/291)
972 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر، كبر ثلاثا، ثم قال: «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده. اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد». وإذا رجع قالهن. وزاد فيهن «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون». رواه مسلم. (1)
معنى «مقرنين»: مطيقين. و «الوعثاء» بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة وبالمد وهي: الشدة. و «الكآبة» بالمد، وهي: تغير النفس من حزن ونحوه. و «المنقلب»: المرجع.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 104 (1342) (425).
(1/291)
973 - وعن عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال. رواه مسلم. (1)
هكذا هو في صحيح مسلم: «الحور بعد الكون» بالنون، وكذا رواه الترمذي والنسائي، قال الترمذي: ويروى «الكور» بالراء، وكلاهما له وجه.
قال العلماء: ومعناه بالنون والراء جميعا: الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص. قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها. ورواية النون، من الكون، مصدر كان يكون كونا: إذا وجد واستقر.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 104 (1343) (426)، وابن ماجه (3888)، والترمذي (3439)، والنسائي 8/ 372 و373.
(1/292)
974 - وعن علي بن ربيعة، قال: شهدت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب، قال: بسم الله، فلما استوى على ظهرها، قال: الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال: الحمد لله، ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كما فعلت ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله، من أي شيء ضحكت؟ قال: «إن ربك تعالى يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن»، وفي بعض النسخ: «حسن صحيح». وهذا لفظ أبي داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2602)، والترمذي (3446)، والنسائي في «الكبرى» (8800).
(1/292)
171 - باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها، وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها، والنهي عن المبالغة برفع الصوت بالتكبير ونحوه
975 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 69 (2993).
(1/292)
976 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبحوا. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2599).
(1/293)
977 - وعنه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الحج أو العمرة، كلما أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا، ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة.
قوله: «أوفى» أي: ارتفع، وقوله: «فدفد» هو بفتح الفائين بينهما دال مهملة ساكنة، وآخره دال أخرى وهو: «الغليظ المرتفع من الأرض».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 102 (6385)، ومسلم 4/ 105 (1344) (428).
(1/293)
978 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر فأوصني، قال: «عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف» فلما ولى الرجل، قال: «اللهم اطو له البعد، وهون عليه السفر». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (2771)، والترمذي (3445).
(1/293)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 194 (5837).
(1/254)
123 - باب جواز لبس الحرير لمن به حكة
809 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير وعبد الرحمان بن عوف رضي الله عنهما في لبس الحرير لحكة كانت بهما. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 195 (5839)، ومسلم 6/ 143 (2076) (25).
(1/254)
124 - باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها
810 - عن معاوية - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تركبوا الخز (1) ولا النمار (2)» حديث حسن، رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن. (3)
__________
(1) الخز: ثياب تنسج من صوف وإبريسم، والنهي عنها لأجل التشبه بالعجم، وإن أريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام لأن جميعه معمول من الإبريسم. النهاية 2/ 28.
(2) النمار: جلود النمور. النهاية 5/ 117.
(3) أخرجه: أحمد 4/ 93، وأبو داود (4129)، والبيهقي 1/ 22.
(1/254)
811 - وعن أبي المليح، عن أبيه - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع. رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحاح. (1)
وفي رواية للترمذي: نهى عن جلود السباع أن تفترش.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4132)، والترمذي (1770 م 2 وم 3)، والنسائي 7/ 176 وفي «الكبرى»، له (4579).
(1/254)
125 - باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا أو نعلا أو نحوه
812 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه - عمامة، أو قميصا، أو رداء - يقول: «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4020)، والترمذي (1767).
(1/255)
126 - باب استحباب الابتداء باليمين في اللباس
هذا الباب قد تقدم مقصوده وذكرنا الأحاديث الصحيحة فيه (1).
__________
(1) انظر الأحاديث (720 - 726).
(1/255)
(4) - كتاب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤيا
127 - باب ما يقوله عند النوم
813 - عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن، ثم قال: «اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت». رواه البخاري (1) بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 85 (6315).
(1/257)
814 - وعنه، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل ... » وذكر نحوه، وفيه: «واجعلهن آخر ما تقول». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 71 (247)، ومسلم 8/ 77 (2710) (56).
(1/257)
815 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يجيء المؤذن فيؤذنه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 84 (6310)، ومسلم 2/ 165 (736) (121).
(1/257)
816 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده، ثم يقول: «اللهم باسمك أموت وأحيا» وإذا استيقظ قال: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 85 (6314).
(1/257)
817 - وعن يعيش بن طخفة الغفاري رضي الله عنهما، قال: قال أبي: بينما أنا مضطجع في المسجد على بطني إذا رجل يحركني برجله، فقال: «إن هذه ضجعة يبغضها الله»، قال: فنظرت، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5040).
(1/258)
818 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه، كانت عليه من الله تعالى ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه، كانت عليه من الله ترة». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
«الترة»: بكسر التاء المثناة من فوق، وهي: النقص، وقيل: التبعة.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4856)، والنسائي في «الكبرى» (10237).
(1/258)
128 - باب جواز الاستلقاء على القفا، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا لم يخف انكشاف العورة، وجواز القعود متربعا ومحتبيا
819 - عن عبد الله بن زيد رضي الله عنهما: أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 128 (475)، ومسلم 6/ 154 (2100) (75).
(1/258)
820 - وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء. حديث صحيح، رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (670) (287)، وأبو داود (4850).
(1/258)
821 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء الكعبة محتبيا بيديه هكذا، ووصف بيديه الاحتباء، وهو القرفصاء (1). رواه البخاري. (2)
__________
(1) القرفصاء: هي جلسة المحتبي بيديه. النهاية 4/ 47.
(2) أخرجه: البخاري 8/ 76 (6272).
(1/258)
822 - وعن قيلة بنت مخرمة رضي الله عنها، قالت: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق (1). رواه أبو داود والترمذي. (2)
__________
(1) الفرق: الخوف والفزع. النهاية 3/ 438.
(2) أخرجه: أبو داود (4847)، والترمذي (2814).
(1/258)
823 - وعن الشريد بن سويد - رضي الله عنه - قال: مر بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري، واتكأت على ألية يدي، فقال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟!». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4848).
(1/259)
129 - باب في آداب المجلس والجليس
824 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا وتفسحوا» وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 75 (6270)، ومسلم 7/ 9 (2177) (27).
(1/259)
825 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم من مجلس، ثم رجع إليه، فهو أحق به». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 10 (2179) (31).
(1/259)
826 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قال: كنا إذا أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس أحدنا حيث ينتهي. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4825)، والترمذي (2725)، والنسائي في «الكبرى» (5899) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/259)
827 - وعن أبي عبد الله سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 4 (883).
(1/259)
828 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وفي رواية لأبي داود: «لا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4844) و (4845)، والترمذي (2752).
(1/259)
829 - وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من جلس وسط الحلقة. رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
وروى الترمذي عن أبي مجلز: أن رجلا قعد وسط حلقة، فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - أو لعن الله على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - من جلس وسط الحلقة. قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4826)، والترمذي (2753) وقال: «أبو مجلز اسمه: لاحق بن حميد».
(1/260)
830 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خير المجالس أوسعها». رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4820).
(1/260)
831 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3433) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/260)
832 - وعن أبي برزة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك» فقال رجل: يا رسول الله، إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى؟ قال: «ذلك كفارة لما يكون في المجلس». رواه أبو داود، ورواه الحاكم أبو عبد الله في «المستدرك» من رواية عائشة رضي الله عنها وقال: «صحيح الإسناد» (1).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4859) عن أبي برزة. وأخرجه: الحاكم 1/ 496 - 497 عن عائشة.
(1/260)
833 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات: «اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا [ص:261] بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3502) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/260)
834 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (4855).
(1/261)
835 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم فيه، إلا كان عليهم ترة؛ فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3380).
(1/261)
836 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة». رواه أبو داود. (1)
وقد سبق قريبا، وشرحنا «الترة» فيه.
__________
(1) انظر الحديث (818).
(1/261)
130 - باب الرؤيا وما يتعلق بها
قال الله تعالى: {ومن آياته منامكم بالليل والنهار} [الروم: 23].
837 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لم يبق من النبوة إلا المبشرات» قالوا: وما المبشرات؟ قال: «الرؤيا الصالحة». رواه البخاري (1).
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 40 (6990).
(1/261)
838 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة». متفق عليه. (1)
وفي رواية: «أصدقكم رؤيا، أصدقكم حديثا».
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 47 (7017)، ومسلم 7/ 52 (2263) (6).
(1/261)
839 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة - أو كأنما رآني في اليقظة - لا يتمثل الشيطان بي (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 8/ 23 (2266): «معناه أن رؤياه صحيحة ليست بأضغاث، ولا من تشبيهات الشيطان».
(2) أخرجه: البخاري 9/ 42 (6993)، ومسلم 7/ 54 (2266) (11).
(1/262)
840 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها، فإنما هي من الله تعالى، فليحمد الله عليها، وليحدث بها - وفي رواية: فلا يحدث بها إلا من يحب - وإذا رأى غير ذلك مما يكره، فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها، ولا يذكرها لأحد؛ فإنها لا تضره». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 39 (6985) ولم يروه مسلم عن أبي سعيد الخدري.
(1/262)
841 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «الرؤيا الصالحة - وفي رواية: الرؤيا الحسنة - من الله، والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا، وليتعوذ من الشيطان؛ فإنها لا تضره». متفق عليه. (1)
«النفث»: نفخ لطيف لا ريق معه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 192 (3292)، ومسلم 7/ 51 (2261) (2) و (3).
(1/262)
842 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 52 (2262) (5).
(1/262)
843 - وعن أبي الأسقع واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر (1)، أو يقول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقل». رواه البخاري. (2)
__________
(1) قال ابن حجر: «أي يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا ما رأتاه». فتح الباري 6/ 662 عقيب (3511).
(2) أخرجه: البخاري 4/ 219 (3509).
(1/262)
(5) - كتاب السلام
131 - باب فضل السلام والأمر بإفشائه
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور: 27]، وقال تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور: 61]، وقال تعالى: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} [النساء: 86]، وقال تعالى: {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام} [الذاريات: 24 - 25].
(1/263)
844 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 10 (12)، ومسلم 1/ 47 (39) (63).
(1/263)
845 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما خلق الله آدم - صلى الله عليه وسلم - قال: اذهب فسلم على أولئك - نفر من الملائكة جلوس - فاستمع ما يحيونك؛ فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه: ورحمة الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 159 (3326)، ومسلم 8/ 149 (2841) (28).
(1/263)
846 - وعن أبي عمارة البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم. متفق عليه، (1) هذا لفظ إحدى روايات البخاري.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 64 (6235)، ومسلم 6/ 135 (2066) (3)، وانظر الحديث (239).
(1/263)
847 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 53 (54) (93).
(1/264)
848 - وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1334)، والترمذي (2485) وقال: «حديث صحيح».
(1/264)
849 - وعن الطفيل بن أبي بن كعب: أنه كان يأتي عبد الله بن عمر، فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله على سقاط (1) ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا سلم عليه، قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما، فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: ما تصنع بالسوق، وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ وأقول: اجلس بنا هاهنا نتحدث، فقال: يا أبا بطن - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه. رواه مالك في الموطأ بإسناد صحيح. (2)
__________
(1) السقاط: هو الذي يبيع سقط المتاع وهو رديئه وحقيره. النهاية 2/ 379.
(2) أخرجه: مالك في «الموطأ» (2763) برواية الليثي.
(1/264)
132 - باب كيفية السلام
يستحب أن يقول المبتدئ بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيأت بضمير الجمع، وإن كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بواو العطف في قوله: وعليكم.
(1/264)
850 - عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «عشر» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: «عشرون» ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: «ثلاثون». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5195)، والترمذي (2689) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/264)
851 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل يقرأ عليك السلام» قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته. متفق عليه. (1)
وهكذا وقع في بعض روايات الصحيحين: «وبركاته» وفي بعضها بحذفها، وزيادة الثقة مقبولة (2).
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 136 (3217)، ومسلم 7/ 138 (2447) (90).
(2) هذا ليس على إطلاقه، وانظر بلا بد كتابي: أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 363 - 402.
(1/265)
852 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا. رواه البخاري. (1)
وهذا محمول على ما إذا كان الجمع كثيرا.
__________
(1) انظر الحديث (695).
(1/265)
853 - وعن المقداد - رضي الله عنه - في حديثه الطويل، قال: كنا نرفع للنبي - صلى الله عليه وسلم - نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم كما كان يسلم. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 128 (2055) (174).
(1/265)
854 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وهذا محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين اللفظ والإشارة، ويؤيده أن في رواية أبي داود: فسلم علينا.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5204)، وابن ماجه (3701)، والترمذي (2697).
(1/265)
855 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام». رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الترمذي (1) بنحوه وقال: «حديث حسن». وقد ذكر بعده (2).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5197)، والترمذي (2694).
(2) انظر الحديث (858).
(1/265)
856 - وعن أبي جري الهجيمي - رضي الله عنه - قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله. قال: «لا تقل عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح»، وقد سبق بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (795).
(1/266)
133 - باب آداب السلام
857 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير». متفق عليه. (1)
وفي رواية للبخاري: «والصغير على الكبير».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 64 (6232)، ومسلم 7/ 2 (2160) (1).
(1/266)
858 - وعن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام». رواه أبو داود بإسناد جيد. (1)
ورواه الترمذي عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قيل: يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟، قال: «أولاهما بالله تعالى» قال الترمذي: «هذا حديث حسن».
__________
(1) انظر الحديث (855).
(1/266)
134 - باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن دخل ثم خرج ثم دخل في الحال، أو حال بينهما شجرة ونحوهما
859 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث المسيء صلاته: أنه جاء فصلى، ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع فصلى، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى فعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 192 (757)، ومسلم 2/ 10 (397) (45).
(1/266)
860 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة، أو جدار، أو حجر، ثم لقيه، فليسلم عليه». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5200).
(1/266)
135 - باب استحباب السلام إذا دخل بيته
قال الله تعالى: {فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة} [النور: 61].
(1/267)
861 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا بني، إذا دخلت على أهلك، فسلم، يكن بركة عليك، وعلى أهل بيتك». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2698) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/267)
136 - باب السلام على الصبيان
862 - عن أنس - رضي الله عنه: أنه مر على صبيان، فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (603).
(1/267)
137 - باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه، وعلى أجنبية وأجنبيات لا يخاف الفتنة بهن وسلامهن بهذا الشرط
863 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: كانت فينا امرأة - وفي رواية: كانت لنا عجوز - تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر، وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة، وانصرفنا، نسلم عليها، فتقدمه إلينا. رواه البخاري. (1)
قوله: «تكركر» أي: تطحن.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6248).
(1/267)
864 - وعن أم هانىء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وهو يغتسل، وفاطمة تستره بثوب، فسلمت ... وذكرت الحديث. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 100 (357)، ومسلم 2/ 158 (336) (82).
(1/267)
865 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، قالت: مر علينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نسوة فسلم علينا. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، وهذا لفظ أبي داود.
ولفظ الترمذي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر في المسجد يوما، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم.
__________
(1) انظر الحديث (854).
(1/267)
138 - باب تحريم ابتدائنا الكافر بالسلام وكيفية الرد عليهم واستحباب السلام على أهل مجلس فيهم مسلمون وكفار
866 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال المصنف في شرح صحيح مسلم 7/ 327: «أي لا يترك للذمي صدر الطريق».
(2) أخرجه: مسلم 7/ 5 (2167) (13).
(1/268)
867 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 71 (6258)، ومسلم 7/ 3 (2163) (6).
(1/268)
868 - وعن أسامة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين - عبدة الأوثان - واليهود فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 153 (5663)، ومسلم 5/ 182 (1798) (116).
(1/268)
139 - باب استحباب السلام إذا قام من المجلس وفارق جلساءه أو جليسه
869 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5208)، والترمذي (2706)، والنسائي في «الكبرى» (10201).
(1/268)
140 - باب الاستئذان وآدابه
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} [النور: 27]، وقال تعالى: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} [النور: 59].
(1/268)
870 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 67 (6245)، ومسلم 6/ 177 (2153) (34).
(1/268)
871 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الاستئذان من أجل البصر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 66 (6241)، ومسلم 6/ 180 (2156) (40).
(1/269)
872 - وعن ربعي بن حراش، قال: حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت، فقال: أألج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخادمه: «أخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟» فسمعه الرجل، فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5177)، والنسائي في «الكبرى» (10148).
(1/269)
873 - عن كلدة بن الحنبل - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلت عليه ولم أسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «ارجع فقل: السلام عليكم، أأدخل؟». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5176)، والترمذي (2710)، والنسائي في «الكبرى» (6735).
(1/269)
141 - باب بيان أن السنة إذا قيل للمستأذن: من أنت؟ أن يقول: فلان، فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية وكراهة قوله: «أنا» ونحوها
874 - وعن أنس - رضي الله عنه - في حديثه المشهور في الإسراء، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثم صعد بي جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، ثم صعد إلى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد والثالثة والرابعة وسائرهن ويقال في باب كل سماء: من هذا؟ فيقول: جبريل». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 133 (3207)، ومسلم 1/ 99 (162) (259).
(1/269)
875 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: خرجت ليلة من الليالي، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي وحده، فجعلت أمشي في ظل القمر، فالتفت فرآني، فقال: «من هذا؟» فقلت: أبو ذر. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 116 (6443)، ومسلم 3/ 76 (994) (33).
(1/269)
876 - وعن أم هانىء رضي الله عنها، قالت: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل وفاطمة تستره، فقال: «من هذه؟» فقلت: أنا أم هانىء. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (864).
(1/270)
877 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فدققت الباب، فقال: «من هذا؟» فقلت: أنا، فقال: «أنا، أنا!» كأنه كرهها (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال العلماء: «إذا استأذن فقيل له: من أنت؟ أو من هذا؟ كره أن يقول: أنا؛ لهذا الحديث؛ ولأنه لم يحصل بقوله: «أنا» فائدة، ولا زيادة، بل الإبهام باق، بل ينبغي أن يقول: فلان، باسمه، أو أنا فلان، أو أنا أبو فلان، أو القاضي فلان، أو الشيخ فلان، إذا لم يحصل التعريف بالاسم لخفائه .. ». شرح صحيح مسلم 7/ 316.
(2) أخرجه: البخاري 8/ 68 (6250)، ومسلم 6/ 180 (2155) (38).
(1/270)
142 - باب استحباب تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى وكراهة تشميته إذا لم يحمد الله تعالى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب
878 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس أحدكم وحمد الله تعالى كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6226).
(1/270)
879 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد
لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله. فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويصلح بالكم». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6224).
(1/270)
880 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه (1)، فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه». رواه مسلم. (2)
__________
(1) التشميت: الدعاء بالخير والبركة. النهاية 2/ 499.
(2) أخرجه: مسلم 8/ 225 (2992) (54).
(1/270)
881 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: عطس رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته: عطس فلان فشمته، وعطست فلم تشمتني؟ فقال: «هذا حمد الله، وإنك لم تحمد الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 61 (6225)، ومسلم 8/ 225 (2991) (53).
(1/271)
882 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه، وخفض - أو غض - بها صوته. شك الراوي. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5029)، والترمذي (2745).
(1/271)
883 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجون أن يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: «يهديكم الله ويصلح بالكم». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5038)، والترمذي (2739)، والنسائي في «الكبرى» (10061).
(1/271)
884 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 226 (2995) (57).
(1/271)
143 - باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء
885 - عن أبي الخطاب قتادة، قال: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 73 (6263).
(1/271)
886 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لما جاء أهل اليمن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قد جاءكم أهل اليمن» وهم أول من جاء بالمصافحة (1). رواه أبو داود بإسناد صحيح. (2)
__________
(1) هذا قول أنس كما عند أحمد 3/ 251.
(2) أخرجه: أبو داود (5213).
(1/271)
887 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5212)، وابن ماجه (3703)، والترمذي (2727).
(1/272)
888 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه، أو صديقه، أينحني له؟ قال: «لا». قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: «لا» قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: «نعم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3702)، والترمذي (2728).
(1/272)
889 - وعن صفوان بن عسال - رضي الله عنه - قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه عن تسع آيات بينات ... فذكر الحديث إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة. (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3705)، والترمذي (2733)، والنسائي في «الكبرى» (3541)، وسند الحديث ضعيف.
(1/272)
890 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قصة، قال فيها: فدنونا من النبي - صلى الله عليه وسلم - فقبلنا يده. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (5223)، وابن ماجه (3704)، وسنده ضعيف.
(1/272)
891 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يجر ثوبه، فاعتنقه وقبله. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2732) وقال: «حديث حسن غريب»، وسنده ضعيف.
(1/272)
892 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي: «معناه سهل منبسط». شرح مسلم 8/ 349.
(2) انظر الحديث (121).
(1/272)
893 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي رضي الله عنهما، فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم!». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (225).
(1/272)
(6) - كتاب عيادة المريض وتشييع الميت والصلاة عليه وحضور دفنه والمكث عند قبره بعد دفنه
144 - باب عيادة المريض
894 - عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (239).
(1/273)
895 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (238).
(1/273)
896 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله - عز وجل - يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني! قال: يا رب، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده! أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده! يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني! قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه! أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي! يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني! قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه! أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي!». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 13 (2569) (43).
(1/273)
897 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني». رواه البخاري. (1)
«العاني»: الأسير.
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 150 (5649).
(1/274)
898 - وعن ثوبان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع» قيل: يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ قال: «جناها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 13 (2568) (42).
(1/274)
899 - وعن علي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة». رواه الترمذي (1)، وقال: «حديث حسن».
«الخريف»: الثمر المخروف، أي: المجتنى.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3098)، وابن ماجه (1442)، والترمذي (969) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/274)
900 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: «أسلم» فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 118 (1356).
(1/274)
145 - باب ما يدعى به للمريض
901 - عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى الإنسان الشيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - بأصبعه هكذا - ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبابته بالأرض ثم رفعها - وقال: «بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفى به سقيمنا، بإذن ربنا (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي 7/ 358 (2195): «معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على أصبعه السبابة ثم يضعها على التراب فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع العليل أو الجريح قائلا الكلام».
(2) أخرجه: البخاري 7/ 172 (5745)، ومسلم 7/ 17 (2194) (54).
(1/274)
902 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى، ويقول: «اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 172 (5743)، ومسلم 7/ 15 (2191) (46).
(1/275)
903 - وعن أنس - رضي الله عنه - أنه قال لثابت رحمه الله: ألا أرقيك برقية رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: «اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، شفاء لا يغادر سقما». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 171 (5742).
(1/275)
904 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا، اللهم اشف سعدا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 71 (1628) (8).
(1/275)
905 - وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه: أنه شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعا، يجده في جسده، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 20 (2202) (67).
(1/275)
906 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عاد مريضا لم يحضره أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط البخاري».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3106)، والترمذي (2083)، والحاكم 1/ 342. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/275)
907 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أعرابي يعوده، وكان إذا دخل على من يعوده، قال: «لا بأس؛ طهور إن شاء الله». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 152 (5656).
(1/275)
908 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، اشتكيت؟ قال: «نعم» قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 13 (2186) (40).
(1/275)
909 - وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما: أنهما شهدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله والله أكبر، صدقه ربه، فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر. وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال: يقول: لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي. وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد. وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي» وكان يقول: «من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار». رواه الترمذي، (1)
وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3794)، والترمذي (3430).
(1/276)
146 - باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله
910 - عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - خرج من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: يا أبا الحسن، كيف أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصبح بحمد الله بارئا. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 14 - 15 (4447).
(1/276)
147 - باب ما يقوله من أيس من حياته
911 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مستند إلي، يقول: «اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلى». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 13 (4440)، ومسلم 7/ 137 (2444) (85).
(1/276)
912 - وعنها، قالت: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالموت، عنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: «اللهم أعني على غمرات الموت أو سكرات الموت». رواه الترمذي. (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1623)، والترمذي (978)، وهو حديث ضعيف.
(1/276)
148 - باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما
913 - عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما: أن أمرأة من جهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا رسول الله، أصبت حدا فأقمه علي، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليها، [ص:277] فقال: «أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني بها» ففعل، فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (22).
(1/276)
149 - باب جواز قول المريض: أنا وجع، أو شديد الوجع أو موعوك أو وارأساه ونحو ذلك. وبيان أنه لا كراهة في ذلك إذا لم يكن على سبيل التسخط وإظهار الجزع
914 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يوعك، فمسسته، فقلت: إنك لتوعك وعكا شديدا، فقال: «أجل، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم». متفق عليه (1).
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 155 (5667)، ومسلم 8/ 14 (2571) (45).
(1/277)
915 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنتي .. وذكر الحديث. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (6).
(1/277)
916 - وعن القاسم بن محمد، قال: قالت عائشة رضي الله عنها: وارأساه! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «بل أنا، وارأساه!» ... وذكر الحديث. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 155 (5666).
(1/277)
150 - باب تلقين المحتضر: لا إله إلا الله
917 - عن معاذ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة». رواه أبو داود والحاكم، وقال: «صحيح الإسناد». (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3118)، والحاكم 1/ 351.
(1/277)
918 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 37 (916) (1).
(1/277)
151 - باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة وقد شق [ص:278] بصره، فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قبض، تبعه البصر» فضج ناس من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» ثم قال: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 38 (920) (7).
(1/277)
152 - باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920 - عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا حضرتم المريض أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون»، قالت: فلما مات أبو سلمة، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، إن أبا سلمة قد مات، قال: «قولي: اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة» فقلت، فأعقبني الله من هو خير لي منه: محمدا - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم هكذا: «إذا حضرتم المريض، أو الميت»، على الشك، ورواه أبو داود وغيره: «الميت» بلا شك. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 38 (919) (6)، وأبو داود (3115)، وابن ماجه (1447)، والترمذي (977)، والنسائي 4/ 4 - 5.
(1/278)
921 - وعنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيرا منها» قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 37 (918) (4).
(1/278)
922 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات ولد العبد، قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1021) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/278)
923 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (32).
(1/278)
924 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: أرسلت إحدى بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه تدعوه وتخبره أن صبيا لها - أو ابنا - في الموت فقال للرسول: «ارجع إليها، فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها، فلتصبر ولتحتسب» ... وذكر تمام الحديث. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (29).
(1/279)
153 - باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة
أما النياحة فحرام، وسيأتي فيها باب في كتاب النهي، إن شاء الله تعالى. وأما البكاء فجاءت أحاديث بالنهي عنه، وأن الميت يعذب ببكاء أهله، وهي متأولة ومحمولة على من أوصى به، والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب، أو نياحة، والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة، منها:
925 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة، ومعه عبد الرحمان بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى القوم بكاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكوا، فقال: «ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم» وأشار إلى لسانه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 105 - 106 (1304)، ومسلم 3/ 40 (924) (12).
(1/279)
926 - وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: «هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (29).
(1/279)
927 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ابنه إبراهيم - رضي الله عنه - وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذرفان. فقال له عبد الرحمان بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: «يا ابن عوف إنها رحمة» ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه. (1) والأحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة، والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 105 (1303)، ومسلم 7/ 76 (2315) (62).
(1/279)
154 - باب الكف عن ما يرى من الميت من مكروه
928 - وعن أبي رافع أسلم مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غسل ميتا فكتم عليه، غفر الله له أربعين مرة». رواه الحاكم، (1) وقال: صحيح على شرط مسلم.
__________
(1) أخرجه: الطبراني في «الكبير» (929)، والحاكم 1/ 354، والبيهقي 3/ 395.
(1/280)
155 - باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه، وكراهة اتباع النساء الجنائز، وقد سبق فضل التشييع.
929 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن، فله قيراطان» قيل: وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 110 (1325)، ومسلم 3/ 51 (945) (52).
(1/280)
930 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها، ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 18 - 19 (47).
(1/280)
931 - وعن أم عطية رضي الله عنها، قالت: نهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا. متفق عليه. (1)
ومعناه: ولم يشدد في النهي كما يشدد في المحرمات.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 99 (1278)، ومسلم 3/ 46 (938) (34).
(1/280)
156 - باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر
932 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 52 (947) (58).
(1/280)
933 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا، إلا شفعهم الله فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (430).
(1/280)
934 - وعن مرثد بن عبد الله اليزني، قال: كان مالك بن هبيرة - رضي الله عنه - إذا صلى على الجنازة، فتقال الناس عليها، جزأهم عليها ثلاثة أجزاء، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3166)، وابن ماجه (1490)، والترمذي (1028).
(1/281)
157 - باب ما يقرأ في صلاة الجنازة
يكبر أربع تكبيرات، يتعوذ بعد الأولى، ثم يقرأ فاتحة الكتاب، ثم يكبر الثانية، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد. والأفضل أن يتممه بقوله: كما صليت على إبراهيم - إلى قوله - إنك حميد مجيد.
ولا يقول ما يفعله كثير من العوام من قراءتهم: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} [الأحزاب: 56] الآية، فإنه لا تصح صلاته إذا اقتصر عليه، ثم يكبر الثالثة، ويدعو للميت وللمسلمين بما سنذكره من الأحاديث إن شاء الله تعالى، ثم يكبر الرابعة ويدعو. ومن أحسنه: «اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله».
والمختار أنه يطول الدعاء في الرابعة خلاف ما يعتاده أكثر الناس، لحديث ابن أبي أوفى الذي سنذكره إن شاء الله تعالى.
(1/281)
وأما الأدعية المأثورة بعد التكبيرة الثالثة، فمنها:
935 - عن أبي عبد الرحمان عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة، فحفظت من دعائه، وهو يقول: «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار» حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 59 (963) (85).
(1/281)
936 - وعن أبي هريرة وأبي قتادة وأبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه - وأبوه صحابي - رضي الله عنهم [ص:282] عن النبي - صلى الله عليه وسلم: أنه صلى على جنازة، فقال: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده». رواه الترمذي من رواية أبي هريرة والأشهلي. ورواه أبو داود من رواية أبي هريرة وأبي قتادة. قال الحاكم: «حديث أبي هريرة صحيح على شرط البخاري ومسلم»، قال الترمذي: «قال البخاري: أصح روايات هذا الحديث رواية الأشهلي، قال البخاري: وأصح شيء في هذا الباب حديث عوف ابن مالك». (1)
__________
(1) حديث أبي هريرة أخرجه: أبو داود (3201)، وابن ماجه (1498)، والترمذي عقب (1024)، والنسائي في «الكبرى» (10923)، والحاكم 1/ 358.
حديث أبي قتادة أخرجه: أحمد 5/ 299 و308.
حديث أبي إبراهيم الأشهلي، عن أبيه أخرجه: الترمذي (1024)، والنسائي في «الكبرى» (2113).
(1/282)
937 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا صليتم على الميت، فأخلصوا له الدعاء». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3199)، وابن ماجه (1497).
(1/282)
938 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة على الجنازة: «اللهم أنت ربها، وأنت خلقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها، وأنت أعلم بسرها وعلانيتها، وقد جئناك شفعاء له، فاغفر له». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3200)، والنسائي في «الكبرى» (10917).
(1/282)
939 - وعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل من المسلمين، فسمعته يقول: «اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك، فقه فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد؛ اللهم فاغفر له وارحمه، إنك أنت الغفور الرحيم». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3202)، وابن ماجه (1499).
(1/282)
940 - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أنه كبر على جنازة ابنة له أربع تكبيرات، فقام بعد الرابعة كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو، ثم قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع هكذا.
وفي رواية: كبر أربعا فمكث ساعة حتى ظننت أنه سيكبر خمسا، ثم سلم عن يمينه وعن شماله. فلما انصرف قلنا له: ما هذا؟ فقال: إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع، أو: هكذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه الحاكم، (1) وقال: «حديث صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1503)، والحاكم 1/ 360.
(1/282)
158 - باب الإسراع بالجنازة
941 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة، فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك، فشر تضعونه عن رقابكم». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: «فخير تقدمونها عليه».
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 108 (1315)، ومسلم 3/ 50 (944) (50).
(1/283)
942 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة، قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة، قالت لأهلها: يا ويلها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (444).
(1/283)
159 - باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن يموت فجأة فيترك حتى يتيقن موته
943 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (2413)، والترمذي (1078) و (1079).
(1/283)
944 - وعن حصين بن وحوح - رضي الله عنه: أن طلحة بن البراء بن عازب رضي الله عنهما مرض، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده، فقال: «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به وعجلوا به، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3159)، وهو حديث ضعيف الإسناد.
(1/283)
160 - باب الموعظة عند القبر
945 - عن علي - رضي الله عنه - قال: كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعد، وقعدنا حوله ومعه مخصرة (1) فنكس وجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: «ما منكم [ص:284] من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة» فقالوا: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟ فقال: «اعملوا؛ فكل ميسر لما خلق له ... » وذكر تمام الحديث. متفق عليه. (2)
__________
(1) المخصرة: ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا، أو عكازة ... النهاية 2/ 36.
(2) أخرجه: البخاري 6/ 212 (4949)، ومسلم 8/ 47 (2647) (6).
(1/283)
161 - باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له والاستغفار والقراءة
946 - وعن أبي عمرو - وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو ليلى - عثمان بن عفان رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) - أخرجه: أبو داود (3221).
(1/284)
947 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: إذا دفنتموني، فأقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور، ويقسم لحمها حتى أستأنس بكم، وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي. رواه مسلم. (1) وقد سبق بطوله.
قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن عنده كان حسنا (2).
__________
(1) انظر الحديث (710). [ص 220 من هذا الكتاب]
(2) هذا الكلام ليس للشافعي، بل لأصحابه. انظر: المجموع 5/ 185.
(1/284)
162 - باب الصدقة عن الميت والدعاء له
قال الله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر: 10].
(1/284)
948 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 127 (1388)، ومسلم 3/ 81 (1004) (51).
(1/284)
949 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 73 / (1631) (14).
(1/284)
163 - باب ثناء الناس على الميت
950 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: مروا بجنازة، فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «وجبت» ثم مروا بأخرى، فأثنوا عليها شرا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «وجبت»، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: ما وجبت؟ فقال: «هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 121 (1367)، ومسلم 3/ 53 (949) (60).
(1/285)
951 - وعن أبي الأسود، قال: قدمت المدينة، فجلست إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فمرت بهم جنازة، فأثني على صاحبها خيرا، فقال عمر: وجبت، ثم مر بأخرى فأثني على صاحبها خيرا، فقال عمر: وجبت، ثم مر بالثالثة، فأثني على صاحبها شرا، فقال عمر: وجبت، قال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير، أدخله الله الجنة» فقلنا: وثلاثة؟ قال: «وثلاثة» فقلنا: واثنان؟ قال: «واثنان» ثم لم نسأله عن الواحد. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 121 - 122 (1368).
(1/285)
164 - باب فضل من مات له أولاد صغار
952 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يموت له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 125 (1381) ولم يخرجه مسلم عن أنس.
(1/285)
953 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد لا تمسه النار إلا تحلة القسم». متفق عليه. (1)
و «تحلة القسم» قول الله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} والورود: هو العبور على الصراط، وهو جسر منصوب على ظهر جهنم، عافانا الله منها.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 93 (1251)، ومسلم 8/ 39 (2632) (150).
(1/285)
954 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، قال: «اجتمعن يوم كذا وكذا» فاجتمعن، فأتاهن النبي - صلى الله عليه وسلم [ص:286] فعلمهن مما علمه الله، ثم قال: «ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار» فقالت امرأة: واثنين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «واثنين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 36 (101)، ومسلم 8/ 39 (2633) (152).
(1/285)
165 - باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى الله تعالى
والتحذير من الغفلة عن ذلك
955 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه - يعني لما وصلوا الحجر - ديار ثمود -: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم». متفق عليه. (1)
وفي رواية قال: لما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجر، قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين» ثم قنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 9 (4419) و (4420)، ومسلم 8/ 220 (2980) (38) و (39).
(1/286)
(7) - كتاب آداب السفر
166 - باب استحباب الخروج يوم الخميس، واستحبابه أول النهار
956 - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. متفق عليه. (1)
وفي رواية في الصحيحين: لقلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلا في يوم الخميس.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 59 (2949) و (2950)، ولم نجده عند مسلم وكذا لم يعزه لمسلم المزي في تحفة الأشراف 7/ 566 (11147).
(1/287)
957 - وعن صخر بن وداعة الغامدي الصحابي - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها (1)» وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار. وكان صخر تاجرا، وكان يبعث تجارته أول النهار، فأثرى وكثر ماله. رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) البكرة: الغدوة، والخروج في ذلك الوقت. اللسان 1/ 469.
(2) أخرجه: أبو داود (2606)، وابن ماجه (2236)، والترمذي (1212)، والنسائي في «الكبرى» (8833).
(1/287)
167 - باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه
958 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لو أن الناس يعلمون من الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده!». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 70 (2998).
(1/287)
959 - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب». رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة، وقال الترمذي: «حديث حسن» (1).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2607)، والترمذي (1674)، والنسائي في «الكبرى» (8849).
(1/288)
960 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم» حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2608).
(1/288)
961 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الصحابة (1) أربعة، وخير السرايا (2) أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة». رواه أبو داود والترمذي، (3) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) الصحابة: جمع صاحب، الأصحاب. النهاية 3/ 12.
(2) السرية: هي طائفة من الجيش. النهاية 2/ 363.
(3) أخرجه: أبو داود (2611)، والترمذي (1555) وقال: «حديث حسن غريب»، وهو حديث معلول بيانه في كتابي «الجامع في العلل».
(1/288)
168 - باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السرى والرفق بالدواب
ومراعاة مصلحتها وأمر من قصر في حقها بالقيام بحقها وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك
962 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا سافرتم في الخصب، فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في الجدب، فأسرعوا عليها السير، وبادروا بها نقيها، وإذا عرستم، فاجتنبوا الطريق؛ فإنها طرق الدواب، ومأوى الهوام بالليل». رواه مسلم. (1)
معنى «أعطوا الإبل حظها من الأرض» أي: ارفقوا بها في السير لترعى في حال سيرها، وقوله: «نقيها» هو بكسر النون وإسكان القاف وبالياء المثناة من تحت وهو: [ص:289] المخ، معناه: أسرعوا بها حتى تصلوا المقصد قبل أن يذهب مخها من ضنك السير. و «التعريس»: النزول في الليل.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 54 (1926) (178).
(1/288)
963 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر، فعرس بليل اضطجع على يمينه، وإذا عرس قبيل الصبح نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه. رواه مسلم. (1)
قال العلماء: إنما نصب ذراعه لئلا يستغرق في النوم، فتفوت صلاة الصبح عن وقتها أو عن أول وقتها.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 142 (683) (313).
(1/289)
964 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالدلجة، فإن الأرض تطوى بالليل». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
«الدلجة»: السير في الليل.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2571).
(1/289)
965 - وعن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله عنه - قال: كان الناس إذا نزلوا منزلا تفرقوا في الشعاب والأودية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان!» فلم ينزلوا بعد ذلك منزلا إلا انضم بعضهم إلى بعض. رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2628)، والنسائي في «الكبرى» (8856).
(1/289)
966 - وعن سهل بن عمرو - وقيل: سهل بن الربيع بن عمرو الأنصاري المعروف بابن الحنظلية، وهو من أهل بيعة الرضوان - رضي الله عنه - قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعير قد لحق ظهره ببطنه، فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2548).
(1/289)
967 - وعن أبي جعفر عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، قال: أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم خلفه، وأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حائش نخل. يعني: حائط نخل. رواه مسلم هكذا مختصرا. (1) [ص:290]
وزاد فيه البرقاني بإسناد مسلم - بعد قوله: حائش نخل - فدخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا فيه جمل، فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جرجر وذرفت عيناه، فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح سراته - أي: سنامه - وذفراه فسكن، فقال: «من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟» فجاء فتى من الأنصار، فقال: هذا لي يا رسول الله. قال: «أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؟ فإنه يشكو إلي أنك تجيعه وتدئبه». رواه أبو داود كرواية البرقاني.
قوله «ذفراه»: هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاء، وهو لفظ مفرد مؤنث. قال أهل اللغة: الذفرى: الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وقوله: «تدئبه» أي: تتعبه.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 184 (342) (79)، وأبو داود (2549).
(1/289)
968 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كنا إذا نزلنا منزلا، لا نسبح حتى نحل الرحال. رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. (1)
وقوله: «لا نسبح»: أي لا نصلي النافلة، ومعناه: أنا - مع حرصنا على الصلاة - لا نقدمها على حط الرحال وإراحة الدواب.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2551).
(1/290)
169 - باب إعانة الرفيق
في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث:
«والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (1). وحديث: «كل معروف صدقة» (2) وأشباههما.
__________
(1) انظر الحديث (245) عن أبي هريرة.
(2) انظر الحديث (134) عن جابر وحذيفة.
(1/290)
969 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر إذ جاء رجل على راحلة له، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له»، فذكر من أصناف المال ما ذكره، حتى رأينا، أنه لا حق لأحد منا في فضل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (565).
(1/290)
970 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أنه أراد أن يغزو، فقال: «يا معشر المهاجرين والأنصار، إن من إخوانكم قوما ليس لهم مال، ولا عشيرة، فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة، فما لأحدنا من ظهر يحمله إلا عقبة كعقبة» يعني أحدهم، قال: فضممت إلي اثنين أو ثلاثة ما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2534).
(1/291)
971 - وعنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلف في المسير، فيزجي (1) الضعيف، ويردف ويدعو له. رواه أبو داود بإسناد حسن. (2)
__________
(1) قال الخطابي في معالم السنن 2/ 233: «قوله: يزجي، أي يسوق بهم، يقال: أزجيت المطية إذا حثثتها في السوق».
(2) أخرجه: أبو داود (2639).
(1/291)
170 - باب ما يقول إذا ركب دابة للسفر
قال الله تعالى: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون} [الزخرف: 12 - 13].
(1/291)
972 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر، كبر ثلاثا، ثم قال: «سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون. اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده. اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد». وإذا رجع قالهن. وزاد فيهن «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون». رواه مسلم. (1)
معنى «مقرنين»: مطيقين. و «الوعثاء» بفتح الواو وإسكان العين المهملة وبالثاء المثلثة وبالمد وهي: الشدة. و «الكآبة» بالمد، وهي: تغير النفس من حزن ونحوه. و «المنقلب»: المرجع.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 104 (1342) (425).
(1/291)
973 - وعن عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكون، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر في الأهل والمال. رواه مسلم. (1)
هكذا هو في صحيح مسلم: «الحور بعد الكون» بالنون، وكذا رواه الترمذي والنسائي، قال الترمذي: ويروى «الكور» بالراء، وكلاهما له وجه.
قال العلماء: ومعناه بالنون والراء جميعا: الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص. قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهو لفها وجمعها. ورواية النون، من الكون، مصدر كان يكون كونا: إذا وجد واستقر.
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 104 (1343) (426)، وابن ماجه (3888)، والترمذي (3439)، والنسائي 8/ 372 و373.
(1/292)
974 - وعن علي بن ربيعة، قال: شهدت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب، قال: بسم الله، فلما استوى على ظهرها، قال: الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال: الحمد لله، ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل كما فعلت ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله، من أي شيء ضحكت؟ قال: «إن ربك تعالى يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن»، وفي بعض النسخ: «حسن صحيح». وهذا لفظ أبي داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2602)، والترمذي (3446)، والنسائي في «الكبرى» (8800).
(1/292)
171 - باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها، وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها، والنهي عن المبالغة برفع الصوت بالتكبير ونحوه
975 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 69 (2993).
(1/292)
976 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبحوا. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2599).
(1/293)
977 - وعنه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قفل من الحج أو العمرة، كلما أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا، ثم قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: إذا قفل من الجيوش أو السرايا أو الحج أو العمرة.
قوله: «أوفى» أي: ارتفع، وقوله: «فدفد» هو بفتح الفائين بينهما دال مهملة ساكنة، وآخره دال أخرى وهو: «الغليظ المرتفع من الأرض».
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 102 (6385)، ومسلم 4/ 105 (1344) (428).
(1/293)
978 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر فأوصني، قال: «عليك بتقوى الله، والتكبير على كل شرف» فلما ولى الرجل، قال: «اللهم اطو له البعد، وهون عليه السفر». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (2771)، والترمذي (3445).
(1/293)
979 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنه معكم، إنه سميع قريب». متفق عليه. (1)
«اربعوا» بفتح الباء الموحدة أي: ارفقوا بأنفسكم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 101 - 102 (6384)، ومسلم 8/ 73 (2704) (44).
(1/293)
172 - باب استحباب الدعاء في السفر
980 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وليس في رواية أبي داود: «على ولده».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1536)، وابن ماجه (3862)، والترمذي (1905) و (3448).
(1/293)
173 - باب ما يدعو به إذا خاف ناسا أو غيرهم
981 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خاف قوما، قال: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم». رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1537)، والنسائي في «الكبرى» (8631) و (10437).
(1/294)
174 - باب ما يقول إذا نزل منزلا
982 - عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 76 (2708) (54).
(1/294)
983 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فأقبل الليل، قال: «يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما يدب عليك، وأعوذ بك من شر أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد». رواه أبو داود. (1)
و «الأسود»: الشخص، قال الخطابي: و «ساكن البلد»: هم الجن الذين هم سكان الأرض. قال: والبلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان، وإن لم يكن فيه بناء ومنازل. قال: ويحتمل أن المراد: «بالوالد» إبليس: «وما ولد»: الشياطين (2).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2603).
(2) انظر: معالم السنن 2/ 224.
(1/294)
175 - باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته
984 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره، فليعجل إلى أهله». متفق عليه. (1)
«نهمته»: مقصوده.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 71 (3001)، ومسلم 6/ 55 (1927) (179).
(1/294)
176 - باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة
985 - عن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرقن أهله ليلا».
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 50 (5243) و (5244)، ومسلم 6/ 55 (715) (183) و (184).
(1/295)
986 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يطرق أهله ليلا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية. متفق عليه. (1)
«الطروق»: المجيء في الليل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 9 (1800)، ومسلم 6/ 55 (1928) (180).
(1/295)
177 - باب ما يقول إذا رجع وإذا رأى بلدته
فيه حديث ابن عمر (1) السابق في باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا.
987 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بظهر المدينة، قال: «آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون» فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة. رواه مسلم. (2)
__________
(1) انظر الحديث (976).
(2) أخرجه: مسلم 4/ 105 (1345) (429).
(1/295)
178 - باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين
988 - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 94 (3088)، ومسلم 2/ 156 (716) (74).
(1/295)
179 - باب تحريم سفر المرأة وحدها
989 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 54 (1088)، ومسلم 4/ 103 (1339) (419).
(1/295)
990 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقال له رجل: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: «انطلق فحج مع امرأتك». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 72 (3006)، ومسلم 4/ 104 (1341) (424).
(1/296)
(8) - كتاب الفضائل
180 - باب فضل قراءة القرآن
991 - عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 197 (804) (252).
(1/297)
992 - وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 197 (805) (253).
(1/297)
993 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 236 (5027).
(1/297)
994 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر (1) به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع (2) فيه وهو عليه شاق له أجران». متفق عليه. (3)
__________
(1) الماهر: الحاذق بالقراءة، والسفرة: الملائكة. النهاية 4/ 374.
(2) أي يتردد في قراءته ويتبلد فيها لسانه. النهاية 1/ 190.
(3) أخرجه: البخاري 6/ 206 (4937)، ومسلم 2/ 195 (798) (244).
(1/297)
995 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 99 - 100 (5427)، ومسلم 2/ 194 (797) و (243).
(1/298)
996 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (817) (269).
(1/298)
997 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار». متفق عليه. (1)
«والآناء»: الساعات.
__________
(1) انظر الحديث (571).
(1/298)
998 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرس مربوط بشطنين، فتغشته سحابة فجعلت تدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: «تلك السكينة تنزلت للقرآن». متفق عليه. (1)
«الشطن» بفتح الشين المعجمة والطاء المهملة: الحبل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 232 (5011)، ومسلم 2/ 193 (795) (240).
(1/298)
999 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم (1) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) ألف، لام، ميم.
(2) أخرجه: الترمذي (2910) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/298)
1000 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2913)، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان ضعيف.
(1/298)
1001 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1464)، والترمذي (2914).
(1/299)
181 - باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير عن تعريضه للنسيان
1002 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 238 (5033)، ومسلم 2/ 192 (791) (231).
(1/299)
1003 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما
مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 237 - 238 (5031)، ومسلم 2/ 190 (789) (226).
(1/299)
182 - باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع لها
1004 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به». متفق عليه. (1)
معنى «أذن الله»: أي استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول.
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 193 (7544)، ومسلم 2/ 192 (792) (233).
(1/299)
1005 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «لقد أوتيت مزمارا (1) من مزامير آل داود». متفق عليه. (2)
وفي رواية لمسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة».
__________
(1) المزمار: الآلة التي يزمر بها. النهاية 2/ 312.
(2) أخرجه: البخاري 6/ 241 (5048)، ومسلم 2/ 192 (793) (235) و (236).
(1/299)
1006 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في العشاء بالتين والزيتون، فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 194 (7546)، ومسلم 2/ 41 (464) (177).
(1/299)
1007 - وعن أبي لبابة بشير بن عبد المنذر - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا». رواه أبو داود بإسناد جيد. (1)
معنى «يتغنى»: يحسن صوته بالقرآن.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1471).
(1/300)
1008 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي القرآن»، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟! قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت عليه سورة النساء، حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال: «حسبك الآن» فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (446).
(1/300)
183 - باب الحث على سور وآيات مخصوصة
1009 - عن أبي سعيد رافع بن المعلى - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟» فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج، قلت: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟ قال: «الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 77 (4647).
(1/300)
1010 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في: {قل هو الله أحد}: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن».
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن في ليلة» فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: «{قل هو الله أحد الله الصمد}: ثلث القرآن». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 233 (5013) و (5015).
(1/300)
1011 - وعنه: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: «قل هو الله أحد» يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له وكان الرجل يتقالها (1)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن». رواه البخاري. (2)
__________
(1) قال ابن حجر في فتح الباري 9/ 75: «يتقالها بتشديد اللام وأصله يتقاللها أي يعتقد أنها قليلة».
(2) انظر الحديث السابق.
(1/300)
1012 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في: {قل هو الله أحد} «إنها تعدل ثلث القرآن». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (812) (262).
(1/301)
1013 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أحب هذه السورة: {قل هو الله أحد} قال: «إن حبها أدخلك الجنة». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». ورواه البخاري في صحيحه تعليقا. (1)
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2910)، ورواه البخاري 2/ 196 (774) معلقا. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/301)
1014 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (814) (264).
(1/301)
1015 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا، أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3511)، والترمذي (2058)، والنسائي 8/ 271 وفي «الكبرى»، له (7930) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/301)
1016 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: {تبارك الذي بيده الملك}». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وفي رواية أبي داود: «تشفع».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1400)، وابن ماجه (3786)، والترمذي (2891) والنسائي في «الكبرى» (11612).
(1/301)
1017 - وعن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه». متفق عليه. (1)
قيل: كفتاه المكروه تلك الليلة، وقيل: كفتاه من قيام الليل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 107 (4008)، ومسلم 2/ 198 (808) (256).
(1/301)
1018 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 188 (780) (212).
(1/302)
1019 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟» قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فضرب في صدري، وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 199 (810) (258).
(1/302)
1020 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إني محتاج، وعلي عيال، وبي حاجة شديدة، فخليت عنه، فأصبحت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله. فقال: «أما إنه قد كذبك وسيعود» فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله. فقال: «إنه قد كذبك وسيعود» فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود! فقال: دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: «ما هي؟» قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة؟» قلت: لا. قال: «ذاك شيطان». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 132 - 133 (2311).
(1/302)
1021 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال».
وفي رواية: «من آخر سورة الكهف». رواهما مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 199 (809) (257).
(1/303)
1022 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: بينما جبريل - عليه السلام - قاعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم ولم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته. رواه مسلم. (1)
«النقيض»: الصوت.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 198 (806) (254).
(1/303)
184 - باب استحباب الاجتماع على القراءة
1023 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2699) (38).
(1/303)
185 - باب فضل الوضوء
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} إلى قوله تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [المائدة: 6].
(1/303)
1024 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا (1) محجلين (2) من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل». متفق عليه. (3)
__________
(1) الغر: جمع الأغر: من الغرة: بياض الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة. النهاية 3/ 354.
(2) أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام. النهاية 1/ 346.
(3) أخرجه: البخاري 1/ 46 (136)، ومسلم 1/ 149 (246) (34).
(1/303)
1025 - وعنه، قال: سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 151 (250) (40).
(1/304)
1026 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 149 (245) (33).
(1/304)
1027 - وعنه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل وضوئي هذا، ثم
قال: «من توضأ هكذا، غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 142 (229) (8).
(1/304)
1028 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه، خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه، خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيا من الذنوب». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (129).
(1/304)
1029 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة، فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا» قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: «أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم (1) بهم (2)، ألا يعرف خيله؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض». رواه مسلم. (3)
__________
(1) دهم: الدهمة، السواد. اللسان 4/ 430 (دهم).
(2) بهم: جمع بهيم: وهو الذي لا يخالط لونه لون سواه. النهاية 1/ 167.
(3) أخرجه: مسلم 1/ 150 (249) (39).
(1/304)
1030 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط؛ فذلكم الرباط». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (131).
(1/305)
1031 - وعن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان». رواه مسلم. (1)
وقد سبق بطوله في باب الصبر، وفي الباب حديث عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - السابق (2) في آخر باب الرجاء، وهو حديث عظيم؛ مشتمل على جمل من الخيرات.
__________
(1) انظر الحديث (25).
(2) انظر الحديث (438).
(1/305)
1032 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء». رواه مسلم. (1)
وزاد الترمذي: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين».
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (234) (17)، والترمذي (55).
(1/305)
186 - باب فضل الأذان
1033 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة (1) والصبح لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه. (2)
«الاستهام»: الاقتراع، و «التهجير»: التبكير إلى الصلاة.
__________
(1) العتمة: وقت صلاة العشاء الأخيرة. لسان العرب 9/ 41 (عتم).
(2) أخرجه: البخاري 1/ 159 - 160 (615)، ومسلم 2/ 31 (437) و (129).
(1/305)
1034 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 5 (387) (14).
(1/306)
1035 - وعن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة: أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال له: «إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك - أو باديتك - فأذنت للصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة» قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 158 (609).
(1/306)
1036 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا نودي بالصلاة، أدبر الشيطان، وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا واذكر كذا - لما لم يذكر من قبل - حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى». متفق عليه. (1)
«التثويب»: الإقامة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 158 (608)، ومسلم 2/ 6 (389) (19).
(1/306)
1037 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (384) (11).
(1/306)
1038 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم النداء، فقولوا كما يقول المؤذن». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 159 (611)، ومسلم 2/ 4 (383) (10).
(1/306)
1039 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 159 (614).
(1/306)
1040 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (386) (13).
(1/307)
1041 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (521)، والترمذي (212).
(1/307)
187 - باب فضل الصلوات
قال الله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: 45].
(1/307)
1042 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه (1)
شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا». متفق عليه. (2)
__________
(1) الدرن: الوسخ. النهاية 2/ 115.
(2) أخرجه: البخاري 1/ 141 (528)، ومسلم 2/ 131 (667) (283).
(1/307)
1043 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات». رواه مسلم. (1)
«الغمر» بفتح الغين المعجمة: الكثير.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (668) (284).
(1/307)
1044 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فأنزل الله تعالى: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114] فقال الرجل ألي هذا؟ قال: «لجميع أمتي كلهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (434).
(1/307)
1045 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن، ما لم تغش الكبائر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (14).
(1/307)
1046 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها؛ وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 142 (228) (7).
(1/308)
188 - باب فضل صلاة الصبح والعصر
1047 - عن أبي موسى - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى البردين دخل الجنة». متفق عليه. (1)
«البردان»: الصبح والعصر.
__________
(1) انظر الحديث (132).
(1/308)
1048 - وعن أبي زهير عمارة بن رؤيبة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» يعني: الفجر والعصر. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 114 (634) (213).
(1/308)
1049 - وعن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم، لا يطلبنك الله من ذمته بشيء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 125 (657) (261).
(1/308)
1050 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 145 - 146 (555)، ومسلم 2/ 113 (632) (210).
(1/308)
1051 - وعن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا». متفق عليه. (1)
وفي رواية: «فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 145 (554)، ومسلم 2/ 113 (633) (211).
(1/308)
1052 - وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 145 (553).
(1/309)
189 - باب فضل المشي إلى المساجد
1053 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (123).
(1/309)
1054 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تطهر في بيته، ثم مضى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته، إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 131 (666) (282).
(1/309)
1055 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحدا أبعد من المسجد منه، وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت حمارا لتركبه في الظلماء وفي الرمضاء (1)، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قد جمع الله لك ذلك كله». رواه مسلم. (2)
__________
(1) الرمضاء: شدة الحر. لسان العرب 5/ 315 (رمض).
(2) انظر الحديث (137).
(1/309)
1056 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: «بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟» قالوا: نعم، يا رسول الله، قد أردنا ذلك. فقال: «بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم (1)» فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا. رواه مسلم، وروى البخاري معناه من رواية أنس. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 146 عقيب (665): «بني سلمة دياركم تكتب آثاركم معناه: الزموا دياركم فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد».
(2) انظر الحديث (136).
(1/309)
1057 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 166 (651)، ومسلم 2/ 130 (662) (277).
(1/310)
1058 - وعن بريدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة». رواه أبو داود والترمذي. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (561)، والترمذي (223).
(1/310)
1059 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟» قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (131).
(1/310)
1060 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله - عز وجل: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} الآية». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (802)، والترمذي (3093) وقال: «حديث حسن غريب» على أن سند الحديث ضعيف فهو من رواية دراج عن أبي السمح، وهي ضعيفة.
(1/310)
190 - باب فضل انتظار الصلاة
1061 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (659)، ومسلم 2/ 129 (649) (275).
(1/310)
1062 - وعنه - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 121 (445).
(1/310)
1063 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ثم أقبل علينا بوجهه بعدما صلى، فقال: «صلى الناس ورقدوا، ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (661).
(1/311)
191 - باب فضل صلاة الجماعة
1064 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 165 (645)، ومسلم 2/ 122 (650) (249).
(1/311)
1065 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، ما لم يحدث، تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة». متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 166 (647)، ومسلم 2/ 121 (649) (245).
(1/311)
1066 - وعنه، قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 124 (653) (255).
(1/311)
1067 - وعن عبد الله - وقيل: عمرو بن قيس - المعروف بابن أم مكتوم المؤذن - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح، فحيهلا» رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
ومعنى «حيهلا (2)»: تعال.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (553)، والنسائي 2/ 110.
(2) حي هلا: أي ابدأ بها واعجل، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة. وفيها لغات. وهلا: حث واستعجال. النهاية 5/ 472.
(1/311)
1068 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 165 (644)، ومسلم 2/ 123 (651) (251).
(1/312)
1069 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به، يهادى (1) بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم. (2)
وفي رواية له قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمنا سنن الهدى؛ وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 135 عقيب (655): «معنى يهادى، أن يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 124 (654) (256) و (257).
(1/312)
1070 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان. فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية (1)» رواه أبو داود بإسناد حسن (2).
__________
(1) القاصية: المنفردة عن القطيع البعيدة عنه. النهاية 4/ 75.
(2) أخرجه: أبو داود (547)، والنسائي 2/ 106 - 107.
(1/312)
192 - باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء
1071 - عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله». رواه مسلم. (1) [ص:313]
وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، كان له كقيام ليلة» قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 125 (656) (260)، والترمذي (221).
(1/312)
1072 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه. (1) وقد سبق بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (1033).
(1/313)
1073 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 167 (657)، ومسلم 2/ 123 (651) (252).
(1/313)
193 - باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن
قال الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]، وقال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [التوبة: 5].
(1/313)
1074 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها» قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (312).
(1/313)
1075 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 9 (8)، ومسلم 1/ 34 (16) (21).
(1/313)
1076 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (390).
(1/313)
1077 - وعن معاذ - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فقال: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (208).
(1/314)
1078 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 61 - 62 (82) (134).
(1/314)
1079 - وعن بريدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1079)، والترمذي (261)، والنسائي 1/ 231 وفي «الكبرى»، له (325) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/314)
1080 - وعن شقيق (1) بن عبد الله التابعي المتفق على جلالته رحمه الله، قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح. (2)
__________
(1) في جامع الترمذي وتحفة الأشراف (15610)، وتهذيب الكمال 2/ 162 (3321): «عبد الله بن شقيق».
(2) أخرجه: الترمذي (2622).
(1/314)
1081 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب - عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل منها ما انتقص من الفريضة؟ ثم تكون سائر أعماله على هذا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (413)، والنسائي 1/ 232 وفي «الكبرى»، له (325). قال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/314)
194 - باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأول وتسويتها والتراص فيها
1082 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟» فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: «يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 29 (430) (119).
(1/315)
1083 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا (1) عليه لاستهموا». متفق عليه. (2)
__________
(1) يستهموا: أي يقترعوا. النهاية 2/ 429.
(2) انظر الحديث (1033).
(1/315)
1084 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 32 (440) (132).
(1/315)
1085 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرا، فقال لهم: «تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 31 (438) (130).
(1/315)
1086 - وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني منكم أولو الأحلام والنهى (1)، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» رواه مسلم. (2)
__________
(1) أصحاب العقول والألباب. النهاية 5/ 139.
(2) انظر الحديث (349).
(1/315)
1087 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة». متفق عليه. (1)
وفي رواية للبخاري: «فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (723)، ومسلم 2/ 30 (433) (124).
(1/315)
1088 - وعنه، قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه، فقال: «أقيموا صفوفكم وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري». رواه البخاري بلفظه، (1) ومسلم بمعناه.
وفي رواية للبخاري: وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (719) و (725)، ومسلم 2/ 30 (434) (125).
(1/316)
1089 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسوي صفوفنا، حتى كأنما يسوي بها القداح (2) حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: «عباد الله، لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم».
__________
(1) انظر الحديث (160).
(2) أي يجعلنا مثل السهم أو سطر الكتابة. النهاية 4/ 20.
«اربعوا» بفتح الباء الموحدة أي: ارفقوا بأنفسكم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 8/ 101 - 102 (6384)، ومسلم 8/ 73 (2704) (44).
(1/293)
172 - باب استحباب الدعاء في السفر
980 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن». وليس في رواية أبي داود: «على ولده».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1536)، وابن ماجه (3862)، والترمذي (1905) و (3448).
(1/293)
173 - باب ما يدعو به إذا خاف ناسا أو غيرهم
981 - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خاف قوما، قال: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم». رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1537)، والنسائي في «الكبرى» (8631) و (10437).
(1/294)
174 - باب ما يقول إذا نزل منزلا
982 - عن خولة بنت حكيم رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نزل منزلا ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 76 (2708) (54).
(1/294)
983 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فأقبل الليل، قال: «يا أرض، ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما يدب عليك، وأعوذ بك من شر أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد». رواه أبو داود. (1)
و «الأسود»: الشخص، قال الخطابي: و «ساكن البلد»: هم الجن الذين هم سكان الأرض. قال: والبلد من الأرض: ما كان مأوى الحيوان، وإن لم يكن فيه بناء ومنازل. قال: ويحتمل أن المراد: «بالوالد» إبليس: «وما ولد»: الشياطين (2).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2603).
(2) انظر: معالم السنن 2/ 224.
(1/294)
175 - باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته
984 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره، فليعجل إلى أهله». متفق عليه. (1)
«نهمته»: مقصوده.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 71 (3001)، ومسلم 6/ 55 (1927) (179).
(1/294)
176 - باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة
985 - عن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرقن أهله ليلا».
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 50 (5243) و (5244)، ومسلم 6/ 55 (715) (183) و (184).
(1/295)
986 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يطرق أهله ليلا، وكان يأتيهم غدوة أو عشية. متفق عليه. (1)
«الطروق»: المجيء في الليل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 9 (1800)، ومسلم 6/ 55 (1928) (180).
(1/295)
177 - باب ما يقول إذا رجع وإذا رأى بلدته
فيه حديث ابن عمر (1) السابق في باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا.
987 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بظهر المدينة، قال: «آيبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون» فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة. رواه مسلم. (2)
__________
(1) انظر الحديث (976).
(2) أخرجه: مسلم 4/ 105 (1345) (429).
(1/295)
178 - باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين
988 - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 94 (3088)، ومسلم 2/ 156 (716) (74).
(1/295)
179 - باب تحريم سفر المرأة وحدها
989 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 54 (1088)، ومسلم 4/ 103 (1339) (419).
(1/295)
990 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» فقال له رجل: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا؟ قال: «انطلق فحج مع امرأتك». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 72 (3006)، ومسلم 4/ 104 (1341) (424).
(1/296)
(8) - كتاب الفضائل
180 - باب فضل قراءة القرآن
991 - عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 197 (804) (252).
(1/297)
992 - وعن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمه سورة البقرة وآل عمران، تحاجان عن صاحبهما». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 197 (805) (253).
(1/297)
993 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 236 (5027).
(1/297)
994 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر (1) به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع (2) فيه وهو عليه شاق له أجران». متفق عليه. (3)
__________
(1) الماهر: الحاذق بالقراءة، والسفرة: الملائكة. النهاية 4/ 374.
(2) أي يتردد في قراءته ويتبلد فيها لسانه. النهاية 1/ 190.
(3) أخرجه: البخاري 6/ 206 (4937)، ومسلم 2/ 195 (798) (244).
(1/297)
995 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 99 - 100 (5427)، ومسلم 2/ 194 (797) و (243).
(1/298)
996 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (817) (269).
(1/298)
997 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار». متفق عليه. (1)
«والآناء»: الساعات.
__________
(1) انظر الحديث (571).
(1/298)
998 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرس مربوط بشطنين، فتغشته سحابة فجعلت تدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: «تلك السكينة تنزلت للقرآن». متفق عليه. (1)
«الشطن» بفتح الشين المعجمة والطاء المهملة: الحبل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 232 (5011)، ومسلم 2/ 193 (795) (240).
(1/298)
999 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم (1) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». رواه الترمذي، (2) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) ألف، لام، ميم.
(2) أخرجه: الترمذي (2910) وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/298)
1000 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2913)، وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان ضعيف.
(1/298)
1001 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1464)، والترمذي (2914).
(1/299)
181 - باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير عن تعريضه للنسيان
1002 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 238 (5033)، ومسلم 2/ 192 (791) (231).
(1/299)
1003 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما
مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 237 - 238 (5031)، ومسلم 2/ 190 (789) (226).
(1/299)
182 - باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع لها
1004 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به». متفق عليه. (1)
معنى «أذن الله»: أي استمع، وهو إشارة إلى الرضا والقبول.
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 193 (7544)، ومسلم 2/ 192 (792) (233).
(1/299)
1005 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «لقد أوتيت مزمارا (1) من مزامير آل داود». متفق عليه. (2)
وفي رواية لمسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة».
__________
(1) المزمار: الآلة التي يزمر بها. النهاية 2/ 312.
(2) أخرجه: البخاري 6/ 241 (5048)، ومسلم 2/ 192 (793) (235) و (236).
(1/299)
1006 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في العشاء بالتين والزيتون، فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 9/ 194 (7546)، ومسلم 2/ 41 (464) (177).
(1/299)
1007 - وعن أبي لبابة بشير بن عبد المنذر - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لم يتغن بالقرآن فليس منا». رواه أبو داود بإسناد جيد. (1)
معنى «يتغنى»: يحسن صوته بالقرآن.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1471).
(1/300)
1008 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي القرآن»، فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك، وعليك أنزل؟! قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت عليه سورة النساء، حتى جئت إلى هذه الآية: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال: «حسبك الآن» فالتفت إليه، فإذا عيناه تذرفان. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (446).
(1/300)
183 - باب الحث على سور وآيات مخصوصة
1009 - عن أبي سعيد رافع بن المعلى - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟» فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج، قلت: يا رسول الله، إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن؟ قال: «الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 77 (4647).
(1/300)
1010 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في: {قل هو الله أحد}: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن».
وفي رواية: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: «أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن في ليلة» فشق ذلك عليهم، وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: «{قل هو الله أحد الله الصمد}: ثلث القرآن». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 233 (5013) و (5015).
(1/300)
1011 - وعنه: أن رجلا سمع رجلا يقرأ: «قل هو الله أحد» يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له وكان الرجل يتقالها (1)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنها لتعدل ثلث القرآن». رواه البخاري. (2)
__________
(1) قال ابن حجر في فتح الباري 9/ 75: «يتقالها بتشديد اللام وأصله يتقاللها أي يعتقد أنها قليلة».
(2) انظر الحديث السابق.
(1/300)
1012 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في: {قل هو الله أحد} «إنها تعدل ثلث القرآن». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (812) (262).
(1/301)
1013 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إني أحب هذه السورة: {قل هو الله أحد} قال: «إن حبها أدخلك الجنة». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». ورواه البخاري في صحيحه تعليقا. (1)
__________
(1) أخرجه: الترمذي (2910)، ورواه البخاري 2/ 196 (774) معلقا. وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/301)
1014 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس}». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 200 (814) (264).
(1/301)
1015 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من الجان، وعين الإنسان، حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا، أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3511)، والترمذي (2058)، والنسائي 8/ 271 وفي «الكبرى»، له (7930) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/301)
1016 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي: {تبارك الذي بيده الملك}». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
وفي رواية أبي داود: «تشفع».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1400)، وابن ماجه (3786)، والترمذي (2891) والنسائي في «الكبرى» (11612).
(1/301)
1017 - وعن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه». متفق عليه. (1)
قيل: كفتاه المكروه تلك الليلة، وقيل: كفتاه من قيام الليل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 107 (4008)، ومسلم 2/ 198 (808) (256).
(1/301)
1018 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 188 (780) (212).
(1/302)
1019 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟» قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} فضرب في صدري، وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 199 (810) (258).
(1/302)
1020 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إني محتاج، وعلي عيال، وبي حاجة شديدة، فخليت عنه، فأصبحت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله. فقال: «أما إنه قد كذبك وسيعود» فعرفت أنه سيعود، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرصدته، فجاء يحثو من الطعام، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: دعني فإني محتاج، وعلي عيال لا أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة، ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت: يا رسول الله، شكا حاجة وعيالا، فرحمته فخليت سبيله. فقال: «إنه قد كذبك وسيعود» فرصدته الثالثة، فجاء يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا تعود! فقال: دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هن؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما فعل أسيرك البارحة؟» قلت: يا رسول الله، زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: «ما هي؟» قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وقال لي: لا يزال عليك من الله حافظ، ولن يقربك شيطان حتى تصبح. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة؟» قلت: لا. قال: «ذاك شيطان». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 132 - 133 (2311).
(1/302)
1021 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عصم من الدجال».
وفي رواية: «من آخر سورة الكهف». رواهما مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 199 (809) (257).
(1/303)
1022 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: بينما جبريل - عليه السلام - قاعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم ولم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته. رواه مسلم. (1)
«النقيض»: الصوت.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 198 (806) (254).
(1/303)
184 - باب استحباب الاجتماع على القراءة
1023 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 71 (2699) (38).
(1/303)
185 - باب فضل الوضوء
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} إلى قوله تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} [المائدة: 6].
(1/303)
1024 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا (1) محجلين (2) من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل». متفق عليه. (3)
__________
(1) الغر: جمع الأغر: من الغرة: بياض الوجه، يريد بياض وجوههم بنور الوضوء يوم القيامة. النهاية 3/ 354.
(2) أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام. النهاية 1/ 346.
(3) أخرجه: البخاري 1/ 46 (136)، ومسلم 1/ 149 (246) (34).
(1/303)
1025 - وعنه، قال: سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 151 (250) (40).
(1/304)
1026 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 149 (245) (33).
(1/304)
1027 - وعنه، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل وضوئي هذا، ثم
قال: «من توضأ هكذا، غفر له ما تقدم من ذنبه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 142 (229) (8).
(1/304)
1028 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا توضأ العبد المسلم - أو المؤمن - فغسل وجهه، خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه، خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه، خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء، أو مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقيا من الذنوب». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (129).
(1/304)
1029 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرة، فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا» قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: «أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: «أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم (1) بهم (2)، ألا يعرف خيله؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض». رواه مسلم. (3)
__________
(1) دهم: الدهمة، السواد. اللسان 4/ 430 (دهم).
(2) بهم: جمع بهيم: وهو الذي لا يخالط لونه لون سواه. النهاية 1/ 167.
(3) أخرجه: مسلم 1/ 150 (249) (39).
(1/304)
1030 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط؛ فذلكم الرباط». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (131).
(1/305)
1031 - وعن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الطهور شطر الإيمان». رواه مسلم. (1)
وقد سبق بطوله في باب الصبر، وفي الباب حديث عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - السابق (2) في آخر باب الرجاء، وهو حديث عظيم؛ مشتمل على جمل من الخيرات.
__________
(1) انظر الحديث (25).
(2) انظر الحديث (438).
(1/305)
1032 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء». رواه مسلم. (1)
وزاد الترمذي: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين».
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (234) (17)، والترمذي (55).
(1/305)
186 - باب فضل الأذان
1033 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة (1) والصبح لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه. (2)
«الاستهام»: الاقتراع، و «التهجير»: التبكير إلى الصلاة.
__________
(1) العتمة: وقت صلاة العشاء الأخيرة. لسان العرب 9/ 41 (عتم).
(2) أخرجه: البخاري 1/ 159 - 160 (615)، ومسلم 2/ 31 (437) و (129).
(1/305)
1034 - وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 5 (387) (14).
(1/306)
1035 - وعن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة: أن أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال له: «إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك - أو باديتك - فأذنت للصلاة، فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن، ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة» قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 158 (609).
(1/306)
1036 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا نودي بالصلاة، أدبر الشيطان، وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب للصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا واذكر كذا - لما لم يذكر من قبل - حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى». متفق عليه. (1)
«التثويب»: الإقامة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 158 (608)، ومسلم 2/ 6 (389) (19).
(1/306)
1037 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (384) (11).
(1/306)
1038 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سمعتم النداء، فقولوا كما يقول المؤذن». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 159 (611)، ومسلم 2/ 4 (383) (10).
(1/306)
1039 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة، والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 159 (614).
(1/306)
1040 - وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من قال حين يسمع المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبمحمد رسولا، وبالإسلام دينا، غفر له ذنبه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 4 (386) (13).
(1/307)
1041 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (521)، والترمذي (212).
(1/307)
187 - باب فضل الصلوات
قال الله تعالى: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} [العنكبوت: 45].
(1/307)
1042 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه (1)
شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا». متفق عليه. (2)
__________
(1) الدرن: الوسخ. النهاية 2/ 115.
(2) أخرجه: البخاري 1/ 141 (528)، ومسلم 2/ 131 (667) (283).
(1/307)
1043 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات». رواه مسلم. (1)
«الغمر» بفتح الغين المعجمة: الكثير.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 132 (668) (284).
(1/307)
1044 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فأنزل الله تعالى: {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل، إن الحسنات يذهبن السيئات} [هود: 114] فقال الرجل ألي هذا؟ قال: «لجميع أمتي كلهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (434).
(1/307)
1045 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، كفارة لما بينهن، ما لم تغش الكبائر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (14).
(1/307)
1046 - وعن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها؛ وخشوعها، وركوعها، إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 142 (228) (7).
(1/308)
188 - باب فضل صلاة الصبح والعصر
1047 - عن أبي موسى - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى البردين دخل الجنة». متفق عليه. (1)
«البردان»: الصبح والعصر.
__________
(1) انظر الحديث (132).
(1/308)
1048 - وعن أبي زهير عمارة بن رؤيبة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» يعني: الفجر والعصر. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 5/ 114 (634) (213).
(1/308)
1049 - وعن جندب بن سفيان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فانظر يا ابن آدم، لا يطلبنك الله من ذمته بشيء». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 125 (657) (261).
(1/308)
1050 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم الله - وهو أعلم بهم - كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 145 - 146 (555)، ومسلم 2/ 113 (632) (210).
(1/308)
1051 - وعن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا». متفق عليه. (1)
وفي رواية: «فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 145 (554)، ومسلم 2/ 113 (633) (211).
(1/308)
1052 - وعن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 145 (553).
(1/309)
189 - باب فضل المشي إلى المساجد
1053 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (123).
(1/309)
1054 - وعنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تطهر في بيته، ثم مضى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خطواته، إحداها تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 131 (666) (282).
(1/309)
1055 - وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحدا أبعد من المسجد منه، وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت حمارا لتركبه في الظلماء وفي الرمضاء (1)، قال: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد، ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قد جمع الله لك ذلك كله». رواه مسلم. (2)
__________
(1) الرمضاء: شدة الحر. لسان العرب 5/ 315 (رمض).
(2) انظر الحديث (137).
(1/309)
1056 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم: «بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟» قالوا: نعم، يا رسول الله، قد أردنا ذلك. فقال: «بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم (1)» فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا. رواه مسلم، وروى البخاري معناه من رواية أنس. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 146 عقيب (665): «بني سلمة دياركم تكتب آثاركم معناه: الزموا دياركم فإنكم إذا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة إلى المسجد».
(2) انظر الحديث (136).
(1/309)
1057 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، فأبعدهم، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 166 (651)، ومسلم 2/ 130 (662) (277).
(1/310)
1058 - وعن بريدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة». رواه أبو داود والترمذي. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (561)، والترمذي (223).
(1/310)
1059 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟» قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال: «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (131).
(1/310)
1060 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله - عز وجل: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} الآية». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن». (1)
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (802)، والترمذي (3093) وقال: «حديث حسن غريب» على أن سند الحديث ضعيف فهو من رواية دراج عن أبي السمح، وهي ضعيفة.
(1/310)
190 - باب فضل انتظار الصلاة
1061 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (659)، ومسلم 2/ 129 (649) (275).
(1/310)
1062 - وعنه - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه، ما لم يحدث، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 121 (445).
(1/310)
1063 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ثم أقبل علينا بوجهه بعدما صلى، فقال: «صلى الناس ورقدوا، ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 168 (661).
(1/311)
191 - باب فضل صلاة الجماعة
1064 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 165 (645)، ومسلم 2/ 122 (650) (249).
(1/311)
1065 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، ما لم يحدث، تقول: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة». متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 166 (647)، ومسلم 2/ 121 (649) (245).
(1/311)
1066 - وعنه، قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 124 (653) (255).
(1/311)
1067 - وعن عبد الله - وقيل: عمرو بن قيس - المعروف بابن أم مكتوم المؤذن - رضي الله عنه - أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح، فحيهلا» رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
ومعنى «حيهلا (2)»: تعال.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (553)، والنسائي 2/ 110.
(2) حي هلا: أي ابدأ بها واعجل، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة. وفيها لغات. وهلا: حث واستعجال. النهاية 5/ 472.
(1/311)
1068 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 165 (644)، ومسلم 2/ 123 (651) (251).
(1/312)
1069 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به، يهادى (1) بين الرجلين حتى يقام في الصف. رواه مسلم. (2)
وفي رواية له قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمنا سنن الهدى؛ وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 135 عقيب (655): «معنى يهادى، أن يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 124 (654) (256) و (257).
(1/312)
1070 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان. فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية (1)» رواه أبو داود بإسناد حسن (2).
__________
(1) القاصية: المنفردة عن القطيع البعيدة عنه. النهاية 4/ 75.
(2) أخرجه: أبو داود (547)، والنسائي 2/ 106 - 107.
(1/312)
192 - باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء
1071 - عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله». رواه مسلم. (1) [ص:313]
وفي رواية الترمذي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة، كان له كقيام ليلة» قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 125 (656) (260)، والترمذي (221).
(1/312)
1072 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه. (1) وقد سبق بطوله.
__________
(1) انظر الحديث (1033).
(1/313)
1073 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 167 (657)، ومسلم 2/ 123 (651) (252).
(1/313)
193 - باب الأمر بالمحافظة على الصلوات المكتوبات والنهي الأكيد والوعيد الشديد في تركهن
قال الله تعالى: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} [البقرة: 238]، وقال تعالى: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} [التوبة: 5].
(1/313)
1074 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها» قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (312).
(1/313)
1075 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 9 (8)، ومسلم 1/ 34 (16) (21).
(1/313)
1076 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (390).
(1/313)
1077 - وعن معاذ - رضي الله عنه - قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فقال: «إنك تأتي قوما من أهل الكتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (208).
(1/314)
1078 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 61 - 62 (82) (134).
(1/314)
1079 - وعن بريدة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1079)، والترمذي (261)، والنسائي 1/ 231 وفي «الكبرى»، له (325) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/314)
1080 - وعن شقيق (1) بن عبد الله التابعي المتفق على جلالته رحمه الله، قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح. (2)
__________
(1) في جامع الترمذي وتحفة الأشراف (15610)، وتهذيب الكمال 2/ 162 (3321): «عبد الله بن شقيق».
(2) أخرجه: الترمذي (2622).
(1/314)
1081 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت، فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت، فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب - عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل منها ما انتقص من الفريضة؟ ثم تكون سائر أعماله على هذا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (413)، والنسائي 1/ 232 وفي «الكبرى»، له (325). قال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/314)
194 - باب فضل الصف الأول والأمر بإتمام الصفوف الأول وتسويتها والتراص فيها
1082 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟» فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: «يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 29 (430) (119).
(1/315)
1083 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا (1) عليه لاستهموا». متفق عليه. (2)
__________
(1) يستهموا: أي يقترعوا. النهاية 2/ 429.
(2) انظر الحديث (1033).
(1/315)
1084 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 32 (440) (132).
(1/315)
1085 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرا، فقال لهم: «تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 31 (438) (130).
(1/315)
1086 - وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليليني منكم أولو الأحلام والنهى (1)، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» رواه مسلم. (2)
__________
(1) أصحاب العقول والألباب. النهاية 5/ 139.
(2) انظر الحديث (349).
(1/315)
1087 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة». متفق عليه. (1)
وفي رواية للبخاري: «فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة».
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (723)، ومسلم 2/ 30 (433) (124).
(1/315)
1088 - وعنه، قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه، فقال: «أقيموا صفوفكم وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري». رواه البخاري بلفظه، (1) ومسلم بمعناه.
وفي رواية للبخاري: وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 184 (719) و (725)، ومسلم 2/ 30 (434) (125).
(1/316)
1089 - وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم». متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسوي صفوفنا، حتى كأنما يسوي بها القداح (2) حتى رأى أنا قد عقلنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: «عباد الله، لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم».
__________
(1) انظر الحديث (160).
(2) أي يجعلنا مثل السهم أو سطر الكتابة. النهاية 4/ 20.
(1/316)
1090 - وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: «لا تختلفوا فتختلف قلوبكم» وكان يقول: «إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (664).
(1/316)
1091 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (666) وقال عقبه: «ومعنى ولينوا بأيدي إخوانكم. إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف».
(1/316)
1092 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق (1)؛ فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف، كأنها الحذف» حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. (2)
[ص:317] «الحذف» بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين ثم فاء وهي: غنم سود صغار تكون باليمن.
__________
(1) أن يكون عنق كل منكم على سمت عنق الآخر، يقال: حذوت النعل بالنعل إذا حاذيته به، وحذاء الشيء إزاؤه يعني لا يرتفع بعضكم على بعض ولا عبرة بالأعناق أنفسها إذ ليس على الطويل ولا له أن ينحني حتى يحاذي عنقه عنق القصير الذي بجنبه. فيض القدير4/ 7 (4375).
(2) أخرجه: أبو داود (667)، والنسائي 2/ 92 وفي «الكبرى»، له (889).
(1/316)
1093 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتموا الصف المقدم، ثم
الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (671)، والنسائي 2/ 93 وفي «الكبرى»، له (892).
(1/317)
1094 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف». رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، وفيه رجل مختلف في توثيقه. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (676)، وابن ماجه (1005).
(1/317)
1095 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكون عن يمينه، يقبل علينا بوجهه، فسمعته يقول: «رب قني عذابك يوم تبعث - أو تجمع - عبادك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 153 (709) (62).
(1/317)
1096 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وسطوا الإمام، وسدوا الخلل». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (681).
(1/317)
195 - باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض وبيان أقلها وأكملها وما بينهما
1097 - وعن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير الفريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بني له بيت في الجنة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 162 (728) (103).
(1/317)
1098 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 72 (1172)، ومسلم 2/ 162 (729) (104).
(1/318)
1099 - وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة» قال في الثالثة: «لمن شاء». متفق عليه. (1)
المراد بالأذانين: الأذان والإقامة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 161 (627)، ومسلم 2/ 212 (838) (304).
(1/318)
196 - باب تأكيد ركعتي سنة الصبح
1100 - عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1182).
(1/318)
1101 - وعنها، قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 71 (1169)، ومسلم 2/ 160 (724) (94).
(1/318)
1102 - وعنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها». رواه مسلم. (1)
وفي رواية: «لهما أحب إلي من الدنيا جميعا».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 160 (725) (96) و (97).
(1/318)
1103 - وعن أبي عبد الله بلال بن رباح - رضي الله عنه - مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليؤذنه بصلاة الغداة، فشغلت عائشة بلالا بأمر سألته عنه، حتى أصبح جدا، فقام بلال فآذنه بالصلاة، وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما خرج صلى بالناس، فأخبره أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدا، وأنه أبطأ عليه بالخروج، فقال - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم: «إني كنت ركعت ركعتي الفجر» فقال: يا رسول الله، إنك أصبحت جدا؟ فقال: «لو أصبحت أكثر مما أصبحت، لركعتهما، وأحسنتهما وأجملتهما». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1257).
(1/318)
197 - باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان ما يقرأ فيهما وبيان وقتهما
1104 - عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح. متفق عليه. (1)
وفي رواية لهما: يصلي ركعتي الفجر، فيخففهما حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن.
وفي رواية لمسلم: كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.
وفي رواية: إذا طلع الفجر.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 160 (619)، ومسلم 2/ 160 (724) (91) و (92) و (93).
(1/319)
1105 - وعن حفصة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أذن المؤذن للصبح وبدا الصبح، صلى ركعتين خفيفتين. متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 160 (618)، ومسلم 2/ 159 (723) (87) و (88).
(1/319)
1106 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة من آخر الليل، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة، وكأن الأذان بأذنيه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (995)، ومسلم 2/ 174 (749) (157).
(1/319)
1107 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136] الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما: {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} [آل عمران: 52].
وفي رواية: وفي الآخرة التي في آل عمران: {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} [آل عمران: 64]. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 161 (727) (99) و (100).
(1/319)
1108 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 161 (726) (98).
(1/320)
1109 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1149)، والترمذي (417)، والنسائي 2/ 170 وفي «الكبرى»، له (1064).
(1/320)
198 - باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على جنبه الأيمن والحث عليه سواء كان تهجد بالليل أم لا
1110 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر، اضطجع على شقه الأيمن. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 69 (1160).
(1/320)
1111 - وعنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، هكذا حتى يأتيه المؤذن للإقامة. رواه مسلم. (1)
قولها: «يسلم بين كل ركعتين» هكذا هو في مسلم ومعناه: بعد كل ركعتين.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 165 (736) (122).
(1/320)
1112 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر، فليضطجع على يمينه». رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة، (1) قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1261)، والترمذي (420) وقال: «حديث حسن صحيح غريب»، وقد أخطأ المصنف حينما قال: «بأسانيد صحيحة»، ومن قبله الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن حزم؛ إذ إن هذا اللفظ معلول أخطأ فيه عبد الواحد بن زياد، وغيره من الثقات جعلوه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو المحفوظ، وقد بينت ذلك بإسهاب في تعليقي على مختصر المختصر (1120).
(1/320)
199 - باب سنة الظهر
1113 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 72 (1172)، ومسلم 2/ 162 (729) (104).
(1/321)
1114 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعا قبل الظهر. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1182).
(1/321)
1115 - وعنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا، ثم يخرج، فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين. وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 162 (730) (105).
(1/321)
1116 - وعن أم حبيبة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه الله على النار». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1269)، وابن ماجه (1160)، والترمذي (427) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/321)
1117 - وعن عبد الله بن السائب - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (478)، والنسائي في «الكبرى» (331)، وقال: «حديث حسن غريب».
(1/321)
1118 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر، صلاهن بعدها. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1158)، والترمذي (426) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/321)
200 - باب سنة العصر
1119 - عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل العصر أربع ركعات، يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين، ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (429).
(1/321)
1120 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1271)، والترمذي (430) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/322)
1121 - وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل العصر ركعتين. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1272).
(1/322)
201 - باب سنة المغرب بعدها وقبلها
تقدم في هذه الأبواب حديث ابن عمر وحديث عائشة (1)، وهما صحيحان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد المغرب ركعتين.
1122 - وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل المغرب» قال في الثالثة: «لمن شاء». رواه البخاري. (2)
__________
(1) انظر الحديثين (1098) و (1115).
(2) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1183).
(1/322)
1123 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري (1) عند المغرب. رواه البخاري. (2)
__________
(1) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 141: «يبتدرون أي يستبقون، والسواري جمع سارية، كأن غرضهم بالاستباق إليها الاستتار بها ممن يمر بين أيديهم لكونهم يصلون فرادى».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 134 (503).
(1/322)
1124 - وعنه، قال: كنا نصلي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد غروب الشمس قبل المغرب، فقيل: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 211 (836) (302).
(1/322)
1125 - وعنه، قال: كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 212 (837) (303).
(1/322)
202 - باب سنة العشاء بعدها وقبلها
فيه حديث ابن عمر السابق: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد العشاء، وحديث عبد الله بن مغفل: «بين كل أذانين صلاة» متفق عليه. كما سبق (1).
__________
(1) انظر الحديثين (1098) و (1099).
(1/323)
203 - باب سنة الجمعة
فيه حديث ابن عمر السابق (1) أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد الجمعة. متفق عليه.
1126 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم الجمعة، فليصل بعدها أربعا». رواه مسلم. (2)
__________
(1) انظر الحديث (1098).
(2) أخرجه: مسلم 3/ 16 (881) (67).
(1/323)
1127 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 17 (882) (71).
(1/323)
204 - باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفصل بينهما بكلام
1128 - عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 186 (731)، ومسلم 2/ 188 (781) (213).
(1/323)
1129 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم (1)، ولا تتخذوها قبورا». متفق عليه. (2)
__________
(1) المراد بها صلاة النافلة. انظر شرح النووي لصحيح مسلم 3/ 260.
(2) أخرجه: البخاري 1/ 118 (432)، ومسلم 2/ 187 (777) (208).
(1/323)
1130 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 187 (778) (210).
(1/324)
1131 - وعن عمر بن عطاء: أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، فقال: نعم، صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام، قمت في مقامي، فصليت، فلما دخل أرسل إلي، فقال: لا تعد لما فعلت. إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 17 (883) (73).
(1/324)
205 - باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته
1132 - عن علي - رضي الله عنه - قال: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة، ولكن سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1416)، وابن ماجه (1169)، والترمذي (453)، والنسائي 3/ 228 و229.
(1/324)
1133 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الليل، ومن أوسطه، ومن آخره، وانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (996)، ومسلم 2/ 168 (745) (137).
(1/324)
1134 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (998)، ومسلم 2/ 173 (751) (151).
(1/324)
1135 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أوتروا قبل أن تصبحوا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 174 (754) (160).
(1/324)
1136 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي صلاته بالليل، وهي معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر، أيقظها فأوترت. رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: فإذا بقي الوتر، قال: «قومي فأوتري يا عائشة».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 168 (744) (134) و (135).
(1/325)
1137 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا الصبح بالوتر». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 173 (750) (149)، وأبو داود (1436)، والترمذي (467).
(1/325)
1138 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، (1) وذلك أفضل». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 232 عقيب (755): «وذلك أفضل أن يشهدها ملائكة الرحمة، وفيه دليلان صريحان على تفضيل صلاة الوتر وغيرها آخر الليل».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 174 (755) (162).
(1/325)
206 - باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث على المحافظة عليها
1139 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد. متفق عليه. (1)
والإيتار قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ آخر الليل فإن وثق، فآخر الليل أفضل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 53 (1981)، ومسلم 2/ 158 (721) (85).
(1/325)
1140 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يصبح على كل سلامى (1) من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل [ص:326] تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ (2) من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى». رواه مسلم. (3)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 202 عقيب (722): «هو بضم السين وتخفيف اللام وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله».
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 202 - 203 عقيب (722): [ضبطناه «ويجزي» بفتح أوله وضمه، فالضم من الأجزاء والفتح من جزى يجزي أي كفى، ومنه قوله تعالى: «لا تجزي نفس» وفي الحديث: «لا يجزي عن أحد بعدك» وفيه دليل على عظم فضل الضحى وكبير موقعها، وأنها تصح ركعتين].
(3) انظر الحديث (118).
(1/325)
1141 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 157 (719) (79).
(1/326)
1142 - وعن أم هانىء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من غسله، صلى ثماني ركعات، وذلك ضحى. متفق عليه. وهذا مختصر لفظ إحدى روايات مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 100 (357)، ومسلم 1/ 182 - 183 (336) (71).
(1/326)
207 - باب تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها والأفضل أن تصلى عند
اشتداد الحر وارتفاع الضحى
1143 - عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه: أنه رأى قوما يصلون من الضحى، فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الأوابين (1) حين ترمض الفصال». رواه مسلم. (2)
«ترمض» بفتح التاء والميم وبالضاد المعجمة، يعني: شدة الحر.
و «الفصال» جمع فصيل وهو: الصغير من الإبل.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 227 عقيب (748): «الأواب: المطيع، وقيل: الراجع إلى الطاعة».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 171 (748) (143).
(1/326)
208 - باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل وسواء صلى ركعتين بنية التحية أو صلاة فريضة أو سنة راتبة أو غيرها
1144 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (444)، ومسلم 2/ 155 (714) (70).
(1/327)
1145 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد، فقال: «صل ركعتين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (443)، ومسلم 2/ 155 - 156 (715) (71).
(1/327)
209 - باب استحباب ركعتين بعد الوضوء
1146 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي (1). متفق عليه، (2) وهذا لفظ البخاري.
«الدف» بالفاء: صوت النعل وحركته على الأرض، والله أعلم.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 205 عقيب (2458): «في الحديث: فضيلة الصلاة عقب الوضوء، وأنها سنة، وأنها تباح في أوقات النهي عند طلوع الشمس واستوائها وغروبها، وبعد صلاة الصبح والعصر؛ لأنها ذات سبب وهذا مذهبنا».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 67 (1149)، ومسلم 7/ 146 (2458) (108).
(1/327)
210 - باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لها والطيب والتبكير إليها والدعاء يوم الجمعة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه بيان ساعة الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة
قال الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الجمعة: 10].
(1/327)
1147 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 6 (854) (17).
(1/328)
1148 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى، فقد لغا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 8 (857) (27).
(1/328)
1149 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (16).
(1/328)
1150 - وعنه، وعن ابن عمر - رضي الله عنهم: أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره: «لينتهين أقوام عن ودعهم (1) الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 334 عقيب (865): «ودعهم أي تركهم، ومعنى الختم الطبع والتغطية قالوا في قول الله تعالى: {ختم الله على قلوبهم} أي طبع».
(2) أخرجه: مسلم 3/ 10 (865) (40).
(1/328)
1151 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 2 (877)، ومسلم 3/ 2 (844) (2).
(1/328)
1152 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم». متفق عليه. (1)
المراد بالمحتلم: البالغ. والمراد بالواجب: وجوب اختيار، كقول الرجل لصاحبه: حقك واجب علي. والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 3 (879)، ومسلم 3/ 3 (846) (5).
(1/328)
1153 - وعن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت (1) ومن اغتسل فالغسل أفضل». رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) قال الخطابي في معالم السنن 1/ 95: «قوله: فبها، قال الأصمعي: معناه فبالسنة أخذ، وقوله: ونعمت، يريد ونعمت الخصلة ونعمت الفعلة أو نحو ذلك، وإنما ظهرت التاء التي هي علامة التأنيث لإظهار السنة أو الخصلة أو الفعلة، وفيه البيان الواضح أن الوضوء كاف للجمعة وأن الغسل لها فضيلة لا فريضة».
(2) أخرجه: أبو داود (354)، والترمذي (497)، والنسائي 3/ 94.
(1/329)
1154 - وعن سلمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (827).
(1/329)
1155 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة (1)، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة يستمعون الذكر». متفق عليه. (2)
قوله: «غسل الجنابة» أي غسلا كغسل الجنابة في الصفة.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 319 عقيب (850): «وأما البدنة فقال جمهور أهل اللغة وجماعة من الفقهاء: يقع على الواحدة من الإبل والبقر والغنم، سميت بذلك لعظم بدنها، وخصها جماعة بالإبل، والمراد هنا الإبل بالاتفاق، لتصريح الأحاديث بذلك. والبدنة والبقرة يقعان على الذكر والأنثى باتفاقهم، والهاء فيها للواحدة كقمحة وشعيرة ونحوهما من أفراد الجنس».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 3 (881)، ومسلم 3/ 4 (850) (10).
(1/329)
1156 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة، فقال: «فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه» وأشار بيده يقللها (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 535 عقيب (935): «قال الزين بن المنير: الإشارة لتقليلها، هو الترغيب فيها والحض عليها؛ ليسارة وقتها وغزارة فضلها».
(2) أخرجه البخاري 2/ 16 (935)، ومسلم 3/ 5 (852) (13).
(1/329)
1157 - وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 6 (853) (16).
(1/330)
1158 - وعن أوس بن أوس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1531)، وابن ماجه (1636)، والنسائي 3/ 91 وفي «الكبرى»، له (1666).
(1/330)
211 - باب استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة
1159 - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبا من عزوراء (1) نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجدا، فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدا - فعله ثلاثا - وقال: «إني سألت ربي، وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدا لربي». رواه أبو داود. (2)
__________
(1) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان 6/ 325: «عزور ثنية الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة».
(2) أخرجه: أبو داود (2775)، وسند الحديث ضعيف.
(1/330)
212 - باب فضل قيام الليل
قال الله تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [الإسراء: 79]، وقال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] الآية، وقال تعالى: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} [الذاريات: 17].
(1/330)
1160 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا، يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا!». متفق عليه. (1)
وعن المغيرة بن شعبة نحوه متفق عليه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 169 (4837)، ومسلم 8/ 141 - 142 (2820) (81) عن عائشة.
وأخرجه: البخاري 6/ 169 (4836)، ومسلم 8/ 141 (2819) (79) (80) عن المغيرة.
(1/331)
1161 - وعن علي - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة ليلا، فقال: «ألا تصليان؟». متفق عليه. (1)
«طرقه»: أتاه ليلا.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 62 (1127)، ومسلم 2/ 187 (775) (206).
(1/331)
1162 - وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل» قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 61 (1122)، ومسلم 7/ 158 - 159 (2479) (140).
(1/331)
1163 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل فترك قيام الليل». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (154).
(1/331)
1164 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل نام ليلة حتى أصبح، قال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه - أو قال: في أذنه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1144)، ومسلم 2/ 187 (774) (205).
(1/331)
1165 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم، إذا هو نام، ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ، فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ، انحلت عقدة، فإن صلى، انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان». متفق عليه. (1)
«قافية الرأس»: آخره.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 65 (1142)، ومسلم 2/ 187 (776) (207).
(1/331)
1166 - وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1334)، والترمذي (2485)، وقال الترمذي: «هذا حديث صحيح».
(1/332)
1167 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 169 (1163) (202).
(1/332)
1168 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 64 (1137)، ومسلم 2/ 172 (749) (147).
(1/332)
1169 - وعنه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1106).
(1/332)
1170 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 65 (1141).
(1/332)
1171 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة - تعني في الليل - يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 61 (1123).
(1/332)
1172 - وعنها، قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة: يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا [ص:333] تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا. فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 221 عقيب (745): «هذا من خصائص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1147)، ومسلم 2/ 166 (738) (125).
(1/332)
1173 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام أول الليل، ويقوم آخره فيصلي. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1146)، ومسلم 2/ 167 (739) (129).
(1/333)
1174 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء! قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (103).
(1/333)
1175 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم» فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد» ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد، فقال: «سبحان ربي الأعلى» فكان سجوده قريبا من قيامه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (102).
(1/333)
1176 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت». رواه مسلم. (1)
المراد بـ «القنوت»: القيام.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 175 (756) (165).
(1/333)
1177 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 195 (3420)، ومسلم 3/ 165 (1195) (189).
(1/333)
1178 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 175 (757) (166).
(1/334)
1179 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 184 (768) (198).
(1/334)
1180 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 184 (767) (197).
(1/334)
1181 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (155).
(1/334)
1182 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (153).
(1/334)
1183 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا قام من الليل، فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل، فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1308) و (1450)، وابن ماجه (1336)، والنسائي 3/ 205.
(1/334)
1184 - وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا - أو صلى ركعتين جميعا، كتبا في الذاكرين والذاكرات». رواه أبو داود بإسناد صحيح (1).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1309).
(1/334)
1185 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر (1) فيسب نفسه». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 265 عقيب (787): «قال القاضي: معنى يستغفر هنا: يدعو».
(2) انظر الحديث (147).
(1/335)
1186 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم (1) القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول، فليضطجع». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 266 عقيب (787): «أي استغلق ولم ينطلق به لسانه لغلبة النعاس».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 190 (787) (223).
(1/335)
213 - باب استحباب قيام رمضان وهو التراويح
1187 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا (1) غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 237 عقيب (762): «ومعنى احتسابا: أن يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 16 (37)، ومسلم 2/ 176 (759) (173).
(1/335)
1188 - وعنه - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة (1)، فيقول: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 238 عقيب (762): «معناه: لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم، بل أمر ندب وترغيب».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 177 (759) (174).
(1/335)
214 - باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
قال الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 1] إلى آخر السورة، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان: 3] الآيات.
(1/335)
1189 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه البخاري 3/ 33 (1901)، ومسلم 2/ 177 (760) (175).
(1/336)
1190 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم قد تواطأت (1) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 275 عقيب (1170): «أي: توافقت».
(2) أخرجه البخاري 3/ 59 (2015)، ومسلم 3/ 170 (1165) (205).
(1/336)
1191 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 61 (2020)، ومسلم 3/ 173 (1169) (219).
(1/336)
1192 - وعنها رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 60 (2017).
(1/336)
1193 - وعنها، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 282 عقيب (1175): «اختلف العلماء في معنى
(شد المئزر) فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته - صلى الله عليه وسلم - في غيره، وقيل: معناه: التشمير في العبادات، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له وتفرغت، وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات».
(2) انظر الحديث (99).
(1/336)
1194 - وعنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 176 (1175) (8).
(1/336)
1195 - وعنها، قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3850)، والترمذي (3513).
(1/337)
215 - باب فضل السواك وخصال الفطرة
1196 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 5 (887)، ومسلم 1/ 151 (252) (42).
(1/337)
1197 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. متفق عليه. (1)
«الشوص»: الدلك.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 70 (245)، ومسلم 1/ 151 (255) (46) و (47).
(1/337)
1198 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنا نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ ويصلي. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 169 - 170 (746) (139).
(1/337)
1199 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكثرت عليكم في السواك». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 5 (888).
(1/337)
1200 - وعن شريح بن هانىء، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 152 (253) (43).
(1/337)
1201 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطرف السواك على لسانه. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 70 (244)، ومسلم 1/ 152 (254) (45).
(1/337)
1202 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب». رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه بأسانيد صحيحة. (1)
__________
(1) أخرجه: النسائي 1/ 10 وفي «الكبرى»، له (4)، وابن خزيمة (135).
(1/337)
1203 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة (1): الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب». متفق عليه. (2)
«الاستحداد»: حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.
__________
(1) الفطرة: أي من السنة، يعني سنن الأنبياء عليهم السلام التي أمرنا أن نقتدي بهم فيها. النهاية 3/ 457.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 206 (5889)، ومسلم 1/ 152 - 153 (257) (49).
(1/338)
1204 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء» قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. قال وكيع - وهو أحد رواته - انتقاص الماء: يعني الاستنجاء. رواه مسلم. (1)
«البراجم» بالباء الموحدة والجيم: وهي عقد الأصابع، و «إعفاء اللحية» معناه: لا يقص منها شيئا.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 153 - 154 (261) (56).
(1/338)
1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحفوا (1) الشوارب وأعفوا اللحى». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي: يبالغ في قصها. النهاية 1/ 410.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 206 (5893)، ومسلم 1/ 153 (259) (52).
(1/338)
216 - باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها
قال الله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 43]، وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة:5]، وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103].
(1/338)
1206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1075).
(1/338)
1207 - وعن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس (1) نسمع دوي صوته (2)، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وصيام شهر رمضان» قال: هل علي غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» قال: وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق». متفق عليه. (3)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 152 عقيب (11): «معنى ثائر الرأس قائم شعره منتفشه».
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 152 عقيب (11): «بعده في الهواء ومعناه شدة صوت لا يفهم».
(3) أخرجه: البخاري 1/ 18 (46)، ومسلم 1/ 31 (11) (8).
(1/339)
1208 - وعن ابن عباس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا - رضي الله عنه - إلى اليمن، فقال: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى، افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1395)، ومسلم 1/ 37 - 38 (19) (30).
(1/339)
1209 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (25)، ومسلم 1/ 39 (22) (36).
(1/339)
1210 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر - رضي الله عنه - وكفر من كفر من العرب، فقال عمر - رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه [ص:340] إلا بحقه، وحسابه على الله»
(1/339)
فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه. قال عمر - رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 131 (1399) و (1400)، ومسلم 1/ 38 (20) (32).
(1/340)
1211 - وعن أبي أيوب - رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال: «تعبد الله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (331).
(1/340)
1212 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن أعرابيا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته، دخلت الجنة. قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان» قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا، فلما ولى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1397)، ومسلم 1/ 33 (14) (15).
(1/340)
1213 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 22 (57)، ومسلم 1/ 54 (56) (97).
(1/340)
1214 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب، ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار»
قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر (1)
__________
(1) القاع القرقر: المكان المستوي الواسع. النهاية 4/ 48 و132.
(1/340)
أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحدا، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار»
قيل: يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء (1)، ولا جلحاء، ولا عضباء، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها (2)، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار».
قيل: يا رسول الله فالخيل؟ قال: «الخيل ثلاثة: هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر. فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء (3) على أهل الإسلام، فهي له وزر، وأما التي هي له ستر، فرجل ربطها (4) في سبيل الله، ثم لم ينس حق الله في ظهورها، ولا رقابها، فهي له ستر، وأما التي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج، أو روضة فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها (5) فاستنت (6) شرفا (7) أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها، وأرواثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر، فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات» قيل: يا رسول الله فالحمر؟ قال: «ما أنزل علي [ص:342] في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الزلزلة: 7 - 8]». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (8)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 79 (988): «العقصاء: ملتوية القرن. والجلحاء: التي لا قرن لها. والعضباء التي انكسر قرنها الداخل».
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 80 عقيب (988): «الظلف للبقر والغنم والظباء، وهو المنشق من القوائم، والخف للبعير، والقدم للآدمي، والحافر للفرس والبغل والحمار».
(3) نواء: هو بكسر النون وبالمد، أي مناوأة ومعاداة.
(4) ربطها: أي أعدها للجهاد، وأصله من الربط، ومنه الرباط، وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداده الأهبة لذلك.
(5) طولها: هو بكسر الطاء وفتح الواو، ويقال: (طيلها) بالياء، كذا جاء في الموطأ، والطول والطيل: الحبل الذي تربط فيه.
(6) استنت: أي جرت.
(7) الشرف: الشرف بفتح الشين المعجمة والراء وهو العالي من الأرض، وقيل: المراد هنا طلقا أو طلقين.
(8) أخرجه: البخاري 2/ 132 (1402)، ومسلم 3/ 70 - 71 (987) (24).
(1/341)
217 - باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} إلى قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 183 - 185].
وأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الذي قبله.
(1/342)
1215 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قال الله - عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة (1)، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث (2) ولا يصخب (3) فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف (4) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه». متفق عليه، وهذا لفظ رواية البخاري. (5)
وفي رواية له: «يترك طعامه، وشرابه، وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها».
وفي رواية لمسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف. قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به؛ يدع شهوته وطعامه [ص:343] من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك».
__________
(1) أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات، والجنة: الوقاية. النهاية 1/ 308.
(2) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2/ 241.
(3) الصخب والسخب: الضجة، واضطراب الأصوات للخصام. وفعول وفعال للمبالغة. النهاية 3/ 140.
(4) تغير رائحة الفم. النهاية 2/ 67.
(5) أخرجه: البخاري 3/ 31 (1894) و34 (1904)، ومسلم3/ 157 - 158 (1151) (163) و (164).
(1/342)
1216 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أنفق زوجين (1) في سبيل الله نودي من أبواب الجنة، يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة» قال أبو بكر - رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ فقال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 121 عقيب (1028): «في تفسير هذا الحديث: «قيل: وما زوجان؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران. وقال ابن عرفة: كل شئ قرن بصاحبه فهو زوج، يقال: زوجت بين الإبل إذا قرنت بعيرا ببعير، وقيل: درهم ودينار، أو درهم وثوب. قال: والزوج يقع على الاثنين ويقع على الواحد، وقيل: إنما يقع على الواحد إذا كان معه آخر، ويقع الزوج أيضا على الصنف، وفسر بقوله تعالى: {وكنتم أزواجا ثلاثة}، وقيل: يحتمل أن يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين أو صيام يومين، والمطلوب تشفيع صدقة بأخرى، والتنبيه على فضل الصدقة والنفقة في الطاعة والاستكثار منها».
(2) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1897)، ومسلم 3/ 91 (1027) (85).
(1/343)
1217 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1896)، ومسلم 3/ 158 - 159 (1152) (166).
(1/343)
1218 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 251 عقيب (1153): «الخريف: السنة. والمراد: سبعين سنة».
(2) أخرجه: البخاري 4/ 31 (2840)، ومسلم 3/ 159 (1153) (167).
(1/343)
1219 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 16 (38)، ومسلم 2/ 177 (175).
(1/344)
1220 - وعنه - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت (1) الشياطين». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 181 عقيب (1079): «معنى صفدت: غللت. والصفد: بفتح الفاء (الغل) بضم الغين».
(2) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1899)، ومسلم 3/ 121 (1079) (1).
(1/344)
1221 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين». متفق عليه، (1) وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية لمسلم: «فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما».
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 34 (1909)، ومسلم 3/ 124 (1081) (17).
(1/344)
218 - باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه
1222 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 62 عقيب (2308): «بفتح السين، والمراد كالريح في إسراعها وعمومها. وفي هذا الحديث فوائد: منها: بيان عظم جوده - صلى الله عليه وسلم - واستحباب إكثار الجود في رمضان، وزيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم واستحباب مدارسة القرآن».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 4 (6)، ومسلم 7/ 73 (2308) (50).
(1/344)
1223 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (99).
(1/344)
219 - باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الإثنين والخميس فوافقه
1224 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 35 (1914)، ومسلم 3/ 125 (1082) (21).
(1/345)
1225 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين يوما». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
«الغياية» بالغين المعجمة وبالياء المثناة من تحت المكررة، وهي: السحابة.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2327)، والترمذي (688).
(1/345)
1226 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2337)، وابن ماجه (1651)، والترمذي (738)، وهذا الحديث باطل لا يصح ومن صححه فقد جانب الصواب، وقد بينت ذلك مفصلا في كتابي «أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء»: 107 - 110.
(1/345)
1227 - وعن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قال: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2334)، وابن ماجه (1645)،والترمذي (686).
(1/345)
220 - باب ما يقال عند رؤية الهلال
1228 - عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال، قال: «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن» (1).
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3451) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/345)
221 - باب فضل السحور وتأخيره ما لم يخش طلوع الفجر
1229 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تسحروا؛ فإن في السحور بركة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 37 (1923)، ومسلم 3/ 130 (1095) (45).
(1/346)
1230 - وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: تسحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قمنا إلى الصلاة. قيل: كم كان بينهما؟ قال: قدر خمسين آية. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 151 (575)، ومسلم 3/ 131 (1097) (47).
(1/346)
1231 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم». قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 196 عقيب (1094): «قوله: «ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا» قال العلماء: معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر، ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر. والله أعلم».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 160 (617)، ومسلم 3/ 129 (1092) (38).
(1/346)
1232 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 198 عقيب (1099): «معناه: الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور؛ فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور، وأكلة السحر هي السحور، وهي بفتح الهمزة، هكذا ضبطناه، وهكذا ضبطه الجمهور، وهو المشهور في روايات بلادنا، وهي عبارة عن المرة الواحدة من الأكل كالغدوة والعشوة، وإن كثر المأكول فيها. وأما «الأكلة» بالضم فهي اللقمة».
(2) أخرجه: مسلم 3/ 130 - 131 (1096) (46).
(1/346)
222 - باب فضل تعجيل الفطر وما يفطر عليه، وما يقوله بعد الإفطار
1233 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 47 (1957)، ومسلم 3/ 131 (1098) (48).
(1/346)
1234 - وعن أبي عطية، قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها، فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما لا يألو عن الخير؛ أحدهما يعجل المغرب والإفطار، والآخر يؤخر المغرب والإفطار؟ فقالت: من يعجل المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله - يعني: ابن مسعود - فقالت: هكذا كان رسول الله يصنع. رواه مسلم. (1)
قوله: «لا يألو» أي: لا يقصر في الخير.
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 131 - 132 (1099) (50).
(1/347)
1235 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قال الله - عز وجل: أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (700) قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب» على أن سند الحديث ضعيف.
(1/347)
1236 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 46 (1954)، ومسلم 3/ 132 (1100) (51).
(1/347)
1237 - وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، قال: سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لبعض القوم: «يا فلان انزل فاجدح لنا»، فقال: يا رسول الله، لو أمسيت؟ قال: «انزل فاجدح لنا» قال: إن عليك نهارا (1)، قال: «انزل فاجدح لنا» قال: فنزل فجدح لهم فشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم» وأشار بيده قبل المشرق. متفق عليه. (2)
قوله: «اجدح» بجيم ثم دال ثم حاء مهملتين، أي: اخلط السويق بالماء.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 200 عقيب (1101): «قوله: «إن عليك نهارا» لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه».
(2) أخرجه: البخاري 3/ 43 (1941)، ومسلم 3/ 132 (1101) (53).
(1/347)
1238 - وعن سلمان بن عامر الضبي الصحابي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد، فليفطر على ماء؛ فإنه طهور». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) انظر الحديث (332).
(1/347)
1239 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2356)، والترمذي (696)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب».
(1/348)
223 - باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها
1240 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1215).
(1/348)
1241 - وعنه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 33 (1903).
(1/348)
224 - باب في مسائل من الصوم
1242 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نسي أحدكم، فأكل، أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 40 (1933)،ومسلم 3/ 160 (1155) (171).
(1/348)
1243 - وعن لقيط بن صبرة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائما». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (142)، والترمذي (788).
(1/348)
1244 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 38 (1925) و (1926)، ومسلم 3/ 137 (1109) (76).
(1/348)
1245 - وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، قالتا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من غير حلم، ثم يصوم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 40 (1931) و (1932)، ومسلم 3/ 138 (1109) (78).
(1/348)
225 - باب فضل صوم المحرم (1) وشعبان والأشهر الحرم
1246 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل». رواه مسلم. (2)
__________
(1) المحرم: شهر الله، سمته العرب بهذا الاسم؛ لأنهم كانوا لا يستحلون فيه القتال، وأضيف إلى الله تعالى إعظاما له كما قيل للكعبة بيت الله. اللسان 3/ 138 (حرم).
شعبان: اسم للشهر، سمي بذلك لتشعبهم فيه أي تفرقهم في طلب المياه، وقيل في الغارات. اللسان 7/ 129 (شعب).
الأشهر الحرم أربعة: ثلاثة سرد أي متتابعة وواحد فرد، فالسرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والفرد رجب. اللسان 3/ 137 (حرم)
(2) انظر الحديث (1167).
(1/349)
1247 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله.
وفي رواية: كان يصوم شعبان إلا قليلا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 50 (1970)، ومسلم 3/ 161 (1156) (176).
(1/349)
1248 - وعن مجيبة الباهلية، عن أبيها أو عمها: أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انطلق فأتاه بعد سنة - وقد تغيرت حاله وهيئته - فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «ومن أنت»؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال: «فما غيرك، وقد كنت حسن الهيئة!» قال: ما أكلت طعاما منذ فارقتك إلا بليل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عذبت نفسك!» ثم قال: «صم شهر الصبر، ويوما من كل شهر» قال: زدني، فإن بي قوة، قال: «صم يومين» قال: زدني، قال: «صم ثلاثة أيام» قال: زدني، قال: «صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك» وقال بأصابعه الثلاث فضمها، ثم أرسلها. رواه أبو داود. (1)
و «شهر الصبر»: رمضان (2).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2428)، وابن ماجه (1741)، والنسائي في «الكبرى» (2743)، وسند الحديث ضعيف.
(2) شهر رمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش. اللسان 5/ 316 (رمض).
(1/349)
226 - باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول (1) من ذي الحجة (2)
1249 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام، العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء». رواه البخاري. (3)
__________
(1) وفيها قوله تعالى: {والفجر وليال عشر} [الفجر: 1 و2]. انظر: تفسير الطبري 15/ 211، وزاد المسير 9/ 103.
(2) ذو الحجة: شهر الحج، سمي بذلك للحج فيه، والجمع ذوات الحجة. اللسان 3/ 53 (حجج).
(3) أخرجه: البخاري 2/ 24 (969).
(1/350)
227 - باب فضل صوم يوم عرفة (1) وعاشوراء وتاسوعاء
1250 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة، قال: «يكفر السنة الماضية والباقية». رواه مسلم. (2)
__________
(1) عرفة: موضع بمكة، سمي عرفة لأن الناس يتعارفون به. اللسان 9/ 157 (عرف).
(2) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197).
(1/350)
1251 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 57 (2004)، ومسلم 3/ 150 (1130) (128).
(1/350)
1252 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: «يكفر السنة الماضية». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197).
(1/350)
1253 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 151 (1134) (134).
(1/350)
228 - باب استحباب صوم ستة أيام من شوال (1)
1254 - عن أبي أيوب - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر». رواه مسلم. (2)
__________
(1) شوال: اسم الشهر الذي يلي شهر رمضان، وهو أول أشهر الحج، قيل سمي بتشويل لبن الإبل وهو توليه وإدباره، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب. اللسان 7/ 243 (شول).
(2) أخرجه: مسلم 3/ 169 (1164) (204).
(1/351)
229 - باب استحباب صوم الإثنين والخميس
1255 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل علي فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197).
(1/351)
1256 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، ورواه مسلم بغير ذكر الصوم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 11 (2565) (36)، والترمذي (747) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/351)
1257 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صوم الإثنين والخميس. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1739)، والترمذي (745)، والنسائي في «الكبرى» (2497) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/351)
230 - باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر
والأفضل صومها في الأيام البيض (1) وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وقيل: الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، والصحيح المشهور هو الأول.
__________
(1) هذا على حذف المضاف يريد أيام الليالي البيض، وسميت لياليها بيضا؛ لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها، وأكثر ما تجيء الرواية الأيام البيض، والصواب أن يقال أيام البيض بالإضافة؛ لأن البيض من صفة الليالي. النهاية 1/ 173.
(1/351)
1258 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 53 (1981)، ومسلم 2/ 158 (721) (85).
(1/352)
1259 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: أوصاني حبيبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 159 (722) (86).
(1/352)
1260 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 52 (1979)، ومسلم 3/ 164 (1159) (187).
(1/352)
1261 - وعن معاذة العدوية: أنها سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. فقلت: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 166 (1160) (194).
(1/352)
1262 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا صمت من الشهر ثلاثا، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (761).
(1/352)
1263 - وعن قتادة بن ملحان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2449)، وابن ماجه (1707م).
(1/352)
1264 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر. رواه النسائي بإسناد حسن (1).
__________
(1) أخرجه: النسائي في «الكبرى» (2654).
(1/352)
231 - باب فضل من فطر صائما وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ودعاء الآكل للمأكول عنده
1265 - عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من فطر صائما، كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1746)، والترمذي (807)، والنسائي في «الكبرى» (3331).
(1/352)
1266 - وعن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، فقدمت إليه طعاما، فقال: «كلي» فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا» وربما قال: «حتى يشبعوا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1748)، والترمذي (785)، والنسائي في «الكبرى» (3267) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» على أن سند الحديث ضعيف.
(1/353)
1267 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى سعد بن عبادة - رضي الله عنه - فجاء بخبز وزيت، فأكل، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أفطر عندكم الصائمون؛ وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة». رواه أبو داود (1) بإسناد صحيح.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3854).
(1/353)
(9) - كتاب الاعتكاف
232 - باب الاعتكاف (1) في رمضان
1268 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه. (2)
__________
(1) الاعتكاف: هو الإقامة على الشيء وبالمكان ولزومهما، ومنه قيل لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه: عاكف ومعتكف. النهاية 3/ 284.
(2) أخرجه: البخاري 3/ 62 (2025)، ومسلم 3/ 174 (1171) (1).
(1/355)
1269 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 62 (2026)، ومسلم 3/ 175 (1172) (5).
(1/355)
1270 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 67 (2044).
(1/355)
(10) - كتاب الحج
233 - باب وجوب الحج وفضله
قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [آل عمران: 97].
(1/357)
1271 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1075).
(1/357)
1272 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم» ثم قال: «ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 91 (1337) (131).
(1/357)
1273 - وعنه، قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور». متفق عليه. (1)
«المبرور» هو: الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 13 (26)، ومسلم 1/ 62 (83) (135).
(1/357)
1274 - وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حج، فلم يرفث (1)، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه». متفق عليه. (2)
__________
(1) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2/ 241.
(2) أخرجه: البخاري 2/ 164 (1521)، ومسلم 4/ 107 (1350) (438).
(1/358)
1275 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 2 (1773)، ومسلم 4/ 107 (1349) (437).
(1/358)
1276 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ فقال: «لكن أفضل الجهاد: حج مبرور». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 164 (1520).
(1/358)
1277 - وعنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 107 (1348) (436).
(1/358)
1278 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة - أو حجة معي». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 24 (1863)، ومسلم 4/ 61 (1256) (222).
(1/358)
1279 - وعنه: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 163 (1513)، ومسلم 4/ 101 (1334) (407).
(1/358)
1280 - وعن لقيط بن عامر - رضي الله عنه: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن؟ قال: «حج عن أبيك واعتمر». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1810)، والترمذي (930).
(1/358)
1281 - وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: حج بي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وأنا ابن سبع سنين. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 24 (1858).
(1/358)
1282 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي ركبا بالروحاء، فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون. قالوا: من أنت؟ قال: «رسول الله». فرفعت امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (179).
(1/359)
1283 - عن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج على رحل وكانت زاملته (1). رواه البخاري. (2)
__________
(1) الزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع، من الزمل وهو الحمل، والمراد أنه لم تكن معه زاملة تحمل طعامه ومتاعه بل كان ذلك محمولا معه على راحلته وكانت هي الراحلة والزاملة. فتح الباري 3/ 480.
(2) أخرجه: البخاري 2/ 163 (1517).
(1/359)
1284 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت عكاظ، ومجنة، وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم، فنزلت: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة: 198] في مواسم الحج. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 34 (4519).
(1/359)
(11) - كتاب الجهاد
234 - باب وجوب الجهاد وفضل الغدوة والروحة
قال الله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين} [التوبة: 36]، وقال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216]، وقال تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} [التوبة: 41]، وقال تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}
[التوبة: 111]، وقال الله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما} [النساء: 95 - 96]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين} [الصف: 10 - 13]. والآيات في الباب كثيرة مشهورة.
(1/361)
وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أن تحصر، فمن ذلك:
1285 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: [ص:362] «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1273).
(1/361)
1286 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها» قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (312).
(1/362)
1287 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: «الإيمان بالله، والجهاد في سبيله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (117).
(1/362)
1288 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لغدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدنيا وما فيها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2792)، ومسلم 6/ 35 (1880) (112).
(1/362)
1289 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» قال: ثم من؟ قال: «مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (597).
(1/362)
1290 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى، أو الغدوة، خير من الدنيا وما عليها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 43 (2892)، ومسلم 6/ 36 (1881) (113) و (114).
(1/362)
1291 - وعن سلمان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان» (1) رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 55 (1913): «قوله: «وأجري عليه رزقه» موافق لقول الله تعالى في الشهداء: {أحياء عند ربهم يرزقون} وفي الأحاديث أن أرواح الشهداء تأكل من ثمار الجنة.
+ وقوله: «أمن الفتان» ضبطوا (أمن) بوجهين: أحدهما: (أمن) بفتح الهمزة وكسر الميم من غير واو. والثاني: (أومن) بضم الهمزة وبواو.
+ وأما (الفتان): فقال القاضي: رواية الأكثرين بضم الفاء جمع فاتن. قال: ورواية الطبري بالفتح، وفي رواية أبي داود في سننه «أومن من فتاني القبر»».
(2) أخرجه: مسلم 6/ 50 (1913) (163).
(1/362)
1292 - وعن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن فتنة القبر». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2500)، والترمذي (1621).
(1/363)
1293 - وعن عثمان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم في سبيل الله، خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1667)، والنسائي 6/ 39 و40 وفي «الكبرى»، له (4377) و (4378) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/363)
1294 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه بما نال من أجر، أو غنيمة. والذي نفس محمد بيده، ما من كلم يكلم في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم؛ لونه لون دم، وريحه ريح مسك. والذي نفس محمد بيده، لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني. والذي نفس محمد بيده، لوددت أن أغزو في سبيل الله، فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل». رواه مسلم، وروى البخاري بعضه. (1)
«الكلم»: الجرح.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 33 (1876) (103)، ورواية البخاري 1/ 15 (36).
(1/363)
1295 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمي: اللون لون دم، والريح ريح مسك». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 125 (5533)، ومسلم 6/ 34 (1876) (105).
(1/363)
1296 - وعن معاذ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة، وجبت له الجنة، ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت: لونها الزعفران، وريحها كالمسك». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2541)، والترمذي (1657) وقال: «حديث حسن صحيح».
(1/364)
1297 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: مر رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشعب فيه عيينة من ماء عذبة، فأعجبته، فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا تفعل؛ فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، ويدخلكم الجنة؟ أغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
و «الفواق»: ما بين الحلبتين.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1650).
(1/364)
1298 - وعنه، قال: قيل: يا رسول الله، ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: «لا تستطيعونه» فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: «لا تستطيعونه»! ثم قال: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام، ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
وفي رواية البخاري: أن رجلا قال: يا رسول الله، دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: «لا أجده» ثم قال: «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر»؟ فقال: ومن يستطيع ذلك؟!.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 18 (2785)، ومسلم 6/ 35 (1878) (110).
(1/364)
1299 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة (1) أو فزعة طار عليه يبتغي [ص:365] القتل والموت مظانه أو رجل في غنيمة في رأس شعفة (2) من هذا الشعف، أو بطن واد من الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير». رواه مسلم. (3)
__________
(1) الهيعة: الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو. النهاية 5/ 288.
(2) شعفة كل شيء أعلاه، يريد به رأس جبل من الجبال. النهاية 2/ 481.
(3) أخرجه: مسلم 6/ 39 (1889) (125).
(1/364)
1300 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 19 (2790).
(1/365)
1301 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة»، فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه، ثم قال: «وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: «الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 37 (1884) (116).
(1/365)
1302 - وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، قال: سمعت أبي - رضي الله عنه - وهو بحضرة العدو، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» فقام رجل رث الهيئة، فقال: يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه، فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن (1) سيفه فألقاه، ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل. رواه مسلم. (2)
__________
(1) جفون السيوف: أغمادها، واحدها جفن. النهاية 1/ 280.
(2) أخرجه: مسلم 6/ 45 (1902) (146).
(1/365)
1303 - وعن أبي عبس عبد الرحمان بن جبر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم: «ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 25 (2811).
(1/365)
1304 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) انظر الحديث (448).
(1/365)
1305 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1639).
(1/366)
1306 - وعن زيد بن خالد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (177).
(1/366)
1307 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله ومنيحة خادم في سبيل الله، أو طروقة فحل في سبيل الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1627)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/366)
1308 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن فتى من أسلم، قال: يا رسول الله، إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به، قال: «ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض» فأتاه، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئك السلام، ويقول: أعطني الذي تجهزت به. قال: يا فلانة، أعطيه الذي كنت تجهزت به، ولا تحبسي عنه شيئا، فوالله لا تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (176).
(1/366)
1309 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى بني لحيان، فقال: «لينبعث من كل رجلين أحدهما، والأجر بينهما». رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: «ليخرج من كل رجلين رجل» ثم قال للقاعد: «أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج».
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 42 (1896) (137) و (138).
(1/366)
1310 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مقنع بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل أو أسلم؟ قال: «أسلم، ثم قاتل». فأسلم، ثم قاتل فقتل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عمل قليلا وأجر كثيرا». متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 24 (2808)، ومسلم 6/ 43 (1900) (144).
(1/366)
1311 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة».
وفي رواية: «لما يرى من فضل الشهادة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 26 (2817)، ومسلم 6/ 35 (1877) (108) و (109).
(1/367)
1312 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين». رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: «القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين».
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 38 (1886) (119) و (120).
(1/367)
1313 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله، أفضل الأعمال، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر»، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كيف قلت؟» قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نعم، وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدين فإن جبريل - عليه السلام - قال لي ذلك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (217).
(1/367)
1314 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قتلت؟ قال: «في الجنة» فألقى تمرات كن في يده، ثم قاتل حتى قتل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (89).
(1/367)
1315 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه». فدنا المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض» قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: [ص:368] يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: «نعم» قال: بخ بخ (1)؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على قولك بخ بخ؟» قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: «فإنك من أهلها» فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. رواه مسلم (2).
«القرن» بفتح القاف والراء: هو جعبة النشاب.
__________
(1) بخ بخ: هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكرر للمبالغة، ومعناها تعظيم الأمر وتفخيمه. النهاية 1/ 101.
(2) أخرجه: مسلم 6/ 44 (1901) (145).
(1/367)
1316 - وعنه، قال: جاء ناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم: القراء، فيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة، وللفقراء، فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا، وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فزت ورب الكعبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 134 (4090) و (4091)، ومسلم 2/ 135 (677) (297).
(1/368)
1317 - وعنه، قال: غاب عمي أنس بن النضر - رضي الله عنه - عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني: أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني: المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد! فقال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس: [ص:369] فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى - أو نظن - أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه} [الأحزاب: 23] إلى آخرها. متفق عليه (1)، وقد سبق في باب المجاهدة.
__________
(1) انظر الحديث (109).
(1/368)
1318 - وعن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني، فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل، لم أر قط أحسن منها، قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء». رواه البخاري، (1) وهو بعض من حديث طويل فيه أنواع من العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إن شاء الله تعالى.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2791).
(1/369)
1319 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن حارثة - وكان قتل يوم بدر - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال: «يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 24 (2809).
(1/369)
1320 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: جيء بأبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مثل به، فوضع بين يديه؛ فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني قومي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 26 (2816)، ومسلم 7/ 151 (2471) (129).
(1/369)
1321 - وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1909) (157).
(1/369)
1322 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه». رواه مسلم (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1908) (156).
(1/369)
1323 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1668)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/369)
1324 - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس فقال: «أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا؛ واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ثم قال: «اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، أهزمهم وانصرنا عليهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 22 (2965) و (2966)، ومسلم 5/ 143 (1742) (20).
(1/370)
1325 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثنتان لا تردان، أو قلما تردان: الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2540).
(1/370)
1326 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا، قال: «اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2632)، والترمذي (3584)، وقال: «حديث حسن غريب».
(1/370)
1327 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خاف قوما، قال: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) انظر الحديث (981).
(1/370)
1328 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 252 (3644)، ومسلم 6/ 31 (1871) (96).
(1/370)
1329 - وعن عروة البارقي - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر، والمغنم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 34 (2852)، ومسلم 6/ 32 (1873) (98).
(1/370)
1330 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من احتبس فرسا في سبيل الله، إيمانا بالله، وتصديقا بوعده، فإن شبعه، وريه وروثه، وبوله في ميزانه يوم القيامة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 34 (2853).
(1/370)
1331 - وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بناقة مخطومة، فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 41 (1892) (132).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (664).
(1/316)
1091 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (666) وقال عقبه: «ومعنى ولينوا بأيدي إخوانكم. إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف».
(1/316)
1092 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق (1)؛ فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف، كأنها الحذف» حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. (2)
[ص:317] «الحذف» بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين ثم فاء وهي: غنم سود صغار تكون باليمن.
__________
(1) أن يكون عنق كل منكم على سمت عنق الآخر، يقال: حذوت النعل بالنعل إذا حاذيته به، وحذاء الشيء إزاؤه يعني لا يرتفع بعضكم على بعض ولا عبرة بالأعناق أنفسها إذ ليس على الطويل ولا له أن ينحني حتى يحاذي عنقه عنق القصير الذي بجنبه. فيض القدير4/ 7 (4375).
(2) أخرجه: أبو داود (667)، والنسائي 2/ 92 وفي «الكبرى»، له (889).
(1/316)
1093 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتموا الصف المقدم، ثم
الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (671)، والنسائي 2/ 93 وفي «الكبرى»، له (892).
(1/317)
1094 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف». رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، وفيه رجل مختلف في توثيقه. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (676)، وابن ماجه (1005).
(1/317)
1095 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكون عن يمينه، يقبل علينا بوجهه، فسمعته يقول: «رب قني عذابك يوم تبعث - أو تجمع - عبادك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 153 (709) (62).
(1/317)
1096 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وسطوا الإمام، وسدوا الخلل». رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (681).
(1/317)
195 - باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض وبيان أقلها وأكملها وما بينهما
1097 - وعن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير الفريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بني له بيت في الجنة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 162 (728) (103).
(1/317)
1098 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 72 (1172)، ومسلم 2/ 162 (729) (104).
(1/318)
1099 - وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة» قال في الثالثة: «لمن شاء». متفق عليه. (1)
المراد بالأذانين: الأذان والإقامة.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 161 (627)، ومسلم 2/ 212 (838) (304).
(1/318)
196 - باب تأكيد ركعتي سنة الصبح
1100 - عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل الغداة. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1182).
(1/318)
1101 - وعنها، قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 71 (1169)، ومسلم 2/ 160 (724) (94).
(1/318)
1102 - وعنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها». رواه مسلم. (1)
وفي رواية: «لهما أحب إلي من الدنيا جميعا».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 160 (725) (96) و (97).
(1/318)
1103 - وعن أبي عبد الله بلال بن رباح - رضي الله عنه - مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليؤذنه بصلاة الغداة، فشغلت عائشة بلالا بأمر سألته عنه، حتى أصبح جدا، فقام بلال فآذنه بالصلاة، وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما خرج صلى بالناس، فأخبره أن عائشة شغلته بأمر سألته عنه حتى أصبح جدا، وأنه أبطأ عليه بالخروج، فقال - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم: «إني كنت ركعت ركعتي الفجر» فقال: يا رسول الله، إنك أصبحت جدا؟ فقال: «لو أصبحت أكثر مما أصبحت، لركعتهما، وأحسنتهما وأجملتهما». رواه أبو داود بإسناد حسن. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1257).
(1/318)
197 - باب تخفيف ركعتي الفجر وبيان ما يقرأ فيهما وبيان وقتهما
1104 - عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين خفيفتين بين النداء والإقامة من صلاة الصبح. متفق عليه. (1)
وفي رواية لهما: يصلي ركعتي الفجر، فيخففهما حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن.
وفي رواية لمسلم: كان يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان ويخففهما.
وفي رواية: إذا طلع الفجر.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 160 (619)، ومسلم 2/ 160 (724) (91) و (92) و (93).
(1/319)
1105 - وعن حفصة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أذن المؤذن للصبح وبدا الصبح، صلى ركعتين خفيفتين. متفق عليه. (1)
وفي رواية لمسلم: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طلع الفجر لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 160 (618)، ومسلم 2/ 159 (723) (87) و (88).
(1/319)
1106 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة من آخر الليل، ويصلي الركعتين قبل صلاة الغداة، وكأن الأذان بأذنيه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (995)، ومسلم 2/ 174 (749) (157).
(1/319)
1107 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا} [البقرة: 136] الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما: {آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون} [آل عمران: 52].
وفي رواية: وفي الآخرة التي في آل عمران: {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} [آل عمران: 64]. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 161 (727) (99) و (100).
(1/319)
1108 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد}. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 161 (726) (98).
(1/320)
1109 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: رمقت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1149)، والترمذي (417)، والنسائي 2/ 170 وفي «الكبرى»، له (1064).
(1/320)
198 - باب استحباب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على جنبه الأيمن والحث عليه سواء كان تهجد بالليل أم لا
1110 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى ركعتي الفجر، اضطجع على شقه الأيمن. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 69 (1160).
(1/320)
1111 - وعنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، هكذا حتى يأتيه المؤذن للإقامة. رواه مسلم. (1)
قولها: «يسلم بين كل ركعتين» هكذا هو في مسلم ومعناه: بعد كل ركعتين.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 165 (736) (122).
(1/320)
1112 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر، فليضطجع على يمينه». رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة، (1) قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1261)، والترمذي (420) وقال: «حديث حسن صحيح غريب»، وقد أخطأ المصنف حينما قال: «بأسانيد صحيحة»، ومن قبله الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن حزم؛ إذ إن هذا اللفظ معلول أخطأ فيه عبد الواحد بن زياد، وغيره من الثقات جعلوه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو المحفوظ، وقد بينت ذلك بإسهاب في تعليقي على مختصر المختصر (1120).
(1/320)
199 - باب سنة الظهر
1113 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 72 (1172)، ومسلم 2/ 162 (729) (104).
(1/321)
1114 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعا قبل الظهر. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1182).
(1/321)
1115 - وعنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا، ثم يخرج، فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين. وكان يصلي بالناس المغرب، ثم يدخل فيصلي ركعتين، ويصلي بالناس العشاء، ويدخل بيتي فيصلي ركعتين. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 162 (730) (105).
(1/321)
1116 - وعن أم حبيبة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه الله على النار». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1269)، وابن ماجه (1160)، والترمذي (427) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/321)
1117 - وعن عبد الله بن السائب - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: «إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (478)، والنسائي في «الكبرى» (331)، وقال: «حديث حسن غريب».
(1/321)
1118 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر، صلاهن بعدها. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1158)، والترمذي (426) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/321)
200 - باب سنة العصر
1119 - عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل العصر أربع ركعات، يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين، ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (429).
(1/321)
1120 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1271)، والترمذي (430) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/322)
1121 - وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل العصر ركعتين. رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1272).
(1/322)
201 - باب سنة المغرب بعدها وقبلها
تقدم في هذه الأبواب حديث ابن عمر وحديث عائشة (1)، وهما صحيحان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بعد المغرب ركعتين.
1122 - وعن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل المغرب» قال في الثالثة: «لمن شاء». رواه البخاري. (2)
__________
(1) انظر الحديثين (1098) و (1115).
(2) أخرجه: البخاري 2/ 74 (1183).
(1/322)
1123 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لقد رأيت كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتدرون السواري (1) عند المغرب. رواه البخاري. (2)
__________
(1) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 141: «يبتدرون أي يستبقون، والسواري جمع سارية، كأن غرضهم بالاستباق إليها الاستتار بها ممن يمر بين أيديهم لكونهم يصلون فرادى».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 134 (503).
(1/322)
1124 - وعنه، قال: كنا نصلي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد غروب الشمس قبل المغرب، فقيل: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاهما؟ قال: كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 211 (836) (302).
(1/322)
1125 - وعنه، قال: كنا بالمدينة فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 212 (837) (303).
(1/322)
202 - باب سنة العشاء بعدها وقبلها
فيه حديث ابن عمر السابق: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد العشاء، وحديث عبد الله بن مغفل: «بين كل أذانين صلاة» متفق عليه. كما سبق (1).
__________
(1) انظر الحديثين (1098) و (1099).
(1/323)
203 - باب سنة الجمعة
فيه حديث ابن عمر السابق (1) أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين بعد الجمعة. متفق عليه.
1126 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم الجمعة، فليصل بعدها أربعا». رواه مسلم. (2)
__________
(1) انظر الحديث (1098).
(2) أخرجه: مسلم 3/ 16 (881) (67).
(1/323)
1127 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي ركعتين في بيته. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 17 (882) (71).
(1/323)
204 - باب استحباب جعل النوافل في البيت سواء الراتبة وغيرها والأمر بالتحول للنافلة من موضع الفريضة أو الفصل بينهما بكلام
1128 - عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 186 (731)، ومسلم 2/ 188 (781) (213).
(1/323)
1129 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم (1)، ولا تتخذوها قبورا». متفق عليه. (2)
__________
(1) المراد بها صلاة النافلة. انظر شرح النووي لصحيح مسلم 3/ 260.
(2) أخرجه: البخاري 1/ 118 (432)، ومسلم 2/ 187 (777) (208).
(1/323)
1130 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى أحدكم صلاته في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته؛ فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 187 (778) (210).
(1/324)
1131 - وعن عمر بن عطاء: أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة، فقال: نعم، صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلم الإمام، قمت في مقامي، فصليت، فلما دخل أرسل إلي، فقال: لا تعد لما فعلت. إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك، أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 17 (883) (73).
(1/324)
205 - باب الحث على صلاة الوتر وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته
1132 - عن علي - رضي الله عنه - قال: الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة، ولكن سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1416)، وابن ماجه (1169)، والترمذي (453)، والنسائي 3/ 228 و229.
(1/324)
1133 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الليل، ومن أوسطه، ومن آخره، وانتهى وتره إلى السحر. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (996)، ومسلم 2/ 168 (745) (137).
(1/324)
1134 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 31 (998)، ومسلم 2/ 173 (751) (151).
(1/324)
1135 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أوتروا قبل أن تصبحوا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 174 (754) (160).
(1/324)
1136 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي صلاته بالليل، وهي معترضة بين يديه، فإذا بقي الوتر، أيقظها فأوترت. رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: فإذا بقي الوتر، قال: «قومي فأوتري يا عائشة».
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 168 (744) (134) و (135).
(1/325)
1137 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بادروا الصبح بالوتر». رواه أبو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 173 (750) (149)، وأبو داود (1436)، والترمذي (467).
(1/325)
1138 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من خاف أن لا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، (1) وذلك أفضل». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 232 عقيب (755): «وذلك أفضل أن يشهدها ملائكة الرحمة، وفيه دليلان صريحان على تفضيل صلاة الوتر وغيرها آخر الليل».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 174 (755) (162).
(1/325)
206 - باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث على المحافظة عليها
1139 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد. متفق عليه. (1)
والإيتار قبل النوم إنما يستحب لمن لا يثق بالاستيقاظ آخر الليل فإن وثق، فآخر الليل أفضل.
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 53 (1981)، ومسلم 2/ 158 (721) (85).
(1/325)
1140 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يصبح على كل سلامى (1) من أحدكم صدقة: فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل [ص:326] تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ (2) من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى». رواه مسلم. (3)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 202 عقيب (722): «هو بضم السين وتخفيف اللام وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل في جميع عظام البدن ومفاصله».
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 202 - 203 عقيب (722): [ضبطناه «ويجزي» بفتح أوله وضمه، فالضم من الأجزاء والفتح من جزى يجزي أي كفى، ومنه قوله تعالى: «لا تجزي نفس» وفي الحديث: «لا يجزي عن أحد بعدك» وفيه دليل على عظم فضل الضحى وكبير موقعها، وأنها تصح ركعتين].
(3) انظر الحديث (118).
(1/325)
1141 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 157 (719) (79).
(1/326)
1142 - وعن أم هانىء فاختة بنت أبي طالب رضي الله عنها، قالت: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح فوجدته يغتسل، فلما فرغ من غسله، صلى ثماني ركعات، وذلك ضحى. متفق عليه. وهذا مختصر لفظ إحدى روايات مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 100 (357)، ومسلم 1/ 182 - 183 (336) (71).
(1/326)
207 - باب تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إلى زوالها والأفضل أن تصلى عند
اشتداد الحر وارتفاع الضحى
1143 - عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه: أنه رأى قوما يصلون من الضحى، فقال: أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الأوابين (1) حين ترمض الفصال». رواه مسلم. (2)
«ترمض» بفتح التاء والميم وبالضاد المعجمة، يعني: شدة الحر.
و «الفصال» جمع فصيل وهو: الصغير من الإبل.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 227 عقيب (748): «الأواب: المطيع، وقيل: الراجع إلى الطاعة».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 171 (748) (143).
(1/326)
208 - باب الحث على صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل وسواء صلى ركعتين بنية التحية أو صلاة فريضة أو سنة راتبة أو غيرها
1144 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (444)، ومسلم 2/ 155 (714) (70).
(1/327)
1145 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد، فقال: «صل ركعتين». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 120 (443)، ومسلم 2/ 155 - 156 (715) (71).
(1/327)
209 - باب استحباب ركعتين بعد الوضوء
1146 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي (1). متفق عليه، (2) وهذا لفظ البخاري.
«الدف» بالفاء: صوت النعل وحركته على الأرض، والله أعلم.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 205 عقيب (2458): «في الحديث: فضيلة الصلاة عقب الوضوء، وأنها سنة، وأنها تباح في أوقات النهي عند طلوع الشمس واستوائها وغروبها، وبعد صلاة الصبح والعصر؛ لأنها ذات سبب وهذا مذهبنا».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 67 (1149)، ومسلم 7/ 146 (2458) (108).
(1/327)
210 - باب فضل يوم الجمعة ووجوبها والاغتسال لها والطيب والتبكير إليها والدعاء يوم الجمعة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه بيان ساعة الإجابة واستحباب إكثار ذكر الله تعالى بعد الجمعة
قال الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض، وابتغوا من فضل الله، واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الجمعة: 10].
(1/327)
1147 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 6 (854) (17).
(1/328)
1148 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى، فقد لغا». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 8 (857) (27).
(1/328)
1149 - وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 144 (233) (16).
(1/328)
1150 - وعنه، وعن ابن عمر - رضي الله عنهم: أنهما سمعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على أعواد منبره: «لينتهين أقوام عن ودعهم (1) الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 334 عقيب (865): «ودعهم أي تركهم، ومعنى الختم الطبع والتغطية قالوا في قول الله تعالى: {ختم الله على قلوبهم} أي طبع».
(2) أخرجه: مسلم 3/ 10 (865) (40).
(1/328)
1151 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 2 (877)، ومسلم 3/ 2 (844) (2).
(1/328)
1152 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم». متفق عليه. (1)
المراد بالمحتلم: البالغ. والمراد بالواجب: وجوب اختيار، كقول الرجل لصاحبه: حقك واجب علي. والله أعلم.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 3 (879)، ومسلم 3/ 3 (846) (5).
(1/328)
1153 - وعن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت (1) ومن اغتسل فالغسل أفضل». رواه أبو داود والترمذي، (2) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) قال الخطابي في معالم السنن 1/ 95: «قوله: فبها، قال الأصمعي: معناه فبالسنة أخذ، وقوله: ونعمت، يريد ونعمت الخصلة ونعمت الفعلة أو نحو ذلك، وإنما ظهرت التاء التي هي علامة التأنيث لإظهار السنة أو الخصلة أو الفعلة، وفيه البيان الواضح أن الوضوء كاف للجمعة وأن الغسل لها فضيلة لا فريضة».
(2) أخرجه: أبو داود (354)، والترمذي (497)، والنسائي 3/ 94.
(1/329)
1154 - وعن سلمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». رواه البخاري. (1)
__________
(1) انظر الحديث (827).
(1/329)
1155 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة (1)، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام، حضرت الملائكة يستمعون الذكر». متفق عليه. (2)
قوله: «غسل الجنابة» أي غسلا كغسل الجنابة في الصفة.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 319 عقيب (850): «وأما البدنة فقال جمهور أهل اللغة وجماعة من الفقهاء: يقع على الواحدة من الإبل والبقر والغنم، سميت بذلك لعظم بدنها، وخصها جماعة بالإبل، والمراد هنا الإبل بالاتفاق، لتصريح الأحاديث بذلك. والبدنة والبقرة يقعان على الذكر والأنثى باتفاقهم، والهاء فيها للواحدة كقمحة وشعيرة ونحوهما من أفراد الجنس».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 3 (881)، ومسلم 3/ 4 (850) (10).
(1/329)
1156 - وعنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة، فقال: «فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم، وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا، إلا أعطاه إياه» وأشار بيده يقللها (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 535 عقيب (935): «قال الزين بن المنير: الإشارة لتقليلها، هو الترغيب فيها والحض عليها؛ ليسارة وقتها وغزارة فضلها».
(2) أخرجه البخاري 2/ 16 (935)، ومسلم 3/ 5 (852) (13).
(1/329)
1157 - وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 6 (853) (16).
(1/330)
1158 - وعن أوس بن أوس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة علي». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1531)، وابن ماجه (1636)، والنسائي 3/ 91 وفي «الكبرى»، له (1666).
(1/330)
211 - باب استحباب سجود الشكر عند حصول نعمة ظاهرة أو اندفاع بلية ظاهرة
1159 - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة نريد المدينة، فلما كنا قريبا من عزوراء (1) نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة، ثم خر ساجدا، فمكث طويلا، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدا - فعله ثلاثا - وقال: «إني سألت ربي، وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدا لربي شكرا، ثم رفعت رأسي، فسألت ربي لأمتي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدا لربي». رواه أبو داود. (2)
__________
(1) قال ياقوت الحموي في معجم البلدان 6/ 325: «عزور ثنية الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة».
(2) أخرجه: أبو داود (2775)، وسند الحديث ضعيف.
(1/330)
212 - باب فضل قيام الليل
قال الله تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [الإسراء: 79]، وقال تعالى: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} [السجدة: 16] الآية، وقال تعالى: {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون} [الذاريات: 17].
(1/330)
1160 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا، يا رسول الله، وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا!». متفق عليه. (1)
وعن المغيرة بن شعبة نحوه متفق عليه.
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 169 (4837)، ومسلم 8/ 141 - 142 (2820) (81) عن عائشة.
وأخرجه: البخاري 6/ 169 (4836)، ومسلم 8/ 141 (2819) (79) (80) عن المغيرة.
(1/331)
1161 - وعن علي - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة ليلا، فقال: «ألا تصليان؟». متفق عليه. (1)
«طرقه»: أتاه ليلا.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 62 (1127)، ومسلم 2/ 187 (775) (206).
(1/331)
1162 - وعن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل» قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 61 (1122)، ومسلم 7/ 158 - 159 (2479) (140).
(1/331)
1163 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان؛ كان يقوم الليل فترك قيام الليل». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (154).
(1/331)
1164 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل نام ليلة حتى أصبح، قال: «ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه - أو قال: في أذنه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1144)، ومسلم 2/ 187 (774) (205).
(1/331)
1165 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم، إذا هو نام، ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ، فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ، انحلت عقدة، فإن صلى، انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان». متفق عليه. (1)
«قافية الرأس»: آخره.
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 65 (1142)، ومسلم 2/ 187 (776) (207).
(1/331)
1166 - وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1334)، والترمذي (2485)، وقال الترمذي: «هذا حديث صحيح».
(1/332)
1167 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 169 (1163) (202).
(1/332)
1168 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 64 (1137)، ومسلم 2/ 172 (749) (147).
(1/332)
1169 - وعنه، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1106).
(1/332)
1170 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه، ويصوم حتى نظن أن لا يفطر منه شيئا، وكان لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلا رأيته، ولا نائما إلا رأيته. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 65 (1141).
(1/332)
1171 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي إحدى عشرة ركعة - تعني في الليل - يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 61 (1123).
(1/332)
1172 - وعنها، قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد - في رمضان ولا في غيره - على إحدى عشرة ركعة: يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا [ص:333] تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا. فقلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 221 عقيب (745): «هذا من خصائص الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم».
(2) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1147)، ومسلم 2/ 166 (738) (125).
(1/332)
1173 - وعنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينام أول الليل، ويقوم آخره فيصلي. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 66 (1146)، ومسلم 2/ 167 (739) (129).
(1/333)
1174 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء! قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (103).
(1/333)
1175 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلا: إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم» فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد» ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد، فقال: «سبحان ربي الأعلى» فكان سجوده قريبا من قيامه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (102).
(1/333)
1176 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي الصلاة أفضل؟ قال: «طول القنوت». رواه مسلم. (1)
المراد بـ «القنوت»: القيام.
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 175 (756) (165).
(1/333)
1177 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 195 (3420)، ومسلم 3/ 165 (1195) (189).
(1/333)
1178 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن في الليل لساعة، لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 175 (757) (166).
(1/334)
1179 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 184 (768) (198).
(1/334)
1180 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 184 (767) (197).
(1/334)
1181 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (155).
(1/334)
1182 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من نام عن حزبه، أو عن شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (153).
(1/334)
1183 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رحم الله رجلا قام من الليل، فصلى وأيقظ امرأته، فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل، فصلت وأيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1308) و (1450)، وابن ماجه (1336)، والنسائي 3/ 205.
(1/334)
1184 - وعنه وعن أبي سعيد رضي الله عنهما، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا - أو صلى ركعتين جميعا، كتبا في الذاكرين والذاكرات». رواه أبو داود بإسناد صحيح (1).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1309).
(1/334)
1185 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نعس أحدكم في الصلاة، فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس، لعله يذهب يستغفر (1) فيسب نفسه». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 265 عقيب (787): «قال القاضي: معنى يستغفر هنا: يدعو».
(2) انظر الحديث (147).
(1/335)
1186 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم (1) القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول، فليضطجع». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 266 عقيب (787): «أي استغلق ولم ينطلق به لسانه لغلبة النعاس».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 190 (787) (223).
(1/335)
213 - باب استحباب قيام رمضان وهو التراويح
1187 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا (1) غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 237 عقيب (762): «ومعنى احتسابا: أن يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 16 (37)، ومسلم 2/ 176 (759) (173).
(1/335)
1188 - وعنه - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة (1)، فيقول: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 238 عقيب (762): «معناه: لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم، بل أمر ندب وترغيب».
(2) أخرجه: مسلم 2/ 177 (759) (174).
(1/335)
214 - باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها
قال الله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} [القدر: 1] إلى آخر السورة، وقال تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} [الدخان: 3] الآيات.
(1/335)
1189 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه البخاري 3/ 33 (1901)، ومسلم 2/ 177 (760) (175).
(1/336)
1190 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجالا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أرى رؤياكم قد تواطأت (1) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 275 عقيب (1170): «أي: توافقت».
(2) أخرجه البخاري 3/ 59 (2015)، ومسلم 3/ 170 (1165) (205).
(1/336)
1191 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: «تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 61 (2020)، ومسلم 3/ 173 (1169) (219).
(1/336)
1192 - وعنها رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 60 (2017).
(1/336)
1193 - وعنها، رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 282 عقيب (1175): «اختلف العلماء في معنى
(شد المئزر) فقيل: هو الاجتهاد في العبادات زيادة على عادته - صلى الله عليه وسلم - في غيره، وقيل: معناه: التشمير في العبادات، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري، أي: تشمرت له وتفرغت، وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات».
(2) انظر الحديث (99).
(1/336)
1194 - وعنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 176 (1175) (8).
(1/336)
1195 - وعنها، قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (3850)، والترمذي (3513).
(1/337)
215 - باب فضل السواك وخصال الفطرة
1196 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن أشق على أمتي - أو على الناس - لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 5 (887)، ومسلم 1/ 151 (252) (42).
(1/337)
1197 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. متفق عليه. (1)
«الشوص»: الدلك.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 70 (245)، ومسلم 1/ 151 (255) (46) و (47).
(1/337)
1198 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كنا نعد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك، ويتوضأ ويصلي. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 169 - 170 (746) (139).
(1/337)
1199 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أكثرت عليكم في السواك». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 5 (888).
(1/337)
1200 - وعن شريح بن هانىء، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 152 (253) (43).
(1/337)
1201 - وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطرف السواك على لسانه. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 70 (244)، ومسلم 1/ 152 (254) (45).
(1/337)
1202 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب». رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه بأسانيد صحيحة. (1)
__________
(1) أخرجه: النسائي 1/ 10 وفي «الكبرى»، له (4)، وابن خزيمة (135).
(1/337)
1203 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة (1): الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وقص الشارب». متفق عليه. (2)
«الاستحداد»: حلق العانة، وهو حلق الشعر الذي حول الفرج.
__________
(1) الفطرة: أي من السنة، يعني سنن الأنبياء عليهم السلام التي أمرنا أن نقتدي بهم فيها. النهاية 3/ 457.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 206 (5889)، ومسلم 1/ 152 - 153 (257) (49).
(1/338)
1204 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء» قال الراوي: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة. قال وكيع - وهو أحد رواته - انتقاص الماء: يعني الاستنجاء. رواه مسلم. (1)
«البراجم» بالباء الموحدة والجيم: وهي عقد الأصابع، و «إعفاء اللحية» معناه: لا يقص منها شيئا.
__________
(1) أخرجه: مسلم 1/ 153 - 154 (261) (56).
(1/338)
1205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحفوا (1) الشوارب وأعفوا اللحى». متفق عليه. (2)
__________
(1) أي: يبالغ في قصها. النهاية 1/ 410.
(2) أخرجه: البخاري 7/ 206 (5893)، ومسلم 1/ 153 (259) (52).
(1/338)
216 - باب تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها
قال الله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} [البقرة: 43]، وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} [البينة:5]، وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة: 103].
(1/338)
1206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1075).
(1/338)
1207 - وعن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجد ثائر الرأس (1) نسمع دوي صوته (2)، ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال: هل علي غيرهن؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «وصيام شهر رمضان» قال: هل علي غيره؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» قال: وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفلح إن صدق». متفق عليه. (3)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 152 عقيب (11): «معنى ثائر الرأس قائم شعره منتفشه».
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 1/ 152 عقيب (11): «بعده في الهواء ومعناه شدة صوت لا يفهم».
(3) أخرجه: البخاري 1/ 18 (46)، ومسلم 1/ 31 (11) (8).
(1/339)
1208 - وعن ابن عباس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا - رضي الله عنه - إلى اليمن، فقال: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله تعالى، افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1395)، ومسلم 1/ 37 - 38 (19) (30).
(1/339)
1209 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:
«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 12 (25)، ومسلم 1/ 39 (22) (36).
(1/339)
1210 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر - رضي الله عنه - وكفر من كفر من العرب، فقال عمر - رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه [ص:340] إلا بحقه، وحسابه على الله»
(1/339)
فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه. قال عمر - رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 131 (1399) و (1400)، ومسلم 1/ 38 (20) (32).
(1/340)
1211 - وعن أبي أيوب - رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم: أخبرني بعمل يدخلني الجنة، قال: «تعبد الله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (331).
(1/340)
1212 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أن أعرابيا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، دلني على عمل إذا عملته، دخلت الجنة. قال: «تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان» قال: والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا، فلما ولى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 130 (1397)، ومسلم 1/ 33 (14) (15).
(1/340)
1213 - وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 22 (57)، ومسلم 1/ 54 (56) (97).
(1/340)
1214 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب، ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه، وجبينه، وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار»
قيل: يا رسول الله، فالإبل؟ قال: «ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها، ومن حقها حلبها يوم وردها، إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر (1)
__________
(1) القاع القرقر: المكان المستوي الواسع. النهاية 4/ 48 و132.
(1/340)
أوفر ما كانت، لا يفقد منها فصيلا واحدا، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار»
قيل: يا رسول الله، فالبقر والغنم؟ قال: «ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، بطح لها بقاع قرقر، لا يفقد منها شيئا، ليس فيها عقصاء (1)، ولا جلحاء، ولا عضباء، تنطحه بقرونها، وتطؤه بأظلافها (2)، كلما مر عليه أولاها، رد عليه أخراها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار».
قيل: يا رسول الله فالخيل؟ قال: «الخيل ثلاثة: هي لرجل وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر. فأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء (3) على أهل الإسلام، فهي له وزر، وأما التي هي له ستر، فرجل ربطها (4) في سبيل الله، ثم لم ينس حق الله في ظهورها، ولا رقابها، فهي له ستر، وأما التي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام في مرج، أو روضة فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طولها (5) فاستنت (6) شرفا (7) أو شرفين إلا كتب الله له عدد آثارها، وأرواثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهر، فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات» قيل: يا رسول الله فالحمر؟ قال: «ما أنزل علي [ص:342] في الحمر شيء إلا هذه الآية الفاذة الجامعة: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [الزلزلة: 7 - 8]». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (8)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 79 (988): «العقصاء: ملتوية القرن. والجلحاء: التي لا قرن لها. والعضباء التي انكسر قرنها الداخل».
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 80 عقيب (988): «الظلف للبقر والغنم والظباء، وهو المنشق من القوائم، والخف للبعير، والقدم للآدمي، والحافر للفرس والبغل والحمار».
(3) نواء: هو بكسر النون وبالمد، أي مناوأة ومعاداة.
(4) ربطها: أي أعدها للجهاد، وأصله من الربط، ومنه الرباط، وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداده الأهبة لذلك.
(5) طولها: هو بكسر الطاء وفتح الواو، ويقال: (طيلها) بالياء، كذا جاء في الموطأ، والطول والطيل: الحبل الذي تربط فيه.
(6) استنت: أي جرت.
(7) الشرف: الشرف بفتح الشين المعجمة والراء وهو العالي من الأرض، وقيل: المراد هنا طلقا أو طلقين.
(8) أخرجه: البخاري 2/ 132 (1402)، ومسلم 3/ 70 - 71 (987) (24).
(1/341)
217 - باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وما يتعلق به
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} إلى قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 183 - 185].
وأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الذي قبله.
(1/342)
1215 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قال الله - عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة (1)، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث (2) ولا يصخب (3) فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوف (4) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه». متفق عليه، وهذا لفظ رواية البخاري. (5)
وفي رواية له: «يترك طعامه، وشرابه، وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها».
وفي رواية لمسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمئة ضعف. قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به؛ يدع شهوته وطعامه [ص:343] من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك».
__________
(1) أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات، والجنة: الوقاية. النهاية 1/ 308.
(2) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2/ 241.
(3) الصخب والسخب: الضجة، واضطراب الأصوات للخصام. وفعول وفعال للمبالغة. النهاية 3/ 140.
(4) تغير رائحة الفم. النهاية 2/ 67.
(5) أخرجه: البخاري 3/ 31 (1894) و34 (1904)، ومسلم3/ 157 - 158 (1151) (163) و (164).
(1/342)
1216 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أنفق زوجين (1) في سبيل الله نودي من أبواب الجنة، يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة» قال أبو بكر - رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ فقال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 121 عقيب (1028): «في تفسير هذا الحديث: «قيل: وما زوجان؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران. وقال ابن عرفة: كل شئ قرن بصاحبه فهو زوج، يقال: زوجت بين الإبل إذا قرنت بعيرا ببعير، وقيل: درهم ودينار، أو درهم وثوب. قال: والزوج يقع على الاثنين ويقع على الواحد، وقيل: إنما يقع على الواحد إذا كان معه آخر، ويقع الزوج أيضا على الصنف، وفسر بقوله تعالى: {وكنتم أزواجا ثلاثة}، وقيل: يحتمل أن يكون هذا الحديث في جميع أعمال البر من صلاتين أو صيام يومين، والمطلوب تشفيع صدقة بأخرى، والتنبيه على فضل الصدقة والنفقة في الطاعة والاستكثار منها».
(2) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1897)، ومسلم 3/ 91 (1027) (85).
(1/343)
1217 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1896)، ومسلم 3/ 158 - 159 (1152) (166).
(1/343)
1218 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا (1)». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 251 عقيب (1153): «الخريف: السنة. والمراد: سبعين سنة».
(2) أخرجه: البخاري 4/ 31 (2840)، ومسلم 3/ 159 (1153) (167).
(1/343)
1219 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 16 (38)، ومسلم 2/ 177 (175).
(1/344)
1220 - وعنه - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت (1) الشياطين». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 181 عقيب (1079): «معنى صفدت: غللت. والصفد: بفتح الفاء (الغل) بضم الغين».
(2) أخرجه: البخاري 3/ 32 (1899)، ومسلم 3/ 121 (1079) (1).
(1/344)
1221 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين». متفق عليه، (1) وهذا لفظ البخاري.
وفي رواية لمسلم: «فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما».
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 34 (1909)، ومسلم 3/ 124 (1081) (17).
(1/344)
218 - باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه
1222 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 62 عقيب (2308): «بفتح السين، والمراد كالريح في إسراعها وعمومها. وفي هذا الحديث فوائد: منها: بيان عظم جوده - صلى الله عليه وسلم - واستحباب إكثار الجود في رمضان، وزيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم واستحباب مدارسة القرآن».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 4 (6)، ومسلم 7/ 73 (2308) (50).
(1/344)
1223 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر. متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (99).
(1/344)
219 - باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الإثنين والخميس فوافقه
1224 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه، فليصم ذلك اليوم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 35 (1914)، ومسلم 3/ 125 (1082) (21).
(1/345)
1225 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا قبل رمضان، صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين يوما». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
«الغياية» بالغين المعجمة وبالياء المثناة من تحت المكررة، وهي: السحابة.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2327)، والترمذي (688).
(1/345)
1226 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2337)، وابن ماجه (1651)، والترمذي (738)، وهذا الحديث باطل لا يصح ومن صححه فقد جانب الصواب، وقد بينت ذلك مفصلا في كتابي «أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء»: 107 - 110.
(1/345)
1227 - وعن أبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قال: من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2334)، وابن ماجه (1645)،والترمذي (686).
(1/345)
220 - باب ما يقال عند رؤية الهلال
1228 - عن طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلال، قال: «اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن» (1).
__________
(1) أخرجه: الترمذي (3451) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/345)
221 - باب فضل السحور وتأخيره ما لم يخش طلوع الفجر
1229 - عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تسحروا؛ فإن في السحور بركة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 37 (1923)، ومسلم 3/ 130 (1095) (45).
(1/346)
1230 - وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: تسحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قمنا إلى الصلاة. قيل: كم كان بينهما؟ قال: قدر خمسين آية. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 151 (575)، ومسلم 3/ 131 (1097) (47).
(1/346)
1231 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم». قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا (1). متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 196 عقيب (1094): «قوله: «ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا» قال العلماء: معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر، ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه، ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها، ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر. والله أعلم».
(2) أخرجه: البخاري 1/ 160 (617)، ومسلم 3/ 129 (1092) (38).
(1/346)
1232 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، أكلة السحر (1)». رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 198 عقيب (1099): «معناه: الفارق والمميز بين صيامنا وصيامهم السحور؛ فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور، وأكلة السحر هي السحور، وهي بفتح الهمزة، هكذا ضبطناه، وهكذا ضبطه الجمهور، وهو المشهور في روايات بلادنا، وهي عبارة عن المرة الواحدة من الأكل كالغدوة والعشوة، وإن كثر المأكول فيها. وأما «الأكلة» بالضم فهي اللقمة».
(2) أخرجه: مسلم 3/ 130 - 131 (1096) (46).
(1/346)
222 - باب فضل تعجيل الفطر وما يفطر عليه، وما يقوله بعد الإفطار
1233 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 47 (1957)، ومسلم 3/ 131 (1098) (48).
(1/346)
1234 - وعن أبي عطية، قال: دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها، فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كلاهما لا يألو عن الخير؛ أحدهما يعجل المغرب والإفطار، والآخر يؤخر المغرب والإفطار؟ فقالت: من يعجل المغرب والإفطار؟ قال: عبد الله - يعني: ابن مسعود - فقالت: هكذا كان رسول الله يصنع. رواه مسلم. (1)
قوله: «لا يألو» أي: لا يقصر في الخير.
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 131 - 132 (1099) (50).
(1/347)
1235 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قال الله - عز وجل: أحب عبادي إلي أعجلهم فطرا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (700) قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب» على أن سند الحديث ضعيف.
(1/347)
1236 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 46 (1954)، ومسلم 3/ 132 (1100) (51).
(1/347)
1237 - وعن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، قال: سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لبعض القوم: «يا فلان انزل فاجدح لنا»، فقال: يا رسول الله، لو أمسيت؟ قال: «انزل فاجدح لنا» قال: إن عليك نهارا (1)، قال: «انزل فاجدح لنا» قال: فنزل فجدح لهم فشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم» وأشار بيده قبل المشرق. متفق عليه. (2)
قوله: «اجدح» بجيم ثم دال ثم حاء مهملتين، أي: اخلط السويق بالماء.
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 200 عقيب (1101): «قوله: «إن عليك نهارا» لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه».
(2) أخرجه: البخاري 3/ 43 (1941)، ومسلم 3/ 132 (1101) (53).
(1/347)
1238 - وعن سلمان بن عامر الضبي الصحابي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإن لم يجد، فليفطر على ماء؛ فإنه طهور». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) انظر الحديث (332).
(1/347)
1239 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر قبل أن يصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتميرات، فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء. رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2356)، والترمذي (696)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب».
(1/348)
223 - باب أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها
1240 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1215).
(1/348)
1241 - وعنه، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 33 (1903).
(1/348)
224 - باب في مسائل من الصوم
1242 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا نسي أحدكم، فأكل، أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 40 (1933)،ومسلم 3/ 160 (1155) (171).
(1/348)
1243 - وعن لقيط بن صبرة - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء؟ قال: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائما». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (142)، والترمذي (788).
(1/348)
1244 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 38 (1925) و (1926)، ومسلم 3/ 137 (1109) (76).
(1/348)
1245 - وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، قالتا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من غير حلم، ثم يصوم. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 40 (1931) و (1932)، ومسلم 3/ 138 (1109) (78).
(1/348)
225 - باب فضل صوم المحرم (1) وشعبان والأشهر الحرم
1246 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: صلاة الليل». رواه مسلم. (2)
__________
(1) المحرم: شهر الله، سمته العرب بهذا الاسم؛ لأنهم كانوا لا يستحلون فيه القتال، وأضيف إلى الله تعالى إعظاما له كما قيل للكعبة بيت الله. اللسان 3/ 138 (حرم).
شعبان: اسم للشهر، سمي بذلك لتشعبهم فيه أي تفرقهم في طلب المياه، وقيل في الغارات. اللسان 7/ 129 (شعب).
الأشهر الحرم أربعة: ثلاثة سرد أي متتابعة وواحد فرد، فالسرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والفرد رجب. اللسان 3/ 137 (حرم)
(2) انظر الحديث (1167).
(1/349)
1247 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله.
وفي رواية: كان يصوم شعبان إلا قليلا. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 50 (1970)، ومسلم 3/ 161 (1156) (176).
(1/349)
1248 - وعن مجيبة الباهلية، عن أبيها أو عمها: أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انطلق فأتاه بعد سنة - وقد تغيرت حاله وهيئته - فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «ومن أنت»؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال: «فما غيرك، وقد كنت حسن الهيئة!» قال: ما أكلت طعاما منذ فارقتك إلا بليل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عذبت نفسك!» ثم قال: «صم شهر الصبر، ويوما من كل شهر» قال: زدني، فإن بي قوة، قال: «صم يومين» قال: زدني، قال: «صم ثلاثة أيام» قال: زدني، قال: «صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك» وقال بأصابعه الثلاث فضمها، ثم أرسلها. رواه أبو داود. (1)
و «شهر الصبر»: رمضان (2).
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2428)، وابن ماجه (1741)، والنسائي في «الكبرى» (2743)، وسند الحديث ضعيف.
(2) شهر رمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش. اللسان 5/ 316 (رمض).
(1/349)
226 - باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول (1) من ذي الحجة (2)
1249 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام، العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء». رواه البخاري. (3)
__________
(1) وفيها قوله تعالى: {والفجر وليال عشر} [الفجر: 1 و2]. انظر: تفسير الطبري 15/ 211، وزاد المسير 9/ 103.
(2) ذو الحجة: شهر الحج، سمي بذلك للحج فيه، والجمع ذوات الحجة. اللسان 3/ 53 (حجج).
(3) أخرجه: البخاري 2/ 24 (969).
(1/350)
227 - باب فضل صوم يوم عرفة (1) وعاشوراء وتاسوعاء
1250 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة، قال: «يكفر السنة الماضية والباقية». رواه مسلم. (2)
__________
(1) عرفة: موضع بمكة، سمي عرفة لأن الناس يتعارفون به. اللسان 9/ 157 (عرف).
(2) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197).
(1/350)
1251 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 57 (2004)، ومسلم 3/ 150 (1130) (128).
(1/350)
1252 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: «يكفر السنة الماضية». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197).
(1/350)
1253 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 151 (1134) (134).
(1/350)
228 - باب استحباب صوم ستة أيام من شوال (1)
1254 - عن أبي أيوب - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر». رواه مسلم. (2)
__________
(1) شوال: اسم الشهر الذي يلي شهر رمضان، وهو أول أشهر الحج، قيل سمي بتشويل لبن الإبل وهو توليه وإدباره، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب. اللسان 7/ 243 (شول).
(2) أخرجه: مسلم 3/ 169 (1164) (204).
(1/351)
229 - باب استحباب صوم الإثنين والخميس
1255 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل علي فيه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 167 (1162) (197).
(1/351)
1256 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن»، ورواه مسلم بغير ذكر الصوم.
__________
(1) أخرجه: مسلم 8/ 11 (2565) (36)، والترمذي (747) وقال: «حديث حسن غريب».
(1/351)
1257 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صوم الإثنين والخميس. رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1739)، والترمذي (745)، والنسائي في «الكبرى» (2497) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/351)
230 - باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر
والأفضل صومها في الأيام البيض (1) وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وقيل: الثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، والصحيح المشهور هو الأول.
__________
(1) هذا على حذف المضاف يريد أيام الليالي البيض، وسميت لياليها بيضا؛ لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها، وأكثر ما تجيء الرواية الأيام البيض، والصواب أن يقال أيام البيض بالإضافة؛ لأن البيض من صفة الليالي. النهاية 1/ 173.
(1/351)
1258 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 53 (1981)، ومسلم 2/ 158 (721) (85).
(1/352)
1259 - وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: أوصاني حبيبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 2/ 159 (722) (86).
(1/352)
1260 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 52 (1979)، ومسلم 3/ 164 (1159) (187).
(1/352)
1261 - وعن معاذة العدوية: أنها سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. فقلت: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم. رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 3/ 166 (1160) (194).
(1/352)
1262 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إذا صمت من الشهر ثلاثا، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (761).
(1/352)
1263 - وعن قتادة بن ملحان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام أيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة. رواه أبو داود. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2449)، وابن ماجه (1707م).
(1/352)
1264 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر. رواه النسائي بإسناد حسن (1).
__________
(1) أخرجه: النسائي في «الكبرى» (2654).
(1/352)
231 - باب فضل من فطر صائما وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ودعاء الآكل للمأكول عنده
1265 - عن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من فطر صائما، كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1746)، والترمذي (807)، والنسائي في «الكبرى» (3331).
(1/352)
1266 - وعن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، فقدمت إليه طعاما، فقال: «كلي» فقالت: إني صائمة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أكل عنده حتى يفرغوا» وربما قال: «حتى يشبعوا». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: ابن ماجه (1748)، والترمذي (785)، والنسائي في «الكبرى» (3267) وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح» على أن سند الحديث ضعيف.
(1/353)
1267 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى سعد بن عبادة - رضي الله عنه - فجاء بخبز وزيت، فأكل، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم: «أفطر عندكم الصائمون؛ وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة». رواه أبو داود (1) بإسناد صحيح.
__________
(1) أخرجه: أبو داود (3854).
(1/353)
(9) - كتاب الاعتكاف
232 - باب الاعتكاف (1) في رمضان
1268 - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه. (2)
__________
(1) الاعتكاف: هو الإقامة على الشيء وبالمكان ولزومهما، ومنه قيل لمن لازم المسجد وأقام على العبادة فيه: عاكف ومعتكف. النهاية 3/ 284.
(2) أخرجه: البخاري 3/ 62 (2025)، ومسلم 3/ 174 (1171) (1).
(1/355)
1269 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده. متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 62 (2026)، ومسلم 3/ 175 (1172) (5).
(1/355)
1270 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 67 (2044).
(1/355)
(10) - كتاب الحج
233 - باب وجوب الحج وفضله
قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} [آل عمران: 97].
(1/357)
1271 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1075).
(1/357)
1272 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم» ثم قال: «ذروني ما تركتكم؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 7/ 91 (1337) (131).
(1/357)
1273 - وعنه، قال: سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور». متفق عليه. (1)
«المبرور» هو: الذي لا يرتكب صاحبه فيه معصية.
__________
(1) أخرجه: البخاري 1/ 13 (26)، ومسلم 1/ 62 (83) (135).
(1/357)
1274 - وعنه، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حج، فلم يرفث (1)، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه». متفق عليه. (2)
__________
(1) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة. النهاية 2/ 241.
(2) أخرجه: البخاري 2/ 164 (1521)، ومسلم 4/ 107 (1350) (438).
(1/358)
1275 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 2 (1773)، ومسلم 4/ 107 (1349) (437).
(1/358)
1276 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ فقال: «لكن أفضل الجهاد: حج مبرور». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 164 (1520).
(1/358)
1277 - وعنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 4/ 107 (1348) (436).
(1/358)
1278 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة - أو حجة معي». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 24 (1863)، ومسلم 4/ 61 (1256) (222).
(1/358)
1279 - وعنه: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخا كبيرا، لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 2/ 163 (1513)، ومسلم 4/ 101 (1334) (407).
(1/358)
1280 - وعن لقيط بن عامر - رضي الله عنه: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج، ولا العمرة، ولا الظعن؟ قال: «حج عن أبيك واعتمر». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (1810)، والترمذي (930).
(1/358)
1281 - وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قال: حج بي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، وأنا ابن سبع سنين. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 3/ 24 (1858).
(1/358)
1282 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي ركبا بالروحاء، فقال: «من القوم؟» قالوا: المسلمون. قالوا: من أنت؟ قال: «رسول الله». فرفعت امرأة صبيا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: «نعم، ولك أجر». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (179).
(1/359)
1283 - عن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حج على رحل وكانت زاملته (1). رواه البخاري. (2)
__________
(1) الزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع، من الزمل وهو الحمل، والمراد أنه لم تكن معه زاملة تحمل طعامه ومتاعه بل كان ذلك محمولا معه على راحلته وكانت هي الراحلة والزاملة. فتح الباري 3/ 480.
(2) أخرجه: البخاري 2/ 163 (1517).
(1/359)
1284 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت عكاظ، ومجنة، وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم، فنزلت: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} [البقرة: 198] في مواسم الحج. رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 6/ 34 (4519).
(1/359)
(11) - كتاب الجهاد
234 - باب وجوب الجهاد وفضل الغدوة والروحة
قال الله تعالى: {وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين} [التوبة: 36]، وقال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة: 216]، وقال تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله} [التوبة: 41]، وقال تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}
[التوبة: 111]، وقال الله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما} [النساء: 95 - 96]، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين} [الصف: 10 - 13]. والآيات في الباب كثيرة مشهورة.
(1/361)
وأما الأحاديث في فضل الجهاد فأكثر من أن تحصر، فمن ذلك:
1285 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: [ص:362] «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (1273).
(1/361)
1286 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها» قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين» قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (312).
(1/362)
1287 - وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: «الإيمان بالله، والجهاد في سبيله». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (117).
(1/362)
1288 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لغدوة في سبيل الله، أو روحة، خير من الدنيا وما فيها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2792)، ومسلم 6/ 35 (1880) (112).
(1/362)
1289 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» قال: ثم من؟ قال: «مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله، ويدع الناس من شره». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (597).
(1/362)
1290 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى، أو الغدوة، خير من الدنيا وما عليها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 43 (2892)، ومسلم 6/ 36 (1881) (113) و (114).
(1/362)
1291 - وعن سلمان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان» (1) رواه مسلم. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 7/ 55 (1913): «قوله: «وأجري عليه رزقه» موافق لقول الله تعالى في الشهداء: {أحياء عند ربهم يرزقون} وفي الأحاديث أن أرواح الشهداء تأكل من ثمار الجنة.
+ وقوله: «أمن الفتان» ضبطوا (أمن) بوجهين: أحدهما: (أمن) بفتح الهمزة وكسر الميم من غير واو. والثاني: (أومن) بضم الهمزة وبواو.
+ وأما (الفتان): فقال القاضي: رواية الأكثرين بضم الفاء جمع فاتن. قال: ورواية الطبري بالفتح، وفي رواية أبي داود في سننه «أومن من فتاني القبر»».
(2) أخرجه: مسلم 6/ 50 (1913) (163).
(1/362)
1292 - وعن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله، فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن فتنة القبر». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2500)، والترمذي (1621).
(1/363)
1293 - وعن عثمان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم في سبيل الله، خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1667)، والنسائي 6/ 39 و40 وفي «الكبرى»، له (4377) و (4378) وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».
(1/363)
1294 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «تضمن الله لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي، فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه بما نال من أجر، أو غنيمة. والذي نفس محمد بيده، ما من كلم يكلم في سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم؛ لونه لون دم، وريحه ريح مسك. والذي نفس محمد بيده، لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني. والذي نفس محمد بيده، لوددت أن أغزو في سبيل الله، فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل». رواه مسلم، وروى البخاري بعضه. (1)
«الكلم»: الجرح.
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 33 (1876) (103)، ورواية البخاري 1/ 15 (36).
(1/363)
1295 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما من مكلوم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة، وكلمه يدمي: اللون لون دم، والريح ريح مسك». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 7/ 125 (5533)، ومسلم 6/ 34 (1876) (105).
(1/363)
1296 - وعن معاذ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة، وجبت له الجنة، ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت: لونها الزعفران، وريحها كالمسك». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2541)، والترمذي (1657) وقال: «حديث حسن صحيح».
(1/364)
1297 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: مر رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشعب فيه عيينة من ماء عذبة، فأعجبته، فقال: لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «لا تفعل؛ فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما، ألا تحبون أن يغفر الله لكم، ويدخلكم الجنة؟ أغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
و «الفواق»: ما بين الحلبتين.
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1650).
(1/364)
1298 - وعنه، قال: قيل: يا رسول الله، ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: «لا تستطيعونه» فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول: «لا تستطيعونه»! ثم قال: «مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام، ولا صلاة، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
وفي رواية البخاري: أن رجلا قال: يا رسول الله، دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: «لا أجده» ثم قال: «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر»؟ فقال: ومن يستطيع ذلك؟!.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 18 (2785)، ومسلم 6/ 35 (1878) (110).
(1/364)
1299 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من خير معاش الناس لهم، رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه، كلما سمع هيعة (1) أو فزعة طار عليه يبتغي [ص:365] القتل والموت مظانه أو رجل في غنيمة في رأس شعفة (2) من هذا الشعف، أو بطن واد من الأودية، يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين، ليس من الناس إلا في خير». رواه مسلم. (3)
__________
(1) الهيعة: الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو. النهاية 5/ 288.
(2) شعفة كل شيء أعلاه، يريد به رأس جبل من الجبال. النهاية 2/ 481.
(3) أخرجه: مسلم 6/ 39 (1889) (125).
(1/364)
1300 - وعنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 19 (2790).
(1/365)
1301 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وجبت له الجنة»، فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه، ثم قال: «وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: «الجهاد في سبيل الله، الجهاد في سبيل الله». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 37 (1884) (116).
(1/365)
1302 - وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، قال: سمعت أبي - رضي الله عنه - وهو بحضرة العدو، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» فقام رجل رث الهيئة، فقال: يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه، فقال: أقرأ عليكم السلام، ثم كسر جفن (1) سيفه فألقاه، ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل. رواه مسلم. (2)
__________
(1) جفون السيوف: أغمادها، واحدها جفن. النهاية 1/ 280.
(2) أخرجه: مسلم 6/ 45 (1902) (146).
(1/365)
1303 - وعن أبي عبس عبد الرحمان بن جبر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم: «ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 25 (2811).
(1/365)
1304 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) انظر الحديث (448).
(1/365)
1305 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1639).
(1/366)
1306 - وعن زيد بن خالد - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا». متفق عليه. (1)
__________
(1) انظر الحديث (177).
(1/366)
1307 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله ومنيحة خادم في سبيل الله، أو طروقة فحل في سبيل الله». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1627)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/366)
1308 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن فتى من أسلم، قال: يا رسول الله، إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز به، قال: «ائت فلانا فإنه قد كان تجهز فمرض» فأتاه، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئك السلام، ويقول: أعطني الذي تجهزت به. قال: يا فلانة، أعطيه الذي كنت تجهزت به، ولا تحبسي عنه شيئا، فوالله لا تحبسي منه شيئا فيبارك لك فيه. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (176).
(1/366)
1309 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى بني لحيان، فقال: «لينبعث من كل رجلين أحدهما، والأجر بينهما». رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: «ليخرج من كل رجلين رجل» ثم قال للقاعد: «أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج».
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 42 (1896) (137) و (138).
(1/366)
1310 - وعن البراء - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مقنع بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل أو أسلم؟ قال: «أسلم، ثم قاتل». فأسلم، ثم قاتل فقتل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «عمل قليلا وأجر كثيرا». متفق عليه. وهذا لفظ البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 24 (2808)، ومسلم 6/ 43 (1900) (144).
(1/366)
1311 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من الكرامة».
وفي رواية: «لما يرى من فضل الشهادة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 26 (2817)، ومسلم 6/ 35 (1877) (108) و (109).
(1/367)
1312 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين». رواه مسلم. (1)
وفي رواية له: «القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين».
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 38 (1886) (119) و (120).
(1/367)
1313 - وعن أبي قتادة - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم فذكر أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله، أفضل الأعمال، فقام رجل، فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر»، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «كيف قلت؟» قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «نعم، وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدين فإن جبريل - عليه السلام - قال لي ذلك». رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (217).
(1/367)
1314 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رجل: أين أنا يا رسول الله إن قتلت؟ قال: «في الجنة» فألقى تمرات كن في يده، ثم قاتل حتى قتل. رواه مسلم. (1)
__________
(1) انظر الحديث (89).
(1/367)
1315 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا يقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه». فدنا المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض» قال: يقول عمير بن الحمام الأنصاري رضي الله عنه: [ص:368] يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: «نعم» قال: بخ بخ (1)؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على قولك بخ بخ؟» قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: «فإنك من أهلها» فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل. رواه مسلم (2).
«القرن» بفتح القاف والراء: هو جعبة النشاب.
__________
(1) بخ بخ: هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وتكرر للمبالغة، ومعناها تعظيم الأمر وتفخيمه. النهاية 1/ 101.
(2) أخرجه: مسلم 6/ 44 (1901) (145).
(1/367)
1316 - وعنه، قال: جاء ناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم: القراء، فيهم خالي حرام، يقرؤون القرآن، ويتدارسون بالليل يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة، وللفقراء، فبعثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا، وأتى رجل حراما خال أنس من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فزت ورب الكعبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إن إخوانكم قد قتلوا وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا». متفق عليه، وهذا لفظ مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 5/ 134 (4090) و (4091)، ومسلم 2/ 135 (677) (297).
(1/368)
1317 - وعنه، قال: غاب عمي أنس بن النضر - رضي الله عنه - عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقال: اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني: أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني: المشركين - ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد! فقال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس: [ص:369] فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى - أو نظن - أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه} [الأحزاب: 23] إلى آخرها. متفق عليه (1)، وقد سبق في باب المجاهدة.
__________
(1) انظر الحديث (109).
(1/368)
1318 - وعن سمرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رأيت الليلة رجلين أتياني، فصعدا بي الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل، لم أر قط أحسن منها، قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء». رواه البخاري، (1) وهو بعض من حديث طويل فيه أنواع من العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إن شاء الله تعالى.
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 20 (2791).
(1/369)
1319 - وعن أنس - رضي الله عنه: أن أم الربيع بنت البراء وهي أم حارثة بن سراقة، أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ألا تحدثني عن حارثة - وكان قتل يوم بدر - فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء، فقال: «يا أم حارثة إنها جنان في الجنة، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 24 (2809).
(1/369)
1320 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: جيء بأبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مثل به، فوضع بين يديه؛ فذهبت أكشف عن وجهه فنهاني قومي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: «ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 26 (2816)، ومسلم 7/ 151 (2471) (129).
(1/369)
1321 - وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1909) (157).
(1/369)
1322 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه». رواه مسلم (1).
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 48 (1908) (156).
(1/369)
1323 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة». رواه الترمذي، (1) وقال: «حديث حسن صحيح».
__________
(1) أخرجه: الترمذي (1668)، وقال: «حديث حسن صحيح غريب».
(1/369)
1324 - وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس فقال: «أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا؛ واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ثم قال: «اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، أهزمهم وانصرنا عليهم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 22 (2965) و (2966)، ومسلم 5/ 143 (1742) (20).
(1/370)
1325 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثنتان لا تردان، أو قلما تردان: الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضا». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2540).
(1/370)
1326 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا، قال: «اللهم أنت عضدي ونصيري، بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل». رواه أبو داود والترمذي، (1) وقال: «حديث حسن».
__________
(1) أخرجه: أبو داود (2632)، والترمذي (3584)، وقال: «حديث حسن غريب».
(1/370)
1327 - وعن أبي موسى - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خاف قوما، قال: «اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم». رواه أبو داود بإسناد صحيح. (1)
__________
(1) انظر الحديث (981).
(1/370)
1328 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 252 (3644)، ومسلم 6/ 31 (1871) (96).
(1/370)
1329 - وعن عروة البارقي - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر، والمغنم». متفق عليه. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 34 (2852)، ومسلم 6/ 32 (1873) (98).
(1/370)
1330 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «من احتبس فرسا في سبيل الله، إيمانا بالله، وتصديقا بوعده، فإن شبعه، وريه وروثه، وبوله في ميزانه يوم القيامة». رواه البخاري. (1)
__________
(1) أخرجه: البخاري 4/ 34 (2853).
(1/370)
1331 - وعن أبي مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بناقة مخطومة، فقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة». رواه مسلم. (1)
__________
(1) أخرجه: مسلم 6/ 41 (1892) (132).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق