مراجع في مصطلح الحدبث واللغة العربية

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

الأربعاء، 9 مارس 2022

1 المجلد الأول شرح ابن عقيل - المجلد الأول - الكلام وما يتألف منه ابن عقيل المعرب والمبني

شرح ابن عقيل/المجلد الأول/الكلام وما يتألف منه
 المجلد الأول شرح ابن عقيل - المجلد الأول - الكلام وما يتألف منه  ابن عقيل المعرب والمبني  
 
الكلام وما يتألف منه[1]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على من لا نبي بعده.
قال محمد هو ابن مالك
أحمد ربي الله خير مالك[2]
مصليا على النبي المصطفى
وآله المستكملين الشرفا[3]
وأستعين الله في ألفيه
مقاصد النحو بها محويه[4]
تقرب الأقصى بلفظ موجز
وتبسط البذل بوعد منجز[5]
وتقتضي رضا بغير سخط
فائقة ألفية ابن معط[6]
وهو بسبق حائز تفضيلا
مستوجب ثنائي الجميلا[7]
والله يقضي بهبات وافره
لي وله في درجات الآخره[8]
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
واسم وفعل ثم حرف الكلم[9]
واحده كلمة والقول عم
وكلمة بها كلام قد يؤم[10]
 
الكلام المصطلح عليه عند النحاة: عبارة عن اللفظ المفيد فائدة يحسن السكوت عليها فاللفظ جنس يشمل الكلام والكلمة والكلم ويشمل المهمل ك ديز والمستعمل ك عمرو ومفيد أخرج المهمل وفائدة يحسن السكوت عليها أخرج الكلمة وبعض الكلم وهو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر ولم يحسن السكوت عليه نحو إن قام زيد ولا يتركب الكلام إلا من اسمين نحو زيد قائم أو من فعل واسم كـ" قام زيد" وكقول المصنف "استقم" فإنه كلام مركب من فعل أمر وفاعل مستتر والتقدير استقم أنت فاستغنى بالمثال عن أن يقول: "فائدة يحسن السكوت عليها فكأنه قال الكلام:هو اللفظ المفيد فائدة كفائدة استقم".
وإنما قال المصنف كلامنا ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين لا في اصطلاح اللغويين وهو في اللغة اسم لكل ما يتكلم به مفيدا كان أو غير مفيد.
والكلم: اسم جنس[11] واحده كلمة وهي إما اسم وإما فعل وإما حرف لأنها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم وإن اقترنت بزمان فهي الفعل وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها فهي الحرف.
والكلم: ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر كقولك إن قام زيد.
والكلمة: هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد فقولنا الموضوع لمعنى أخرج المهمل كديز وقولنا مفرد أخرج الكلام فإنه موضوع لمعنى غير مفرد ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن القول يعم الجميع والمراد أنه يقع على الكلام أنه قول ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول وزعم بعضهم أن الأصل استعماله في المفرد ثم ذكر المصنف أن الكلمة قد يقصد بها الكلام كقولهم في لا إله إلا الله كلمة الإخلاص وقد يجتمع الكلام والكلم في الصدق وقد ينفرد أحدهما فمثال اجتماعهما قد قام زيد فإنه كلام لإفادته معنى يحسن السكوت عليه وكلم لأنه مركب من ثلاث كلمات
ومثال انفراد الكلم إن قام زيد[12]
ومثال انفراد الكلام زيد قائم[13]
بالجر والتنوين والندا وأل
ومسند للاسم تمييز حصل[14]
ذكر المصنف رحمه الله تعالى في هذا البيت علامات الاسم.
فمنها الجر: وهو يشمل الجر بالحرف والإضافة والتبعية نحو مررت بغلام زيد الفاضل فالغلام مجرور بالحرف وزيد مجرور بالإضافة والفاضل مجرور بالتبعية وهو أشمل من قول غيره بحرف الجر لأن هذا لايتناول الجر بالإضافة ولا الجر بالتبعية.
ومنهما التنوين: وهو على أربعة أقسام: [15]
تنوين التمكين: وهو اللاحق للأسماء المعربة كزيد ورجل إلا جمع المؤنث السالم نحو مسلمات وإلا نحو جوار وغواش وسيأتي حكمهما [16] وتنوين التنكير: وهو اللاحق للأسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها نحو مررت بسيبويه وبسيبويه آخر وتنوين المقابلة وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم نحو مسلمات فإنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم كمسلمين.
وتنوين العوض وهو على ثلاثة أقسام:
عوض عن جملة: وهو الذي يلحق إذ عوضا عن جملة تكون بعدها كقوله تعالى: {وأنْتُمْ حِينَئذٍ تَنْظُرُونَ} أي حين إذ بلغت الروح الحلقوم فحذف بلغت الروح الحلقوم وأتى بالتنوين عوضا عنه وقسم يكون عوضا عن اسم وهو اللاحق لكل عوضا عما تضاف إليه نحو كل قائم أي كل إنسان قائم فحذف إنسان وأتى بالتنوين عوضا عنه.
وقسم يكون عوضا عن حرف: وهو اللاحق لجوار وغواش ونحوهما رفعا وجرا نحو هؤلاء جوار ومررت بجوار فحذفت الياء وأتي بالتنوين عوضا عنها.
وتنوين الترنم [17]: وهو الذي يلحق القوافي المطلقة بحرف علة كقوله:
أقلى اللوم عاذل والعتابن
وقولي إن أصبت لقد أصابن[18]
فجيء بالتنوين بدلا من الألف لأجل الترنم وكقوله:
أزف الترحل غير أن ركابنا
لما تزل برحالنا وكأن قدن[19]
والتنوين الغالي: وأثبته الأخفش وهو الذي يلحق القوافي المقيدة كقوله:
وقاتم الأعماق خاوي المخترقن[20]
وظاهر كلام المصنف أن التنوين كله من خواص الاسم وليس كذلك بل الذي يختص به الاسم إنما هو تنوين التمكين والتنكير والمقابلة والعوض وأما تنوين الترنم والغالي فيكونان في الاسم والفعل والحرف [21]. ومن خواص الاسم: النداء نحو يا زيد والألف واللام نحو الرجل والإسناد إليه نحو زيد قائم.
فمعنى البيت حصل للاسم تمييز عن الفعل والحرف بالجر والتنوين والنداء والألف واللام والإسناد إليه أي الإخبار عنه.
واستعمل المصنف أل مكان الألف واللام وقد وقع ذلك في عبارة بعض المتقدمين وهو الخليل واستعمل المصنف مسند مكان الإسناد له.
بتا فعلت وأتت ويا أفعلي
ونون أقبلن فعل ينجلي[22]
ثم ذكر المصنف أن الفعل يمتاز عن الاسم والحرف بتاء فعلت والمراد بها تاء الفاعل وهي المضمومة للمتكلم نحو فعلت والمفتوحة للمخاطب نحو تباركت والمكسورة للمخاطبة نحو فعلت ويمتاز أيضا بتاء أتت والمراد بها تاء التأنيث الساكنة نحو نعمت وبئست فاحترزنا بالساكنة عن اللاحقة للأسماء فإنها تكون متحركة بحركة الإعراب نحو هذه مسلمة ورأيت مسلمة ومررت بمسلمة ومن اللاحقة للحرف نحو لات وربت وثمت[23] وأما تسكينها مع رب وثم فقليل نحو: ربت وثمت.
ويمتاز أيضا بياء أفعلي والمراد بها ياء الفاعلة وتلحق فعل الأمر نحو اضربي والفعل المضارع نحو تضربين ولا تلحق الماضي.
وإنما قال المصنف يا أفعلي ولم يقل ياء الضمير لأن هذه تدخل فيها ياء المتكلم وهي لا تختص بالفعل بل تكون فيه نحو أكرمني وفى الاسم نحو غلامي وفى الحرف نحو إني بخلاف ياء افعلي فإن المراد بها ياء الفاعلة على ما تقدم وهي لا تكون إلا في الفعل ومما يميز الفعل نون أقبلن والمراد بها نون التوكيد خفيفة كانت أو ثقيلة فالخفيفة نحو قوله تعالى: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾[96:15] والثقيلة نحو قوله تعالى: ﴿لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ﴾[7:88]
فمعنى البيت ينجلي الفعل بتاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة وياء الفاعلة ونون التوكيد.
سواهما الحرف كهل وفي ولم
فعل مضارع يلي لم كيشم[24]
وماضي الأفعال بالتا مز وسم
بالنون فعل الأمر إن أمر فهم[25]
يشير إلى أن الحرف يمتاز عن الاسم والفعل بخلوه عن علامات الأسماء وعلامات الأفعال ثم مثل بهل وفي ولم منبها على أن الحرف ينقسم إلى قسمين مختص وغير مختص فأشار بهل إلى غير المختص وهو الذي يدخل على الأسماء والأفعال نحو هل زيد قائم وهل قام زيد وأشار بفي ولم إلى المختص وهو قسمان مختص بالأسماء كفي نحو زيد في الدار ومختص بالأفعال كلم نحو لم يقم زيد ثم شرع في تبيين أن الفعل ينقسم إلى ماض ومضارع وأمر فجعل علامة المضارع صحة دخول لم عليه كقولك في يشم لم يشم وفي يضرب لم يضرب وإليه أشار بقوله فعل مضارع يلي لم كيشم ثم أشار إلى ما يميز الفعل الماضي بقوله وماضي الأفعال بالتا مز أي ميز ماضي الأفعال بالتاء والمراد بها تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة وكل منهما لا يدخل إلا على ماضي اللفظ نحو تباركت يا ذا الجلال والإكرام ونعمت المرأة هند وبئست المرأة دعد.
ثم ذكر في بقية البيت أن علامة فعل الأمر قبول نون التوكيد والدلالة على الأمر بصيغته نحو اضربن واخرجن فإن دلت الكلمة على الأمر ولم تقبل نون التوكيد فهي اسم فعل[26] وإلى ذلك أشار بقوله:
والأمر إن لم يك للنون محل
فيه هو اسم نحو صه وحيهل[27]
فصه وحيهل اسمان وإن دلا على الأمر لعدم قبولهما نون التوكيد فلا تقول صهن ولا حيهلن وإن كانت صه بمعنى اسكت وحيهل بمعنى أقبل فالفارق[28] بينهما قبول نون التوكيد وعدمه نحو اسكتن وأقبلن ولا يجوز ذلك في صه وحيهل.
هامش
" الكلام " خبر لمبتدأ محذوف على تقدير مضافين، وأصل نظم الكلام " هذا باب شرح الكلام وشرح ما يتألف الكلام منه " فحذف المبتدأ - وهو اسم الإشارة - ثم حذف الخبر وهو الباب، فأقيم " شرح " مقامه، فارتفع ارتفاعه، ثم حذف " شرح " أيضا وأقيم " الكلام " مقامه، فارتفع كما كان الذي قبله " وما " الواو عاطفة و" ما " اسم موصول معطوف على الكلام بتقدير مضاف: أي شرح ما يتألف، و" يتألف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الكلام، و" منه " جار ومجرور متعلق بيتألف، والجملة من الفعل الذي هو يتألف والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
" قال " فعل ماض " محمد " فاعل " هو " مبتدأ " ابن " خبره " مالك " مضاف إليه، وكان حق " ابن " أن يكون نعتا لمحمد، ولكنه قطعه عنه، وجعله خبرا لضميره، والأصل أن ذلك إنما يجوز إذا كان المنعوت معلوما بدون النعت حقيقة أو ادعاء، كما أن الأصل أنه إذا قطع النعت عن إتباعه لمنعوته في إعرابه ينظر، فإن كان النعت لمدح أو ذم وجب حذف العامل، وإن كان لغير ذلك جاز حذف العامل وذكره، والجملة هنا وهي قوله هو ابن مالك ليست للمدح ولا للذم، بل هي للبيان، فيجوز ذكر العامل وهو المبتدأ، وإذا فلا غبار على عبارة الناظم حيث ذكر العامل وهو المبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب معترضة بين القول وقوله " أحمد " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " ربي " رب منصوب على التعظيم، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال آخر الكلمة بحركة المناسبة، ورب مضاف وياء المتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " الله " عطف بيان لرب، أو بدل منه، منصوب بالفتحة الظاهرة " خير " منصوب بعامل محذوف وجوبا تقديره أمدح، وقيل: حال لازمة، وخير مضاف و" مالك " مضاف إليه، والجملة من أحمد وفاعله وما تعلق به من المعمولات في محل نصب مفعول به لقال ويقال لها: مقول القول.
" مصليا " حال مقدرة، ومعنى كونها مقدرة أنها تحدث فيما بعد، وذلك لأنه لا يصلى على النبي صلوات الله عليه في وقت حمده لله، وإنما تقع منه الصلاة بعد الانتهاء من الحمد، وصاحبها الضمير المستتر وجوبا في أحمد " على النبي " جار ومجرور متعلق بالحال " المصطفى " نعت للنبي، وهو مجرور بكسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر " وآله " الواو عاطفة، آل: معطوف على النبي، وآل مضاف، والهاء مضاف إليه، مبني على الكسر في محل جر " المستكملين " نعت لآل، مجرور بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها، لأنه جمع مذكر سالم، وفيه ضمير مستتر هو فاعله " الشرفا " بفتح الشين: مفعول به للمستكملين، منصوب بالفتحة الظاهرة، والألف للإطلاق، أو بضم الشين نعت ثان للآل، مجرور بكسرة مقدرة على الألف، إذ هو مقصور من الممدود - وأصله " الشرفاء " جمع شريف ككرماء وظرفاء وعلماء في جمع كريم وظريف وعليم - وعلى هذا الوجه يكون مفعول قوله المستكملين محذوفا، وكأنه قد قال: مصليا على الرسول المصطفى وعلى آله المستكملين أنواع الفضائل الشرفاء.
" وأستعين " الواو حرف عطف، أستعين: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا " الله " منصوب على التعظيم، والجملة من الفعل وفاعله وما تعلق به من المعمولات في محل نصب معطوفة على الجملة السابقة الواقعة مفعولا به لقال " في ألفيه " جار ومجرور متعلق بأستعين " مقاصد " مبتدأ، ومقاصد مضاف و" النحو " مضاف إليه " بها " جار ومجرور متعلق بمحوية " محويه " خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ وخبره في محل جر نعت أول لألفية.
" تقرب " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ألفية " الأقصى " مفعول به لتقرب " بلفظ " جار ومجرور متعلق بتقرب " موجز " نعت للفظ " وتبسط " الواو حرف عطف، تبسط: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ألفية أيضا " البذل " مفعول به لتبسط " بوعد " جار ومجرور متعلق بتبسط " منجز " نعت لوعد، وجملتا الفعلين المضارعين اللذين هما " تقرب " و" تبذل " مع فاعليهما الضميرين المستترين وما يتعلق بكل منهما في محل جر عطف على الجملة الواقعة نعتا لألفية، والجملتان نعتان ثان وثالث لألفية.
" وتقتضي " الواو حرف عطف، تقتضي: فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ألفية " رضا " مفعول به لتقتضي " بغير " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لرضا، وغير مضاف و" سخط " مضاف إليه " فائقة " حال من الضمير المستتر في تقتضي، وفاعل فائقة ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي " ألفية " مفعول به لاسم الفاعل، وألفية مضاف و" ابن " مضاف إليه، وابن مضاف و" معط " مضاف إليه، وجملة " تقتضي " مع فاعله وما تعلق به من المعمولات في محل جر عطف على الجملة الواقعة نعتا لألفية أيضا.
" وهو " الواو للاستئناف، وهو: ضمير منفصل مبتدأ " بسبق " جار ومجرور متعلق بحائز الآتي بعد، والباء للسببية " حائز " خبر المبتدأ " تفضيلا " مفعول به لحائز، وفاعله ضمير مستتر فيه " مستوجب " خبر ثان لهو، وفاعله ضمير مستتر فيه " ثنائي " ثناء: مفعول به لمستوجب، وثناء مضاف وياء المتكلم مضاف إليه " الجميلا " نعت لثناء، والالف للاطلاق.
" والله " الواو للاستئناف، ولفظ الجلالة مبتدأ " يقضي " فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الله، والجملة من الفعل الذي هو يقضي والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ " بهبات " جار ومجرور متعلق بيقضي " وافره " نعت لهبات " لي، وله، في درجات " كل واحد منهن جار ومجرور وكلهن متعلقات بيقضي، ودرجات مضاف و" الأخرة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة، وسكنه لاجل الوقوف، وكان من حق المسلمين عليه أن يعمهم بالدعاء، ليكون ذلك أقرب إلى الإجابة. تنبيه: ابن معط هو الشيخ زين الدين، أبو الحسين، يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور - الزواوي نسبة إلى زواوة، وهي قبيلة كبيرة كانت تسكن بظاهر بجاية من أعمال إفريقيا الشمالية - الفقيه الحنفي. ولد في سنة 564، وأقرأ العربية مدة بمصر ودمشق، وروى عن القاسم بن عساكر وغيره، وهو أجل تلامذة الجزولي، وكان من المتفردين بعلم العربية، وهو صاحب الألفية المشهورة وغيرها من الكتب الممتعة، وقد طبعت ألفيته في أوربا، وللعلماء عليها عدة شروح. وتوفى في شهر ذي القعدة من سنة 628 بمصر، وقبره قريب من تربة الإمام الشافعي رضي الله عنهم جميعا (انظر ترجمته في شذرات الذهب لابن العماد 5 / 129، وفي بغية الوعاة للسيوطي ص 416، وانظر النجوم الزاهرة 6 / 278.
" كلامنا " كلام: مبتدأ، وهو مضاف ونا مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر " لفظ " خبر المبتدأ " مفيد " نعت للفظ، وليس خبرا ثانيا " كاستقم " إن كان مثالا فهو جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كاستقم وإن كان من تمام تعريف الكلام فهو جار ومجرور أيضا متعلق بمحذوف نعت لمفيد " واسم " خبر مقدم " وفعل، ثم حرف " معطوفان عليه الأول بالواو والثاني بثم " الكلم " مبتدأ مؤخر، وكأنه قال: كلام النحاة هو اللفظ الموصوف بوصفين أحدهما الإفادة والثاني التركيب المماثل لتركيب استقم، والكلم ثلاثة أنواع أحدها الاسم وثانيها الفعل وثالثها الحرف، وإنما عطف الفعل على الاسم بالواو لقرب منزلته منه حيث يدل كل منهما على معنى في نفسه، وعطف الحرف بثم لبعد رتبته.
" واحده كلمة " مبتدأ وخبر، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب " والقول " مبتدأ " عم " يجوز أن يكون فعلا ماضيا، وعلى هذا يكون فاعله ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره هو يعود إلى القول، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ، ويجوز أن يكون " عم " اسم تفضيل - وأصله أعم - حذفت همزته كما حذفت من خير وشر لكثرة استعمالهما وأصلهما أخير وأشر، بدليل مجيئهما على الأصل أحيانا، كما في قول الراجز: بلال خير الناس وابن الأخير وقد قرئ (سيعلمون غدا من الكذاب الأشر) بفتح الشين وتشديد الراء، وعلى هذا يكون أصل " عم " أعم كما قلنا، وهو على هذا الوجه خبر للمبتدأ " وكلمة " مبتدأ أول " بها " جار ومجرور متعلق بيؤم الآتي " كلام " مبتدأ ثان " قد " حرف تقليل " يؤم " فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على كلام، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول، ومعنى " يؤم " يقصد، وتقدير البيت: ولفظ كلمة معنى الكلام قد يقصد بها، يعني أن لفظ الكلمة قد يطلق ويقصد بها المعنى الذي يدل عليه لفظ الكلام، ومثال ذلك ما ذكر الشارح من أنهم قالوا " كلمة الإخلاص " وقالوا " كلمة التوحيد " وأرادوا بذينك قولنا: " لا إله إلا الله " وكذلك قال عليه الصلاة والسلام: " أفضل كلمة قالها شاعر كلمة لبيد " وهو يريد قصيدة لبيد بن ربيعة العامري التي أولها: ألا كل شئ ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل
اسم الجنس على نوعين: أحدهما يقال له اسم جنس جمعي، والثاني يقال له اسم جنس إفرادي، فأما اسم الجنس الجمعي فهو " ما يدل على أكثر من اثنين، ويفرق بينه وبين واحده بالتاء "، والتاء غالبا تكون في المفرد كبقرة وبقر وشجرة وشجر، ومنه كلم وكلمة، وربما كانت زيادة التاء في الدال على الجمع مثل كمء للواحد وكمأة للكثير، وهو نادر.
وقد يكون الفرق بين الواحد والكثير بالياء، كزنج وزنجي، وروم ورومي، فأما اسم الجنس الافرادي فهو " ما يصدق على الكثير والقليل واللفظ واحد " كماء وذهب وخل وزيت.
فإن قلت: فإني أجد كثيرا من جموع التكسير يفرق بينها وبين مفردها بالتاء كما يفرق بين اسم الجنس الجمعي وواحده، نحو قرى وواحدة قرية، ومدى وواحدة مدية، فبماذا أفرق بين اسم الجنس الجمعي وما كان على هذا الوجه من الجموع؟.
فالجواب على ذلك أن تعلم أن بين النوعين اختلافا من وجهين، الوجه الأول: أن الجمع لابد أن يكون على زنة معينة من زنات الجموع المحفوظة المعروفة، فأما اسم الجنس الجمعي فلا يلزم فيه ذلك، أفلا ترى أن بقرا وشجرا وثمرا لا يوافق زنة من زنات الجمع! والوجه الثاني: أن الاستعمال العربي جرى على أن الضمير وما أشبهه يرجع إلى اسم الجنس الجمعي مذكرا كقول الله تعالى: (إن البقر تشابه علينا) وقوله جل شأنه: (إليه يصعد الكلم الطيب) فأما الجمع فإن الاستعمال العربي جرى على أن يعود الضمير إليه مؤنثا، كما تجد في قوله تعالى: (لهم غرف من فوقها غرف مبنية) وقوله سبحانه: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار) ، وكقول الشاعر: في غرف الجنة العليا التي وجبت لهم هناك بسعي كان مشكور
لم يكن هذا المثال ونحوه كلاما لأنه لا يفيد معنى يحسن السكوت عليه.
لم يكن هذا المثال ونحوه كلما لأنه ليس مؤلفا من ثلاث كلمات.
" بالجر " جار ومجرور متعلق بقوله " حصل " الآتي آخر البيت، ويجوز أن يكون متعلقا بمحذوف خبر مقدم مبتدؤه المؤخر هو قوله " تمييز " الآتي " والتنوين، والندا، وأل، ومسند " كلهن معطوفات على قوله الجر " للاسم " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم إن جعلت قوله بالجر متعلقا بحصل، فإن جعلت بالجر خبرا مقدما - وهو الوجه الثاني - كان هذا متعلقا بحصل " تمييز " مبتدأ مؤخر، وقد عرفت أن خبره واحد من اثنين " حصل " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى تمييز، والجملة في محل رفع نعت لتمييز، وتقدير البيت: التمييز الحاصل بالجر والتنوين والندا وأل والإسناد كائن للاسم، أو التمييز الحاصل للاسم عن أخويه الفعل والحرف كائن بالجر والتنوين والنداء وأل والإسناد: أي كائن بكل واحد من هذه الخمسة.
في نسخة " وهو أقسام " بدون ذكر العدد، والمراد - على ذكر العدد - أن المختص بالاسم أربعة أقسام.
ومنه قول الله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته) وقوله جل شأنه: (كل له قانتون) وقوله تباركت كلماته: (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك) ، ومثل كل في هذا الموضوع كلمة " بعض " ومن شواهد خذف المفرد الذي من حق " بعض " أن يضاف إليه والإتيان بالتنوين عوضا عنه قول رؤية بن العجاج في مطلع أرجوزة طويلة يمدح فيها تميما: داينت أروى والديون تقضى فمطلت بعضا وأدت بعضا يريد فمطلت بعض الدين وأدت بعضه الآخر.
هذا النوع خامس وقد ذكره وما بعده استطرادا.
هذا بيت من الطويل، لجرير بن عطية بن الخطفى، أحد الشعراء المجيدين، وثالث ثلاثة ألقيت إليهم مقادة الشعراء في عصر بني أمية، وأولهم الفرزدق، وثانيهم الاخطل.
اللغة: " أقلي " أراد منه في هذا البيت معنى اتركي، والعرب تستعمل القلة في معنى النفي بتة، يقولون: قل أن يفعل فلان كذا، وهم يريدون أنه لا يفعله أصلا " اللوم " العذل والتعنيف " عاذل " اسم فاعل مؤنث بالتاء المحذوفة للترخيم، وأصله عاذلة، من العذل وهو اللوم في تسخط، و" العتاب " التقريع على فعل شئ أو تركه.
المعنى: اتركي أيتها العاذلة هذا اللوم والتعنيف، فإني لن أستمع لما تطلبين: من الكف عما آتى من الامور، والفعل لما أذر منها، وخير لك أن تعترفي بصواب ما أفعل الإعراب: " أقلي " فعل أمر - من الاقلال - مسند للياء التي لمخاطبة الواحدة مبني على حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة فاعل، مبني على السكون في محل رفع " اللوم " مفعول به لاقلي " عاذل " منادى مرخم حذفت منه ياء النداء، مبني على ضم الحرف المحذوف في محل نصب، وأصله يا عاذلة " والعتابا " الواو عاطفة، العتابا: معطوف على اللوم " وقولي " فعل أمر، والياء فاعله " إن " حرف شرط " أصبت " فعل ماض فعل الشرط، وتاء المتكلم أو المخاطبة فاعله.
وهذا اللفظ يروى بضم الياء على أنها للمتكلم، وبكسرها على أنها للمخاطبة " لقد أصابا " جملة في محل نصب مقول القول، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله، والتقدير: إن أصبت فقولي لقد أصابا، وجملة الشرط وجوابه لا محل لها معترضة بين القول ومقوله.
الشاهد فيه: قوله: " والعتابن، وأصابن " حيث دخلهما، في الإنشاد، تنوين الترنم، وآخرهما حرف العلة، وهو هنا ألف الإطلاق، والقافية التي آخرها حرف علة تسمى مطلقة.
هذا البيت للنابغة الذبياني، أحد فحول شعراء الجاهلية، وثالث شعراء الطبقة الاولى منهم، والحكم في سوق عكاظ، من قصيدة له يصف فيها المنجردة زوج النعمان ابن المنذر، ومطلعها: من آل مية رائح أو مغتدي عجلان ذا زاد وغير مزود؟ اللغة: " رائح " اسم فاعل من راح يروح رواحا، إذا سار في وقت العشى " مغتدى " اسم فاعل من اغتدى الرجل يغتدى، إذا سار في وقت الغداة، وهي من الصبح إلى طلوع الشمس، وأراد بالزاد في قوله " عجلان ذا زاد " ما كان من تسليم مية عليه أوردها تحيته " أزف " دنا وقرب، وبابه طرب، ويروى " أفد " وهو بوزنه ومعناه " الترحل " الارتحال " تزل " - مضموم الزاي - مضارع زال، وأصله - تزول، فحذفت الواو - عند الجزم للتخلص من التقاء الساكنين.
المعنى: يقول في البيت الذي هو المطلع: أتمضي أيها العاشق مفارقا أحبابك اليوم مع العشى أو غدا مع الغداة؟ وهل يكون ذلك منك وأنت عجلان، تزودت منهم أو لم تنزود، ثم يقول في البيت الشاهد: لقد قرب موعد الرحيل، إلا أن الركاب لم تغادر مكان أحبابنا بما عليها من الرحال، وكأنها قد زالت لقرب موعد الفراق.
الإعراب: " أزف " فعل ماض " الترحل " فاعل " غير " نصب على الاستثناء " أن " حرف توكيد ونصب " ركابنا " ركاب: اسم أن، والضمير المتصل مضاف إليه " لما " حرف نفي وجزم " تزل " فعل مضارع مجزوم بلما " برحالنا " برحال: جار ومجرور متعلق بتزول، ورحال مضاف و" نا " مضاف إليه " كأن " حرف تشبيه ونصب، واسمها ضمير الشأن، وخبرها جملة محذوفة تقديرها " وكأن قد زالت " فحذف الفعل وفاعله المستتر فيه، وأبقى الحرف الذي هو قد.
الشاهد فيه: في هذا البيت شاهدان للنحاة، أولهما دخول التنوين الذي للترنم على الحرف، وهو قد، فذلك يدل على أن تنوين الترنم لا يختص بالاسم، لأن الشيء إذا اختص بشيء لم يجئ مع غيره، والثاني في تخفيف " كأن " التي للتشبيه، ومجيء اسمها ضمير الشأن، والفصل بينها وبين خبرها بقد، لان الكلام إثبات.
ولو كان نفيا لكان الفصل بلم، كما في قوله تعالى: (كأن لم يغنوا فيها) ومثل هذا البيت في الاستشهاد على ذلك قول الشاعر: لا يهولنك اصطلاء لظى الحرب، فمحذورها كأن قد ألما وسيأتي شرح ذلك في باب إن وأخواتها.
هذا البيت لرؤية بن العجاج، أحد الرجاز المشهورين، وأمضغهم للشيح والقيصوم، والذي أخذ عنه العلماء أكثر غريب اللغة، وكان في عصر بني أمية، وبعده: مشتبه الأعلام لماع الخفقن اللغة: " القاتم " كالأقتم: الذي تعلوه القتمة، وهي لون فيه غبرة وحمرة، و" أعماق " جمع عمق - بفتح العين، وتضم - وهو: ما بعد من أطراف الصحراء.
و" الخاوى " الخالى، و" المخترق " مهب الرياح، وهو اسم مكان من قولهم: خرق المفازة واخترقها، إذا قطعها ومر فيها، و" الأعلام " علامات كانوا يضعونها في الطريق للاهتداء بها، واحدها علم بفتح العين واللام جميعا، و" الخفق " اضطراب السراب، وهو الذي تراه نصف النهار كأنه ماء، وأصله بسكون الفاء، فحركها بالفتح ضرورة.
المعنى: كثير من الأمكنة التي لا يهتدى أحد إلى السير فيها لشدة التباسها وخفأئها قد أعملت فيها ناقتي وسرت فيها، يريد أنه شجاع شديد الاحتمال، أو أنه عظيم الخبرة بمسالك الصحراء. الإعراب: " وقاتم " الواو واو رب، قاتم: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، وقاتم مضاف و" الأعماق " مضاف إليه " خاوى " صفة لقاتم، وخاوى مضاف و" المخترق " مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة، وسكنه لأجل الوقف، وخبر المبتدأ جملة من فعل ماض وفاعل في محل رفع، وذلك في قوله بعد أبيات: تنشطته كل مغلاة الوهق الشاهد فيه: قوله " المخترقن " و" الخفقن " حيث أدخل عليهما التنوين مع اقتران كل واحد منهما بأل، ولو كان هذا التنوين مما يختص بالاسم لم يلحق الاسم المقترن بأل، وإذا كان آخر الكلمة التي في آخر البيت حرفا صحيحا ساكنا كما هنا تسمى القافية حينئذ " قافية مقيدة ".
هذا الاعتراض لا يرد على الناظم، لان تسمية نون الترنم والنون التي تلحق القوافي المطلقة تنوينا إنما هي تسمية مجازية، وليست من الحقيقة التي وضع لها لفظ التنوين، فأنت لو أطلقت لفظ التنوين على المعنى الحقيقي الذي وضع له لم يشملهما، والأصل أن يحمل اللفظ على معناه الحقيقي، ولذلك نرى أنه لا غبار على كلام الناظم.
" بتا " جار ومجرور متعلق بينجلى الواقع هو وفاعله الضمير المستتر فيه في محل رفع خبرا عن المبتدأ، فإن قلت: يلزم تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ وهو لا يجوز، قلت: إن ضرورة الشعر هي التي ألجأته إلى ذلك، وإن المعمول لكونه جارا ومجرورا يحتمل فيه ذلك التقدم الذي لا يسوغ في غيره، وتا مضاف و" فعلت " قصد لفظه: مضاف إليه " وأتت " الواو حرف عطف، أتت: قصد لفظه أيضا: معطوف على فعلت " ويا " معطوف على تاء، ويا مضاف و" افعلي " مضاف إليه، وهو مقصود لفظه أيضا " ونون " الواو حرف عطف، نون: معطوف على تاء، وهو مضاف و" أقبلن " قصد لفظه: مضاف إليه " فعل " مبتدأ " ينجلى " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى فعل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
أما دخول التاء على " لا " فأشهر من أن يستدل عليه، بل قد استعملت " لات " حرف نفي بكثرة، وورد استعماله في فصيح الكلام، ومن ذلك قوله تعالى: (ولات حين مناص) وأما دخولها على رب ففي نحو قول الشاعر: وربت سائل عني حفي أعارت عينه أم لم تعارا ونحو قول الآخر: ماوي يا ربتما غارة شعواء كاللذعة بالميسم وأما دخولها على ثم ففي نحو قول الشاعر: ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
" سواهما " سوى: خبر مقدم مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وسوى مضاف والضمير مضاف إليه " الحرف " مبتدأ مؤخر، ويجوز العكس، لكن الأولي ما قدمناه " كهل " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير " وذلك كهل " " وفي ولم " معطوفان على هل " فعل " مبتدأ " مضارع " نعت له " يلي " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فعل مضارع، والجملة خبر المبتدأ " لم " مفعول به ليلى، وقد قصد لفظه " كيشم " جار ومجرور متعلق بمحذوف يقع خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كيشم، وتقدير البيت كله: الحرف سوى الاسم والفعل، وذلك كهل وفي ولم، والفعل المضارع يلي لم، وذلك كائن كيشم، ويشم فعل مضارع ماضيه قولك: شممت الطيب ونحوه - من باب فرح - إذا نشقته، وفيه لغة أخرى من باب نصر ينصر حكاها الفراء.
" وماضي " الواو للاستئناف، ماضي: مفعول به مقدم لقوله مز الآتي، وماضي مضاف و" الأفعال " مضاف إليه " بالتا " جار ومجرور متعلق بمز " مز " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " وسم " الواو عاطفة أو للاستئناف سم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بالنون " جار ومجرور متعلق بسم " فعل " مفعول به لسم، وفعل مضاف و" الأمر " مضاف إليه " إن " حرف شرط " أمر " نائب فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، وتقديره: إن فهم أمر " فهم " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على أمر، والجملة من الفعل ونائب فاعله لا محل لها من الإعراب تفسيرية، وجواب الشرط محذوف يدل عليه المذكور.
وتقديره " إن فهم أمر فسم بالنون إلخ ".
وتقدير البيت: ميز الماضي من الأفعال بقبول التاء التي ذكرنا أنها من علامات كون الكلمة فعلا، وعلم فعل الأمر بقبول النون إن فهم منه الطلب.
ومز: أمر من ماز الشيء يميزه ميزا مثل باع يبيع بيعا إذا ميزه، وسم: أمر من وسم الشيء يسمه وسما مثل وصفه يصفه وصفا إذا جعل له علامة يعرفه بها، والأمر قوله " إن أمر فهم " هو الأمر اللغوي، ومعناه الطلب الجازم على وجه الاستعلاء.
وكذا إذا دلت الكلمة على معنى الفعل المضارع ولم تقبل علامته وهي لم فإنها تكون اسم فعل مضارع، نحو أوه وأف، بمعنى أتوجع وأتضجر، وإن دلت الكلمة على معنى الفعل الماضي وامتنع قبولها علامته امتناعا راجعا إلى ذات الكلمة فإنها تكون اسم فعل ماض، نحو هيهات وشتان، بمعنى بعد وافترق، فإن كان امتناع قبول الكلمة الدالة على الماضي لا يرجع إلى ذات الكلمة، كما في فعل التعجب نحو: " ما أحسن السماء " وكما في " حبذا الاجتهاد " فإن ذلك لا يمنع من كون الكلمة فعلا.
" والأمر " الواو عاطفة أو للاستئناف، الأمر: مبتدأ " إن " حرف شرط " لم " حرف نفي وجزم " يك " فعل مضارع ناقص مجزوم بلم، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف، وأصله يكن " للنون " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر يك مقدما " محل " اسمها مرفوع بالضمة الظاهرة، وسكن لأجل الوقف " فيه " جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لمحل " هو اسم " مبتدأ وخبر، والجملة منهما في محل جزم جواب الشرط، وإنما لم يجئ بالفاء للضرورة.
والجملة من الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ، أو تجعل جملة " هو اسم " في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله الأمر في أول البيت، وتكون جملد جواب الشرط محذوفة دلت عليها جملة المبتدأ وخبره، والتقدير على هذا: والدال على الأمر هو اسم إن لم يكن فيه محل للنون فهو اسم، وحذف جواب الشرط عندما لا يكون فعل الشرط ماضيا ضرورة أيضا، فالبيت لا يخلو من الضرورة " نحو " خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك نحو، ونحو مضاف و" صه " مضاف إليه، وقد قصد لفظه " وحيهل " معطوف على صه.
ثلاثة فوائد - الأولي: أسماء الأفعال على ثلاثة أنواع، النوع الأول: ما هو واجب التنكير، وذلك نحو ويها وواها، والنوع الثاني: ما هو واجب التعريف، وذلك نحو نزال وتراك وبابهما، والثالث: ما هو جائز التنكير والتعريف، وذلك نحو صه ومه، فما نون وجوبا أو جوازا فهو نكرة، وما لم ينون فهو معرفة.
والفائدة الثانية: توافق أسماء الأفعال في ثلاثة أمور، أولها: الدلالة على المعنى، وثانيها: أن كل واحد من أسماء الأفعال يوافق الفعل الذي يكون بمعناه في التعدي واللزوم غالبا، وثالثها: أنه يوافق الفعل الذي بمعناه في إظهار الفاعل وإضماره، ومن غير الغالب في التعدي نحو " آمين " فإنه لم يحفظ في كلام العرب تعديه لمفعول، مع أنه بمعنى استجب وهو فعل متعد، وكذا " إيه " فإنه لازم مع أن الفعل الذي بمعناه وهو زدني متعد، وتخالفها في سبعة أمور، الأول: أنه لا يبرز معها ضمير، بل تقول " صه " بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع المذكر والمؤنث، بخلاف " اسكت " فإنك تقول: اسكتي، واسكتا، واسكتوا، واسكتن، والثاني أنها لا يتقدم معمولها عليها، فلا تقول: " زيدا عليك " كما تقول: " محمدا الزم " والثالث أنه يجوز توكيد الفعل توكيدا لفظيا باسم الفعل، تقول: انزل نزال، وتقول: اسكت صه، كما تقول: انزل انزل، واسكت اسكت، ولا يجوز توكيد اسم الفعل بالفعل، والرابع: أن الفعل إذا دل على الطلب جاز نصب المضارع في جوابه، فتقول: انزل فأحدثك، ولا يجوز نصب المضارع في جواب اسم الفعل ولو كان دالا على الطلب كصه ونزال، والخامس: أن أسماء الأفعال لا تعمل مضمرة، بحيث تحذف ويبقى معمولها، ولا متأخرة عن معمولها، بل متى وجدت معمولا تقدم على اسم فعل تعين عليك تقدير فعل عامل فيه، فنحو قول الشاعر: يأيها المائح دلوي دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا يقدر: خذ دلوى، ولا يجعل قوله: " دلوي " معمولا لدونكا الموجود، ولا لآخر مثله مقدر، على الأصح.
والسادس: أن أسماء الأفعال غير متصرفة، فلا تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان، بخلاف الأفعال.
والسابع: أنها لا تقبل علامات الأفعال كالنواصب والجوازم ونون التوكيد وياء المخاطبة وتاء الفاعل، وهو ما ذكره الشارح في هذا الموضع، فاحفظ هذا كله، وكن منه على ثبت، والله يتولاك. الفائدة الثالثة، اختلف النحاة في أسماء الأفعال، فقال جمهور البصريين: هي أسما قامت مقام الأفعال في العمل، ولا تتصرف تصرف الأفعال بحيث تختلف أبنيتها لاختلاف الزمان، ولا تصرف الأسماء بحيث يسند إليها إسنادا معنويا فتقع مبتدأ وفاعلا، وبهذا فارقت الصفات كأسماء الفاعلين والمفعولين، وقال جمهور الكوفيين: إنها أفعال، لأنها تدل على الحدث والزمان، كل ما في الباب أنها جامدة لا تتصرف، فهي كليس وعسى ونحوهما، وقال أبو جعفر بن صابر: هي نوع خاص من أنواع الكلمة، فليست أفعالا وليست أسماء، لأنها لا تتصرف تصرف الأفعال ولا تصرف الأسماء، ولأنها لا تقبل علامة الأسماء ولا علامة الأفعال، وأعطاها أبو جعفر اسما خاصا بها حيث سماها " خالفة "
=====
المعرب والمبني[1]
والاسم منه معرب ومبني
لشبه من الحروف مدني[2]
يشير إلى أن الاسم ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: المعرب وهو ما سلم من شبه الحروف.
والثاني: المبني وهو ما أشبه الحروف وهو المعني بقوله لشبه من الحروف مدني أي لشبه مقرب من الحروف فعلة البناء منحصرة عند المصنف رحمه الله تعالى في شبه الحرف.
ثم نوع المصنف وجوه الشبه في البيتين الذين بعد هذا البيت وهذا قريب من مذهب أبي علي الفارسي حيث جعل البناء منحصرا في شبه الحرف أو ما تضمن معناه وقد نص سيبويه رحمه الله على أن علة البناء كلها ترجع إلى شبه الحرف وممن ذكره ابن أبي الربيع.[3]
كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا
والمعنوي في متى وفي هنا[4]
وكنيابة عن الفعل بلا
تأثر وكافتقار أصلا[5]
ذكر في هذين البيتين وجوه شبه الاسم بالحرف في أربعة مواضع:
فالأول: شبهه له في الوضع كأن يكون الاسم موضوعا على حرف. واحد كالتاء في ضربت أو على حرفين كنا في أكرمنا وإلى ذلك أشار بقوله في اسمي جئتنا فالتاء في جئتنا اسم لأنه فاعل وهو مبني لأنه أشبه الحرف في الوضع في كونه على حرف واحد وكذلك نا اسم لأنها مفعول وهو مبني لشبهه بالحرف في الوضع في كونه على حرفين [6].
والثاني: شبه الاسم له في المعنى وهو قسمان أحدهما ما أشبه حرفا موجودا والثاني ما أشبه حرفا غير موجود فمثال الأول متى فإنها مبنية لشبهها الحرف في المعنى فإنها تستعمل للاستفهام نحو متى تقوم وللشرط نحو متى تقم أقم وفي الحالتين هي مشبهة لحرف موجود لأنها في الاستفهام كالهمزة وفي الشرط كإن ومثال الثاني هنا فإنها مبنية لشبهها حرفا كان ينبغي أن يوضع فلم يوضع وذلك لأن الإشارة معنى من المعاني فحقها أن يوضع لها حرف يدل عليها كما وضعوا للنفي ما وللنهي لا وللتمني ليت وللترجي لعل ونحو ذلك فبنيت أسماء الإشارة لشبهها في المعنى حرفا مقدرا[7] والثالث: شبهه له في النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل وذلك كأسماء الأفعال نحو دراك زيدا فدراك مبنى لشبهه بالحرف في كونه يعمل ولا يعمل فيه غيره [8] كما أن الحرف كذلك.
واحترز بقوله بلا تأثر عما ناب عن الفعل وهو متأثر بالعامل نحو ضربا زيدا فإنه نائب مناب اضرب وليس بمبني لتأثره بالعامل فإنه منصوب بالفعل المحذوف بخلاف دراك فإنه وإن كان نائبا عن أدرك فليس متأثرا بالعامل.
وحاصل ما ذكره المصنف أن المصدر الموضوع موضع الفعل وأسماء الأفعال اشتركا في النيابة مناب الفعل لكن المصدر متأثر بالعامل فأعرب لعدم مشابهته الحرف وأسماء الأفعال غير متأثرة بالعامل فبنيت لمشابهتها الحرف في أنها نائبة عن الفعل وغير متأثرة به وهذا الذي ذكره المصنف مبني على أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب والمسألة خلافية[9] وسنذكر ذلك في باب أسماء الأفعال.
والرابع: شبه الحرف في الافتقار اللازم وإليه أشار بقوله وكافتقار أصلا وذلك كالأسماء الموصولة نحو الذي فإنها مفتقرة في سائر أحوالها إلى الصلة فأشبهت الحرف في ملازمة الافتقار فبنيت [10] وحاصل البيتين أن البناء يكون في ستة أبواب المضمرات وأسماء الشرط وأسماء الاستفهام وأسماء الإشارة وأسماء الأفعال والأسماء الموصولة.
ومعرب الأسماء ما قد سلما
من شبه الحرف كأرض وسما[11]
يريد أن المعرب خلاف المبني وقد تقدم أن المبني ما أشبه الحرف.
فالمعرب: ما لم يشبه الحرف وينقسم إلى صحيح وهو ما ليس آخره حرف علة كأرض وإلى معتل وهو ما آخره حرف علة كسما وسما لغة في الاسم وفيه ست لغات اسم بضم الهمزة وكسرها وسم بضم السين وكسرها وسما بضم السين وكسرها أيضا وينقسم المعرب أيضا إلى متمكن أمكن وهو المنصرف كزيد وعمرو وإلى متمكن غير أمكن وهو غير المنصرف نحو أحمد ومساجد ومصابيح، فغير المتمكن هو المبني والمتمكن هو المعرب وهو قسمان متمكن أمكن ومتمكن غير أمكن[12].
وفعل أمر ومضي بنيا
وأعربوا مضارعا إن عريا[13]
من نون توكيد مباشر ومن
نون إناث كيرعن من فتن[14]
لما فرغ من بيان المعرب والمبني من الأسماء شرع في بيان المعرب والمبني من الأفعال ومذهب البصريين أن الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال [15] فالأصل في الفعل البناء عندهم وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء وفي الأفعال والأول هو الصحيح ونقل ضياء الدين بن العلج في البسيط أن بعض النحويين ذهب إلى أن الإعراب أصل في الأفعال فرع في الأسماء.
والمبني من الأفعال ضربان:
أحدهما: ما اتفق على بنائه وهو الماضي وهو مبني على الفتح[16] نحو ضرب وانطلق ما لم يتصل به واو جمع فيضم أو ضمير رفع متحرك فيسكن.
والثاني: ما اختلف في بنائه والراجح أنه مبني وهو فعل الأمر نحو اضرب وهو مبني عند البصريين ومعرب عند الكوفيين[17].
والمعرب من الأفعال هو المضارع ولا يعرب إلا إذا لم تتصل به نون التوكيد أو نون الإناث فمثال نون التوكيد المباشرة هل تضربن والفعل معها مبني على الفتح ولا فرق في ذلك بين الخفيفة والثقيلة[18] فإن لم تتصل به لم يبن وذلك كما إذا فصل بينه وبينها ألف اثنين نحو هل تضربان وأصله هل تضربانن فاجتمعت ثلاث نونات فحذفت الأولى وهى نون الرفع كراهة توالي الأمثال فصار هل تضربان[19].
وكذلك يعرب الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد واو جمع أو ياء مخاطبة نحو هل تضربن يا زيدون وهل تضربن يا هند وأصل تضربن تضربونن فحذفت النون الأولى لتوالي الأمثال كما سبق فصار تضربون فحذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار تضربن وكذلك تضربن أصله تضربينن ففعل به ما فعل بتضربونن.
وهذا هو المراد بقوله وأعربوا مضارعا إن عريا من نون توكيد مباشر فشرط في إعرابه أن يعرى من ذلك ومفهومه أنه إذا لم يعر منه يكون مبنيا فعلم أن مذهبه أن الفعل المضارع لا يبنى إلا إذا باشرته نون التوكيد نحو هل تضربن يا زيد فإن لم تباشره أعرب وهذا هو مذهب الجمهور.
وذهب الأخفش إلى أنه مبني مع نون التوكيد سواء اتصلت به نون التوكيد أو لم تتصل ونقل عن بعضهم أنه معرب وإن اتصلت به نون التوكيد ومثال ما اتصلت به نون الإناث الهندات يضربن والفعل معها مبني على السكون ونقل المصنف رحمه الله تعالى في بعض كتبه أنه لا خلاف في بناء الفعل المضارع مع نون الإناث وليس كذلك بل الخلاف موجود وممن نقله الأستاذ أبو الحسن بن عصفور في شرح الإيضاح[20].
وكل حرف مستحق للبنا
والأصل في المبني أن يسكنا[21]
ومنه ذو فتح وذو كسر وضم
كأين أمس حيث والساكن كم[22]
الحروف كلها مبنية إذ لا يعتورها ما تفتقر في دلالتها عليه إلى إعراب نحو أخذت من الدراهم فالتبعيض مستفاد من لفظ من بدون الإعراب والأصل في البناء أن يكون على السكون لأنه أخف من الحركة ولا يحرك المبني إلا لسبب كالتخلص من التقاء الساكنين وقد تكون الحركة فتحة كأين وقام وإنّ وقد تكون كسرة كأمس وجير وقد تكون ضمة كحيث وهو اسم ومنذ وهو حرف إذا جررت به وأما السكون فنحو وعلم مما مثلنا به أن البناء على الكسر والضم لا يكون في الفعل بل في الاسم والحرف وأن البناء على الفتح أو السكون يكون في الاسم والفعل والحرف[23]. "كم واضرب وأجل".
والرفع والنصب اجعلن إعرابا
لاسم وفعل نحو لن أهابا[24]
والاسم قد خصص بالجر
كما قد خصص الفعل بأن ينجزما[25]
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر
كسرا كذكر الله عبده يسر[26]
واجزم بتسكين وغير ما ذكر
ينوب نحو جا أخو بني نمر[27]
أنواع الإعراب أربعة: الرفع والنصب والجر والجزم.
فأما الرفع والنصب فيشترك فيهما الأسماء والأفعال نحو زيد يقوم وإن زيدا لن يقوم وأما الجر فيختص بالأسماء نحو بزيد وأما الجزم فيختص بالأفعال نحو لم يضرب والرفع يكون بالضمة والنصب يكون بالفتحة والجر يكون بالكسرة والجزم يكون بالسكون وما عدا ذلك يكون نائبا عنه كما نابت الواو عن الضمة في أخو والياء عن الكسرة في بني من قوله جاء أخو بني نمر وسيذكر بعد هذا مواضع النيابة.
وارفع بواو وانصبن بالألف
واجرر بياء ما من الأسما أصف[28]
شرع في بيان ما يعرب بالنيابة عما سبق ذكره والمراد بالأسماء التي سيصفها الأسماء الستة وهي أب وأخ وحم وهن وفوه وذو مال فهذه ترفع بالواو نحو جاء أبو زيد وتنصب بالألف نحو رأيت أباه وتجر بالياء نحو مررت بأبيه والمشهور أنها معربة بالحروف فالواو نائبة عن الضمة والألف نائبة عن الفتحة والياء نائبة عن الكسرة وهذا هو الذي أشار إليه المصنف بقوله وارفع بواو إلى آخر البيت والصحيح أنها معربة بحركات مقدرة على الواو والألف والياء فالرفع بضمة مقدرة على الواو والنصب بفتحة مقدرة على الألف والجر بكسرة مقدرة على الياء فعلى هذا المذهب الصحيح لم ينب شيء عن شيء مما سبق ذكره[29]:
من ذاك ذو إن صحبة أبانا
والفم حيث الميم منه بانا[30]
أي من الأسماء التي ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء ذو وفم ولكن يشترط في ذو أن تكون بمعنى صاحب نحو جاءني ذو مال أي صاحب مال وهو المراد بقوله إن صحبة أبانا أي إن أفهم صحبة واحترز بذلك عن ذو الطائية فإنها لا تفهم صحبة بل هي بمعنى الذي فلا تكون مثل ذي بمعنى صاحب بل تكون مبنية وآخرها الواو رفعا ونصبا وجرا نحو جاءني ذو قام ورأيت ذو قام ومررت بذو قام ومنه قوله:
فإما كرام موسرون لقيتهم
فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا[31]
وكذلك يشترط في إعراب الفم بهذه الأحرف زوال الميم منه نحو هذا فوه ورأيت فاه ونظرت إلى فيه وإليه أشار بقوله والفم حيث الميم منه بانا أي انفصلت منه الميم أي زالت منه فإن لم تزل منه أعرب بالحركات نحو هذا فم ورأيت فما ونظرت إلى فم.
أب أخ حم كذاك وهن
والنقص في هذا الأخير أحسن[32]
وفي أب وتالييه يندر
وقصرها من نقصهن أشهر[33]
يعني أن أبا وأخا وحما تجري مجرى ذو وفم اللذين سبق ذكرها فترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء نحو هذا أبوه وأخوه وحموها ورأيت أباه وأخاه وحماها ومررت بأبيه وأخيه وحميها وهذه هي اللغة المشهورة في هذه الثلاثة وسيذكر المصنف في هذه الثلاثة لغتين أخريين.
وأما هن فالفصيح فيه أن يعرب بالحركات الظاهرة على النون ولا يكون في آخره حرف علة نحو هذا هن زيد ورأيت هن زيد ومررت بهن زيد[34] وإليه أشار بقوله والنقص في هذا الأخير أحسن أي النقص في هن أحسن من الإتمام والإتمام جائز لكنه قليل جدا هذا هنوه ورأيت هناه ونظرت إلى هنيه وأنكر الفراء جواز إتمامه وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عن العرب ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وأشار المصنف بقوله وفي أب وتالييه يندر إلى آخر البيت إلى اللغتين الباقيتين في أب وتالييه وهما أخ وحم فإحدى اللغتين النقص وهو حذف الواو والألف والياء والإعراب بالحركات الظاهرة على الباء والخاء والميم نحو هذا أبه وأخه وحمها ورأيت أبه وأخه وحمها ومررت بأبه وأخه وحمها وعليه قوله:
بأبه اقتدى عدي في الكرم
ومن يشابه أبه فما ظلم[35]
وهذه اللغة نادرة في أب وتالييه ولهذا قال وفي أب وتالييه يندر أي: يندر النقص.
واللغة الأخرى في أب وتالييه أن يكون بالألف رفعا ونصبا وجرا نحو هذا أباه وأخاه وحماها ورأيت أباه وأخاه وحماها ومررت بأباه وأخاه وحماها وعليه قول الشاعر:
إنّ أباها وأبا أباها
قد بلغا في المجد غايتاها[36]
فعلامة الرفع والنصب والجر حركة مقدرة على الألف كما تقدر في المقصور وهذه اللغة أشهر من النقص.
وحاصل ما ذكره أن في أب وأخ وحم ثلاث لغات أشهرها أن تكون بالواو والألف والياء والثانية أن تكون بالألف مطلقا [37] والثالثة أن تحذف منها الأحرف الثلاثة وهذا نادر وأن في هن لغتين إحداهما النقص وهو الأشهر والثانية الإتمام وهو قليل.
وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا
لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا[38]
ذكر النحويون لإعراب هذه الأسماء بالحروف شروطا أربعة:
أحدها: أن تكون مضافة واحترز بذلك من ألا تضاف فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة نحو هذا أب ورأيت أبا ومررت بأب.
الثاني: أن تضاف إلى غير ياء المتكلم نحو هذا أبو زيد وأخوه وحموه فإن أضيفت إلى ياء المتكلم أعربت بحركات مقدرة نحو هذا أبي ورأيت أبي ومررت بأبي ولم تعرب بهذه الحروف وسيأتي ذكر ما تعرب به حينئذ.
الثالث: أن تكون مكبرة واحترز بذلك من أن تكون مصغرة فإنها حينئذ تعرب بالحركات الظاهرة نحو هذا أبي زيد وذوي مال ورأيت أبي زيد وذوي مال ومررت بأبي زيد وذوي مال.
الرابع: أن تكون مفردة واحترز بذلك من أن تكون مجموعة أو مثناة فإن كانت مجموعة أعربت بالحركات الظاهرة [39] نحو هؤلاء آباء الزيدين ورأيت آباءهم ومررت بآبائهم وإن كانت مثناة أعربت إعراب المثنى بالألف رفعا وبالياء جرا ونصبا نحو هذان أبوا زيد ورأيت أبويه ومررت بأبويه.
ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى من هذه الأربعة سوى الشرطين الأولين ثم أشار إليهما بقوله وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لياء أي شرط إعراب هذه الأسماء بالحروف أن تضاف إلى غير ياء المتكلم فعلم من هذا أنه لا بد من إضافتها وأنه لا بد أن تكون إضافتها إلى غير ياء المتكلم ويمكن أن يفهم الشرطان الآخران من كلامه وذلك أن الضمير في قوله يضفن راجع إلى الأسماء التي سبق ذكرها وهو لم يذكرها إلا مفردة مكبرة فكأنه قال وشرط ذا الإعراب أن يضاف أب وإخوته المذكورة إلى غير ياء المتكلم.
واعلم أن ذو لا تستعمل إلا مضافة ولا تضاف إلى مضمر بل إلى اسم جنس ظاهر غير صفة نحو جاءني ذو مال فلا يجوز جاءني ذو قائم.
بالألف ارفع المثنى وكلا
إذا بمضمر مضافا وصلا[40]
كلتا كذاك اثنان واثنتان
كابنين وابنتين يجريان[41]
وتخلف الياء في جميعها الألف
جرا ونصبا بعد فتح قد ألف[42]
ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن مما تنوب فيه الحروف عن الحركات الأسماء الستة وقد تقدم الكلام عليها ثم ذكر المثنى وهو مما يعرب بالحروف وحده لفظ دال على اثنين بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه فيدخل في قولنا لفظ دال على اثنين المثنى نحو الزيدان والألفاظ الموضوعة لاثنين نحو شفع وخرج بقولنا [43] بزيادة نحو شفع وخرج بقولنا صالح للتجريد نحو اثنان فإنه لا يصلح لإسقاط الزيادة منه فلا تقول اثن وخرج بقولنا وعطف مثله عليه ما صلح للتجريد وعطف غيره عليه كالقمرين فإنه صالح للتجريد فتقول قمر ولكن يعطف عليه مغايره لأمثله نحو قمر وشمس وهو المقصود بقولهم القمرين وأشار المصنف بقوله بالألف ارفع المثنى وكلا إلى أن المثنى يرفع بالألف وكذلك شبه المثنى وهو كل ما لا يصدق عليه حد المثنى وأشار إليه المصنف بقوله وكلا فما لا يصدق عليه حد المثنى مما دل على اثنين بزيادة أو شبهها فهو ملحق بالمثنى فكلا وكلتا واثنان واثنتان ملحقة بالمثنى لأنها لا يصدق عليها حد المثنى ولكن لا يلحق كلا وكلتا بالمثنى إلا إذا أضيفا إلى مضمر نحو جاءني كلاهما ورأيت كليهما ومررت بكليهما وجاءتني كلتاهما ورأيت كلتيهما ومررت بكلتيهما فإن أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف رفعا ونصبا وجرا نحو جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين ورأيت كلا الرجلين وكلتا المرأتين ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين فلهذا قال المصنف وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا.[44]
ثم بين أن اثنين واثنتين يجريان مجرى ابنين وابنتين فاثنان واثنتان ملحقان بالمثنى كما تقدم وابنان وابنتان مثنى حقيقة ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن الياء تخلف الألف في المثنى والملحق به في حالتي الجر والنصب وأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحا نحو رأيت الزيدين كليهما ومررت بالزيدين كليهما واحترز بذلك عن ياء الجمع فإن ما قبلها لا يكون إلا مكسورا نحو مررت بالزيدين وسيأتي ذلك وحاصل ما ذكره أن المثنى وما ألحق به يرفع بالألف وينصب ويجر بالياء وهذا هو المشهور والصحيح أن الإعراب في المثنى والملحق به بحركة مقدرة على الألف رفعا والياء نصبا وجرا.
وما ذكره المصنف من أن المثنى والملحق به يكونان بالألف رفعا والياء نصبا وجرا هو المشهور في لغة العرب ومن العرب [45] من يجعل المثنى والملحق به بالألف مطلقا رفعا ونصبا وجرا فيقول جاء الزيدان كلاهما ورأيت الزيدان كلاهما ومررت بالزيدان كلاهما
وارفع بواو وبيا اجرر وانصب
سالم جمع عامر ومذنب[46]
ذكر المصنف قسمين يعربان بالحروف أحدهما الأسماء الستة والثاني المثنى وقد تقدم الكلام عليهما ثم ذكر في هذا البيت القسم الثالث وهو جمع المذكر السالم وما حمل عليه وإعرابه بالواو رفعا وبالياء نصبا وجرا وأشار بقوله عامر ومذنب إلى ما يجمع هذا الجمع وهو قسمان جامد وصفة. فيشترط في الجامد أن يكون علما لمذكر عاقل خاليا من تاء التأنيث ومن التركيب فإن لم يكن علما لم يجمع بالواو والنون فلا يقال في رجل رجلون نعم إذا صغر جاز ذلك نحو رجيل ورجيلون لأنه وصف [47] وإن كان علما لغير مذكر لم يجمع بهما فلا يقال في زينب زينبون وكذا إن كان علما لمذكر غير عاقل فلا يقال في لاحق اسم فرس لاحقون وإن كان فيه تاء التأنيث فكذلك لا يجمع بهما فلا يقال في طلحة طلحون وأجاز ذلك الكوفيون [48] وكذلك إذا كان مركبا فلا يقال في سيبويه سيبويهون وأجازه بعضهم. ويشترط في الصفة أن تكون صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء ولا من بان فعلان فعلى ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث فخرج بقولنا صفة لمذكر ما كان صفة لمؤنث فلا يقال في حائض حائضون وخرج بقولنا عاقل ما كان صفة لمذكر غير عاقل فلا يقال في سابق صفة فرس سابقون وخرج بقولنا خالية من تاء التأنيث ما كان صفة لمذكر عاقل ولكن فيه تاء التأنيث نحو علامة فلا يقال فيه علامون وخرج بقولنا ليست من باب أفعل فعلاء ما كان كذلك نحو أحمر فإن مؤنثه حمراء فلا يقال فيه أحمرون وكذلك ما كان من باب فعلان فعلى نحو سكران وسكرى فلا يقال سكرانون وكذلك إذا استوى في الوصف المذكر والمؤنث نحو صبور وجريح فإنه يقال رجل صبور وامرأة صبور ورجل جريح وامرأة جريح فلا يقال في جمع المذكر السالم صبورون ولا جريحون وأشار المصنف رحمه الله إلى الجامد الجامع للشروط التي سبق ذكرها بقوله عامر فإنه علم لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث ومن التركيب فيقال فيه عامرون.
هامش
أي: هذا باب المعرب والمبني، وإعرابه ظاهر.
" والاسم " الواو للاستئناف، الاسم: مبتدأ أول " منه " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " معرب " مبتدأ مؤخر، والجملة منه ومن خبره خبر المبتدأ الأول، " ومبني " مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير " ومنه مبني " ولا يجوز أن تعطف قوله مبني على معرب، لأنه يستلزم أن يكون المعنى أن بعض الاسم معرب ومبني في آن واحد، أو يستلزم أن بعض الاسم معرب ومبني وبعضه الآخر ليس بمعرب ولا مبني، وهو قول ضعيف أباه جمهور المحققين من النحاة " لشبه " جار ومجرور متعلق بمبني، أو متعلق بخبر محذوف مع مبتدئه والتقدير: " وبناؤه ثابت لشبه " " من الحروف " جار ومجرور متعلق بشبه أو بمدني " مدني " نعت لشبه، وتقدير البيت: والاسم بعضه معرب وبعضه الآخر مبني، وبناء ذلك المبني ثابت لشبه مدن له من الحرف ومدني: اسم فاعل فعله أدنى، تقول: أدنيت الشيء من الشيء، إذا قربته منه، والياء فيه هنا ياء زائدة للإشباع، وليست لام الكلمة، لان ياء المنقوص المنكر غير المنصوب تحذف وجوبا.
اعلم أنهم اختلفوا في سبب بناء بعض الأسماء: أهو شئ واحد يوجد في كل مبني منها أو أشياء متعددة يوجد واحد منها في بعض أنواع المبنيات وبعض آخر في نوع آخر، وهكذا؟ فذهب جماعة إلى أن السبب متعدد، وأن من الأسباب مشابهة الاسم في المعنى للفعل المبني، ومثاله - عند هؤلاء - من الاسم: " نزال وهيهات " فإنهما لما أشبها " انزل وبعد " في المعنى بنيا، وهذا السبب غير صحيح، لأنه لو صح للزم بناء نحو " سقيا لك " و" ضربا زيدا " فإنهما بمعنى فعل الأمر وهو مبني.
وأيضا يلزمه إعراب نحو " أف " و" أوه " ونحوهما من الأسماء التي تدل على معنى الفعل المضارع المعرب، ولم يقل بذلك أحد، وإنما العلة التي من أجلها بني " نزال " و" شتان " و" أوه " وغيرها من أسماء الأفعال هي مشابهتها الحرف في كونها عاملة في غيرها غير معمولة لشئ، ألا ترى أنك إذا قلت نزال كان اسم فعل مبنيا على الكسر لا محل له من الإعراب، وكان له فاعل هو ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وهذا الفاعل هو المعمول لاسم الفعل، ولا يكون اسم الفعل أبدا متأثرا بعامل يعمل فيه، لا في لفظه ولا في محله.
وقال قوم منهم ابن الحاجب: إن من أسباب البناء عدم التركيب، وعليه تكون الأسماء قبل تركيبها في الجمل مبنية، وهو ظاهر الفساد، والصواب أن الأسماء قبل تركيبها في الجمل ليست معربة ولا مبنية، لأن الإعراب والبناء حكمان من أحكام التراكيب، ألا ترى أنهم يعرفون الإعراب بأنه: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل، أو يعرفونه بأنه: تغير أواخر الكلمات لاختلاف العوامل الداخلة عليها، والبناء ضده، فما لم يكن تركيب لا يجوز الحكم بإعراب الكلمة ولا ببنائها.
وقال آخرون: إن من أسباب البناء أن يجتمع في الاسم ثلاثة أسباب من موانع الصرف، وعللوه بأن السببين يمنعان من صرف الاسم، وليس بعد منع الصرف إلا ترك الإعراب بالمرة، ومثلوا لذلك ب " حذام، وقطام " ونحوهما، وادعوا أن سبب بناء هذا الباب اجتماع العلمية، والتأنيث، والعدل عن حاذمة وقاطمة، وهو فاسد، فإنا وجدنا من الأسماء ما اجتمع فيه خمسة أسباب من موانع الصرف، وهو مع ذلك معرب، ومثاله " أذربيجان " فإن فيه العلمية والتأنيث والعجمة والتركيب وزيادة الألف والنون، وليس بناء حذام ونحوه لما ذكروه، بل لمضارعته في الهيئة نزال ونحوه مما بنى لشبهه بالحرف في نيابته عن الفعل وعدم تأثره بالعامل.
وقال قوم منهم الذين ذكرهم الشارح: إنه لا علة للبناء إلا مشابهة الحرف، وهو رأي الحذاق من النحويين، كل ما في الأمر أن شبه الحرف على أنواع.
" كالشبه " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كالشبه " الوضعي " نعت للشبه " في اسمي " جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة للوضعي، واسمي مضاف و" جئتنا " قصد لفظه: مضاف إليه " والمعنوي " معطوف على الوضعي " في متى، وفي هنا " جاران ومجروران متعلقان بمحذوف نعت للمعنوي، وتقدير البيت: والشبه المدني من الحروف مثل الشبه الوضعي الكائن في الاسمين الموجودين في قولك " جئتنا " وهما تاء المخاطب و" نا " ومثل الشبه المعنوي الكائن في " متى " الاستفهامية والشرطية وفي " هنا " الإشارية.
" وكنيابة " الواو عاطفة، والجار والمجرور معطوف على كالشبه " عن الفعل " جار ومجرور متعلق بنيابة " بلا تأثر " الباء حرف جر، ولا: اسم بمعنى غير مجرور بالباء، وظهر إعرابه على ما بعده بطريق العارية، والجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لنيابة، ولا مضاف، وتأثر: مضاف إليه، مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة العارية التي يقتضيها ما قبله " وكافتقار " الواو حرف عطف والجار والمجرور معطوف على كنيابة " أصلا " فعل ماض مبني للمجهول، والالف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على افتقار، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر نعت لافتقار، وتقدير البيت: ومثل النيابة عن الفعل في العمل مع أنه لا يتأثر بالعامل، ومثل الافتقار المتأصل، والافتقار المتأصل: هو الافتقار اللازم له الذي لا يفرقه في حالة من حالاته.
الأصل في وضع الحرف أن يكون على حرف هجاء واحد كباء الجر ولامه وكافه وفاء العطف وواوه وألف الاستفهام وما شاكل ذلك، أو على حرفي هجاء ثانيهما لين كلا وما النافيتين، والأصل في وضع الاسم أن يكون على ثلاثة أحرف فصاعدا كما لا يحصى من الأسماء، فما زاد من حروف المعاني على حرفين من حروف الهجاء مثل إن وليت وإلا وثم ولعل ولكن فهو خارج عن الأصل في نوعه، وما نقص من الأسماء عن ثلاثة الأحرف كتاء الفاعل ونا وأكثر الضمائر فهو خارج عن الأصل في نوعه، وما خرج من الحروف عن الأصل في نوعه قد أشبه الأسماء، وما خرج من الأسماء عن الأصل في نوعه أشبه الحروف، وكلا الشبهين راجع إلى الوضع، وكان ذلك يقتضى أن يأخذ المشبه حكم المشبه به في الموضعين، إلا أنهم أعطوا الاسم الذي يشبه الحرف حكم الحرف وهو البناء، ولم يعطوا الحرف الذي أشبه الاسم حكم الاسم وهو الإعراب لسببين، أولهما أن الحرف حين أشبه الاسم قد أشبهه في شئ لا يخصه وحده، فإن الأصل في وضع الفعل أيضا أن يكون على ثلاثة أحرف، بخلاف الاسم الذي قد أشبه الحرف، فإنه قد أشبهه في شئ يخصه ولا يتجاوزه إلى نوع آخر من أنواع الكلمة، والسبب الثاني: أن الحرف لا يحتاج في حالة ما إلى الإعراب، لان الإعراب إنما يحتاج إليه من أنواع الكلمة ما يقع في مواقع متعددة من التراكيب بحيث لا يتميز بعضها عن بعض بغير الإعراب، والحرف لا يقع في هذه المواقع المتعددة، فلم يكن ثمة ما يدعو إلى أن يأخذ حكم الاسم حين يشبهه، ومعنى هذا الكلام أن في مشابهة الحرف للاسم قد وجد المقتضى ولكن لم ينتف المانع، فالمقتضى هو شبه الاسم، والمانع هو عدم توارد المعاني المختلفة عليه، وشرط تأثير المقتضى أن ينتفى المانع.
نقل ابن فلاح عن أبي علي الفارسي أن أسماء الإشارة مبنية لأنها من حيث المعنى أشبهت حرفا موجودا، وهو أل العهدية، فإنها تشير إلى معهود بين المتكلم والمخاطب، ولما كانت الإشارة في هنا ونحوها حسية وفي أل العهدية ذهنية لم يرتض المحققون ذلك، وذهبوا إلى ما ذكره الشارح من أن أسماء الإشارة بنيت لشبهها في المعنى حرفا مقدرا.
ونظير " هنا " فبما ذكرناه " لدى " فإنها دالة على الملاصقة والقرب زيادة على الظرفية، والملاصقة والقرب من المعاني التي لم تضع العرب لها حرفا، وأيضا " ما " التعجبية، فإنها دالة على التعجب، ولم تضع العرب للتعجب حرفا، فيكون بناء كل واحد من هذين الاسمين لشبهه في المعنى حرفا مقدرا، فافهم ذلك.
اسم الفعل ما دام مقصودا معناه لا يدخل عليه عامل أصلا، فضلا عن أن يعمل فيه، وعبارة الشارح كغيره توهم أن العوامل قد تدخل عليه ولكنها لا تؤثر فيه، فكان الأولى به أن يقول " ولا يدخل عليه عامل أصلا " بدلا من قوله " ولا يعمل فيه غيره " وقولنا " ما دام مقصودا منه معناه " نريد به الإشارة إلى أن اسم الفعل إذا لم يقصد به معناه - بأن يقصد لفظه مثلا - فإن العامل قد يدخل عليه، وذلك كما في قول زهير ابن أبي سلمى المزني: ولنعم حشو الدرع أنت إذا دعيت نزال ولج في الذعر فنزال في هذا البيت مقصود بها اللفظ، ولذلك وقعت نائب فاعل، فهي مرفوعة بضمة مقدرة على آخرها منع من ظهوها اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي، ومثله قول زيد الخيل: وقد علمت سلامة أن سيفي كريه كلما دعيت نزال ونظيرهما قول جريبة الفقعسي: عرضنا نزال فلم ينزلوا وكانت نزال عليهم أطم
إذا قلت " هيهات زيد " مثلا فللعلماء في إعرابه ثلاثة آراء: الأول وهو مذهب الأخفش، وهو الصحيح الذي رجحه جمهور علماء النحو أن هيهات اسم فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وزيد: فاعل مرفوع بالضمة، وهذا الرأي هو الذي يجري عليه قول الناظم إن سبب البناء في أسماء الأفعال كونها نائبة عن الفعل غير متأثرة بعامل لا ملفوظ به ولا مقدر، والثاني - وهو رأي سيبويه - أن هيهات مبتدأ مبني على الفتح في محل رفع، فهو متأثر بعامل معنوي وهو الابتداء، وزيد: فاعل سد مسد الخبر، والثالث - وهو رأي المازني - أن هيهات مفعول مطلق لفعل محذوف من معناه، وزيد: فاعل به، وكأنك قلت: بعد بعدا زيد، فهو متأثر بعامل لفظي محذوف من الكلام، ولا يجري كلام الناظم على واحد من هذين القولين، الثاني والثالث، وعلة بناء اسم الفعل على هذين القولين تضمن أغلب ألفاظه - وهي الألفاظ الدالة على الأمر منه - معنى لام الأمر، وسائره محمول عليه، يعني أن اسم الفعل أشبه الحرف شبها معنويا، لا نيابيا.
زاد ابن مالك في شرح الكافية الكبرى نوعا خامسا سماه الشبه الاهمالي، وفسره بأن يشبه الاسم الحرف في كونه لا عاملا ولا معمولا. ومثل له بأوائل السور نحو " ألم، ق، ص " وهذا جار على القول بأن فواتح السور لا محل لها من الإعراب، لأنها من المتشابه الذي لا يدرك معناه، وقيل: إنها في محل رفع على أنها مبتدأ خبره محذوف، أو خبر مبتدؤه محذوف، أو في محل نصب بفعل مقدر كاقرأ ونحوه، أو في محل جر بواو القسم المحذوفة، وجعل بعضهم من هذا النوع الأسماء قبل التركيب، وأسماء الهجاء المسرودة، وأسماء العدد المسرودة، وزاد ابن مالك أيضا نوعا سادسا سماه الشبه اللفظي، وهو: أن يكون لفظ الاسم كلفظ حرف من حروف المعاني، وذلك مثل " حاشا " الاسمية، فإنها أشبهت " حاشا " الحرفية في اللفظ.
واعلم أنه قد يجتمع في اسم واحد مبني شبهان فأكثر، ومن ذلك المضمرات، فإن فيها الشبه المعنوي، إذ التكلم والخطاب والغيبة من المعاني التي تتأدى بالحروف، وفيها الشبه الافتقاري، لان كل ضمير يفتقر افتقارا متأصلا إلى ما يفسره، وفيها الشبه الوضعي، فإن أغلب الضمائر وضع على حرف أو حرفين، وما زاد في وضعه على ذلك فمحمول عليه، طردا للباب على وتيرة واحدة.
" ومعرب " مبتدأ، ومعرب مضاف و" الأسماء " مضاف إليه " ما " اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ " قد سلما " قد: حرف تحقيق، وسلم: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، والألف في " سلما " للإطلاق " من شبه " جار ومجرور متعلق بقوله سلم، وشبه مضاف و" الحرف " مضاف إليه " كأرض " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك كائن كأرض " وسما " الواو حرف عطف، سما: معطوف على أرض، مجرور بكسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها التعذر، وهو - بضم السين مقصورا - إحدى اللغات في اسم كما سيذكره الشارح، ونظيره في الوزن هدى وعلا وتقى وضحا.
وههنا سؤال، وهو - أن الناظم في ترجمة هذا الباب بدأ بالمعرب وثنى بالمبني فقال " المعرب والمبني " وحين أراد التقسيم بدأ بالمعرب أيضا فقال " والاسم منه معرب ومبني " ولكنه حين بدأ في التفصيل وتعريف كل واحد منهما بدأ بالمبني وأخر المعرب، فما وجهه؟ والجواب عن ذلك أنه بدأ في الترجمة والتقسيم بالمعرب لكونه أشرف من المبني بسبب كونه هو الأصل في الأسماء.
وبدأ في التعريف بالمبني لكونه منحصرا، والمعرب غير منحصر، ألا ترى أن خلاصة الكلام في أسباب البناء قد أنتجت أن المبني من الأسماء ستة أبواب ليس غير؟!
والمتمكن الأمكن هو الذي يدخله التنوين، إذا خلا من أل ومن الإضافة، ويجر بالكسرة، ويسمى المنصرف، والمتمكن غير الأمكن هو الذي لا ينون، ولا يجر بالكسرة إلا إذا اقترن بأل أو أضيف، ويسمى الاسم الذي لا ينصرف.
" وفعل " مبتدأ، وفعل مضاف و" أمر " مضاف إليه " ومضى " يقرأ بالجر على أنه معطوف على أمر، ويقرأ بالرفع على أنه معطوف على فعل " بنيا " فعل ماض مبني للمجهول، والألف التي فيه للتثنية، وهي نائب فاعل، وذلك إذا عطفت " مضى " على " فعل " فإن عطفته على " أمر " فالألف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فعل " أعربوا " فعل وفاعل " مضارعا " مفعول به " إن " حرف شرط " عريا " فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، وألفه للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه، وجواب الشرط محذوف يدل عليه السابق من الكلام، أي: إن عرى الفعل المضارع من النون أعرب، وعرى من باب رضى بمعنى خلا، وبأتى من باب قعد بمعنى آخر، تقول: عراه يعروه عروا - مثل سما يسمو سموا - إذا نزل به، ومنه قول أبي صخر الهذلي: وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر
" من نون " جار ومجرور متعلق بعرى، ونون مضاف و" توكيد " مضاف إليه، " مباشر " صفة لنون " ومن نون " جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور السابق، ونون مضاف و" إناث " مضاف إليه " كيرعن " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وتقديره: وذلك كائن كيرعن " من " اسم موصول مفعول به ليرعن، باعتباره فعلا قبل أن يقصد لفظه مع سائر التركيب، مبني على السكون في محل نصب، فأما بعد أن قصد لفظ الجملة فكل كلمة منها كحرف من حروف زيد مثلا " فتن " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
لما كان الأصل عند البصريين في الأسماء الإعراب فإن ما كان منها معربا لا يسأل عن علة إعرابه، لان ما جاء على أصله لا يسأل عن علته، وما جاء منها مبنيا يسأل عن علة بنائه، وقد تقدم للناظم والشارح بيان علة بناء الاسم، وأنها مشابهته للحرف، ولما كان الأصل في الأفعال عندهم أيضا البناء فإن ما جاء منها مبنيا لا يسأل عن علة بنائه، وإنما يسأل عن علة إعراب ما أعرب منه وهو المضارع، وعلة إعراب الفعل المضارع عند البصريين أنه أشبه الاسم في أن كل واحد منهما يتوارد عليه معان تركيبية لا يتضح التمييز بينها إلا بالإعراب، فأما المعاني التي تنوارد على الاسم فمثل الفاعلية والمفعولية والإضافة في نحو قولك: ما أحسن زيد، فإنك لو رفعت زيدا لكان فاعلا وصار المراد نفى إحسانه، ولو نصبته لكان مفعولا به وصار المراد التعجب من حسنه، ولو جررته لكان مضافا إليه، وصار المراد الاستفهام عن أحسن أجزائه، وأما المعاني التي تتوارد على الفعل فمثل النهي عن الفعلين جميعا أو عن الأول منهما وحده أو عن فعلهما متصاحبين في نحو قولك: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرا، فإنك لو جزمت " تمدح " لكنت منهيا عنه استقلالا، وصار المراد أنه لا يجوز لك أن تعن بالجفاء ولا أن تمدح عمرا، ولو رفعت " تمدح " لكان مستأنفا غير داخل في حكم النهي، وصار المراد أنك منهى عن الجفاء مأذون لك في مدح عمرو، ولو نصبته لكان معمولا لان المصدرية وصار المراد أنك منهى عن الجمع بين الجفاء ومدح عمرو، وأنك لو فعلت أيهما منفردا جاز.
بنى الفعل الماضي لان البناء هو الأصل، وإنما كان بناؤه على حركة - مع أن الأصل في البناء السكون - لأنه أشبه الفعل المضارع المعرب في وقوعه خبرا وصفة وصلة وحالا، والأصل في الإعراب أن يكون بالحركات، وإنما كانت الحركة في الفعل الماضي خصوص الفتحة لأنها أخف الحركات، فقصدوا أن تتعادل خفتها مع ثقل الفعل بسبب كون معناه مركبا، لئلا يجتمع ثقيلان في شئ واحد، وتركيب معناه هو دلالته على الحدث والزمان.
عندهم أن نحو " اضرب " مجزوم بلام الأمر مقدرة، وأصله لتضرب، فحذفت اللام تخفيفا، فصار " تضرب " ثم حذف حرف المضارعة قصدا للفرق بين هذا وبين المضارع غير المجزوم عند الوقف عليه، فاحتيج بعد حذف حرف المضارعة إلى همزة الوصل توصلا للنطق بالساكن - وهو الضاد - فصار " اضرب " وفي هذا من التكلف ما ليس تخفى.
لا فرق في اتصال نون التوكيد بالفعل المضارع ومباشرتها له بين أن تكون ملفوظا بها كما مثل الشارح، وأن تكون مقدرة كما في قول الشاعر، وهو الأضبط بن قريع لا تهين الفقير علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه فإن أصل قوله لا تهين لا تهينن بنونين أولاهما لام الكلمة والثانية نون التوكيد الخفيفة، فحذفت نون التوكيد الخفيفة، وبقى الفعل بعد حذفها مبنيا على الفتح في محل جزم بلام النهي، ولو لم تكن نون التوكيد مقدرة في هذا الفعل لوجب عليه أن يقول لا تهن، بحذف الياء التي هي عين الفعل تخلصا من التقاء الساكنين - وهما الياء وآخر الفعل - ثم يكسر آخر الفعل تخلصا من التقاء ساكنين آخرين هما آخر الفعل ولام التعريف التي في أول " الفقير " لان ألف الوصل لا يعتد بها، إذ هي غير منطوق بها، فلما وجدناه لم يحذف الياء علمنا أنه قد حذف نون التوكيد وهو ينوبها.
أي: بعد أن حرك نون التوكيد بالكسر بعد أن كانت مفتوحة، فرقا بينها وبين نون التوكيد التي تتصل بالفعل المسند لواحد، في اللفظ، فإن ألف الاثنين تظهر في النطق كحركة مشبعة، فلو لم تكسر النون في المثنى التبس المسند للإثنين في اللفظ بالمسند إلى المفرد.
ممن قال بإعرابه السهيلي وابن درستويه وابن طلحة، ورأيهم أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره شبهه بالماضي في صيرورة النون جزءا منه، فتقول في نحو (والوالدات يرضعن) : يرضعن فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع ظهورها شبه يرضعن بأرضعن في أن النون قد صارت فيه جزء امنه.
" كل " مبتدأ، وكل مضاف و" حرف " مضاف إليه " مستحق " خبر المبتدأ " للبنا " جار ومجرور متعلق بمستحق " والأضل " مبتدأ " في المبني " جار ومجرور متعلق بالأصل " أن " مصدرية " يسكنا " فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى المبني، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر المبتدأ، والتقدير: والأصل في المبنى تسكينه، والمراد كونه ساكنا.
" ومنه " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم " ذو " مبتدأ مؤخر، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه من الأسماء الستة، وذو مضاف و" فتح " مضاف إليه " وذو " معطوف على ذو السابق " كسر " مضاف إليه " وضم " معطوف على كسر بتقدير مضاف: أي وذو ضم " كأين " متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف " أمس، حيث " معطوفان على أين بحرف عطف محذوف " والساكن الواو عاطفة أو للاستئناف، الساكن: مبتدأ " كم " خبره، ويجوز العكس.
ذكر الناظم والشارح أن من المبنيات ما يكون بناؤه على السكون، ومنه ما يكون بناؤه على حركة من الحركات الثلاث.
واعلم أنه ينوب عن السكون في البناء الحذف، والحذف يقع في موضعين: الأول الأمر المعتل الآخر، نحو: اغز وارم واسع، والثاني: الأمر المسند إلى ألف اثنين أو واو جماعة أو ياء مخاطبة، نحو اكتبا واكتبوا واكتبي، وأنه ينوب عن الفتح في البناء شيئان: أولهما الكسر، وذلك في جمع المؤنث السالم إذا وقع اسما للا النافية للجنس، نحو لا مسلمات، وثانيهما الياء وذلك في جمع المذكر السالم والمثنى إذا وقع أحدهما اسما للا النافية للجنس أيضا، نحو: لا مسلمين، وأنه ينوب عن الضم في البناء شيئان: أحدهما الألف وذلك في المثنى إذا وقع منادى نحو: يا زيدان، وثانيهما الواو، وذلك في جمع المذكر السالم إذا وقع منادى أيضا، نحو: يا زيدون.
" والرفع " مفعول به أول لأجعلن مقدم عليه " والنصب " معطوف عليه " اجعلن " فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " إعرابا " مفعول ثان لأجعلن " لاسم " جار ومجرور متعلق بإعرابا " وفعل " معطوف على اسم " نحو " خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: وذلك نحو " لن " حرف نفي ونصب واستقبال " أهابا " فعل مضارع منصوب بلن، والألف للإطلاق، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، ونحو مضاف وجملة الفعل والفاعل في قوة مفرد مضاف إليه.
" والاسم " مبتدأ " قد " حرف تحقيق " خصص " فعل ماض، مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " بالجر " جار ومجرور متعلق بخصص " كما " الكاف حرف جر، وما: مصدرية " قد " حرف تحقيق " خصص " فعل ماض مبني للمجهول " الفعل " نائب فاعله، وما مع مدخولها في تأويل مصدر مجرور بالكاف: أي ككون الفعل مخصصا " بأن " الباء حرف جر، وأن حرف مصدري ونصب " ينجز ما " فعل مضارع منصوب بأن، والألف للإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل، وأن ومدخولها في تأويل مصدر مجرور بالباء: أي بالانجزام، والجار والمجرور متعلق بخصص.
" فارفع " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بضم " جار ومجرور متعلق بارفع " وانصبن " الواو عاطفة، انصب: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة، وهو معطوف على ارفع " فتحا " منصوب على نزع الخافض أي بفتح " وجر " الواو عاطفة، جر: فعل أمر معطوف على ارفع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " كسرا " مثل قوله فتحا منصوب على نزع الخافض " كذكر الله عبده يسر " الكاف حرف جر ومجروره محذوف، والجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: وذلك كائن كقولك، وذكر: مبتدأ، وذكر مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، وعبد: مفعول به لذكر منصوب بالفتحة الظاهرة، وعبد مضاف والضمير مضاف إليه، ويسر: فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذكر، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ.
" واجزم " الواو عاطفة، اجزم: فعل أمر معطوف على ارفع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بتسكين " جار ومجرور متعلق باجزم " وغير " الواو للاستئناف، غير: مبتدأ، وغير مضاف و" ما " اسم موصول مضاف إليه مبني على السكون في محل جر " ذكر " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ما الموصولة، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة " ينوب " فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى غير، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ " نحو " خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك نحو " جا " فعل ماض قصر للضرورة " أخو " فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وأخو مضاف و" بني " مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم، وبني مضاف و" نمر " مضاف إليه، مجرور بالكسرة الظاهرة، وسكن لأجل الوقف، والجملة من الفعل وفاعله في قوة مفرد مجرور بإضافة نحو إليه.
" وارفع " الواو للاستئناف، ارفع فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بواو " متعلق بارفع " وانصبن " الواو عاطفة، انصب: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وهو معطوف على ارفع " بالألف " جار ومجرور متعلق بانصب " واجرر " الواو عاطفة، اجرر: فعل أمر مبني على السكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، وهو معطوف على ارفع " بياء " جار ومجرور متعلق باجرر " ما " اسم موصول تنازعه الأفعال الثلاثة " من الأسما " جار ومجرور متعلق بأصف الآتي، أو بمحذوف حال من ما الموصولة " أصف " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب، والعائد ضمير محذوف منصوب المحل بأصف، أي: الذي أصفه.
في هذه المسألة أقوال كثيرة، وأشهر هذه الأقوال ثلاثة، الأول: أنها معربة من مكان واحد، والواو والألف والياء هي حروف الإعراب، وهذا رأي جمهور البصريين وإليه ذهب أبو الحسن الأخفش في أحد قوليه، وهو الذي ذكره الناظم هنا ومال إليه.
والثاني: أنها معربة من مكان واحد أيضا، وإعرابها بحركات مقدرة على الواو والألف والياء، فإذا قلت " جاء أبوك " فأبوك: فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الواو منع من ظهورها الثقل، وهذا مذهب سيبويه، وهو الذي ذكره الشارح وزعم أنه الصحيح، ورجحه الناظم في كتابه التسهيل، ونسبه جماعة من المتأخرين إلى جمهور البصريين، والصحيح أن مذهب هؤلاء هو الذي قدمنا ذكره، قال أتباع سيبويه: إن الأصل في الإعراب أن يكون بحركات ظاهرة أو مقدرة فمتى أمكن هذا الأصل لم يجز العدول عنه إلى الفروع، وقد أمكن أن نجعل الإعراب بحركات مقدرة، فيجب المصير إليه، والقول الثالث: قول جمهور الكوفيين، وحاصله أنها معربة من مكانين، قالوا: إن الحركات تكون إعرابا لهذه الأسماء في حال إفرادها: أي قطعها عن الإضافة، فتقول: هذا أب لك وقد رأيت أخا لك، ومررت بحم، فإذا قلت في حال الإضافة، " هذا أبوك " فالضمة باقية على ما كانت عليه في حال الأفراد، فوجب أن تكون علامة إعراب، لان الحركة التي تكون علامة إعراب للمفرد في حالة إفراده هي بعينها التي تكون علامة لإعرابه في حال إضافته، ألا ترى أنك تقول " هذا غلام " فإذا قلت " هذا غلامك " لم يتغير الحال؟ فكذا هنا.
وكذا الواو والألف والياء بعد هذه الحركات في حال إضافة الأسماء الستة تجري مجرى الحركات في كونها إعرابا، بدليل أنها تتغير في حال الرفع والنصب والجر، فدل ذلك على أن الضمة والواو جميعا علامة للرفع، والفتحة والألف جميعا علامة للنصب، والكسرة والياء جميعا علامة للجر، وإنما ألجأ العرب إلى ذلك قلة حروف هذه الأسماء، فرفدوها في حال الإضافة التي هي من خصائص الاسم - بحروف زائدة، تكثيرا لحروفها.
" من ذاك " من ذا: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، والكاف حرف خطاب " ذو " مبتدأ مؤخر " إن " حرف شرط " صحبة " مفعول به مقدم لابان " أبانا " أبان: فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى ذو، وألفه للإطلاق وهو فعل شرط مبني على الفتح في محل جزم، والجواب محذوف، والتقدير: إن أبان ذو صحبة فارفعه بالواو " والفم " معطوف على ذو " حيث " ظرف مكان " الميم " مبتدأ " منه " جار ومجرور متعلق ببان " بانا " فعل ماض بمعنى انفصل، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الميم، وألفه للإطلاق وجملته في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو قوله الميم، وجملة المبتدأ وخبره في محل جر بإضافة " حيث " إليها.
هذا بيت من الطويل، وهو من كلام منظور بن سحيم الفقعسي، وقد استشهد به ابن هشام في أوضح المسالك (ش 7) في مبحث الأسماء الخمسة، وفي باب الموصول، كما فعل الشارح هنا، واستشهد به الأشموني (ش 155) مرتين أيضا.
وقبل البيت المستشهد به قوله: ولست بهاج في القرى أهل منزل على زادهم أبكي وأبكي البواكيا فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذو عندهم.
البيت وإما كرام معسرون عذرتهم وإما لئام فادخرت حيائيا وعرضي أبقى ما ادخرت ذخيرة وبطني أطويه كطي ردائيا اللغة: " هاج " اسم فاعل من الهجاء، وهو الذم والقدح، تقول: هجاه يهجوه هجوا وهجاء " القرى " - بكسر القاف مقصورا - إكرام الضيف، و" في " هنا دالة على السببية والتعليل، مثلها في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دخلت امرأة النار في هرة " أي بسبب هرة ومن أجل ما صنعته معها، يريد أنه لن يهجو أحدا ولن يذمه ويقدح فيه بسبب القرى على أية حال، وذلك لان الناس على ثلاثة أنواع: النوع الأول كرام موسرون، والنوع الثاني كرام معسرون غير واجدين ما يقدمونه لضيفانهم، والنوع الثالث لئام بهم شح وبخل وضنانة، وقد ذكر هؤلاء الأنواع الثلاثة، وذكر مع كل واحد حاله بالنسبة له " كرام " جمع كريم، وأراد الطيب العنصر الشريف الآباء، وقابلهم باللئام " موسرون " ذوو ميسرة وغنى، وعندهم ما يقدمونه للضيفان " معسرون " ذوو عسرة وضيق لا يجدون ما يقدمونه مع كرم نفوسهم وطيب عنصرهم.
الإعراب: " إما " حرف شرط وتفصيل، مبني على السكون لا محل له من الإعراب " كرام " فاعل بفعل محذوف يفسره السياق، وتقدير الكلام: إما لقيني كرام، ونحو ذلك، مرفوع بذلك الفعل المحذوف، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة " موسرون " نعت لكرام، ونعت المرفوع مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد " لقيتهم " لقى: فعل ماض مبني على فتح مقدر لا محل له من الإعراب، والتاء ضمير المتكلم فاعل لقى، مبني على الضم في محل رفع، وضمير الغائبين العائد إلى كرام، مفعول به مبني على السكون في محل نصب، وجملة الفعل الماضي وفاعله ومفعوله لا محل لها من الإعراب تفسيرية " فحسبي " الفاء واقعة في جواب الشرط، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، حسب: اسم بمعنى كاف خبر مقدم، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، مبني على الفتح في محل جر " من " حرف جر مبني على السكون لا محل له " ذو " اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل جر بمن، وإن رويت " ذي " فهو مجرور بمن، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة، والجار والمجرور متعلق بحسب " عندهم " عند: ظرف متعلق بمحذوف يقع صلة للموصول الذي هو ذو بمعنى الذي، وعند مضاف وضمير الغائبين مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر " ما " اسم موصول بمعنى الذي مبتدأ مؤخر مبني على السكون في محل رفع " كفانيا " كفى: فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف منع من ظهوره التعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول الذي هو ما، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به مبني على الفتح في محل نصب، والألف للإطلاق، وجملة كفى وفاعله ومفعوله لا محل صلة ما.
الشاهد فيه: قوله " فحسبي من ذو عندهم " فإن " ذو " في هذه العبارة اسم موصول بمعنى الذي، وقد رويت هذه الكلمة بروايتين، فمن العلماء من روى " فحسبي من ذي عندهم " بالياء، واستدل بهذه الرواية على أن " ذا " الموصولة تعامل معامل " ذي " التي بمعنى صاحب والتي هي من الأسماء الخمسة، فترفع بالواو، وتنصب بالألف، وتجر بالياء كما في هذه العبارة على هذه الرواية، ومعنى ذلك أنها معربة ويتغير آخرها بتغير التراكيب.
ومن العلماء من روى " فحسبي من ذو عندهم " بالواو، واستدل بها على أن " ذو " التي هي اسم موصول مبنية، وأنها تجئ بالواو في حالة الرفع وفي حالة النصب وفي حالة الجر جميعا وهذا الوجه هو الراجح عند النحاة، وسيذكر الشارح هذا البيت مرة أخرى في باب الموصول، وينبه على الروايتين جميعا، وعلى أن رواية الواو تدل على البناء ورواية الياء تدل على الإعراب، لكن على رواية الياء يكون الإعراب فيها بالحروف نيابة عن الحركات على الراجح، وعلى رواية الواو تكون الكلمة فيها مبنية على السكون، فاعرف ذلك ولا تنسه. قال ابن منظور في لسان العرب: " وأما قول الشاعر: فإن بيت تميم ذو سمعت به فإن " ذو " هنا بمعنى الذي، ولا يكون في الرفع والنصب والجر إلا على لفظ واحد، وليست بالصفة التي تعرب نحو قولك: مررت برجل ذي مال، وهو ذو مال، ورأيت رجلا ذا مال، وتقول: رأيت ذو جاءك، وذو جاءاك، وذو جاؤوك، وذو جاءتك، وذو جئنك، بلفظ واحد للمذكر والمؤنث، ومن أمثال العرب: أتى عليه ذو أتى على الناس، أي الذي أتى عليهم، قال أبو منصور: وهي لغة طيء، وذو بمعنى الذي " اهـ.
وفي البيت الذي أنشده في صدر كلامه شاهد كالذي معنا على أن " ذو والتي بمعنى الذي تكون بالواو ولو كان موضعها جرا أو نصبا، فإن قول الشاعر " ذو سمعت به " نعت لبيت تميم المنصوب على أنه اسم إن، ولو كانت " ذو " معربة لقال: فإن بيت تميم ذا سمعت به، فلما جاء بها بالواو في حال النصب علمنا أنه يراها مبنية، وبناؤها كما علمت على السكون
" أب " مبتدأ " أخ حم " معطوفان على أب مع حذف حرف العطف " كذاك " جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر تنازعه كل من أب وما عطف عليه " وهن " الواو عاطفة، هن: مبتدأ، وخبره محذوف، أي: وهن كذا ك " والنقص " مبتدأ " في هذا " جار ومجرور متعلق بالنقص، أو بأحسن " الأخير " بدل أو عطف بيان من اسم الإشارة أو هو نعت له " أحسن " خبر المبتدأ.
" وفي أب " جار ومجرور متعلق بيندر الآتي " وتالييه " معطوف على أب " يندر " فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى النقص " وقصرها " الواو عاطفة، قصر: مبتدأ، وقصر مضاف والضمير مضاف إليه " من نقصهن " من نقص: جار ومجرور متعلق بأشهر، ونقص مضاف والضمير مضاف إليه " أشهر " خبر المبتدأ.
ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " من تعزى بعزاء الجاهلية فأعظوه بهن أبيه، ولا تكنوا " وتعزى بعزاء الجاهلية معناه دعا بدعائها فقال: يا لفلان، ويا لفلان، والغرض أنه يدعو إلى العصبية القبلية التي جهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهده في محوها.
ومعنى " أعضوه بهن أبيه " قولوا له: عض أير أبيك، ومعنى " ولا تكنوا " قولوا له ذلك بلفظ صريح، مبالغة في التشنيع عليه، ومحل الاستشهاد قوله صلوات الله عليه: " بهن أبيه " حيث جر لفظ الهن بالكسرة الظاهرة، ومن ذلك قولهم في المثل: " من يطل هن أبيه ينتطق به " يريدون من كثر إخوته اشتد بهم ظهره وقوى بهم عزه.
ينسب هذا البيت لرؤية بن العجاج، من كلمة يزعمون أنه مدح فيها عدي بن حاتم الطائي، وقبله قوله: أنت الحليم والأمير المنتقم تصدع بالحق وتنفي من ظلم اللغة: " عدي " أراد به عدي بن حاتم الطائي الجواد المشهور " اقتدى " يريد أنه جعله لنفسه قدوة فسار على نهج سيرته " فما ظلم " يريد أنه لم يظلم أمه، لأنه جاء على مثال أبيه الذي ينسب إليه، وذلك لأنه لو جاء مخالفا لما عليه أبوه من السمت أو الشبه أو من الخلق والصفات لنسبه الناس إلى غيره، فكان في ذلك ظلم لامه واتهام لها (انظر مجمع الأمثال رقم 4020 في 2 / 300 بتحقيقنا) .
الإعراب: " بأبه " الجار والمجرور متعلق باقتدى، وأب مضاف والضمير مضاف إليه " اقتدى عدي " فعل ماض وفاعله " في الكرم " جار ومجرور بالكسرة الظاهرة متعلق باقتدى أيضا، وسكن المجرور للوقف " ومن " اسم شرط مبتدأ " يشابه " فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من " أبه " مفعول به ليشابه، ومضاف إليه " فما " الفاء واقعة في جواب الشرط، وما: نافية " ظلم " فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو اسم الشرط، وهذا أحد ثلاثة أقوال، وهو الذي نرجحه من بينها، وإن رجح كثير من النحاة غيره.
الشاهد فيه: قوله " بأبه يشابه أبه " حيث جر الأول بالكسرة الظاهرة، ونصب الثاني بالفتحة الظاهرة.
وهذا يدل على أن قوما من العرب يعربون هذا الاسم بالحركات الظاهرة على أواخره، ولا يجتلبون لها حروف العلة لتكون علامة إعراب.
نسب العيني والسيد المرتضى في شرح القاموس هذا البيت لابي النجم العجلي، ونسبه الجوهري لرؤية بن العجاج، وذكر العيني أن أبا زيد نسبه في نوادره لبعض أهل اليمن.
وقد بحثت النوادر فلم أجد فيها هذا البيت، ولكني وجدت أبا زيد أنشد فيها عن أبي الغول لبعض أهل اليمن: أي قلوص راكب تراها طاروا عليهن فشل علاها واشدد بمثنى حقب حقواها ناجية وناجيا أباها وفي هذه الأبيات شاهد للمسألة التي معنا، وقافيتها هي قافية بيت الشاهد، ومن هنا وقع السهو للعيني، فأما الشاهد في هذه الأبيات ففي قوله: " وناجيا أباها " فإن " أباها " فاعل بقوله: " ناجيا " وهذا الفاعل مرفوع بضمة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وهذه لغة القصر، ولو جاء به على لغة التمام لقال: " وناجيا أبوها ".
الإعراب: " إن " حرف توكيد ونصب " أباها " أبا: اسم إن منصوب بفتحة مقدرة على الألف، ويحتمل أن يكون منصوبا بالألف نيابة عن الفتحة كما هو المشهور، وأبا مضاف والضمير مضاف إليه " وأبا " معطوف على اسم إن، وأبا مضاف وأبا من " أباها " مضاف إليه، وهو مضاف والضمير مضاف إليه " قد " حرف تحقيق " بلغا " فعل ماض، وألف الاثنين فاعله، والجملة في محل رفع خبر إن " في المجد " جار ومجرور متعلق بالفعل قبله وهو بلغ " غايتاها " مفعول به لبلغ على لغة من يلزم المثنى الألف، أي منصوب بفتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر، وغايتا مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه، وهذا الضمير عائد على المجد، وإنما جاء به مؤنثا ومن حقه التذكير لأنه اعتبر المجد صفة أو رتبة، والمراد بالغايتين المبدأ والنهاية، أو نهاية مجد النسب ونهاية مجد الحسب، وهذا الأخير أحسن.
الشاهد فيه: الذي يتعين الاستشهاد به في هذا البيت لما ذكر الشارح هو قوله: " أباها " الثالثة لان الأولى والثانية يحتملان الأجراء على اللغة المشهورة الصحيحة كما رأيت في الإعراب، فيكون نصبهما بالألف، أما الثالثة فهي في موضع الجر بإضافة ما قبلها إليها، ومع ذلك جاء بها بالألف، والأرجح إجراء الأوليين كالثالثة، لأنه يبعد جدا أن يجئ الشاعر بكلمة واحدة في بيت واحد على لغتين مختلفتين.
هذه لغة قوم بأعيانهم من العرب، واشتهرت نسبتها إلى بني الحارث وخثعم وزبيد، وكلهم ممن يلزمون المثنى الألف في أحواله كلها، وقد تكلم بها في الموضعين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك في قوله: " ما صنع أبا جهل؟ "، وقوله: " لا وتران في ليلة " وعلى هذه اللغة قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: " لا قود في مثقل ولو ضربه بأبا قبيس " وأبو قبيس: جبل معروف.
" وشرط " الواو للاستئناف، شرط: مبتدأ، وشرط مضاف و" ذا " مضاف إليه " الإعراب " بدل أو عطف بيان أو نعت لذا " أن " حرف مصدري ونصب " يضفن " فعل مضارع مبني للمجهول وهو مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب بأن، وأن مدخولها في تأويل مصدر خبر المبتدأ، أي: شرط إعرابهن بالحروف كونهن مضافات، و" لا " حرف عطف " لليا " معطوف على محذوف، والتقدير: لكل اسم لا للياء " كجا " الكاف حرف جر، ومجروره محذوف والجار والمجرور متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، أي: وذلك كائن كقولك، وجا: أصله جاء: فعل ماض " أخو " فاعل جاء، وأخو مضاف وأبي من " أبيك " مضاف إليه مجرور بالياء، وأبي مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه " ذا " حال منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، وهو مضاف، و" اعتلا " مضاف إليه.
وأصله اعتلاء فقصره للاضطرار، وتقدير البيت: وشرط هذا الإعراب (الذي هو كونها بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرا) في كل كلمة من هذه الكلمات كونها مضافة إلى أي اسم من الأسماء لا لياء المتكلم، ومثال ذلك قولك: جاء أخو أبيك ذا اعتلاء، فأخو: مثال للمرفوع بالواو وهو مضاف لما بعده، وأبيك: مثال للمجرور بالياء، وهو مضاف لضمير المخاطب، وذا: مثال للمنصوب بالألف، وهو مضاف إلى " اعتلا "، وكل واحد من المضاف إليهن اسم غير ياء المتكلم كما ترى.
المراد جمع التكسير كما مثل، فأما جمع المذكر السالم فإنها لا تجمع عليه إلا شذوذا، وهي - حينئذ - تعرب إعراب جمع المذكر السالم شذوذا: بالواو رفعا، وبالياء المكسور ما قبلها نصبا وجرا، ولم يجمعوا منها جمع المذكر إلا الأب وذو.
فأما الأب فقد ورد جمعه في قول زياد بن واصل السلمي: فلما تبين أصواتنا بكين وفديننا بالابينا وأما " ذو " فقد ورد جمعه مضافا مرتين: إحداهما إلى اسم الجنس، والأخرى إلى الضمير شذوذا، وذلك في قول كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني: صبحنا الخزرجية مرهفات أبار ذوي أرومتها ذووها ففي " ذووها " شذوذ من ناحيتين: إضافته إلى الضمير، وجمعه جمع المذكر السالم (1) اعلم أن الأصل في وضع " ذو " التي بمعنى صاحب أن يتوصل بها إلى نعت ما قبلها بما بعدها، وذلك يستدعي شيئين، أحدهما: أن يكون ما بعدها مما لا يمتنع أن يوصف به، والثاني: أن يكون ما بعدها مما لا يصلح أن يقع صفة من غير حاجة إلى توسط شئ ومن أجل ذلك لازمت الإضافة إلى أسماء الأجناس المعنوية كالعلم والمال والفضل والجاه فتقول: محمد ذو علم، وخالد ذو مال، وبكر ذو فضل، وعلى ذو جاه، وما أشبه ذلك لان هذه الأشياء لا يوصف بها إلا بواسطة شئ، ألا ترى أنك لا تقول " محمد فضل " إلا بواسطة تأويل المصدر بالمشتق، أو بواسطة تقدير مضاف، أو بواسطة قصد المبالغة، فأما الأسماء التي يمتنع أن تكون نعتا - وذلك الضمير والعلم - فلا يضاف " ذو " ولا مثناه ولا جمعه إلى شئ منها، وشذ قول كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني الذي سبق إنشاده: صبحنا الخزرجية مرهفات أبار ذوي أرومتها ذووها كما شذ قول الآخر: إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه وشذ كذلك ما أنشده الأصمعي قال: أنشدني أعرابي من بني تميم ثم من بني حنظلة لنفسه: أهنأ المعروف ما لم تبتذل فيه الوجوه إنما يصطنع المعروف في الناس ذووه وإن كان اسم أو ما يقوم مقامه مما يصح أن يكون نعتا بغير حاجة إلى شئ - وذلك الاسم المشتق والجملة - لم يصح إضافة " ذو " إليه، وندر نحو قولهم: اذهب بذي تسلم، والمعنى: اذهب بطريق ذي سلامة، فتلخص أن " ذو " لا تضاف إلى واحد من أربعة أشياء: العلم، والضمير، والمشتق، والجملة، وأنها تضاف إلى اسم الجنس الجامد، سواء أكان مصدرا أم لم يكن.
" بالألف " جار ومجرور متعلق بارفع التالي " ارفع " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " المثنى " مفعول به لا رفع، منصوب بفتحة مقدرة على الألف " وكلا " معطوف على المثنى " إذا " ظرف لما يستقبل من الزمان " بمضمر " جار ومجرور متعلق بوصل الآتي " مضافا " حال من الضمير المستتر في وصل " وصلا " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر بإضافة إذا إليها، وجواب إذا محذوف، والتقدير: إذا وصل كلا بالضمير حال كون كلا مضافا إلى ذلك الضمير فارفعه بالألف.
" كلنا " مبتدأ " كذاك " الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر، والكاف حرف خطاب " اثنان " مبتدأ " واثنتان " معطوف عليه " كابنين " جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير الذي هو ألف الاثنين في قوله يجريان الآتي " وابنتين " معطوف على ابنين " يجريان " فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وألف الاثنين فاعل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ وما عطف عليه.
" وتخلف " فعل مضارع " اليا " فاعله " في جميعها " الجار والمجرور متعلق بتخلف، وجميع مضاف والضمير مضاف إليه " الألف " مفعول به لتخلف " جرا " مفعول لأجله " ونصبا " معطوف عليه " بعد " ظرف متعلق بتخلف، وبعد مضاف و" فتح " مضاف إليه " قد " حرف تحقيق " ألف " فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على فتح، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل جر نعت لفتح.
وخرج بقوله " دال على اثنين " الاسم الذي تكون في آخره زيادة المثنى وهو مع ذلك لا يدل على اثنين، وإنما يدل على واحد أو على ثلاثة فصاعدا، فأما ما يدل على الواحد مع هذه الزيادة فمثاله من الصفات: رجلان، وشبعان، وجوعان، وسكران وندمان، ومثاله من الأعلام، عثمان، وعفان، وحسان، وما أشبه ذلك، وأما ما يدل على الثلاثة فصاعدا فمثاله: صنوان، وغلمان، وصردان، ورغفان، وجرذان وإعراب هذين النوعين بحركات ظاهرة على النون، والألف ملازمة لها في كل حال، لأنها نون الصيغة، وليست النون القائمة مقام التنوين.
هذا الذي ذكره الشارح تبعا للناظم - من أن لكلا وكلنا حالتين: حالة يعاملان فيها معاملة المثنى، وحالة يعاملان فيها معاملة المفرد المقصور، فيكونان بالألف في الأحوال الثلاثة كالفتى والعصا - هو مشهور لغة العرب، والسر فيه - على ما ذهب إليه نحاة البصرة - أن كلا وكلتا لفظهما لفظ المفرد ومعناهما معنى المثنى، فكان لهما شبهان شبه بالمفرد من جهة اللفظ، وشبه بالمثنى من جهة المعنى، فأخذا حكم المفرد تارة وحكم المثنى تارة أخرى، حتى يكون لكل شبه حظ، في الإعراب.
وفي إعادة الضمير عليهما أيضا.
ومن العرب من يعاملهما معاملة المقصور في كل حال، فيغلب جانب اللفظ، وعليه جاء قول الشاعر: نعم الفتى عمدت إليه مطيتي في حين جد بنا المسير كلانا ومحل الشاهد في قوله " كلانا " فإنه توكيد للضمير المجرور محلا بالباء في قوله " بنا " وهو مع ذلك مضاف إلى الضمير، وقد جاء به بالألف في حالة الجر.
وقد جمع في عود الضمير عليهما بين مراعاة اللفظ والمعنى الأسود بن يعفر في قوله: إن المنية والحتوف كلاهما يوفي المخارم يرقبان سوادي فتراه قال " يوفي المخارم " بالإفراد، ثم قال " يرقبان " بالتثنية، فأما الإعراب فإن جعلت " كلاهما " توكيدا كان كإعراب المقصور، ولكن ذلك ليس بمتعين، بل يجوز أن يكون " كلاهما " مبتدأ خبره جملة المضارع بعده، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن، وعلى هذا يكون اللفظ كإعراب المثنى جاريا على اللغة الفصحى.
هذه لغة كنانة وبني الحارث بن كعب وبني العنبر وبني هجيم وبطون من ربيعة بكر بن وائل وزبيد وخثعم وهمدان وعذرة.
وخرج عليه قوله تعالى: (إن هذان لساحران) وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاوتران في ليلة " وجاء عليها قول الشاعر: تزود منا بين أذناه طعنة دعته إلى هابي التراب عقيم فإن من حق " هذان، ووتران، وأذناه " لو جرين على اللغة المشهورة أن تكون بالياء: فإن الأولى اسم إن، والثانية اسم لا، وهما منصوبان، والثالثة في موضع المجرور بإضافة الظرف قبلها، وفي الآية الكريمة تخريجات أخرى تجريها على المستعمل في لغة عامة العرب: منها أن " إن " حرف بمعنى " نعم " مثلها في قول عبد الله بن قيس الرقيات: بكر العواذل في الصبوح يلمنني وألومهنه ويقلن: شيب قد علاك وقد كبرت، فقلت: إنه يريد فقلت نعم، والهاء على ذلك هي هاء السكت، و" هذان " في الآية الكريمة حينئذ مبتدأ، واللام بعده زائدة، و" ساحران " خبر المبتدأ.
ومنها أن " إن " مؤكدة ناصبة للاسم رافعة للخبر، واسمها ضمير شأن محذوف، و" هذان ساحران " مبتدأ وخبر كما في الوجه السابق، والجملة في محل رفع خبر إن، والتقدير: إنه (أي الحال والشأن) هذان لساحران.
" وارفع " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " بواو " جار ومجرور متعلق بارفع " وبيا " جار ومجرور متعلق باجرر الآتي، ولقوله انصب معمول مثله حذف لدلالة هذا عليه، أي: اجرر بياء وانصب بياء " اجرر " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت " وانصب " فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا، وهو معطوف بالواو على اجرر " سالم " مفعول به تنازعه كل من ارفع واجرر وانصب وسالم مضاف و" جمع " مضاف إليه، وجمع مضاف إليه و" عامر " مضاف إليه، و" مذنب " معطوف على عامر.
وجاء من ذلك قول الشاعر: زعمت تماضر أنني إما أمت يسدد أبينوها الاصاغر خلتي محل الشاهد في قوله " أبينوها " فإنه جمع مصغر " ابن " جمع مذكر سالما ورفعه بالواو نيابة عن الضمة، ولولا التصغير لما جاز أن يجمعه هذا الجمع، لان ابنا اسم جامد وليس بعلم، وإنما سوغ التصغير ذلك لان الاسم المصغر في قوة الوصف، ألا ترى أن رجيلا في قوة قولك: رجل صغير، أو حقير، وأن أبينا في قوة قولك: ابن صغير؟
ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز جمع العلم المذكر المختوم بتاء التأنيث كطلحة وحمزة جمع مذكر سالما بالواو والنون أو الياء والنون بعد حذف تاء التأنيث التي في المفرد، ووافقهم على ذلك أبو الحسن بن كيسان، وعلى ذلك يقولون: جاء الطلحون والحمزون، ورأيت الطلحين والحمزين، ولهم على ذلك ثلاثة أدلة، الأول: أن هذا علم على مذكر وإن كان لفظه مؤنثا، والعبرة بالمعنى لا باللفظ، والثاني: أن هذه التاء في تقدير الانفصال بدليل سقوطها في جمع المؤنث السالم في قولهم: طلحات، وحمزات، والثالث: أن الإجماع منعقد على جواز جمع العلم المذكر المختوم بألف التأنيث جمع مذكر سالما، فلو سمينا رجلا بحمراء أو حبلى جاز جمعه على حمراوين وحبلين ولا شك أن الاسم المختوم بألف التأنيث أشد تمكنا في التأنيث من المختوم بتاء التأنيث، وإذا جاز جمع الاسم الاشد تمكنا في التأنيث جمع مذكر سالما فجواز جمع الاسم الأخف تمكنا في التأنيث هذا الجمع جائز من باب أولى.
=======
"شرح ابن عقيل:مطبوع"

الألفية وشرح ابن عقيل

شرح ابن عقيل على الألفية

شرح ابن عقيل.


====

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق