أسباب وقوع الإدراج
إن الباعث للراوي عَلَى الإدراج يختلف من شخص لآخر ، ومن حَدِيْث إلى حَدِيْث غيره ، ما بَيْنَ بيان لتفسير كلمة ، أَوْ استنباط لحكم ، أَوْ قلة ضبط .
ويمكننا أن نجمل سبب وقوع الإدراج فِيْمَا يأتي ([1]) :
أن يريد الرَّاوِي تفسير بعض الألفاظ الغريبة الواردة في متن الْحَدِيْث ، فيحملها عَنْهُ بعض الرُّوَاة من غَيْر تفصيل لتفسير تِلْكَ الألفاظ .
مثاله : حَدِيْث عقيل([2]) ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين في قصة بدء الوحي، وفيه: (( وَكَانَ يخلو بغار حراء فيتحنث فِيْهِ، وَهُوَ التعبد … )) ([3]) .
فقوله : (( وَهُوَ التعبد )) مدرج من كلام الزهري في الْحَدِيْث ([4]) .
أن يقصد الرَّاوِي إثبات حكم ويستدل عليه بالحديث المرفوع .
ومثاله ما ورد ([5]) في حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَة t : (( أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار )) .
أن يريد الرَّاوِي بيان حكم يُستَنبطُ من كلام النَّبِيّ r .
ومثاله ما تقدم ([6]) في حَدِيْث بسرة بنت صفوان رضي الله عَنْهَا : (( مَنْ مس ذكره أو رفغه أو أنثييه فليتوضأ )) .
قَالَ السيوطي : (( فعروة لمّا فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك فَقَالَ ذَلِكَ ، فظن بعض الرُّوَاة أنه من صلب الخبر فنقله مدرجاً فِيْهِ ، وفهم الآخرون الحال ففصلوا )) ([7]) .
اختصار الْحَدِيْث والرواية بالمعنى .
الخطأ الناشئ عن عدم ضبط الرَّاوِي
لمروياته .
([2])
هُوَ عقيل – بالضم – بن خالد بن عقيل الأيلي ، أبو خالد الأموي مولاهم : ثقة ثبت ،
توفي سنة
( 144 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 142 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 141 ه ) .
تهذيب الكمال 5/205 ( 4590 ) ، والكاشف 2/32 ( 3860 ) ، والتقريب ( 4665 ) .
([3]) رَوَاهُ : عَبْد الرزاق ( 9719 ) ، وأحمد 2/232 ، والبخاري 1/3 ( 3 ) و 9/37 ( 6982 ) ، ومسلم 1/97 ( 160 ) ( 252 ) و 1/98 ( 160 ) ( 253 ) ، وغيرهم .